زيد الحلّي
أمس الاول شعرتُ بأمتعاض شديد ومرارة اشد ، من خبر عراقي مرّ مثل سحابة صيف ، لم ينتبه اليه احد ، رغم كونه من اخطر الاخبار التي تعكس جانبا مهما في رؤية العالم الى وطن اسس في عمق التاريخ ملامح الصدق والعدالة في مسلته الشهيرة ... مسلة حمورابي!
الخبر الذي مثل ( وصمة عار) وصعقة في تاريخ العلاقات الدولية ، هو الاعلان عن وجود سبعة سفراء مثلوا العراق طوال سنوات ماضيات ، سلموا اوراق اعتمادهم بتوقيع رئيس جمهورية العراق الى دول صادقت على اعتمادهم ، ومارسوا دورهم في تمثيل العراق ، ثم تم الأكتشاف المريع ( إن شهاداتهم الدراسية مزورة ) !!
ان المزورين من (سفراء آخر وكت) ما كان لهم القيام بجريمة التزوير لولم يكونوا مستندين على ( اركان ) نافذة في الدولة .. وهل هناك من يقنعني ان وزارة الخارجية بـ ( فلاترها ومجساتها ) المعروفة ، كانت غافلة حين سمت هؤلاء السفراء ، بواقعهم ومؤهلاتهم ، وهي الوزارة الاقدم في العراق ، والتي لم يُسجل عليها في تاريخها ، انها قدمت وثائق اعتمداد الى الدول فيها شبهة تزوير ..
لقد (تمتعت) أسر هؤلاء السفراء الذين ثبت كذبهم ، وتزويرهم لشهادات دراسية، بالحصانة منذ لحظة ممارستهم الأعمال الرسمية ، وفور تقديم أوراق اعتمادهم إلى رؤساء الدول التي بعثوا لتمثيل العراق فيها ، وعاشوا في نعيم لا وصف له !!
اتمنى على من يقرأ هذه السطور ، ان يتصور معاناة الطلبة العراقيين الذين يدرسون في الدول التي فيها مثل هؤلاء السفراء ، حين يراجعون سفاراتهم لتمشية امور تخص دراساتهم العليا ، اكيد ان معاناتهم بليغة لأنهم امام سفير مزور ، يكره العلم والشهادة العليا .. والحال نفسه مع بقية من يتوجه الى بيت العراق واعني به السفارة ، فلن يجد الترحيب المبني على الود ، فالود والتزوير على طرفي نقيض !
ان أوراق اعتماد السفراء هي تلك التي يحررها رئيس الدولة المرسلة، وموجهة إلى رئيس الدولة المستقبلة. ولذلك لا يتم تبادل العلاقات الدبلوماسية، إلا بين الدول المستقلة التي يعترف كل منهما بالآخر. وتتضمن أوراق الاعتماد تقديم رئيس الدولة المرسلة للسفير، على إنه موضع ثقته، وإنه يطلب رعايته بوصفه ممثلاً له لدى رئيس الدولة المستقبلة. ولذلك فإن المبعوث الدبلوماسي يقوم بالمهام الأساسية، وهى تمثيل الدولة، والتعبير عن مواقفها، وحماية مصالحها، وتزويد دولته بتقويمه للأوضاع فيها، والسهر على رعاية العلاقات الثنائية بين البلدين.
فهل كان هؤلاء ( السفراء ) الذين تم الكشف عن ( تزويرهم ) لشهادات أهلتهم ليكونوا سفراء للعراق ، موضع ثقة رئيس العراق ؟ وهل كان (المزورون ) يحملون صفات نادرة مثل الوسامة و المظهر اللائق و الكفاءة العلمية و إتقان اللغات الأجنبية و الإحاطة العميقة بالقانون الدبلوماسي و الدولي و الإلمام بأصول المؤتمرات الدولية و قواعد البروتوكول و الايتكيت و التمتع بثقافة عامة و خبرة واسعة ولهم معرفة باللباقة و المجاملة و رحابة الصدر و طول الأناة وسرعة البديهة و حسن التصرف و التواضع و المرونة ، حتى يتم (غض) النظر طوال السنوات الماضية عن البحث في صدقية شهاداتهم ؟
سؤال بريء : ماذا بعد الكشف عن شهادات هؤلاء السفراء .. هل سيتم الاكتفاء بإحالتهم على التقاعد ام اتخاذ اجراء آخر ؟
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
2128 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع