فلاح ميرزا
الوضع السياسى فى العراق تاثر بفعل الاحداث التى مرت عليه منذ مئات السنين وهى نتيجة تراكمات اجتماعية واقتصادية ودينية وهى حالة قد تكون متشابهة مع الاوضاع التى مرت بها دول فى اوربا واسيا وافريقيا وحتى امريكا وان كانت لاتشبه الاخرين كونها مارست السياسة على اساس عنصرى من خلال الحرب الاهلية بين شمالها وجنوبها
وموضوع الهنود الحمر وكذلك الصراعات ا لاخرى فى حين ان البقية تناولتها بالمسالة الوطنية والدينية ومن ثم القومية ورغم اننا قد نتناول الموضوع منذ بداية القرن العشرين واحتلال العراق من قبل الانكليز وانهاء علاقته بالحكم العثمانى نشأت على اثرها حركات تدعو للتخلص من الاستعمار البريطانى واعلان الاستقلال الوطنى رغم ان امكانية تاسيس دولة وطنية لم يكن بالشىء السهل لعدم اكتمال مقوماتها واركانها الاسياسية واختلاف وعدم التجانس فى التركيبة السكانية والدينية فهناك اجناس من العرب والاكراد والتركمان والصابئة والمسيحيين عليها ان تتألف فيما بينها لتكون الركيزة الاساسية لبناء الدولة اضافة الى حالة التخلف وضعف الحالة الاقتصادية لذلك برزت بنمو الاوضاع مواقف سياسية لبعض المثقفين العراقيين فى بلورة بعض الافكار العقائدية نتيجة احتكاكهم ببعض المثقفين القادمين من الخارج وتاثرهم بما حصل فى روسيا وانهاء حكم القياصرة ومجيىء الحزب الشيوعى يعد الحرب العالمية الاولى ونشوء بعض الاحزاب العربية فى مصر وسوريا ذات الرؤى العربية وضد الاستعمار الانكليزى والفرنسى تاثرت بقية الدول بما حملته من افكار وطنية وقومية استمرت وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية وما تمخض عنها اقامة الدولة العبرية على حساب شعب فلسطين مما الهب شعور الشعب العربى واعتبر ذلك تحديا للدول العربية مما ولد ذلك شعور واحساس قومى لتكوين تجمعات ثقافية وسياسية تطورت الى ان تكون احزاب سياسية عربية وشيوعية واخرى وطنية تختصص بقطر عربى مستقل ن خلال ذلك تم التعرف على تلك الاحزاب من خلال مواقفها من القضايا العربية وخصوصا الفليسطينية والثورة الروسية بقيادة الحزب الشيوعى التى اختارت الطبقة العاملة التى كانت تشكل قاعدة كبيرة لكسبهم والعمل سياسيا باسمهم الى جانب حزب البعث العربى الاشتراكى الذى انطلق من سوريا نشاطة وامتد الى بقية الاقطار العربية ومنها العراق وفى هذا السياق اقامة بعض التجمعات الدينية منظمات تحت اسماء معينة اسلامية وطائفية ومن خلال هذا السرد السريع سنأتى الى دور كل منها فى القضايا الوطنية والعربية ونتمكن من اعطاء حكمنا على اى منها فى الجانب الوطنى والسياسى ولنبدء باحزاب العراق لانها الاحزاب الاكثر احداثا فى الساحة العربية لما شهدته من مواقف وصراعات فيما بينها.
اولا_ المشروع القومى العربى هو مشروع(الوحدة) الحضارى القائم على حقائق التاريخ والجغرافية التى تتمع بشكل متجانس فى اية بقعة وامة كمثل هذه البقعة وهذه الامة التى انطلق منها الحزب والذى لو قدر له ان يتحقق لتغير فعلا وجه التاريخ ووجهته لافى منطقتنا العربية فحسب لا بل العالم اجمع فالمشروع القومى العربى وعلى امتداد تاريخه كان ولايزال هدفا نقيا و يتجسد فيه كل القيم الانسانية والحضارية التى تنادى بها رسالة الاسلام السماوية التى جاءت لتنقذ البشرية من الجهل والتخلف والعبودية والظلم وخلال الاعوام التى ضمت مسيرته شهد كثير من الفتوحات فى الجزيرة العربية وخارجها وانتشرت مبادئه بصورة طوعية وبدون خوف مما جعل بقية الامم تنظر اليه بعين الاحترام والمنزلة الرفيعة لما جاء به كتابه القران الكريم مما اثار وابغض متزمتى الاديان الاخرى واولهم التوراتيين والانجليين , والتاريخ هذا يدفعنا للعودة الى حزب البعث كونه مكون من مكونات هذا التاريخ واصبح فى مسيرته وما تعرض اليه من هجمات جزء مهم من هذ التاريخ وقد يكون ما تعرض اليه كونه فى لونه وراحته وطعمه عربيا نقيا صافيا يسعى الى توحيد اجزاء امته وكذلك شعبها. العودة الى حزب البعث هو ليس بالشئ المفاجئ او الغريب وتكرار لما قيل عنه الان وفى المستقبل لانه يجد فى تكونيه ارهاصات ومعاناة الامة العربية وشعبها التى وجدت فيه كل المعانى التى تجمعت حولها المواقف التاريخية لها منذ اربعة عشر قرنا عندما انطلق صوت الحق من الجزيرة العربية يحمل فى نبراته وصداه عمق الرسالة السماوية التى بشر بها الرسول الكريم وهى رسالة العدل والحرية والانسانية والمساوة وتحرير الانسان من عبودية الانسان الى جانب ماتحتويه من القيم الاخلاقية والحضارية , فكانت هى البشرى للمجتمعات القبلية التى كانت لاتدرى الى اين هى تتجه ووفق اى قانون تسير وتنظم الحياة وعلاقة البشر بعضه مع بعض الاخر على الرغم من وجود اديان اخرى نشات فى الجزيرة العربية قبله ولكنها لم تصمد امامه ومن هنا ومن هذه السيرة التاريخية للرسالة والعهود التى تلتها وما اصابها على يد اعدائها من ظلم وجور كان حزب البعث امتدادا لهذا التكوين الانسانى والحضارى اى انه الارث الوارث لتلك الرسالة ولتطلعات شعوبها فبسط يده للجميع لانخراط فى صفوفه بدون شروط تمنعه عن ذلك( اللغة والدين والمذهب) وجعل من انتماء هؤلاء فى صفوفه الغاية والوسيلة وجعل من انتماء جعل من انتماء هؤلاء فى صفوفه الغاية والوسيله للانتصار بهم لبناء المجتمع الموحد ذو المبادىء التى جاءت بها رسالته الخالدة لذلك كان طريقة مليىء بالعواقب والصعوبات ولكى يتمكن من شق طريقة عليه بالصمود تجاه من يريد التخلص منه وبالوسائل التى تجعل منه قوة مادية بعناصره ووسائله ومعنوية روحانية تعطيه اندفاعا للعمل فى كل الظروف ويتمسك بها مناضليه سواء كان فى السلطة او بدونها , فهو شجرة مثمرة تاتى اكلها فى كل وقت ولا يتمكن عليها احد مهما كان جبروته ولهذا فان كل قوى الشر فى العالم لما اجتمعت للنيل منه وجدت نفسها بانها غير قادرة على ذلك ولم تتمكن منه لكونه قد استمر فى وجوده وهو يتجدد يوم بعد يوم فى حين ان اعدائه تهاووا نحو السقوط الواحد تلو الاخر ومن هنا كان لروحانية مبادئه القوة التى منحته القوة واغاضت اعداءه و لم يتمكن عليه مهما استخدموا من ادوات بينما لم تستمر الاحزاب الكبيرة الاخرى من البقاء بمجرد تعرضها لهزة داخلية او عدوان خارجى ( الاحزاب القومية و النازىة والفاشيون والشيوعيون واحزاب اخرى كثيرة ) وبالعودة الى مقولات قادة حزب البعث وبهذا الشان نجد ان الاستقراءات التى استنتجها الحزب ومنذ عشرات السنين تؤشر على الذى ستكون عليه المنطقة العربية فى حالة تعرض النظام فى العراق الى عدوان من قبل الولايات المتحدة راس الفتنه فى العالم وفى رجوعنا لما بدنا فيه فاننا نؤكد بان ماتعرض له الحزب فى العراق منذ ستينيات القرن الماضى وبداية القرن الحالى كان متوقعا وليس مفاجئا وكان لمناضليه متسع الوقت للاستعداد لما سيكون عليه وضع الحزب عندما يشتد التامر والعدوان عليه وقد تقبل ذلك وهو يدرك بان خزينه الروحى وايمانه بعدالة قضيته التى اطرتها مبادئه وحتمية انتصاره على اعداءه جعلت من اعدائه يهابوه ويرتجفون حين يأتى ذكره فى الوقت نفسه كان لاصرار العراقيون فى الانتماء له وكذلك ابناء الامة العربية وغيرها بعد ان توفرت لديهم القناعة الراسخة بصحة توجهاته واصالة مبادئه , ناهيك عن ما اظهرتة بقية الاحزاب المناضلة عنه من احترام وتقدير لمسيرته ورغبتها للتعاون معه فى مجال العمل النضالى والتطبيق العملى لمنطلقاته فى بناء الدولة , والكل يتمنى العودة بهم الى زمن قيادته للحكم فى العراق عندما كانوا يمارسون الحياة بكرامة والعيش بامان ويشعرون بالفخر والاعتزاز بغرس الحزب الذى ينمو وانجازاته التى تحققت له وللاجيال الاخرى, ولو سألت الكثيرين عن ماهو الافضل لهم فى العيش ؟ لاجابوبك انهم بحاجة الى نظام البعث الذى ضمن العيش للجميع وضمن المستقبل لهم ولاولادهم وهذا ايضا لايعنى بانهم غير مبالين بالاخطاء التى ارتكبت حيال تطبيق منطلقاته النظرية فى العمل الجماهرى فى العراق وكذلك فى مؤسسات الدولة طيلة خمسة وثلاثون عام ولكننا لو وضعنا ذلك فى سياق المقارنة بين ماتحقق لهم فى تلك الفترة وما تضرر منهم من جراء ذلك لوجدنا ان البون شاسع بين الحالتين , وتلك هى بشائرالفخر والنصر. وفكر البعث اعتمد ومنذ انطلاقه الخط القومى اولا ثم الخط الوطنى وبتجربته الواسعة فى العراق وجد بان الفكر القومى كنظرية تحاول تجسيد الفهوم الوطنى فى المجتمع ويتقرب بذلك نحو الفكر الاشتراكى والفكر القومى كنظرية تحاول تجسيد الهوية الوطنية باهداف استتراتجية بعيدة المدى الوحدة والحرية والاشتراكية وبناء مجتمع تسوده العدالة وفرص العمل للجميع وتحقيق المساواة بين المواطنين لكلا الجنسين وتعليم المواطن وارشاده تربويا , والفكره هذه تستند على الانتماء والدين واللغة المشتركة وغايتها الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية ومن تلك الاهداف انطلق الحزب نحو الجماهير العربية التى كانت تعانى من جور
ثانيا _ المسألة القومية
المسالة القومية العربية هى عبارة عن ادراك للوجود القومى العربى الذى يفرز وعيا وارادة من اجل النهوض القومى التحررى للامة العربية وصولا الى حلول كفيلة لمعالجة قضاياها الاساسية , وعملية النهوض لايمكن ان يحققها لها الغير كالذى جرى بالعراق والامة العربية عندما جاء الاحتلال بعباءة يختفى بها القوى التى اخذت على عاتقها انهاء كافة المرتكزات الوطنية وعلى راسها القوى الوطنية الكثبر من الناس ومنهم بعض الرفاق من يقول لماذا لايتبنى البعث خطابا دينيا ما دام أن فكر البعث نابع من المرورث الحصاري للأمة وواقعها؟ للاجابة على هذا السؤال لابد أن نذكر انفسنا ونذكر الناس أن فكر البعث هونتاج العقل البشري أما الدين فهو رسالة كلف الله عز وجل الأنبياء والرسل لتبليغها للبشر ووضع لها شريعة وابواب وقوانين فجاء بعد ذلك اجتهاد الدعاة والمفكرين في التفسير والتشريع. ولهذا اذا أردنا أن نوفق بين تعاليم الدين وما منح الله للبشر من عقل كوسيلة للابداع علينا أن نستخدم العقل في التعامل مع ما سخره الله في هذا الكون من أشياء مادية تتيح للبشر في استعمال العقل في ما ينفع الناس ويجعلهم يعيشون في نظام يظمن العدل والمساواة والرخاء. فالعروبة كما جاء في أدبيات البعث وفكره هي جسد وروحها هو الاسلام كما أن وعاء الاسلام هو العروبة واذا انكسر هذا الوعاء فان الاسلام يضيع. وبناءا على ما تقدم نستنتج أن المؤمن الحقيقي بالاسلام هو من يعمل على حماية هذا الوعاء وهذا الجسد المتمثل في الأمة العربية من المرض والانكسار ولهذا لما شعر المؤمنون بالأمة العربية ورسالة الاسلام أن الخطر يداهمهما بادرت طليعة الأمة وأسسوا لبناء حزب البعث ليترجم قولا وفعلا مقولة أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فالمشكلة بالنسبة للعرب اليوم ليس في الخطاب الديني وانما مشكلتنا في الفرد العربي والدليل على ذلك أن الأمة العربية جربت وتجرب اليوم الحركات التي تحمل شعار الدين لتغيير الواقع ولم تقدم لحد الساعة أي شئ للأمة بل عمقت حالة الانقسام والتخلف والدمار وما نشهده اليوم في الكثير من الأقطار العربية خير دليل على ذلك في الوقت الذي تحتاج الأمة العربية للوحدة والتماسك الاجتماعي أن العراق اليوم يعيش حالة الفوضى والاقتتال الطائفي والرشوة والاختلاسات بعدما أزاحت أمريكا وحلفائها النظام الوطني في العراق من الحكم واغتالت قيادته الوطنية بمباركة الأحزاب الدينية التي حكمت العراق اليوم بما فيهم الأحزاب الشيعية أو السنية. كما لا ننسى ما يحدث اليوم من فوضى واقتتال في ليبيا فاستعانت الأحزاب الدينية بحلف الناتو لاستلام الحكم. كما أن الأحزاب الدينية في الجزائر شاركت في الحكم وساهمت مع ألنظام في اختلاس أموال الشعب ونشر الفساد وانتشار المخدرات والتفسخ الاجتماعي حتى أصبحت الحياة لا تطاق في هذا الجو المتعفن. فهذه الحقائق الدامغة تجعلنا اليوم نستحضر مبادئ وفكر البعث لنستوعب أولا دورنا الطليعي في الأمة كمناضلين نحمل مشروع حضاري عظيم يحتاج الى رجال عظماء في سلوكهم ومواقفهم وحرصهم الشديد على تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية. كما يعلم الجميع أن حزب البعث هو مشروع أمة متكامل بدءا ببناء الفرد من الناحية العلمية والفكرية والروحية لكي يقوم بدوره الرسالي في تحقيق التطور والتقدم في جميع مجالات الحياة كما يهدف الى تحقيق الوحدة العربية كهدف استراتيجي لتمكين العرب من الخروج من حالة التبعية الفكرية والاقتصادية والثقافية واستعادة مكانة الأمة المحوري في بناء الحضارة الانسانية باعتبارها أمة الرسالات والعلوم والقيم الانسانية. فالغرب الذي يسيطر على العالم وظف فقط العقل فأنتج العلم كمصدر قوة وتفوق كما استفاد ما أنتجه العرب والمسلمين من ابداع علمي وفكرى قاده الى ماهو عليه.
ثالثا_ الدور الامريكى فى المنطقة
بعد الحرب العالمية الثانية قامت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على ثلاثة ثوابت : محاربة النفوذ السوفيتي ، ضمان امن إسرائيل وتفوقها العسكري وحماية المصالح الأمريكية في المنطقة ، وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي في أواخر القرن الماضي ظهر ما سمي بالنظام العالمي الجديد والشرق الأوسط الجديد .. بعد حرب الخليج الثانية واتفاقيات اوسلو 1993 حدث تحول في الخطاب السياسي الأمريكي ، فحسب بعض المحللين الاستراتيجيين تراجعت الديمقراطية ، التي احتلت المقام الأول في هذا الخطاب خلال الحرب الباردة وتقدم عليها مبدأ التفوق الأمريكي واستقرار النظام العالمي ..
ويرى باحثون ومحللون استراتيجيون أن الحزب الديمقراطي يصر على ضرورة التدخل ضمن اطر قانونية دولية حتى يتسنى إشراك الدول الكبرى الأخرى في تحمل الأعباء والمسؤوليات ، بينما يصر الحزب الجمهوري على أن الولايات المتحدة يجب أن لا تعتمد على الأمم المتحدة ، بل عليها إعطاء الأولوية لدور الولايات المتحدة وحلفائها .. ويزعم مناصرو التفوق الأمريكي أن الحفاظ على هذا المبدأ وتطبيقه هو كون الولايات المتحدة الدولة الوحيدة القادرة على تامين الاستقرار وفرض احترام النظام الدولي القائم ..
وحول هذا التحول في الفكر السياسي الأمريكي يتفق محللون سياسيون عالميون على أن هناك أجماعا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على ضرورة ترسيخ دعائم المؤسسات الدولية وإعطائها دورا من اجل معالجة أي محاولة تعيد النظر في المصالح القائمة مع بقاء الجدل قائما حول طبيعة تدخل الأمم المتحدة ومداه في ألازمات الجديدة مع إبقاء خيار استخدام القوة قائما وحسب ظروف ألازمة وتأثيراتها على المصالح العليا للولايات المتحدة وشكل موضوع الحرب على العراق اسبابهإ واهدافها ونتائجها إنما هي مشروع خطط له قبل الحرب على العرق عام 1991 بعشر سنوات ..
فالحرب على العراق عام 2003 تم برمجتها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط التوازن الدولي الهش ..في هذه الفترة بالذات اقتنعت امريكا بان السياسة التقليدية المؤسسة على الاحتواء والردع ، فاستبدلتها بسياسة الهجوم والحرب الاستبقاقية ، وبتكتيك لامتصاص غضب الشارع العربي ولمكافأة الأنظمة العربية التي تحالفت معها عسكريا وإنقاذها ، ولكن هذا العرس المغشوش سرعان ما تم تدميره ، وتستمر الأحداث التي لن نخوض فيها هنا لكننا نقول أن هذا السيناريو قد سحب البساط من الدول العربية التي تحالفت عسكريا مع أمريكا ضد العراق وجعلت المكافأة التي لوحت بها من قبل مجرد سراب ووهم .
وعلى الصعيد نفسه عملت الإدارة الأمريكية على تطبيق تكتيك خلال حربي 1991 و2003 ضد العراق مما نتج عنه تأثيرات خطيرة على الواقع الصحي والبيئي في العراق تسبب في موت الآلاف وإصابة عشرات الآلاف منهم بأمراض خطيرة كالسرطانات والتشوهات الخلقية والإجهاض المتكرر عند النساء وغيرها من الأمراض التي سيظل يعاني منها العراقيون لعشرات السنين القادمة.
وهنا نشير إلى ما جاء في دراسة ( تشارلز ويليام ما ينز ) الذي يؤكد بان الإدارات الأمريكية ومخططي استراتيجياتها لا يخفون أبدا إطماعهم النفطية في الشرق الأوسط ، كما أن أمريكا لا تفشي سرا بان النظام الدولي الذي تريد تأسيسه مشروط بالهجوم العسكري على أي نظام يختلف معها في المسائل المتعلقة بمصالحها ، وتستبعد اللجوء إلى الحوار في إطار المؤسسات القانونية والسياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية ,, وبغير المتوقع ورغم الابواق التى سخرتها المؤسسات الغربية على الانتصار الموهوم للديمقراطية فى احتلال الولايات المتحدة للعراق بدعوى اسحلة الدمار الشامل فان المفاجات غير السارة بالنسبة للاحتلال هو الرفض الشعبى لهذا الاحتلال وتكاليفه والمقاومة الوطنية المدنية والمسلحةوقد دفعت هذه الحقيقة الكثير من مؤدى الاحتلال الى التراجع عن موقفهم (فوكياما )مثلا وسقوط الاكذوبة الامريكية بان العالم اصبح اكثر امنا بعد احتلال العراق كما ان الحرب الاهلية مزقت النسيج العراقى والسؤال الذى يطرح نفسه لماذا حصل كل هذا ومن المسئول عن ذلك؟ يقول (هاوارد زين) اشهر مؤرخ امريكى .
إن دروس حرب العراق تبدأ مع التاريخ الأمريكي وعلينا أن نواجه بعض الحقائق التي تزعج فكرة ( الأمة الطاهرة ) بشكل فريد ، يجب أن نواجه تاريخنا الطويل في التطهير ألاثني ، الذي هجّرت فيه حكومة الولايات المتحدة ملايين الهنود من أرضهم بواسطة المذابح وعمليات الإخلاء ، يجب أن نواجه تاريخنا الطويل وهو ما زال حاضرا ، من العبودية والتفرقة والتمييز العنصري ، ويجب أن نواجه الذاكرة الطويلة الأمد لهيروشيما وناغازاكي ، وهو تاريخ لا يمكن أن نفتخر به .. ..
الصحفي ( ويليام بكلي ) في إشارة لعمليات المقاومة العراقية ، مشيرا إلى انه يتعين الآن انتهاج خطط بديلة ، ويعترف صراحة : ( جوهر القول هو الإقرار بالهزيمة ) ..وكما ذكر رشارد بيرل احد دعاة الحرب ان ادارة الرئيس بوش اخطأت رغم انها تنبأة بما سيحدث و( جورج ويل ) في صحيفة ( واشنطن بوســت ) الوضع في العراق بقوله : ( منذ احتلال العراق وحتى ألان لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان العراق قد أصبح امة ، وبعد الانتخابات و الدستور أصبح للعراق بالكاد حكومة) ..
أما الناقد والكاتب ( اندرو سوليفان ) فيقول : ( لقد تعلم العالم درســـا قاسيا ، إلا انه كان اشد قسوة على عشرات آلاف القتلى العراقيين الأبرياء مقارنة بمجموعة المثقفين الذين تعرضوا للإذلال ) .. ويعتـــــرف ( سوليفان ) : ( الاستجابة الصحيحة ليست في المزيد من اللف والدوران بل في الإحساس بالعار والحزن ) ..
في المحصلة ، فان خلاصة هذه المقابلات تقول : إن إخفاقات غزو العراق كانت نتيجة مباشرة للطريقة التي تقرر بها الغزو في المقام الأول ، إذ لا يمكن الفصل بين الاثنين كما لو كان احدهما نتيجة قرار والآخر نتيجة مجموعة مختلفة من الافتراضات التي عبر عنها البعض من السياسيين والمفكرين الأمريكيين والتي خلاصتها : إن الولايات المتحدة ذهبت إلى الحرب وتبعتها بريطانيا استنادا إلى اعتقاد بان تغيير النظام في العراق قد يُمكن استخدامه كنموذج في إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط بأسرها
وفي ضوء الأحداث والتطورات المأساوية في العراق لم يعد بأمكان الولايات المتحدة أن تخفي أن ديمقراطيتها الموعودة للعراقيين تحولت إلى موت يومي ، فالكاتب الأمريكي ( فولر ) الذي يعرف ماذا فعلت حكومته في أماكن أخرى من العالم ، يسوق الدليل التالي على مدى تورطها في مسلسل الموت اليومي الذي يعصف بالشعب العراقي من قتل واغتـيالات وزرع لبــذور حرب أهلية ،
وبهذا المعنى يمكن أن يكون قيام مثل هذه الدول بمــثابة رد فعل دفاعي إزاء تهـديد الدولة الزعيمة ، وبهذا المعنى أيضا يمكن أن نفهم سبب حرص الولايات المتحدة على عدم ظهور زعيم طامح ..والمفارقة في الأمر هي أن هؤلاء يرون عدم وجود سبب قاهر للاعتقاد بان الولايات المتحدة سوف تستثنى من هذا المصير ..ففي السنوات العشر القادمة أو العشرين القادمة سوف تقود سياسة الهيمنة الأمريكية إلى ظــهور دول طامـحة كألمانيا واليابان والصـين ( وربما تعود روسيا أيضا إلى الظهور من جديد ) كدول عظمى قادرة على العمل كقوة توازي قوة الولايات المتحدة وبالتالي منافستها على خلق معطيات جديدة في الــــسياسة الدولية ويبقى موضوع الهيمنة على الشرق الاوسط ..
من خلال تناولنا لاستراتيجية الخطاب السياسي الأمريكي تجاه سياسة الهيمنة الأمريكية والقوى الدولية التي تنازع الولايات المتــحدة ، السيطرة والنفــــــوذ فالمخططين( بريجنسكي ) وباحثين استراتيجيين آخرين أمثال ( انطوني لابك ) و( هنري كيســـــــنجر ) و( صمؤئيل هنتنغتون ) و( فوكوياما ) و ( روبرت هركابي ) يرون أن النفط وإسرائيل هما المحوران الأساسيان للسياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط كونهما يمثلان المصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة ..فبالنسبة للمحور الأول يعتقد ( فوكوياما ) أن ثمة أمرين من شأنهما أن يبررا تدخل ما اسمــــــاه ( بعالم ما بعد التاريخ) في (عالم التاريخ ) وهما النفط والهجرة . وفي تصــــــــــور مماثل يؤكد ( جيفري كامب ) و ( روبرت هركابي ) الأهمية الاستراتيجية لنفط الخليج العربي..
وفي نفس الاتجاه سار ( بريجنسكي ) الذي ذهب إلى حد تغييب دور مصر والدول العربية ، فاعتبر تركيا وإيران دولتان محوريتان في المنطقة بسبب تأثيرهما على ( قلب روسيا ) ..
أما بالنسبة لدول المحور النقيضة أو ( العاصية ) ، على حد تعبير الخطاب الأمريكي ، فالدول المطلوب احتوائها رسميا ، حسب قائمة الإدارة الرئاسية الأمريكية ، ( وقد حصل جدل تجاهها بعد مواقفها الأخيرة ) وإيران وكوريا الشمالية ، أما الدول المطلوبة حسب قائمة أعضاء الكونكرس الموالين لإسرائيل فتضم بالإضافة لما ورد ، سورية والسودان .. ويطالب هؤلاء بضمهما إلى ما يسمونه الدول الداعمة للإرهاب .. أما بريجنسكي فيعتبر بان المصالحة مع إيران ضرورة جيوستراتيجية لضبط آسيا الوسطى
أ . إنقاذ العراق من الانهيار وضمان الأمن والاستقرار في هذا البلد وإقامة نظام شرعي جديد مستقر فيه وإعادة أعماره .. ويتفق التحليل لكلا الجانبين أن انهيار العراق ستكون له عواقب وخيمة وخطيرة على سائر دول المنطقة والعالم وليس فقط على أمريكا ، لذلك يدعو الجانبان إلى وضع العراق تحت المسؤولية العسكرية لحلف الأطلسي بصورة مؤقتة
1027 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع