هل ترعبك المطبات الهوائية بالطائرات؟

                                                       

                             المهندس/أحمد فخري

                  

         هل ترعبك المطبات الهوائية بالطائرات؟

بالرحلات الجوية، تتسبب المطبات الهوائية في اندلاق القهوة، سقوط الامتعة، التقيء، تهيج الاعصاب ولكن هل تتسبب بسقوط الطائرة من السماء؟ هذا ما سنحاول الوقوف عنده بهذا المقال.
بناءاً على ردود الافعال لبعض المسافرين فان الفرد يعتقد بان المطبات الهوائية هي الشغل الشاغل لاغلب المسافرين. وهذا شيء يبدو منطقياً الى حد كبير والسبب هو ان من يركب الطائرة يكون متوتر لدرجة كبيرة لكونه يعلم بان الطائرة ستكون على ارتفاع 10000 متر عن الارض ولان من السهل ان يتخيل المرئ الطائرة اشبه بمركب مطاطي في قلب عاصفة هوجاء. فالقوارب كثيراً ما تنقلب او تمتلئ بالماء او تنحشر بين الصغور فيغرق ركابها، لكن الطائرة ليست كذلك ابداً. لنبدأ القول ان الطائرة ليس من السهل ان تنقلب رأس على عقب وذلك يرجع الى تصميمها حتى لو تعرضت لاقوى العواصف. الاحوال بداخل الطائرة اثناء المطبات قد تكون مزعجة الى حد كبير او غير مريحة لكن الطائرة سوف لن تسقط بسببها. المطبات الهوائية مزعجة للجميع حتى لطاقم الطائرة لكنهم ينظرون اليها كعامل مزعج فحسب وليس كعامل يهدد السلامة. فالطيار لا يخاف من سقوط الجناح اثناء المطبات الهوائية او انكسار جسم الطائرة بل ما يقلقه كثيراً هو كيفية ابقاء المسافرين بحالة هدوء تام والتخلي عن الهلع الذي يستحوذ على تصرفاتهم ومشاعرهم. فالطائرات مصممة كي تتحمل الكثير من المطبات لانها تخضع لاختبارات جداً قاسية كي يتم التأكد من قابلية الطائرة على تحمل جميع الاحوال الغير طبيعية ليست المطبات فحسب بل كل الاحوال الخارجة عن المعتاد. الطائرة معدة لتحمل الكثير من العقوبات دون الوصول الى مرحلة الخطر فهي تخضع الى اختبارات اجهاد قد تصل الى عشرات المرات اكثر قساوةً من المطبات الهوائية. اذكر اني قرأت في السبعينات ان طائرة الايربص التي تصنع من قبل مجمع اوروبي مؤلف من بريطانيا والمانيا وفرنسا قد عُرّضت عمداً للدخول بداخل غيمة تدعى كيوميلوس نيمبوس

   
 
وهي الغيمة الخطيرة التي يتجنبها الطيارون اثناء الرحلات لانها تسبب الكثير من حوادث الطائرات. علما ان هذه الغيمة هي التي تسبب هطول قطع الثلج (الحالوب). وكان هذا الاختبار عبارة عن دخول طائرة الاختبار بداخل هذه الغيمة والتأكد من انها تستطيع اجتيازها بسلام.


      

وبالرغم من ان جناح وجسد الطائرة تعرضا الى ما يقرب من 3000 صعقة كهربائية وهبوط مفاجئ الى ارتفاعات كبيرة جداً الا ان الطائرة اجتازت الاختبار وهبطت بسلام عند انتهاء الاختبار. وما المطبات الاعتيادية التي نحس بها اثناء الرحلة سوى (لعب اطفال) بالمقارنة بمثل هذا الاختبار القاسي. وللعلم فان الطائرات الحديثة مزودة برادارات طقس تستطيع استكشاف هذه الغيوم اي (كيوميلوس نيمبوس واحيانا تسمى سي بي كلاود) على مسافة 40 كيلومتراً الى الامام لكي لا تتعرض الطائرة للتلف او يتعرض الركاب للهلع الغير مبرر.
تجدر الاشارة هنا ان بتاريخ الطيران ومنذ ان اخترع الاخوان رايت الطائرة الاولى التي حلقت بالسماء، لن تسقط طائرة واحدة بسبب المطبات الهوائية.
فما هي المطبات الهوائية ولماذا تحدث وتزعجنا؟
سؤال وجيه ولكن علينا ان نبحث بالفيزياء لمعرفة سبب هذه المطبات.
اننا نعلم بان الطائرة تطير في السماء بداخل كتلة الهواء، ولولا الهواء لسقطت الطائرة الى الارض اي ان الهواء هو الذي يحمل الطائرة. لذا فان الطائرة لا يمكنها الطيران خارج الغلاف الجوي. بخلاف الصواريخ التي تعتمد في طيرانها على الدفع الصاروخي مما يمكنها من اجتياز الغلاف الجوي والمرور عبر مناطق مفرغة من الهواء.
ان الهواء تتأثر درجة حرارته بحرارة السطح الملامس له على الارض. فكتلة الهواء الكامنة فوق الماء مثلاً تسخن بسرعة اقل من كتلة الهواء الملامسة لليابسة فتحصل تيارات هوائية مرتفعة الى الاعلى بسرع مختلفة ويكون الهواء الملامس للماء مشبعاً ببخار الماء، اما الهواء الملامس لليابسة يكون نسبة تشبعه بالماء اقل، لذا وبهذا الاختلاف يصعد الهواء الملامس لليابسة الى الاعلى بشكل اسرع من الهواء الملامس للماء. وبالطبقات الجوية العليا تصبح هناك مناطق ذات كثافة عالية ومناطق ذات كثافة متدنية مما يسبب بؤرة او فقاعة لتخلخل مسار الطائرة لانها عندما تمر بمثل هذا التخلخل في الكثافة فان الهواء الاكثر كثافة لا يحمل الطائرة كما يحمله الهواء الاقل كثافةً فتبدأ الطائرة بالهبوط الى الاسفل لمسافت تصل اقصاها 10 امتار الا ان الراكب يشعر احيانا وكان الطائرة قد سقطت مسافة اكثر من ذلك بكثير. وهي اشبه بالحفر التي تسير فوقها عجلات السيارات (الطسات). عندما تسافر بالمرة القادمة لاحظ ان الطائرة تبدأ بالاهتزاز بشدة عندما تقوم الطائرة بالمرور خلال الغيوم ولكن حالما تجتازها وتدخل بمنطقة خالية من الغيوم، تهدأ الطائرة ويتوقف اهتزازها والسبب في ذلك هي ان الغيوم مشبعة ببخار الماء مما يؤكد لك ان العملية لا تتعدى اختلافاً بالكثافة.وهذا كل ما في الامر.
لذا ففي المرة القادمة تذكر ان المطبات سوف لن تتسبب في سقوط طائرتك وستبلغ هدفك سالماً غانماً باذن الله.
احمد فخري

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

632 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع