د محمد عياش الكبيسي
حزب الله منذ تأسيسه تشكيل مسلّح بنزعة طائفية صارخة، ومرتبط بمشروع أجنبي لا يخفى على أحد، وقد استخدم قوته العسكرية في ليّ ذراع الحكومة اللبنانية ومصادرة قرارها، وانتهاك سيادتها تحت الشمس وفي وضح النهار،
ويكفي على هذا ذهابه ومجيئه بكامل سلاحه الثقيل والخفيف عبر الحدود السورية دون إذن سابق من الدولة ولا إذن لاحق من شرطة الحدود! ولو كانت الحكومة اللبنانية تملك قرارها لسبقت دول الخليج في إعلانها الأخير أن الحزب منظمة إرهابية، فأي حكومة ترضى بوجود جيش ثانٍ في البلاد يتحرك بأوامر خارجية بلا إذن منها وبلا أي مسوّغ دستوري أو قانوني؟
لقد ظل الحزب يستخدم شعار (المقاومة) كغطاء لمشروعه الأجنبي المعادي للبنان وللأمة، وظل كثيرون من المغرّر بهم من أبناء جلدتنا يسبّحون بحمد الحزب ويسجدون في محرابه، ولو تشجّعوا ونظروا في موقع الحزب وامتيازاته وخارطة علاقاته لانكشفت أمامهم الحقيقة مبكّرا:
أولا: تلجأ الشعوب عادة إلى أسلوب المقاومة في حالة وقوع البلاد تحت الاحتلال وعجز الجيش الوطني عن القيام بواجبه لأي سبب كان، ولبنان اليوم ليس بلدا محتلا، والجيش اللبناني موجود، وهو قادر على مسك الحدود الجنوبية مع الكيان الصهيوني من دون أن يعطي أي مبرر لهذا الكيان على خلاف ما يفعله الحزب، فلماذا يصرّ الحزب على أن يأخذ الموقع الذي ينبغي أن يأخذه الجيش؟ وعلى فرض أن الجيش اللبناني غير قادر على القيام بواجبه كما ينبغي فما السقف الزمني المرسوم لمعالجة هذا الخلل؟ أم أن المدى سيبقى مفتوحا إلى ما لا نهاية؟
ثانيا: إذا تعيّنت المقاومة بالفعل بسبب غياب الجيش أو ضعفه فأين بقية الشعب اللبناني؟ أين السنّة؟ وأين المسيحيون؟ وأين الطوائف الأخرى؟ لماذا الشيعة فقط والموالون منهم لإيران حصرا هم الذين يتصدّون لهذا (الواجب) وتحت راية حزب واحد فقط؟
ثالثا: لو صدّقنا بأن الله قد خصّ حسن نصر الله وحزبه بهذه الشجاعة من دون كل اللبنانيين ليواجه المشروع (الصهيوني الإمبريالي الاستكباري.. إلخ) فلماذا نراه يتحالف مع هذا المشروع نفسه وواجهاته المعروفة في العراق مثل المالكي وصولاغ والحكيم ضد المقاومة العراقية؟ رابعا: وأخيرا فبأي دستور أو قانون أو عرف دولي يعطي حزب (مقاوم) لنفسه حق الانتشار المسلّح في العاصمة، وحق التحرّك والقتال خارج الحدود، وفوق كل هذا يعلن رسميا أنه جندي يتبع لقيادة في دولة أجنبية ليست لها صلة بلبنان ولا بكل العرب؟
لقد جاء القرار الخليجي المدعوم عربيا وإسلاميا باعتبار هذا الحزب إرهابيا ليقرر حقيقة أن هذا الحزب ليس له صلة بالمقاومة، وقد حظي هذا القرار بارتياح شعبي واسع، وإن كان هناك اعتراض فهو اعتراض على التأخير الذي كان أكثر مما ينبغي.
أما الأصوات النشاز التي ما زالت منخدعة بشعارات (المقاومة) -إذا أحسنا الظن بها- فإنها سترى نفسها في المدى القريب أنها قد وقعت في الخندق المقابل والمعادي لخندق الأمة، وهذه ظاهرة مشهودة ومتكررة هذه الأيام، وهذا سرّ التحولات والقفزات المفاجئة لكثير من العقول والأقلام المعروفة من تمجيد (الثورة الإسلامية) و (المقاومة الإسلامية) إلى التحذير من خطورة (المد الفارسي) و (المشروع الصفوي)!
1038 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع