نوار الربيعي
على الرغم من وجود بعض الخلافات بين العبادي وبعض الكتل حول التعديل الوزاري المقترح, إلا أنه يوجد هناك حراك برلماني يسعى لإعطاء العبادي تفويض لإجراء هذا التعديل, لكن هل سيكون بالفعل تعديل مهني أم إنه شكلي ؟ ومن هي تلك الشخصيات الــ " التكنوقراط " التي سيأتي بها العبادي ؟ ومن أين وما هي توجهاتها وانتماءاتها ؟ هل هي من خارج الكتل والأحزاب البرلمانية ؟ أم إنها شخصيات بديلة من داخل تلك الأحزاب ؟!.
لكن من خلال الحراك الحاصل الآن في داخل البرلمان يتضح جيداً إن التعديل المرتقب لن يكون خارج إطار تلك الأحزاب والكتل البرلمانية, وإنما من داخلها, أي هو مجرد استبدال شخصيات بأخرى من نفس تلك الكتل والأحزاب, وهذا يعني إن تلك الشخصيات حتى وإن كانت مهنية فإنها ستبقى قابعة تحت وطأة قرارات وأوامر وتوجيهات الكتل والأحزاب التي تنتمي لها, وهذا يعني إن هذه التعديلات التي طرحها العبادي هي عبارة عن أكذوبة ومسرحية يراد منها امتصاص غضب الشارع العراقي.
فالكل يعلم إن كل الأزمات التي تعصف بالعراق الآن أساسها هو القرارات السياسية وليست المهنية, فهناك العديد من الشخصيات المهنية في الحكومة العراقية, لكن مهنيتها لم تجدي نفعاً لأنها خاضعة لسلطة وقرار الكتلة أو الحزب الذي تنتمي إليه مما يجعلها تتخذ قرار من وجهة نظر سياسية بعيدة عن المهنية, تتخذ قرار قائم على المصلحة الحزبية والفئوية والانتماء المذهبي الطائفي والارتباط بالدول المجاورة والإقليمية وذلك بحكم علاقة الأحزاب الحاكمة مع تلك الدول وخصوصاً إيران, وهذا ما جعل كل ما صدر من قرارات وخطوات هي سياسية غير مهنية.
فأزمة العراق هي ناتجة بسبب هيمنة الأحزاب والكتل الحاكمة على أصل ومنبع ومهنية القرار, فمهما كان الوزير مهنياً فإنه سيكون خاضع لسلطة الحزب الذي ينتمي إليه وبهذا تنتفي المهنية, لكن إن كان العبادي جاداً في مشروعه التغيري عليه أولاً أن يكون مستقلاً عن الحزب والكتلة البرلمانية التي ينتمي إليها, بالإضافة إلى إختيار شخصيات مهنية سياسية مستقلة, وهذا ما لا يستطيع العبادي أن يقدم عليه, لذلك فالحل الوحيد لأزمة العراق هو بحل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص وطنية عراقية بعيده عن الأحزاب, ويجب تفعيل و التأكيد على فقرات مشروع خلاص الذي طرحه المرجع العراقي الصرخي الذي يؤكد على إيجاد حكومة مهنية بعدة عن الولاءات الخارجية وخالية من التحزّب والطائفية.
حيث جاء في هذا البيان ...
{{... 3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد الى أن تصل بالبلاد إلى التحرير التام وبرّ الأمان .
4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .
5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية ، وخالية من التحزّب والطائفية ، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .
6- لا يشترط أي عنوان طائفي أو قومي في أي عضو من أعضاء الحكومة من رئيسها إلى وزرائها .
7- ما ذكرناه قبل قليل يشمل وزيرَيْ الداخلية والدفاع ويجب تشكيل منظومة عسكرية جديدة تمتاز بالمهنية والوطنية والولاء للعراق وشعب العراق ولا يوجد أي تحفّظ على المنتسبين لها سواء كانوا من ضباط نظام سابق أو نظام لاحق ماداموا مهنيين وطنيين شرفاء.}}.
فهذه هي الخطوات التي يجب أن تتخذ من أجل قيادة العراق إلى بر الأمن والأمان والاستقرار, أما الإستمرار في الدوران في حلقة مفرغة واستبدال شخصية فاسدة بأخرى من الأحزاب الحاكمة والكتل البرلمانية تحت عنوان مهنية وتكنوقراط فإنه لن يقدم شيئاً للعراق وستبقى الأمور تتحول من سيء إلى أسوأ والبلد يتجه نحو الهاوية.
1034 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع