نعي الفريق الركن اسماعيل تايه النعيمي ابو الشهيد‏

                                                            

                       بقلم/اللواء الركن علاء الدين حسين مكي

يا ايتها النفس المطمئنة، ارجعي الى ربك راضية مرضية – صدق الله العظيم
نعي الفريق الركن إسماعيل تايه النعيمي (أبو الشهيد)

صبيحة هذا اليوم 11/12/2015، وصلني اشعار من صديق عزيز بأن الفريق الركن إسماعيل تايه النعيمي قد انتقل الى جوار ربه الكريم. فما كان مني الا ان قلت يرحمه الله، وانا لله وانا اليه راجعون، قلتها والأسى يعتصر قلبي وشعوري بالحزن العميق اخذ على تفكيري، كيف لا وقد فقد العراق رجلا فذا من طراز خاص قل مثيله، فقد كان عسكريا متميزا وقائدا شجاعاً ودبلوماسيا محنكاً، بالإضافة الى كونه معلما ماهراً ومربياً فاضلاً، احبه جميع أصدقائه ومعارفه. وبالنسبة لي فقد فقدت استاذاً ملهماً وقائداً فذاً بل وصديقاً كريماً ومثلاً أعلى. فرحمك الله يا سيدي الفريق إسماعيل النعيمي أبو الشهيد، فنم قرير العين وتمتع برحمة الله الواسعة والى جنات الخلد ان شاء الله.
كان المرحوم الفريق الركن إسماعيل تايه النعيمي من الضباط المتميزين منذ نشأته كضابط ضمن صفوف جيش العراق في العهد الملكي، حيث العراقة والتقاليد العسكرية المتميزة، وانتمى الى صنف الهندسة الالية الكهربائية في بدء حياته العسكرية، لكنه بعد دخوله كلية الأركان وتفوقه فيها، وابتعاثه الى كلية الأركان البريطانية في كامبرلي، فقد أصبح من الضباط المهتمين بالصنف المدرع والقطعات الالية علاوة على اهتماماته وخبرته في قيادة القطعات المختلفة.
التقيته للمرة الأولى عندما كنت طالباً في كلية الأركان التي قبلت فيها ضمن دورتها الحادية والثلاثون عام 1964. وفي السنة الثانية من دراستنا في الكلية العتيدة، تم تعيين العقيد الركن إسماعيل تايه النعيمي بمنصب المعلم الاقدم لدورتنا. وقد سررنا جميعاً بهذا التعيين نظرا للسمعة الاكاديمية العالية التي يمتلكها، وللاخلاق الحميدة التي يتحلى بها والتعامل العادل والانساني مع جميع طلبته. ومنذ اليوم الأول للقائنا به اتخذت منه مثالاً اعلى أحاول السير على نهجه. وقد تعلمنا منه الشيء الكثير وكان يؤكد دوماً على الإبداع والإبتكار وعدم التمسك بالحلول والأساليب الجامدة. وكانت تصحيحاته على التمارين والمجهودات التي نقدمها اليه، تعليقات رائعة يبذل الوقت والجهد في كتابتها من اجل افهام الطالب النقاط المطلوب ايضاحها. وقد اخذت عنه هذه الخاصية في أسلوب تصحيح مجهودات تلامذتي في كلية الأركان عندما أصبحت بدوري مدرساً في الكلية المذكورة بعد حين، كما أخذت عنه حب البحث عن الجديد والابتكار في حل المعظلات. بعد تخرجنا من كلية الأركان تم تعيينه بمنصب آمر اللواء الرابع في كركوك ضمن قطعات الفرقة الثانية في نهاية الستينيات من القرن الماضي. وقد كنت اسمع اخباره من صديقي المرحوم الرائد الركن محمود وهيب العزاوي (لواء ركن فيما بعد) والذي عمل بإمرته كآمر فوج في اللواء، وكان يمتدحه دوما مما عزز أواصر المحبة والثقة التي نكنها جميعاً نحوه. وبعد هذا المنصب تم تعيينه بمنصب قائد الفرقة المدرعة الثالثة والتي كان مقرها في سبعينيات القرن الماضي في محطة كي تو (K-2) . وقد أخذ على عاتقه فوراً تطوير هذه الفرقة وتدريبها أحسن تدريب على أحدث الأساليب التعبوية في استخدام القطعات المدرعة والالية، يعاونه بذلك زملاء كرام وضباط مرؤوسون متميزون وطنيون عراقيون اصلاء. وقد نجح في ذلك ايما نجاح، حيث ساهم في ادخال مفاهيم جديدة الى جيشنا الباسل الا وهي مفاهيم جحفل المعركة ومجموعات القتال، والحركات السيالة المدرعة وعمليات تخطي المقاومات وتعاون السمتيات مع القطعات المدرعة فيما يعرف بأسلوب السرفة والجناح ... الخ، وكل هذه الأمور من الأساليب الحديثة في القتال المدرع. كان مقر الفرقة الثالثة في كي 2 على طريق ذهابي وعودتي الى الموصل عندما كنت بمنصب آمر مدرسة الدروع عام 1970، فكنت اتوقف هناك لأزوره وأسلم عليه، وبنفس الوقت استأنس بآرائه وتوجيهاته، كيف لا وهو استاذي في كلية الأركان؟ كما اذكر جيدا تمارين الفرقة الثالثة المدرعة التي أجريت في عهده ومنها تمرين (بادية) والذي حضره الماريشال كريشكو، وكان اكبر تمرين يجريه الجيش العراقي حتى ذلك الحين، والذي قمنا بأعداده في مديرية التمارين والمناورات والتي سميت فيما بعد بمديرية التطوير القتالي . كان لهذا التمرين وغيره ابلغ الأثر في الأداء الرائع لقواتنا في حرب 1973 في الجولان، وقد عمل المرحوم ممثلا للقوات العراقية لدى القيادة السورية في دمشق اثناء حرب عام 1973 في الجولان. وقد تميز المرحوم أيضا في قيادته للفيلق الثالث عام 1980-1981 والصفحات الافتتاحية للحرب العراقية الإيرانية حيث استشهد ابنه المقدم الركن امر احدى كتائب الدبابات في الفيلق المذكور والذي استحق عليه لقب أبو الشهيد، والذي عرف به حتى هذا اليوم، ومن ثم عمله كمعاون لرئيس اركان الجيش، ومن بعد ذلك عمله كسفير في السلك الدبلوماسي. لقد كانت حياة المرحوم الفريق الركن إسماعيل تايه النعيمي حياة حافلة مليئة بالعطاء، وكان مثالا للضابط العراقي الشريف الشهم الشجاع

رحمه الله واسكنه فسيح جناته، والهم اهله وذويه ومحبيه وتلامذته ومرؤوسيه الصبر والسلوان، انه سميع مجيب.

         

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1202 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع