سارة مطر
منذ حادثة جهيمان في الحرم المكي في العشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) 1979، والمملكة العربية السعودية تضع خطاً أحمرَ تجاه أي مساس للحرمين الشريفين؛ احتراماً لأمن الجموع المسلمة وسلامتها، التي تأتي من كل فج عميق؛ لزيارة الحرمين، ويشهد الحرم المكي الشريف أكبر توسعة له، بدأ تنفيذها منذ عام 2002،
وتهدف الحكومة السعودية بذلك لكي يستوعب المشروع 105 آلاف ساعٍ في الساعة الواحدة. الجهود كبيرة من الحكومة لا يمكن نُكرانها أو حتى غض البصر عنها، والتوسع الذي شهدته مكة المكرمة أخيراً، أمر يشعرك بغاية الفخر والامتنان على ما تقدمه الحكومة السعودية بكل أطيافها؛ لتسهيل أمور الزائرين من معتمرين أو حجاج أو مصلين، سواءً من حيث الدقة والاتساع أم حتى الروعة في التصميم، على رغم أن بعضهم لا يزال يشير إلى أن أعمال التوسعة طال الوقت بها أكثر مما ينبغي، ولكننا جميعاً كنا على أمل أن تنتهي في القريب العاجل، حتى حدثت الفاجعة الكبرى في تمام الساعة الخامسة وعشر دقائق من عصر يوم الجمعة الماضي، وبسبب العواصف الشديدة والرياح القوية والأمطار الغزيرة والحالة الجوية على العاصمة المقدسة، سقط جزء من إحدى الرافعات بالمسجد الحرام على جزء من المسعى بالمسجد الحرام والطواف، وبسرعة شديدة تجاوبت هيئة الدفاع المدني، وهي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن الصحن، فهي دوماً على أهبة الاستعداد لتقديم خدماتها، وبعدها تابع ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، الحادثة منذ لحظة وقوعها، وكذلك مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية خالد الفيصل بن عبدالعزيز، وفي مساء السبت غادر خادم الحرمين الشريفين إلى مكة المكرمة، ليقف هو شخصياً على واقعة سقوط الرافعة، الذي راح ضحيته 107 وإصابة 238، بحسب ما ورد في حساب «تويتر» لهيئة الدفاع المدني، وزيارة الملك سلمان تعطي دلالة وإشارة على الرعاية الكريمة من الجميع، حكومةً وشعباً لأمر زائري الحرم المكي، ونحن كشعب ندعو لمن توفاهم الله أن يتقبلهم شهداء عنده، فقد توفوا في يوم فضيل وساعة فضيلة ومكان فضيل، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين من الدول المسلمة.
لكن الأمر الذي لا يرتضيه أي مسلم، محب وغيور على دينه، ما قامت به صحيفة الدايلي ميل البريطانية، حيث ربطت بين ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، وبين حادثة سقوط رافعة على المصلين في الحرم المكي، تصدر عنوان الخبر في الصحيفة المذكورة لتغطية الحادثة «مقتل 87 شخصاً على الأقل وإصابة 185 بعد سقوط رافعة عملاقة تابعة لشركة بن لادن إثر تعرضها لصاعقة كهربية في ذكرى أحداث 11 سبتمبر»، وهو ما فسره بعضهم أن الخبر يحمل في طياته قدراً كبيراً من الشماتة لضحايا الحادثة، ومحاولة للربط بين الحادثة القدرية وحادثة استهداف مبنى برج التجارة العالمي في نيويوك في الـ11 من سبتمبر عام 2011، هذا ما ورد في الأخبار التي تناولتها الصحف يوم السبت، وذكرت أن العنوان قد تسبب في موجة عاصفة من الانتقادات التي طاولت الصحيفة، حتى دفعها ذلك لأن تغير العنوان وتقوم بإزالة عبارة «في ذكرى 11 سبتمبر» من العنوان الرئيس.
وحتى هذا الوقت تحديداً، والمملكة لا تزال تدافع عن نفسها وقيمها ودستورها الشخصي أمام العالم أجمع، لكن يبدو أن بعضهم قد استلذ بكسب عدد أكبر من الجمهور، بتكرار الهجوم على سياسة المملكة، ولكن على الجميع أن يفهموا أن موقف المملكة لن يتزحزح قدر أنملة، لأي هجوم يمكن أن يواجهها، أو يواجه سياستها، إذ إن الجميع يشهد على مدى عقلانية المواقف التي تتخذها المملكة، من دون أن تلتفت ولو للحظة واحدة إلى الخلف.
اللهم احفظ المملكة وشعبها وزائريها، فالجميع مرحب بهم في هذه الأرض الطاهرة.
921 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع