صباح الراوي
تكملة ماذكرنا عن الشاعر الجواهري
ترك النجف عام ١٩٢٧ ليعين مدرسا في المدارس الثانوية ولكنه فوجئ بتعينه معلما على الملاك الابتدائي في الكاظميه وفي العام نفسه اصدر ساطع الحصري مدير المعارف العام آنذاك أمرا بانهاء خدمته بسبب نشره قصيدته ( بريد الغربة ) . احدث هذا الامر ضجه فتدخل وزير المعارف آنذاك السيد عبد المهدي والغى قرار الفصل ولكن الجواهري استقال من وظيفته بعد اقل من شهر . ولما اتسعت الضجة رأى البلاط ان يضع حدا لها فعينه بدائرة التشريفات فيه . وفي عام ١٩٢٤ أعد للنشر مجموعة من شعره باسم ( خواطر الشعر في الحب والوطن والربيع ) . ثم أضاف اليها ما استجد له من شعر وبدأ طبعها عام ١٩٢٧ باسم ( ديوان محمد مهدي الجواهري ) وعندما أنجز الطبع سنة ١٩٢٨ صدر بغلاف عليه اسم ( ديوان بين الشعور والعاطفة ) . استقال من البلاط سنة ١٩٣٠ ليصدر جريدته ( الفرات ) وقد صدر منها ( عشرين عدد ) فقط لان الحكومة ألغت امتيازها فالمه ذلك كثيرا حاول جاهدا ان يعيد إصدارها ولكن بدون جدوى وهنا نشر قصيدته المعنونة ( حالنا اليوم )
لقد ساءَني علمي بخُبثِ السرائرِ. وأنّي على تطهيرِها غيرُ قادرِ
وآلمني أني أخيذُ تفكُّرٍ بكلَّ رخيص النفسِ خِبٍّ مُماكِر
تمشَّتْ به سَوءاتُ شعبٍ تلاءَمَت وسوءاتُه واستُدرِجَتْ بالمظاهر
وها أنا بالنيّات سوداً معذَّبٌ تعاودُني فيهنَّ سودُ الخواطر
وألمحُ في هذي الوجوهِ كوالِحاً من اللؤم أشباحَ الوحوش الكواسر
وتوحِشُني الأوساطُ حتى كأنَّني أُعاشِرُ ناساً أُنهِضوا من مقابر
تصفَّحتُ أعمالَ الوَرَى فوجدتُها مخازِيَ غطَّوها بشَتى الستائر
وفتَّشتُ عما استحدَثوا من مناقِبٍ. تُروِّجُ من أطماعهم ومفاخِر
فكانت حساناً في المظاهرِ خُدْعة على أنها كانت قِباحَ المخابر
هذه القصيدة التي تقارب (٦٠) بيتا فضح فيها نظام الحكم القائم وأبان مفاسده فأحيل على لجنة الانضباط العام فأصدرت قرارا بفصله من وظيفة التدريس اللتي عاد اليها بعد تركه البلاط . هنا قرر مع نفسه ان لا يعود الى الوظيفة ليتفرغ الى الصحافة . وفي عام ١٩٣٥ اصدر ديوانه الثاني باسم ( ديوان الجواهري ) وفي أواخر عام ١٩٣٦ اصدر جريدة الانقلاب اثر الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق بكر صدقي . وإذ احس بانحراف الانقلاب عن أهدافه التي أعلن عنها بدء يعارض سياسة الحكم فيما ينشر في هذه الجريدة فاخذت الحكومة تتحين الفرص للايقاع به وتم لها ذلك وحكم عليه بالسجن ثلاثة أشهر وإيقاف الجريدة عن الصدور .
عام ١٩٤٨ استشهد اخوه جعفر في مظاهرة عارمة في بغداد احتجاجا على معاهدة ( بورت سموث ) فكانت رائعته
أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً. وليس كآخَرَ يَسترحِم
يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياع. أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا
ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعين. أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا
أتعلَمُ أنَّ رِقابَ الطُغاة. أثقَلَها الغُنْمُ والمأثَم
وأنّ بطونَ العُتاةِ التي مِن السُحتِ تَهضِمُ ما تهضم
وأنَ البغيَّ التي تدعي من الطهر ما لم تَحُزْ " مريم
وللحديث صله
885 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع