ولاية الموصل والحقوق الكوردية بعد الحرب العالمية الأولى / الحلقة السادسة عشر

                                        

ولاية الموصل والحقوق الكردية بعد الحرب العالمية الأولى/ح16

        

                          

             

* مشكلة ولاية الموصل وترسيم الحدود العراقية - التركية(*)
كانت قضية ولاية الموصل وتحديد الحدود العراقية التركية. أحدى القضايا المهمة التي نشأت في أعقاب الحرب العالمية الأولى وانحلال الإمبراطورية العثمانية وتكون الدولة العراقية الحديثة.
فخلال الحرب العالمية الأولى، احتلت الجيوش البريطانية العراق وأعلنت (هدنة مودروس (Moudros في 30 تشرين الأول عام 1918 وأعطت القيادة التركية الأوامر لإخلاء مدينة الموصل في 4 تشرين الثاني 1918، واحتلت القوات البريطانية مدينة الموصل دون مقاومة وبذلك اعتبر احتلال المدينة بدون دفاع أمراً قانونياً.
وفي نيسان عام 1920، منحت بريطانيا الانتداب على العراق، ونصت مقدمة مشروع الانتداب على أنه؛ "بموجب الفقرة (4) من البند (22) من القسم الأول من ميثاق العصبة، تؤسس فيما بين النهرين دولة مستقلة، تحت توجيه ونصيحة ومساعدة إحدى القوى الحليفة، وحتى اللحظة التي تكون قادرة على حكم نفسها بنفسها. وإن الاتفاق يشمل تحديد الحدود لما بين النهرين"( ).
وبسبب المعارضة الأمريكية، لم يقر مجلس العصبة وبشكل نهائي موضوع الانتداب. حيث تمسكت حكومة الولايات المتحدة، بالحصول على حصص نفطية مساوية للبريطانيين والفرنسيين ضمن الشركة التركية للبترول. وبسبب ذلك تأخر تصديق مجلس العصبة على الانتداب. ولم يحدد المجلس الأسس التي يجب إتباعها في إدارة البلاد تحت الانتداب، كما أن المجلس لم تكن له أية سلطة لتحديد حدود البلدان الواقعة تحت الانتداب( ).
وفي 10 آب عام 1920، وقع الحلفاء مع تركيا (معاهدة سيفر) الذي نص البند (132) منها "بأن تتنازل تركيا على كل حقوقها ما بين النهرين لمصلحة القوى الحليفة الرئيسة" كما نصت على تشكيل لجنة خاصة لتحديد الحدود بين بلاد ما بين النهرين وتركيا( ).
وشهد العاشر من تشرين الأول عام 1922، توقيع المعاهدة العراقية البريطانية حيث نصت (المادة الثامنة) منها على "لا يتنازل عن أراض ما في العراق ولا تؤجر إلى أية دولة أجنبية ولا توضع تحت سلطتها بأي طريقة كانت"( ).
وباحتلال الحلفاء اسطنبول في 19 آذار عام 1920، أقدمت الحركة الوطنية التركية على تأسيس برلمان جديد في أنقرة وتشكيل حكومة وطنية تتولى مهمة إدارة البلاد.
إن المهمة الدبلوماسية لحكومة المجلس الوطني الكبير من قبل مصطفى كمال أتاتورك نفسه في مذكرة لرئيس وزرائه (بكر سامي) هي أنه أكد فيها على الوحدة الوطني للشعب التركي والاستقلال للأراضي التركية ورفض (معاهدة سيفر).
إن الفترة الأكثر تعتقد كانت الممتدة من بداية الحركة في مايس عام 1919 وحتى عقد (معاهدة لوزان) عام (1923)، حيث تم طرح المشروع الدبلوماسي الذي بدأ تنفيذه أو التمهيد له بالاتصالات التي تمت مع القادة البلاشفة الروس في صيف عام 1920، وتكلل (بمعاهدة الصداقة) الموقعة في 12 آذار عام 1921( ).
وفي أعقاب ذلك، بدأ واضحاً التغيير في مسار السياسة البريطانية إزاء الحركة الكمالية حيث صرح الساسة البريطانيون المسؤولون عن رسم السياسة البريطانية في الشرق بأن أفضل وسيلة لاستقرار السلام في المنطقة هي احتواء الحركة الوطنية التركية وقيادتها( ).
وفي إطار السياسية الجديدة. ومن أجل احتواء الحركة الوطنية التركية ومنعها من الاندفاع نحو التطرف وإدخالها ضمن المسار الذي رسم لإقامة سلام يحفظ للتحالف الأوروبي مصالحة في هذه المنطقة الحيوية من العالم، بدا (مؤتمر لندن) أعماله في 21 شباط عام 1921 وحضره ممثلو الحكومات الحليفة حيث اجتمعوا لتبادل وجهات النظر بشأن مشاكل عديدة. من بينها تعديل (معاهدة سيفر) التي رفضتها الحكومة التركية وقرروا توجيه الدعوة لحكومة أنقرة لحضور المؤتمر.
وفي جلسة 24 شباط عام 1921م قدم المندوب التركي (بكر سامي) مذكرة مفصلة نصت في البند الثاني على تحديد الحدود الجنوبية تبعاً للخطط الذي رسم بالاتفاق مع الأطراف ذات العلاقة وبفصل الأراضي التي تسكنها أغلبية عربية( ).
وباختتام (مؤتمر لندن) أعماله في 12 آذار عام 1921م، لم تتوصل الدول الحليفة إلى اتفاق حول التعديل المطلوب (لمعاهدة سيفر)( ).
على من الرغم من فشل (مؤتمر لندن) في التوصل إلى صيغة نهائية لحل المسألة الشرقية، إلا أنه عد نجاحاً للدبلوماسية التركية، حيث اعترفت الدول الحليفة بشرعية حكومة أنقرة. كما كان المؤتمر فرصة لمندوب أنقرة لملاقاة شخصيات فرنسية وإيطالية حيث تم التوصل في 11 آذار عام 1921 إلى اتفاق نص على سحب القوات الفرنسية من سيلسيا وتحديد الحدود مع سوريا وأخلت إيطاليا لقاء الوعد ببعض الامتيازات( ).
ومن أجل محاصرة الأزمة التي أعقبت (مؤتمر لندن)، سارعت الدول الحليفة بتوجيه دعوة إلى حكومة أنقرة لحضور (مؤتمر مودانيا)، لمناقشة الانسحاب من المنطقة المحايدة والمضائق وتراقياً الشرقية( ).
في 3 تشرين الثاني عام 1922 عقد المؤتمر العسكري في (مودانيا)، حيث تقرر الانسحاب اليوناني من تراقيا الشرقية والمنطقة المحايدة والمضائق (دردنيل).
وباتساع الخلافات التي ظهرت بين صفوف المحافظين ورئيس الحكومة قدم (لويد جورج) رئيس وزراء بريطانيا استقالته في 20 تشرين الثاني عام 1922( ).
وبتكليف (بونارلو Bonnar – Law) بتشكيل الوزارة البريطانية الجديدة أكد أن السياسة الخارجية لبلده (بريطانيا) سوف تعهد لوزارة الخارجية بإدارة (اللورد كرزون)، مؤكداً ضرورة حل المشاكل الدولية وخاصة المسألة الشرقية( ).
وفي إطار السياسة الجديدة لحكومة (بونارلو) التقى (اللورد كرزون) في تشرين الأول عام 1922 مع (بونكاريه) وزير خارجية فرنسا والممثل الإيطالي في باريس، حيث اتفقوا على التعاون خلال المؤتمر المنتظر، لحماية مصالحهم المشتركة والتوصل إلى حل نهائي للمسألة الشرقية ضمن المبادئ الآتية:
1. أن تحدد الحدود الأوروبية مع تركيا وفق المذكرة التي توصلت إليها الدول الحليفة في 23 تشرين الثاني عام 1922 والتي أقرها (مؤتمر مودانيا).
2. وبشأن الحدود التركية السورية، فقد تم الاعتراف بالحدود التي أقرتها المعاهدة الفرنسية التركية التي تم التوصل إليها في 11 آذار عام 1921.
3. وبشأن الحدود التركية العراقية، فقد تم الاتفاق على مواصلة الحوار خلال المؤتمر القادم لوضع خط لهذه الحدود( ).
وفي 20 تشرين الأول عام 1922، اجتمع ممثلو الحلفاء في (لوزان) بسويسرا من أجل مواصلة مفاوضات السلام وكانت الدعوة قد وجهت(*) إلى حكومات (اليونان وتركيا واليابان ورومانيا ويوغسلافيا وحكومة الولايات الأمريكية) من أجل المشاكل اليونانية وعقد (معاهدة صلح جديدة) مع تركيا لتحل محل (معاهدة سيفر)، وكذلك بحث مشاكل إقليمية وسياسية مثل مشكلة ولاية الموصل، ونظام المضائق ومشكلة الأقليات ومشكلة الامتيازات الأجنبية والمشاكل الاقتصادية كالدين العثمانية وحماية المصالح الأجنبية( ).
وفي جلسة افتتاح المؤتمر صرح (اللورد كرزون) أن من بين القضايا التي يجب أن تكون ضمن بنود معاهدة السلام، التي من المؤمل أن تعقد قريباً، تحديد الحدود الجنوبية للأراضي التركية في آسيا الصغرى، ويعني بذلك الحدود بين (سوريا والعراق) من جهة أولى، و(تركيا) من الجهة الثانية، هذه القضية توجب إيداعها لدى اللجنة في 27 نوفمبر ـ تشرين الثاني عام 1922. وهذا يعني أسبوعاً بعد افتتاح (مؤتمر لوزان).
وفي أمسية 26 تشرين الثاني عام 1922م، طلب المندوب التركية (عصمت باشا اينونو) من (اللورد كرزون) أني تخلى عن المناقشات العلنية ويتبادل معه وجهات النظر الخاصة.
واستجابة لهذه الرغبة فقد استمر تبادل وجهات النظر من خلال تبادل المذكرات التي وزعت على المندوبين الرئيسيين للدول الحليفة، إلا أن تبادل وجهات النظر الشفهية والمكتوبة لم تسفر عن نتائج. حيث أصر المندوب التركي على طلبه بإلحاق ولاية الموصل بتركيا، وأن (اللورد كرزون) أجبر على تكرار وجهات نظره.
وفي مثل هذه الظروف، لم تكن هناك وسيلة أخرى سوى إيداع القضية أمام اللجنة، لتعطي ... تعطي الجانبين الفرصة لعرض وجهات نظرهم أمام المؤتمر، وقد أيد المندوبون الفرنسيون والإيطاليون بطرح القضية أمام اللجنة مما دفع المندوب التركي لعرض وجهة نظره حيث أوضح باختصار الحجج التي قدمها الطرفان والأسباب التي حملت تركيا على عدم قبول أعطاء ولاية الموصل لأي من القوى الكبرى الانتدابية.
وهذه الأسباب هي: السكانية والسياسية والتاريخية والجغرافية والاقتصادية والعسكرية. فقد أشار إلى أن عدد السكان الذين يسكنون ولاية الموصل، هم بحدود 503,000 مواطن وبأغلبية كردية ويتوزعون بين قبائل كردية وتركية وعربية، وأن هذه القبائل الرحل يغيرون أماكنهم حسب الفصول ويتركون بعض الفترات المدينة وبذلك لا يمكن تحديد عددهم بشكل دقيق. فهم يقضون حسب حاجتهم فصولاً من السنة في التجول بين (ديار بكر ودير الزور وبغداد والنجف) وهذا ما يجعلنا غير قادرين على اعتبارهم جزءاً من سكان ولاية الموصل( ).
وقدم المندوب التركي جدولاً إحصائياً لتركيبة السكان لولاية الموصل وكركوك والسليمانية:

  

يتبين من هذا الجدول أن الطائفة العربية، في سنجق السليمانية وكركوك تشكل نسبة ضئيلة وفي مركز ولاية الموصل لا يوجد سوى 38,000 عربي مقابل 130,000 مواطن تركي وكردي، وفي كل ولاية الموصل يوجد 410,000 تركي وكردي ومقابل 48,210 عربي 31,000 غير مسلم 18,000 يزيدي كردي. وأشار المندوب التركي إلى أن هذه الإحصائية كانت أول خلاف تركي بريطاني حيث أن المندوب البريطاني لم يعارض الأرقام فقط التي قدمت بل أصر على أن الحكومة التركية لا يمكنها تنظيم إحصاء دقيق في موضوع سكان ولاية الموصل، وأدعى بأن هذه المنطقة تضم أعداد أكبر وأكد التناسب بين السكان لكل الأجناس.
وأضاف المندوب التركي بأن الأرقام المقدمة من قبل المندوب البريطاني تشير إلى المواطنين العرب وغير المسلمين،كما هو واضح من الجدول أدناه. يشكلون أقلية ضمن سكان ولاية الموصل ذات الأغلبية الكردية ثم الترك:

                

وحدد بأن العرب موجودون جنوب خط (كيارة – سنجار) وعلى الجهة اليمنى لدجلة في المنطقة الممتدة من (فايدة إلى كركوك)، وأن المنطقة اليسرى يسكنها الترك والكرد، وبذلك استخلص المندوب التركي أنه لا يمكن اعتبار سكان مدينة الموصل عرباً وأنهم لا يؤلفون جزءاً من شعب العراق.
وأشار المندوب التركي إلى أن ممثلي الأكراد في المجلس الوطني الكبير يشاطرون أخوانهم الترك نفس القضايا التي تعني الأتراك الخاصة بالحكومة والإدارة. وفي كل الأوقات فإن الأكراد يجدون في تركيا حقوقهم كمواطنين وأنهم لا يعتبرون الحكومة التركية حكومة أجنبية.
وأضاف أن التصريحات التي أطلقت خلال الحرب العالمية الأولى في موضوع التحرير، واستقلال العربي، قد فقدت فاعليتها منذ 1918، وأن الحكومة البريطانية إذا ما تركت الحالة حرة أمام سكان العراق وسمحت لهم بالتصويت لتحديد مصير بلادهم فلا يمكن أن تجد أحداً يصوت لصالح الاحتلال أو الحماية أو الانتداب. وأن سكان العراق أظهروا دائماً رغبتهم في الانضمام إلى تركيا، على الرغم من أن حكومة المجلس الوطني الكبير في تركيا تعتبر هذه الأجزاء من الإمبراطورية العثمانية حرة مستقلة، ولها الحق في تعزيز مصير بلادها.
أن تركيا لا تعترف بفرض الانتداب على العراق، الذي كان لا يزال جزءاً مهماً من الدولة التركية، ومنحة إلى بريطانيا، وأن المعاهدات التي وقعت مع العراق ليس لهاه أي قيمة قانونية، وأن البند (22) من ميثاق العصبة، لا يحظى بالاحترام ذلك لأن سكان العراق لم يتركوا أحراراً، على الرغم مما أذيع بأنهم مستقلين، وأن الحلفاء قبل ومنذ هدنة عام 1918، عقدوا سلسلة من الاتفاقيات، من أجل تقسيم الإمبراطورية العثمانية لتأمين منافع خاصة، وأن أكثر هذه الاتفاقات اعتراف بعدم إمكانية تطبيقها في أعقاب أحداث السنوات الأخيرة، وتساءل: لماذا اتفاق (سان ريمو) الخاص بولاية الموصل كان امتيازاً  يمكن مسه؟
إن حق السيطرة، استدعى تبرير وضع يد بريطانيا على العراق وولاية الموصل، وأن المندوب التركي لا يخشى أن يدعو الرأي العام العالمي لشجب هذا الموضوع لأنه يعاكس النظرة العالمية في حق الاختيار والحفاظ على السيادة وتوفير الديمقراطية الحقيقية.
كذلك وخلال الحرب العالمية الأولى، فإن نظرتنا لم تكن مطابقة لوجهة نظر القوى الحليفة، وأن إعلان الرئيس الأمريكي (ولسن) لم يشكل القاعدة المستقبلية للسلام، وأكثر من ذلك فإن احتلال ولاية الموصل لم يكن شرعياً لأن مدينة الموصل احتلت بعد عقد الهدنة.
وبصدد الأسباب التاريخية، فقد أوجز المندوب التركي استعراض العلاقة التاريخية التي تربط ولاية الموصل بالإمبراطورية العثمانية، مشيراً إلى أنه ومنذ أحد عشر قرناً فإن ولاية الموصل كانت ضمن ممتلكات الدولة العثمانية.
أما الأسباب الجغرافية فإن وجهة النظر الجغرافية وتكوينات الأرض والمناخ، تحدد بأن الخط الفاصل بين الأناضول وبلاد ما بين النهرين. يكون (خط جبل حمرين) و(جبل فوبل Foobool) و(وادي الثرثار) و(جبل سنجار). وفي شمال هذا الخط فإن ولاية الموصل تحظى بمناخ الأناضول، وأن الموصل تقع على مفترق الطرق التي تربط الأناضول، وأن هذه الولاية لها أهمية من وجهة نظر الاتصالات بين مختلف مناطق الأناضول، وأنها ترتبط بالطرق التي تربط بين السليمانية وكركوك وديار بكر وأورفا وتبليس وغيرها.
وبصدد المبررات العسكرية والستراتيجية أكد المندوب التركي إلى أن الحدود المقترحة من قبله والمتمثلة بخط (جبل حمرن وجبل Foobool ووادي الثرثار وجبل سنجار) تتكون من مجموعة من الجبال التي تشكل الخط الفاصل الطبيعي بين تركيا وبلاد ما بين النهرين، والتي تشكل حدوداً إستراتيجية، مشيراً إلى أن أفضل ضمان لأمن العراق هو إدامة الصداقة مع تركيا وعد إفساح المجال أمام التعصب التركي والكردي داخل حدودها.
وبانتهاء المندوب التركي استعراضه للحجج، التي دفعت تركيا للتمسك بولاية الموصل، تحدث المندوب البريطاني (اللورد كرزون)، معبراً عن سعادته لعرض وجهة النظر البريطانية، إلى جانب وجهة النظر التركية أمام الرأي العام الدولي، وواصل حديثه مؤكداً بأنه يحتاج أولاً أن يعطي تفسيراً للحالة الحقيقة لولاية الموصل، وما تم عمله بشأن هذا الموضوع، موضحاً أن كل بلاد ما بين النهرين، قد احتل خلال الحرب العالمية الأولى، من قبل القوات البريطانية، وطردت الحكومة التركية من البلاد، وأعطي شعب هذا البلد الوعد بأنه في حالة تحقيق النصر فأنه سيكون مستقلاً عن النظام التركي بدعم بريطاني، كما قدمت بريطانيا التزاماً للشريف حسين بن علي استقلال العرب في هذه المناطق. ثانياً، قد بذلت الجهود لتطبيق هذه الالتزامات وطلب من السكان أن يعبروا عن وجهة نظرهم في الوحدة بين ولايات الموصل وبغداد والبصرة، ففضلوا ذلك وعبروا عن رغبتهم بتولي ملك عربي شؤون البلاد.
وخلال (مؤتمر السلام) عام 1919 في باريس، تم الاتفاق على وضع الأراضي المحتلة التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الألمانية تحت نظام الانتداب. وفي خلال إجراءات واسعة، وبتأثير (الرئيس الأمريكي ولسن)، تم تقسيم الانتدابات في (سان ريمو) في شهر نيسان عام 1920، حيث تقرر إعطاء الانتداب على (سوريا لفرنسا)، والانتداب على (فلسطين وبلاد ما بين النهرين إلى بريطانيا). وبموجب (معاهدة سيفر)، التي تم التصديق عليها في آب عام 1920م، فإن حدود سوريا وكذلك العراق قد تم تحديدها شمال ولاية الموصل. وطلب منذ ذلك الوقت من عصبة الأمم أن تحدد الإجراءات أو الوسائل التي بواسطتها تستطيع القوى المنتدبة أن تمارس سلطتها وسيطرتها في كل هذه الأقاليم.
إن مشاريع الانتداب قد تم تهيئتها خلال الأعوام 1920 – 1921. وخلال عام 1921 فإن مسألة تولي رئيس عربي قد أخرت من خلال انتخاب الأمير فيصل ملكاً لدولة عربية في العراق، وقد اشتركت ولاية الموصل في التصويت وانتخب الأمير فيصل الأول ملكاً على العراق بالإجماع.
في الوقت الذي لم تنته عصبة الأمم بعد من تحديد الحدود النهائية للانتداب، دعيت الحكومة البريطانية للاستمرار في توجيه الإدارة وفق روح الانتداب، وبانتظار القرار النهائي عبرت الحكومة البريطانية عن رغبتها في تخفيض المسؤولية البريطانية. وتأكيد سلطة واستقلال الدولة العربية حيث عقدت الحكومة البريطانية في تشرين الأول عام 1922 معاهدة مع الملك فيصل الأول تقرر بموجبها التزام الطرفين بعدم التنازل أو إعطاء أي أرض من العراق.

- وأشار المندوب البريطاني إلى أن حكومته مرتبطة بثلاثة التزامات:
1- اتجاه الأمة العربية، حيث وعدت بعدم العودة للنظام التركي،
2- اتجاه ملك العراق. الذي انتخب من قبل شعب العراق بما فيها ولاية الموصل،
3- اتجاه عصبة الأمم، مؤكداً عدم استعداد حكومته التنازل أو التخلي عن الانتداب أو عن جزء من الأراضي التي منحت للانتداب البريطاني.
وبشأن الاحتلال العسكري البريطاني لولاية الموصل، ورداً على ما عرضه المندوب التركي. فقد أوضح (اللورد كرزون) بأن الولاية كانت بأيدي السكان أنفسهم، وأجزاء أخرى من الولاية كانت بيد القوات العربية التي يتولى قيادتها ضباط عرب وهذا ما أوجب احتلالها ووضعها ضمن الأراضي الواقعة تحت الانتداب البريطاني.
وخلال الأربع سنوات الأخيرة، صدرت تصريحات من الحكومة التركية بخسارة الحرب العالمية الأولى، والقبول بمبدأ فصل الأراضي التي تسكنها أغلبية عربية، وهذا ما أكده المجلس الوطني الكبير في أنقرة.
وأردف المندوب البريطاني بأن الأرقام التي قدمها المندوب التركي هي عبارة عن إحصائيات من أجل تنظيم قوائم بأسماء المجندين للخدمة العسكرية، وأنه يرفض قبولها، مشيراً إلا أن الإحصائيات التي هيأها الضباط البريطانيون والتي تشمل كل منطقة وكل مدينة وقرية هي أقرب إلى الحقيقة حيث يوجد هؤلاء الضباط منذ تشرين الثاني عام 1917، بينما لم يوجد خلال هذه الفترة أي مسؤول تركي. وقد قدم المندوب البريطاني إحصائية عن عدد سكان ولاية الموصل:
العرب         186,000
الكرد         455,000
الترك         66,000
المسيحيون     62,000
اليهود         19,000

مشيراً إلى أن العرب يؤلفون ربع المجموع العام من سكان ولاية الموصل، الذي يحدد بين 750,000 إلى 809,000 وفي مدينة الموصل حيث أن مجموع السكان يتراوح بين 90,000 – 80,000 فإن العرب يشكلون ما بين 60,000 - 50,000، حيث يسكنون شمال الموصل وعلى الشاطئ الأيمن لدجلة وحتى الحدود الشمالية للولاية.
أما بخصوص الكرد الذين هم بحدود 455.000 من مجموع 750,000 – 800,000 مواطن إنما هم من الجنس الآري، ويتكلمون لغة آرية، تختلف عن لغة الأناضول التركية. ومنذ قرون فإن هؤلاء الأكراد كانوا متواجدين في المناطق الجبلية، وقاوموا كل الهجمات التركية. ولم تمارس الحكومة التركية سلطتها على هذه المناطق. وخلال الحرب العالمية الأولى فإن أكراد هذه المنطقة لم يقدموا أي مساعدة للأتراك، وإنما قدموا دعمهم للبريطانيين، وأظهروا عدم رضاهم عن النظام التركي. أن الأكراد، من خلال تاريخهم المستقل وعاداتهم يجب أن يكونوا جنساً ذاتياً، ويشكلون حكماً ذاتياً مع إدارة ومدارس محلية، ويحتفظون بعلاقات واسعة مع بغداد خاصة في المجال الاقتصادي، إذ قدم المندوب البريطاني مبررين آخرين، استدعيا ضم ولاية الموصل إلى العراق حيث أشار إلى أن العلاقات الاقتصادية واسعة بين ولاية الموصل وبغداد وسوريا وحلب، وبشأن المسألة الإستراتيجية، أكد (اللورد كرزون) أن ولاية الموصل منطقة حيوية ولا تبعد عن حدود شمال بغداد سوى 360 كم، وبذلك فإن القوات التركية ستكون خطراً في حالة ضم ولاية الموصل إلى تركيا، وأن بغداد ستظل تحت رحمة القوات التركية، وأن الحكومة البريطانية ليس بإمكانها أن ترى خطراً يهدد بغداد.
وفي نهاية حديثه استطرد المندوب السامي، بالإشارة إلى المصالح البترولية في المنطقة موضحاً أنه منذ افتتاح (مؤتمر لوزان)، فإن ثلاثة مندوبين أتراك قد وصلوا لندن لدراسة الامتيازات النفطية في ولاية الموصل، مع المساهمين البريطانيين،حيث منحت الدولة العثمانية قبل الحرب امتيازاً للشركة للشركات البريطانية والفرنسية والألمانية، وبانتهاء الحرب قد آلت الحصص الألمانية إلى الحكومة البريطانية التي ظلت متمسكة بهذا الاتفاق.
وأضاف أن الحكومة البريطانية تعترف بأن البترول مادة حيوية لكل دول العالم، وأن من الخطأ ممارسة الاحتكار، وبالنتيجة فإن الشركات النفطية البريطانية تحظى بدعم الحكومة البريطانية، وقد اتخذت الإجراءات منذ ذلك الحين لمتابعة المفاوضات من أجل إشراك مصالح البلدان الأخرى في هذا الامتياز بشكل يحفظ لهذه الأطراف الاشتراك وإذا تكلل الاستثمار بالنجاح فإن العراق وتركيا سيحددان دورهما ومنفعتهما في هذا الامتياز( ).
وفي ختام حديثه، أعرب المندوب البريطاني عن رغبته في التوصل إلى حل ودي للخلافات مع الجانب التركي، وعقد (معاهدة مشرفة للطرفين) من خلال دراسة وتقص غير متحيز لطبيعة القضية من قبل عصبة الأمم، وأن الحكومة البريطانية ستقبل النتيجة العادلة التي تتوصل إليها( ).
وفي جلسة 23 كانون الثاني عام 1923 في Chateau douche برئاسة (اللورد كرزون) عقد (مؤتمر لوزان) جلسة خاصة لعرض قضية ولاية الموصل.
وفي بداية الاجتماع صرح (عصمت باشا) أنه يأمل حل مشكلة ولاية الموصل من خلال اتفاق خاص مذكراً أنه ومنذ 3 كانون الأول فإن (اللورد كرزون) قد اقترح عرض القضية على اللجنة الخاصة، وأنه ينتظر اجتماع هذه اللجنة.
كما دعا (عصمت باشا اينونو) إلى دراسة معمقة لمبررات الجانبين بشأن قضية ولاية الموصل وحاول دحض المبررات التي عرضها المندوب البريطاني، وحاول تعميق وجهات نظره الخاصة بالقضية فقد أكد بأن حكومة المجلس الوطني الكبير لا تعترف بمبدأ الانتداب والاتفاقات التي عقدت بشأن الأراضي التركية، وحاول أضعاف الحجة السكانية التي قدمها المندوب البريطاني كما تطرق إلى الاحتلال البريطاني لولاية الموصل، موضحاً أن احتلال ولاية الموصل من قبل القوات البريطانية، قد تم بعد (هدنة مودروس) في الثلاثين من تشرين الأول عام 1918م، كما تحدث بشكل مختصر عن مسألة البترول وألح على ضرورة اعتبار قضية ولاية الموصل قضية أرض وليس قضية بترول، وأن الآبار النفطية لهذه المنطقة سينظر بأمرها بعد عودة المنطقة للوطن الأم، ووعد بأن تركيا سوف تمنح كل التسهيلات الممكنة لاستثمار هذه الآبار النفطية بشكل قانوني. وبانتهاء المندوب عرض وجهات نظره. سارع (اللورد كرزون) إلى الردّ على بعض النقاط قائلاً بأن الهدنة (مودروس) قد أعلنت في 1 تشرين الثاني 1918 وأن السلطات التركية أعطت أمر إخلاء المدينة (الموصل) يوم 4 تشرين الثاني 1918، وإن المدينة (الموصل) احتلت دون مقاومة، وبذلك فقد اعتبر احتلال المدينة (الموصل) دون دفاع قانونياً.
أما ما يتعلق بالانتداب فقد أشار إلى أن الحكومة التركية وعبر اتفاق خاص مع فرنسا، وقد تم تحديد التركية وهي بذلك قد اعترفت بمبدأ الانتداب.
وفي ختام تعليقه قال (اللورد كرزون) بأن هذه المسالة صعبة ويجب دراستها من قبل عصبة الأمم وأن هذا الاقتراح يحظى بدعم المندوبين الفرنسيين والإيطاليين.
وأضاف أن الحكومة البريطانية جاهزة لطرح وجهات نظرها أمام اللجنة الخاصة، وبقبول هذا المقترح، فإن ميثاق العصبة يحدد السلوك الذي يتبع والفعل الذي يتخذ من قبل الدول التي تواجه القضية. وتابع (اللورد كرزون) حديث موضحاً أن القضية الأولى للعصبة، بموجب البند (17) من الميثاق، تدعو تركيا لتكون عضواً في العصبة وأن مجلس العصبة سيمارس في الحال تقصياً على الطبيعة في مسألة ولاية الموصل بالشكل الأفضل والحاسم وأن المجلس سيقرر الطريقة من أجل دراسة الخلاف، وسيطلب إلى بريطانيا وتركيا أن تقدما وجهات نظر الكرد والأتراك والعرب والمسيحيين لتسوية القضية واختتم حديثه بالتأكيد على  أن رفض الجانب التركي هذه الدعوة سيشكل تهديداً للسلام وسيتحمل النتائج الخطرة المحتملة.
ومن جانبه، أعرب المندوب الفرنسي M. Bompard عن مساندته لوجهة النظر التي عرضها (اللورد كرزون)، مؤكداً أن هذه القضية تحمل تهديداً للسلام العالمي، مشيراً إلى خطورة الحالة، وأن واجبه يحتم عليه التدخل من أجل تحاشي الأخطار. وأشار معلقاً: إذا كان المندوب التركي مشغول البال بمصالحه، فإن هذه القضية تقلق الرأي العام بدون شك، وإذا أصر المندوب التركي على موقفه في الرفض فإنه يمكن حسم النتائج الأكثر خطورة. وأضاف Bombard بأن تبني التحكيم المقترح من قبل المندوب البريطاني هو حل مهم وأن الطرفين بمقدورهما أن يعرضا إدعاءاتهما على مستوى واحد( ). ويرفض الجانب التركي المقترحات البريطانية. أرسل (اللورد كرزون) في 25 كانون الثاني 1923، رسالة إلى السكرتير العام لعصبة الأمم جلب فيها انتباه المجلس من خلال البند (11) من ميثاق العصبة، إلى مسالة الحدود بين تركيا والأراضي العراقية التي وضعت تحت الانتداب، وأبلغه بنية الحكومة البريطانية إرسال هذه القضية إلى عصبة الأمم، طالما أن الظروف ذات طبيعة تخص العلاقات الدولية وتهدد وتعكر السلام، راجياً إدراج هذه القضية في محضر جلسة المجلس في التاريخ الذي سوف تعرض أمامه تفصيلاً من قبل ممثل الحكومة البريطانية( ).
وفي 30 كانون الثاني عام 1923، عرض المندوب البريطاني في عصبة الأمم - M.BALFOUR - مذكرة (اللورد كرزون) التي تضمنت الصعوبات التي أثيرت في (مؤتمر لوزان) على اثر الخلاف في الرأي في موضوع الحدود بين تركيا (آسيا الصغرى)، وأراضي الانتداب في العراق، وهي جملة صعوبات كبيرة واجهت المؤتمر، وأن هذه المشكلة تخص عصبة الأمم بشكل خاص لسببين:
1. لأنها أراضٍ وضعت تحت الانتداب، وهذا يعني تحت السلطة العليا للعصبة، وأن الحكومة البريطانية تتصرف في هذا الظرف كقوة منتدبة لحساب عصبة الأمم.
2. أن المصلحة العليا للسلام العالمي في خطر وهذه القضية تخص العصبة، وتهم العالم. أن الخلاف في الرأي حول قضية حدودية يهدد دوماً بأن يتحول إلى عداوة وخصام والذي يهدد باندلاع التهديدات بالحرب. مقترحاً على العصبة تحمل مسؤوليتها، بمناقشة قضية الحدود لأراضي الانتداب. وهذا المقترح يدعم من قبل المندوب الفرنسي والإيطالي في (مؤتمر لوزان).
إن عدم اقتناع المندوب التركي بالحجج البريطانية تقتضي عقد اجتماع خاص لمجلس عصبة الأمم بموجب البند الأول من ميثاق العصبة الذي ينص (أن في الحرب أو التهديد بالحرب لأحد أعضاء العصبة يهم العصبة مباشرة) ويستدعي ذلك تخاذ كل الإجراءات الحكيمة من أجل حماية السلام العالمي. ومن المفيد إدراك أن الحكومة البريطانية لم تقدم هذه المقترحات إلا في حالة أن يكون السلام مهدداً وفي حالة وجود خطر على الحدود العراقية (أراضي الانتداب) يتوجب تطبيق البند الحادي عشر من الميثاق.

- وأورد بعض الملاحظات بشأن الأزمة:
في حالة حضور الأتراك أمام مجلس العصبة. يجب أن لا يعاملوا على حد سواء مع بقية أعضاء العصبة، لأن تركيا ليست عضواً مشاركاً في العصبة، وأن البند (17) يحدد:
(في حالة حدوث خلاف بين دولتين، أحدهما عضو في العصبة، وبين دولة أخرى غير عضو فيها، فإن أعضاء العصبة يدعون للإيفاء بالتزاماتهم، وأن المجلس يلزم العضو بتسوية الخلاف وفق الشروط العادلة).
وفي حالة قبول هذا المقترح فإن محتويات البند (12 – 16) تطبق من قبل المجلس وأعرب المندوب البريطاني، عن قناعته بأن كل أعضاء المجلس يشاركونه هذا الرأي، وفي حالة قبول المندوب التركي المثول أمام المجلس، من أجل تسوية الخلاف مع الحكومة البريطانية، فإن مندوب هذه الحكومة يجب أن يعامل معاملة مساوية لكل الأعضاء الآخرين( ). وبمواصلة (مؤتمر لوزان) أعماله توصل المؤتمرون إلى عقد معاهدة وقعت يوم 24 تموز عام 1923 وفيه نصت المادة الثالثة كما يلي:
من البحر الأبيض إلى الحدود الفارسية يكون خط حدود تركيا كما يلي:
1. مع سوريا: الحدود المعينة بالمادة الثامنة من الاتفاق الفرنسي التركي المعقود في 20 تشرين الأول عام 1921.
2. مع العراق: تعيين الحدود بين تركيا والعراق بتقدير ودي بين تركيا وبريطانيا على أن يتم في خلال تسعة أشهر.
إذا لم يتوصل إلى اتفاق بين الحكومتين خلال المدة المذكورة يحال الخلاف إلى مجلس عصبة الأمم.
تتعهد الحكومتان التركية والبريطانية تعهداً متبادلاً بأن لا تحدث أية تحركات عسكرية أو غير عسكرية قد تغير بطريقة ما الحالة الراهنة في الأراضي التي يتوقف مصيرها النهائي على هذا القرار.
وقد نصت (معاهدة لوزان) على أن تتخلى تركيا عن سيادتها على الأراضي الواقعة وراء حدودها الجديدة بموجب المادة (16) التي تنص "تصرح تركيا بتخليها عن كل الحقوق في الأراضي الواقعة وراء الحدود المبينة بهذه المعاهدة" وبموجب بروتوكول ملحق نصت المادة الأولى على جلاء الجيوش الحليفة عن الأراضي التركية خلال ستة أسابيع( ).
ومن الجدير بالذكر أنه في عشية (مؤتمر لوزان) لتسوية المسالة الشرقية، ومع استمرار المعارضة الأمريكية لمناقشة الانتدابات في عصبة الأمم، فإن المفاوضات البريطانية الأمريكية بدأت، وحصل الأمريكيون على وعد بريطانية بالحصول على حصص في الشركة التركية للبترول. وقتذاك أعترف بشرعية الحق الإنكليزي على المناطق البترولية في العراق( )(*).
كما أكدت صحيفة (New York)، بعددها في 28 كانون الثاني عام 1928، الوساطة الأمريكية في المناقشات الخاصة بقضية ولاية الموصل ونفط ما بين النهرين خلال (مؤتمر لوزان)( ).
وأوضحت المعلومات الصحفية أن الحكومة البريطانية قد عاودت المفاوضات مع الحكومة التركية من أجل تسوية مسألة البترول في ولاية الموصل وعلى أساس إلحاق ولاية الموصل بالعراق( ).
وأشارت المعلومات إلى أن الحكومة البريطانية، كانت مستعدة للقبول بتعديل في الحدود لصالح الأتراك في حالة ضم ولاية الموصل إلى العراق( ).
وخلال الفترة من 19 مايس عام 1924م، وحتى حزيران من العام نفسه 1924، استمرت المفاوضات البريطانية التركية في (مؤتمر القسطنطينية) دون تحقيق أي اتفاق نهائي وقبل انتهاء الفترة المحددة. وعلى هذا فقد أخبر الممثل البريطاني الجانب التركي أنه وبسبب رفض المقترحات البريطانية يجد نفسه مضطراً لإنهاء المفاوضات وإحالة المشكلة إلى مجلس عصبة الأمم( ).
وعملاً بالفقرة (2) من المادة (3) من (معاهدة لوزان)، أحيلت مسألة تعيين الحدود بين تركيا والعراق إلى مجلس العصبة الذي تلقى البيانات من ممثلي الحكومتين البريطانية التركية والذين تعهدوا بالنيابة عن حكومتهما أن يقبلا مقدماً تحكيم المجلس بشأن المسألة المحالة إليه.
ومن أجل أن يحصل المجلس على كل الحقائق والمعلومات اللازمة للقيام بالأمر الذي عهد إليه فإن المجلس عين في 31 تشرين الأول عام 1924م لجنة خاصة مؤلفة من ثلاثة أعضاء برئاسة (الكونت بول تكلي) الجغرافي المشهور وتوجب على هذه اللجنة أن تقدم إلى المجلس كل المعلومات والاقتراحات التي يمكن أن تعينه في الوصول إلى الحكم وعليه أن توجه اهتماماً افياً إلى كل الوثائق الموجودة بصدد الحكم وعليه أن توجه اهتمامً كافياً إلى كل الوثائق الموجودة بصدد الأمر الآراء التي أبدها الفريقان المتحاكمان في كيفية التحكيم وفي ماهية المسألة، وعليها أن تقوم بتقصي الحقائق في منطقة المشكلة نفسها ولها أن تستعين بخدمات المستشارين الذين تعينهم كل من الحكومتين صاحبتي الشأن.
وعليه أن تضع قواعد أعمالها، وعلى السكرتير العام للعصبة أن يجهزها بالموظفين اللازمين وأن يسلفها ما تطلبه من المال الذي على كل من الحكومتين أن تفي العصبة نسبة منه بالتساوي. وقد وافق الطرفان على هذه التوصيات ووافق عليه المجلس بالإجماع( ).
وفي هذا الوقت التمس مجلس العصبة من محكمة العدل الدولية إبداء رأيها الاستشاري فيما يلي:
1. ما هو شكل الحكم الذي ينبغي أن يتخذه المجلس استناداً إلى الفقرة الثانية من هذه المادة الثالثة من (معاهدة لوزان): هل هو حكم تحكيم أو توصية أو توسط؟
2. هل يجب أن يكون الحكم بالإجماع أو يمكن أن يتخذ بالأكثرية وله لممثلي الفريقيين صاحبي الشأن أن يشتركا في الاقتراع؟
الجواب عن السؤال الأول هو أن شكل الحكم الذي يجب أن يتخذه المجلس عملاً بالفقرة (2) من المادة (3) من (معاهدة لوزان)، هو حكم تحكيم لا حكم توصية أو توسط. فالفرق بين حكم التحكيم وسواء هو أن يقضي على المتحاكمين بالرضى به.
ويضيف أنه مهما تكن وظيفة المجلس في نص (معاهدة لوزان) على الحدود فيجب على الأقل أن تشتمل على واجب الدلالة على ما يعتبره المجلس حدوداً حقة وافية بالمراد وليس فقط اقتراح تسوية مبنية على احتمال قبول الفريقين بها. فلذلك لا يمكن أن تكون وظيفة المجلس وظيفة وسيط فقط.
وبشأن معنى الكلمات الواردة في (معاهدة لوزان) وقرار المجلس في 30 أيلول عام 1924م فأسوة بكل معاهدات الصلح المعقودة بعد الحرب حيث وقع انتقال أراضٍ نصت (معاهدة لوزان) على تعيين الحدود الجديدة لها بموجب نص المادة السادسة عشر التي تنص "أن تتخلى تركيا عن سيادتها على الأراضي الواقعة وراء الحدود المبينة بهذه المعاهدة وفي كل الجزر التي تعترف هذه المعاهدة بسيادتها عليها ومصير تلك الأراضي والجزر يعترف به أصحاب المصلحة فيها".
إن لكلمة (حكم) في الفقرة (2) من المادة (3) هي كلمة يمكن فقط استعمالها للدلالة على حكم بات واجب ويتضح أن الحكم الذي اتفق المتعاهدان في أثناء الوصول إليه على حفظ الحالة الراهنة هو تسوية نهائية، أما بموجب الفقرة (1) من المادة (3) أو بألا حالة على المجلس بموجب الفقرة الثانية. وأن استعمال هذه الكلمة يدل على شكل الحكم المطلوب الذي كان في نفوس الفريقين حينما أحالا الأمر على المجلس كما لو كانت التسوية بالاتفاق.
وأضافت المحكمة: أن من أولى مقتضيات الدولة هي أن يكون لها حدود معينة ثابتة ولهذا السبب كلما أعقب الحرب نقل سيادة دولة على بقعة إلى دولة أخرى تعين الحدود بين الدولتين بمعاهدة صلح أو الاشتراط فيها على تعيينها بعد ذلك. فإذا لم تكن وظيفة المجلس وظيفة حكم فلا يستطيع إلا أبداء الرأي ولا يمكن تحقيقه بدون رضى الفريقين، وبذلك يحتمل بقاء الحدود بين تركيا والعراق غير معينة وبقاؤها كذلك بغرض الإدارة لعدم الاستقرار ومع أنه قد اشترط في المادة الثالثة إبقاء الحالة الراهنة حتى يصدر الحكم، فحوادث السنتين الماضيتين دليل على ما يريده الفريقان لإتمام ما ورد في المادة الثالثة هو أن يتمكن المجلس من حسم الخلاف بشكل نهائي.
وجمعية الأمم تقدر أهمية الحدود الدولية حق قدرها، فإن واحداً من الشروط لقبول دولة في مسلكها هو أن تكون لها حدود معينة، وهذا ما أقرته العصبة، فلا يمكن قبول طلب جديد في عضويتها ما لم يكن مستكملاً الشروط الدولية ومن أهمها الحدود المثبتة. والغاية من معاهدة الصلح توطيد دعائم السلام بين الفريقين وما دامت الحدود غير معينة تظل الأمور غير مستقرة لذلك فلا بد من اعتبار اشتراط الفريقين تسوية الحدود دليلاً كافياً على وجوب أعطاء حكم نهائي فيها وليست هذا أول مرة طلب من المجلس المداخلة في أمور الحدود، فمن ذلك تسوية الحدود بين هنغاريا وصربيا وبين بولونيا وألمانيا ولذلك يطلب من المحكمة حكماً بأن يأمر به مجلس العصبة عملاً بالفقرة (2) المادة (3) من (معاهدة لوزان) هو حكم تحكيم وأن كل المفاوضات التي كانت قبل عقد المعاهدة وبعدها تدل بجلاء على أن الغاية منها كانت تسوية الحدود وإثباتها بين الدولتين. ولهذا الغرض كان القصد من إحالتها إلى مجلس العصبة لا قرار آليات لإبداء الرأي.
أما بصدد الجواب على السؤال الثاني:
هل يجب أن يكون الحكم بإجماع الآراء أم بالأكثرية وهل لممثلي الفريقين الاشتراك في الاقتراع؟
إذا ما كانت وظيفة المجلس تحكيمية عملاً (بمعاهدة لوزان) فلا يجب أن يكون الحكم بالإجماع بل يكفي بالأكثرية: والعادة المتبعة في المعاهدة التي تنص على تحكيم هي أن يصرح فيها بقرار الأكثرية.
إن هذه المسألة، عرضت على المجلس بمقتضى المادة الثالثة من (معاهدة لوزان) التي نصت على التحكيم وإذا كان مجلس العصبة مجلس تحكيم وكان غير مشترط في المادة التي أحالت المسالة عليه أن يكون حكمه إجماعاً أو بالأكثرية، فله الحق عملاً بالعرف والعادة في هذه الأمور أن يحكم بالأكثرية.
إن قانون الإجماع مهم جداً في المجلس السياسية ولكنه لا يوافق في المجالس القضائية، لأنه في الأمور السياسية لا يمكن تقييد دولة بشيء بدون رضاها. فالقرارات السياسية غالباً تقضي أن يعمل شيئاً أو أن لا يعمل وإذا أريد تقييد دولة بهذه الوسيلة بدون رضاها فيكون ذلك بمثابة إجحاف بسيادتها، ولا شيء من ذلك في المجالس القضائية ولو كانت مؤلفة من مندوبي دول ذات سيادة فأن رضا الدول المختلفة على بعض الأمور بإحالتها على التحكيم يدل على تخليها عن سيادتها باتفاقها مقدماً على الإذعان لحكم التحكيم وكذلك اشتراك دولة مع غيرها من الدولة في القيام بواجب التحكيم يدل على رضاها بالتخلي عن سيادتها بموافقتها على حكم الأكثرية.
أما القسم الثاني من السؤال وهو: هل يشترك الفريقان في الاقتراع؟
فقد توجب أن يعامل الفريقان بالسوية وهذه المعاملة تقضي أمام أن يشترك الفريقان أو يعتزلا معاً ولكن بما أنه ليس من المبادئ الصحيحة أن يكون المدعي في قضية حكماً أيضاً في تلك القضية فالدولة الممثلة في المجلس لا حق لها أن تشترك في قرار المجلس إذا كانت مدعية في قضية معروضة على المجلس وعليه فإن القصد من المعاهدة كان أن لا تشترك بريطانيا ولا تركيا في الاقتراع والمجلس أقر في برقية أرسلها إلى الحكومة التركية في 30 آب عام 1922م أي ينوي أن يعتبر تركيا مساوية لبريطانيا بتمثيلها في جمعية العصبة.
إن المادة التي تنطبق على هذه المسألة هي المادة الخامسة عشر وهذه تشترط بكل وضوح أن أصوات المتحاكمين لا تحسب ولذلك فإن جواب القسم الثاني من السؤال يجب أن يكون: أن حكم المجلس بموجب هذه المادة يؤخذ بالأكثرية ولا يشترك الفريقان المتخاصمان في الاقتراع( ).
وفي 20 أيلول عام 1924م، وفي اجتماع مجلس العصبة في جنيف قدمت الحكومة التركية مذكرة احتجاج إلى الحكومة البريطانية جاء فيها أنه على الرغم من الخطوات الدبلوماسية التي تقوم بها منذ أشهر فإن الطائرات الإنكليزية عبرت خط الحدود في 9، 12، 14 من أيلول عام 1924م وفتحت نيران رشاشاتها وألقت قبنابل، وقد أدى هذا الحادث إلى قتل ثلاثة أشخاص وجرح أثنى عشر شخاص وطالبت المذكرة بتعويض القتلى والجرحى والأضرار المادية( ).
وفي اجتماع المجلس في 30 أيلول عام 1924م أبلغ ممثل بريطانيا في عصبة الأمم (اللورد Parmoor) المجلس بمذكرة طالب فيها تطبيق المادة الحادية عشر في ميثاق العصبة التي تبحث في تهديد حسن الجوار والتفاهم بين الأمم وأوضح أن دورية جوية بريطانية اكتشفت قوات صغيرة معادية جنوب خط الحدود وأن هذه الدورية أجبرت الغزاة على الانسحاب عبر الحدود وقد سببت بعض الإصابات، وقد طالب المندوب البريطاني بالمحافظة على الحالة الراهنة وطلب من المجلس حث الأتراك على احترام حسن الجوار.
وباشتداد خطورة الموقف على جانب خط الحدود، عقد مجلس العصبة اجتماعاً طارئاً في بروكسل يوم 27 تشرين الأول عام 1924، فسر (اللورد بارمور) الحالة الراهنة، وأتهم القوات التركية بأنها لا تزال تحتل المنطقة التي تقدمت فيها في أيلول عام 1924 تطلب من المجلس أن يحدد معنى التعهدات المتبادلة المذكورة في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من (معاهدة لوزان).
وسلم المندوب البريطاني خارطة إلى المجلس وأشار عليها إلى (خط أزرق متقطع) و(خط أحمر متقطع) و(خط أحمر غير متقطع) وقال أن الخط الأزرق المتقطع يمثل خط الحدود الذي طلبت الحكومة البريطانية من المجلس الموافقة عليه وأمام الخط الأحمر غير المتقطع فهو حدود الإداري للعراق منذ تموز عام 1923م، وأما المنطقة الواقعة بين الخط الأحمر المتقطع والخط الأحمر غير المتقطع فلم تكن في تموز عام 1923م تحت احتلال وإدارة أي من الطرفين، أي (منطقة الأرض الحرام)، وأن أية حركة من أي من الطرفين تعني نقضاً للحالة الراهنة. وكرر اتهاماته وطالب بانسحاب القوات التركية إلى شمال الخط الأحمر غير المتقطع( ).
وفي تشرين الثاني عام 1924م، قررت لجنة تخطيط الحدود أن تزور لندن وأنقرة، ثم تتوجه إلى العراق حيث وصلت بغداد يوم 16 كانون الثاني عام 1925، ومكثت عدة أيام، وأرست خلالها العلاقات الاقتصادية بين ولايتي بغداد والموصل وأساليب الإدارة، وتسلمت مذكرة من الملك فيصل الأول يؤكد فيها أهمية ولاية الموصل بالنسبة للعراق، وأن مشكلة ولاية الموصل هي مشكلة العراق بأجمعه.
ومكثت اللجنة في بغداد حتى 26 كانون الثاني 1925، زارت خلالها عدداً من الوزارات والمستشفيات ومعاهد التعليم، وقابلت عدداً من الشخصيات البارزة في بغداد، وممثلي الطبقات والطوائف، كما زارت الأسواق ومخازن الحبوب والأخشاب، للحصول على فكرة لحركة التجارة بين بغداد والمناطق الشمالية، ولهذا الغرض درست اللجنة إحصائيات الكمارك وتقارير الكمارك فيما قبل الحرب.
ووصلت اللجنة مدينة الموصل يوم 27 كانون الثاني عام 1925، حيث زارت بعض الأشخاص من ذوي الخبرة والمعرفة لتكوين فكرة عامة عن الوضع، كما قابلوا السلطات المحلية وأجروا تحقيقات في الأقسام البعيدة من ولاية الموصل( ).
زارت اللجنة مدينة أربيل، قابلت السكان في كوينسجق وراوندوز، ثم واصلت أعمالها في دهوك والعمادية وزاخو وشيخان، حيث أطلعت اللجنة على أحوال الناس ومشاكلهم الاقتصادية والتجارية، والقضايا العنصرية والجيولوجية، وجمعت المعلومات عن وسائل المواصلات والزراعة( ).
وفي نهاية آذار عام 1925 عادت اللجنة إلى مدينة الموصل وقضت بضعة أيام في تنسيق المعلومات التي جمعتها وغادرت إلى جنيف.
درست اللجنة بالتفصيل الإحصائيات التي عرضتها الحكومتان البريطانية والتركية في مذكراتها. ولقد حاولت كل حكومة أن تثبت عدم دقة إحصاءات الحكومة الأخرى وخلصت اللجنة في دراستها إلى أن الإحصاءات والخرائط التي أمدها الطرفان بها ليست دقيقة. فقد بالغا في عدد النفوس بأساليب مختلفة. وأكدت أن ولاية الموصل يسكنها أكراد وعرب ومسيحيون وأتراك ويزيديون كرد ويهود مرتبين حسب أهميتهم العددية، يؤلف الأكراد أكثرية السكان وهم ليسوا تركاً ولا عرباً ويتكلمون لغة كردية آرية خاصة بهم.
إن الجماعات الوحيدة المتماسكة التي تسكن مناطق واسعة هم الأكراد والعرب، والخط الذي يفصل بين الجنسين هو نهر دجلة حتى التقائه بالزاب الصغير، ثم طريق كركوك كفري المتجه جنوباً. وهذا الخط يفصل مدينة الموصل عن الأراضي الخصبة كثيقة السكان. وتعتقد اللجنة أن خطاً كهذا لا يمكن أن توصي به بسبب مساوئه الاقتصادية والاجتماعية. وبسب اختلاط الأجناس استنتجت اللجنة أن في تحديد الحدود لا يمكن أخذ القضايا العنصرية المحصنة بنظر الاعتبار( ).
وذكرت اللجنة في خلاصة بحثها التاريخي: كانت المدن الموصل والبصرة وكركوك في بداية القرن الثامن عشر في الغالب تابعة إلى والي بغداد، ومنذ عام 1726م صارت مدينة الموصل والأراضي المحيطة بها يحكمها والي عربي من أسرة آل الجليلي، والتي لا تزال موجودة في مدينة الموصل. وفي عام 1831م أسقط السلطان العثماني والي بغداد المستقل (داود باشا). وفي عام 1835م وضعت مدينة الموصل تحت إدارة والي بغداد وأصبحت سنجق (لواء) وولاية بغداد تلك كانت تضم العراق الحاضر كله بما في ذلك الأراضي المتنازع عليها. وأنها واثقة أن مدينة الموصل كانت تحت سيادة السلاطين العثمانيين، خلال القرون أربعة الماضية ولكن هذه السيادة لم تكون دوماً آله (ولاية)، وغير شاملة لكل الولاية وقد شاركت ماردين والجزيرة ودياربكر بغداد تاريخها ولذلك فأن أي خط حدود تقترح سيكسر السلسلة التاريخية( ).
ومن وجهة النظر الاقتصادية الصرفة، قررت اللجنة أن أفضل تسوية لولاية الموصل هي إلحاقها بالعراق. ومن الخطأ فصل ولاية الموصل عن الأراضي المرتبطة بها اقتصادياً. ومن الصعب جداً فصل مدن كركوك وكفري والسليمانية عن بغداد. وختمت اللجنة خلاصتها بالقول: إذا كان المرغوب فيه تقسيم ولاية الموصل لأسباب أخرى غير اقتصادية فإن التسوية المقبول اقتصادياً هي أن يرسم خط الحدود شمالي الزاب الصغير تاركاً كويسنجق وطق طق ورانية في العراق.
وبصدد الحجج العسكرية، فقد أيدت اللجنة وجهة النظرية البريطانية بأن خط الحدود المقترح يتألف من قمم وجبال عالية متصلة تشكل سوراً حاجزاً لا يخترق في الشتاء ويصعب عبوره في الصيف. ويؤلف القسم الشرقي منه فاضلاً اقتصادياً وعنصرياً بين الشمال والجنوب. وقد خلصت اللجنة أن الخط الذي تقترحه الحكومة البريطانية لا شك أنه خط عسكري ممتاز.
وبصدد الحجج السياسية، فقد ذكرت اللجنة أن الكثير من الشهود ذكروا أسباب تفضيلهم الانضمام للعراق بقولهم أن النظام والأم في العراق في عام 1925م أعظم مما كان عليه تحت الحكم التركي، وأن التربية والتعليم أفضل تقدماً. واختتمت اللجنة تقريرها بالتأكيد على حق العراق بأن تكون له حدود تسمح له بالبقاء السياسي والاقتصادي لاسيما وأن تركيا قد أعلنت مراراً أنها ترغب في ترك العرب يقررون مصيرهم السياسي( ).
الأول: أن تبقى هذه الأراضي تحت الانتداب الفعال لمدة خمسة وعشرين عاماً.
والثاني: أن تؤخذ بنظر الاعتبار رغبات الأكراد، وبتعيين موظفين أكراد في المحاكم والمدارس وبأن تكون اللغة الكردية اللغة الرسمية( ).
وبختام لجنة التقصي أعمالها في العراق، أوضح المندوب السامي اليبريطاني في بغداد (هنري دوبسن) رأيه بالتسوية المحتملة بكتاب رسمي إلى رئيس الوزراء العراقي، مؤكداً له أنه إذا كان قرار مجلس العصبة يقضي بتحويل أراضي من إدارة إلى أخرى، فالنتيجة ستكون بلا شك وقوع قلاقل محلية خطيرة. فإذا ما حولت المنطقة التي يدعي بها العراق والواقعة (شمال خط بروكسل) من تركيا فهذه القلاقل ستكون عديمة الأهمية تماماً، ولكن إذا حولت المنطقة التي في شمال الزاب الصغير من العراق إلى تركيا، فالقلاقل تكون خطيرة جداً. ومع هذا فالحكومة البريطانية لا تلح على ضم الأراضي التي في (شمال خط بروكسل) إلى العراق حالاً. وإذا تأكدت من إمكانية إسكان الآثوريين، في جنوب خط بروكسل، فمن المحتمل أن تتخلى عن دعواها في جبال حكاري، إلا أن المعلومات المتوفرة تشكك في إمكانية إسكان الآثوريين كما ينبغي في جنوب خط بروكسل.
ومن أجل ذلك فإن من الأوفق أن تقوم لجنة نهائية لتخطيط الحدود الحقيقية التي ستقررها العصبة، وأنه يجب على هذه اللجنة أن تفحص وتقرر التعديلات الضرورية في خط بروكسل، لإيجاد المكان المناسب لإسكان الآثوريين داخال العراق، وبذلك فإن الخط المعدل على هذه الصورة لن يمر في شمال أقصى الخط الذي تطلبه الحكومة البريطانية للعراق، أعنى الخط الذي يمر في جنوب (جولا مارك) تماماً( ).
ورغم وجاهة المقترح البريطاني، فإن اللجنة الخاصة بتحديد الحدود رفضت هذا المقترح بتعديل خط بروكسل.
في 4 آب عام 1922، أبلغت دار الاعتماد البريطاني في بغداد الحكومة العراقية أن تقرير لجنة تخطيط الحدود قد بلغ إلى الحكومة البريطانية والتركية، وأنه سوف يعلن بموافقة الحكومتين، وأنه سيناقش من قبل مجلس العموم البريطاني، قبل طرحه أمام مجلس العصبة، وتوقعت (دار الاعتماد البريطاني) إحالة تقرير اللجنة إلى البرلمان العراقي لمناقشته( ).
وفي 16 كانون الأول عام 1925، اتخذ مجلس عصبة الأمم قراراً بالإجماع بشأن تحديد الحدود العراقية التركية حيث أوصى:
1. تكون الحدود بين العراق وتركيا على الصورة التالية (هنا يبدأ بوصف جغرافي لخط بروكسل كما ورد في قرار المجلس المتخذ في 29 تشرين الأول عام 1924).
2. يدعو المجلس الحكومة البريطانية إلى أن تعرض عليه (معاهدة جديدة) مع العراق تتضمن امتداد نظام الانتداب لمدة خمسة وعشرين عاماً، كما هو مبين في معاهدة التحالف بين بريطانيا والعراق التي صدقها المجلس في 27 أيلول عام 1924، ما لم يدخل العراق قبل انقضاء هذه المدة عضواً في عصبة الأمم، بموجب المادة الأولى من ميثاق العصبة. إذ في خلال ستة أشهر من تاريخ هذا القرار، إذا بلغ المجلس بتنفيذ الشرط المذكور أعلاه، فسيعلن المجلس حينئذ أن قراره هذا أصبح قطعياً، وسيبين التدابير اللازم اتخاذها لتأمين تحديد خط الحدود السابق ووصفه على الأرض.
3. تدعى الحكومة البريطانية بصفتها الدولة المنتدبة إلى أن تعرض على المجلس التدابير التي ستتخذ من أجل تؤمن للأكراد من أهالي العراق التعهدات المتعلقة بالإدارة المحلية التي أوصت بها لجنة التحقيق في استنتاجها الأخير.
4. تدعى الحكومة البريطانية، بصفتها الدولة المنتدبة، إلى أن تعمل قدر الإمكان وفقاً للاقتراحات الأخرى التي أوصت بها لجنة التحقيق، بشأن التدابير التي يحتمل أن تؤمن السلام وتحمي جميع العناصر بصورة متساوية( ).
تعهدت الحكمة البريطانية بعقد المعاهدة المنوه عنها مع العراق، وتقديمها بأقرب وقت إلى عصبة الأمم( ).
ومن جانبها، فإن الحكومة العراقية أعربت عن سرورها من القرار، الذي اتخذه مجلس عصبة الأمم، والذي قوبل من الشعب العراقي بمزيد من الاستحسان، وأبدت شكرها للحكومة البريطانية للمساهمة التي بذلتها في سبيل المحافظة على حقوق العراق الحيوية، وأبدت استعدادها للبدء بالمفاوضات من أجل (عقد معاهدة جديدة) مع بريطانيا( ).
كما قدم رئيس الوزراء العراقي شكره لعصبة الأمم للقرار العادل الذي اتخذه المجلس في مسألة الحدود بين العراق وتركيا( ).
ومن أجل التوصل إلى اتفاقية جديدة مع الأتراك، فقد تم تعيين (نوري سعيد باشا) ممثلاً لحكومة العراق في مفاوضات أنقرة، كما زار سفير بريطانيا المفوض في القسطنطينية، (أرونلد لندسي) أنقرة، وقابل رئيس الوزراء التركي، بحضور وزير الخارجية التركي (توفيق رشيد بيك). وخلال اللقاء أكد (آرونلد لندسي) أن هدف من الزيارة هو أن يقف على ما يمكن إجراؤه من تسوية ليكون الموقف الناتج من حكم جمعية عصبة الأمم أقرب إلى قبول الحكومة التركية، وأنه لهذا الغرض يود أن يطلع على الأسباب التي حملت تركيا على مطالبتها بأراضي ولاية الموصل. وقد ردّ وزير الخارجية التركية أن ضم أعداد كبيرة من الأكراد تحت سلطة دولة عربية سوف يؤدي دائماً إلى اختلال الحالة على الحدود، على أمل إثارة خواطر أكراد تركيا للعطف عليهم. وأردف ذلك بأن تركيا لا تريد ضم العرب لدولة تركيا، وأن تركيا ليست عدوة للعراق، ولا ترغب في استرداد الأراضي التي خسرتها وأن الأتراك يتعاطفون من وحدة العرب القومية( ).
وبمواصلة المفاوضات في أنقرة، توصل المفاوضون إلى عقد اتفاقية وقعت في 5 حزيران عام 1926 وقد نصت على ما يأتي:
1-    المادة الأولى: تقرر الحدود بين تركيا والعراق كما يأتي: مشروع خط الحدود من نقطة يتم تعيينها، واقعة عند خمسين كيلو متراً جنوب جزيرة ابن عمر وخمسة وعشرين كيلو متراً غرب (دجلة)، ويسير من هنا 20 كيلو متراً غرباً من (تلعفر)، ويصل إلى (دجلة جنوب القيارة) بعشرة كيلومترات، ويتبع من هناك مجرى النهر إلى نقطة التقائه بنهر الزاب الأصغر، وتسير الحدود من هناك إلى نهر ديالى على خط يترك وراءه جبل بشتكوه وقرى تكلاوتازاكرماتو وجمبلة وكوران كاله في البلاد التركية وحتى حدود فارس.
2-    المادة الثانية: تتعهد حكومة تركيا بالاعتراف بسلامة البلاد العراقية من التجزئة وتعلن للملأ أنها لا تطلب بالأراضي الباقية جنوب خط الحدود الذي يرسم بموجب هذه الاتفاقية( ).
3-    المادة الثالثة: يعهد إلى (لجنة كوسيوز) تخطيط الحدود المبينة في المادة الأولى على الأرض. وتؤلف هذه اللجنة من ممثلين أثنين تختارهما الحكومة التركية وممثلين أثنين تختارهما الحكومة البريطانية والحكومة العراقية بالاشتراك معاً، ورئيس يختاره مجلس عصبة الأمم من رعايا أحد الدول الأخرى، وتجتمع هذه اللجنة بأقرب ما يمكن وعلى كل حال خلال الستة أشهر التي تلي وضع هذه المعاهدة موضع التنفيذ، وتتخذ قرارات هذه اللجنة بأكثر الآراءن ويتحتم إمتثالها من كل من الفرقاء الساميين المتعاقدين( ).
4-    ونصت المادة الرابعة: على أن جنسية سكان الأراضي التي أعطيت للعراق، تنظم بالمواد (30) و(36) من (معاهدة لوزان)، ويمكن استعمال حق الخيار لمدة أثني عشر شهراً ابتداء من دخول هذه المعاهدة طور التنفيذ، ولكن تحتفظ تركيا بحرية العمل في الاعتراف باختيار السكان الذين يختارون الجنسية التركية( ).
5-    وتضمنت المادة الرابعة عشر: أنه ومن أجل توسيع المصالح المشتركة بين البلدين، فإن حكومة العراق تدفع إلى الحكومة التركية، خلال خمسة وعشرين عاماً اعتباراً من دخول المعاهدة حيز التنفيذ، 10% من عائداتها من:
أ. الشركة التركية للبترول بموجب البند العاشر من الاتفاق الموقع في 14 آذار عام 1925.
ب. الشركة أو الأشخاص الذين قد يشتغلون عملاً بأحكام المادة السادسة من الامتياز المذكور.
ج. الشركة الفرعية، التي قد تؤلف عملاً بأحكام المادة الثالثة والثلاثون من الامتياز نفسه. وسلم المندوب البريطاني والعراقي مذكرة إلى وزير الخارجية التركي، اعتبرت جزءاً منهما من المعاهدة يشيران فيها إلى المادة الرابعة عشر من المعاهدة، أنه إذا رغبت الحكومة التركية خلال أثنى عشر شهراً من بدء تنفيذ المعاهدة في تحويل حصتها من العائدات فستدفع الحكومـــــة العراقية في خلال ثلاثين يوماً من تلقيها الإعـــلام مبلغ خمسمائة ألف جنيــه إسترلينـــي( ).

أما بشأن الموقف البريطاني، فقد اتبع المسؤولون البريطانيون أسلوباً ميكافيلياً في استغلال قضية ولاية الموصل وتحقيق الأهداف التي سعوا إليها بإقامة علاقات غير متوازية في الدولة العراقية الجديدة.
كان الملك فيصل الأول يعلم تمام العلم مسؤوليات الحكومة البريطانية إزاء العصبة كدولة منتدبة، وكان مستعداً لمفاوضتها (لعقد معاهدة تحل محل صك الانتداب) وعلى هذا الأساس وافقت الحكومة البريطانية على ترشيحه ملكاً على عرش العراق. وكان هذا واجب الوزارة الأولى التي شكلها عبد الرحمن النقيب في أن تفاوض الجانب البريطاني لعقد المعاهدة. ولكن ظهر من البداية أن الحكومة البريطانية قصدت من المعاهدة مجرد حلولها محل صك الانتداب مع تحقيق مكاسب للجانب البريطاني بإجراء تخفيض نفقات الاحتلال، بينما رغب العراقيون في أن تكون تعاقداً بين فريقين مستقلين وإلغاء الانتداب على العراق الذي اعتبر استعماراً مقنعاً.
وفي الثلاثين من أيلول عام 1922، ألف عبد الرحمن النقيب وزارته الثالثة لتوقيع المعاهدة العراقية - البريطانية وارتأى على أن يصادق عليها المجلس التأسيسي بعد انتخابه.
وفي الثالث عشر من تشرين الأول عام 1922م نشرت المعاهدة مع بيان من الملك فيصل الأول في بغداد وبيان آخر من (ونستن شرشل) وزير المستعمرات في لندن جاء فيه: "لقد خولتني الحكومة البريطانية أن أذيع البيان التالي، بمناسبة إمضاء المعاهدة التي نشر نصها اليوم": "أن الحكومة البريطانية تشعر بالتزاماتها العميقة تجاه العراق مقتنعة بأن هذه الالتزامات ستنجز بواسطة معاهدة التحالف التي وقعت بالنيابة عن صاحب الجلالة البريطاني وصاحب الجلالة ملك العراق وستقوم الحكومة البريطانية بكل ما هو في طاقتها لتحديد حدود العراق لكي يستطيع العراق حين إبرام المعاهدة وملحقاتها وسن الدستور أن يقدم طلباً لقبوله كعضو في عصبة الأمم والحكومة البريطانية تنظر في هذا الطلب حالماً تسوى الحدود مع تركيا وتؤلف حكومة مستقرة وفقاً للدستور وستعمل وساطتها لهذه الغاية بشرط أن يتم ذلك وفقاً للمادة السادسة من المعاهدة". وهي في رأي الحكومة البريطانية الوسيلة الوحيدة لإنهاء الانتداب إنهاء قانونياً( ).
كان للسياسة البريطانية أساليبها الخاصة في الوصول إلى غايتها الاستعمارية. فقد شعر المسؤولون البريطانيين بعد إكراههم وضغطهم على وزارة عبد الرحمن النقيب الثالثة على التوقيع على المعاهدة المذكورة، أن العراقيين أخذوا يناصبون تلك الوزارة العداء، كما أدركوا أن العراقيين مجمعون على جعل الانتخابات للمجلس التأسيسي الذي يجب أن يتولى إبرام المعاهدة بعيدة عن التأثير الحكومي، يفوز فيها أكثر الرجال وطنية وأكثرهم حماساً، بحيث شكوا في إمكان إبرامها من قبل المجلس التأسيسي.
من جهة أخرى، فإن (مؤتمر لوزان) الذي افتتح جلساته في تشرين الثاني عام 1922 كان قد جابه مشكلة من أعقد المشاكل وأصعبها حلاً هي "مشكلة ولاية الموصل" التي احتلتها القوات البريطانية عسكرياً، بعد إعلان (هدنة مدروس) في الثلاثين من تشرين الأول 1918، حيث طالب بها الأتراك بينما تمسك بها البريطانيون كجزء من الأراضي العراقية.
وأمام اختلاف وجهات نظر الطرفين، طلب المندوب البريطاني إحالة القضية إلى مجلس العصبة لإيجاد حل يقرر المصير ويرضي الطرفين.
وكانت وزارة لويد جورج  (الائتلافية) قد سقطت في الثالث والعشرين من تشرين الأول عام 1922، وأسفرت الانتخابات عن فوز المحافظين وتأليف (بونار لو) الوزارة البريطانية الجديدة في وقت سعت فيه الصحف البريطانية بتدبير حملة صحفية تشير فيها إلى جلاء القوات البريطانية عن العراق بحجة التخلص من النفقات البريطانية في المشرق العربي.
وبذلك فقد أجريت انتخابات المجلس التأسيسي العراق على أساس إيهام الشعب العراقي بقرب جلاء القوات البريطانية.
وفي الوقت نفسه، أعلنت الوزارة البريطانية الجديدة بوصول تقارير "دار الاعتماد البريطانية" في العراق إلى وزارة المستعمرات أشارت إلى حراجة الموقف في العراق وتذمر العراقيين من استمرار السيطرة البريطانية، فتألفت في لندن لجنة وزارية في كانون الأول عام 1924 لدراسة المشكلة العراقية، واستدعت المعتمد السامي في العراق ليدلي بآرائه واقتراحاته أمام هذه اللجنة. فسافر (السير برسي كوكس) إلى لندن في التاسع عشر من كانون الثاني عام 1923، وبعد مذكرات لم يطل أمدها، أكدت اللجنة ضرورة تأمين المصالح البريطانية في العراق عن طريق إحلال الانتداب بصيغة المعاهدة وتحديد مدته وحمل العراقيين على قبوله، فادعت أن الضرورة تقتضي بعدم جلاء القوات البريطانية عن العراق ما لم يبت في مشكلة الحدود بينه وبين تركيا وأن دافع الضريبة البريطاني لا يستطيع أن يستمر فيتحمل النفقات، لذا فإن اللجنة تقترح خفض مدة المعاهدة من عشرين سنة على أربع سنوات تبدأ من تاريخ المصادقة على معاهدة تحديد الحدود مع تركيا. مما ساعد على تخفيف حدة الاستياء من جراء ثقل بنود المعاهدة وطول أمدها حتى إذا قبلها المجلس التأسيسي، عادت الحكومة البريطانية إلى المجلس تمديد اجل الانتداب لمدة خمسة وعشرون عاماً متخذة من الخلاف حول ولاية الموصل سبباً مسوغاً لهذه الخطوة.

 
* الخلاصة
بصدور قرار مجلس عصبة الأمم، الذي اتخذ بالاجتماع في 16 كانون الأول عام 1925، والذي قضى بترسيم الحدود العراقية التركية، وجعل (خط بروكسل) خطاً فاصلاً بين العراق وتركيا، فإن ولاية الموصل وباعتراف المجتمع الدولي المتمثل بعصبة الأمم، ظلت ولاية الموصل عراقية. أن إصرار المندوب التركي (عصمت باشا اينونو) بضم ولاية الموصل إلى تركيا خلال المفاوضات التي جرت في (لوزان والقسطنطينية وأنقرة)، لم يكن في حقيقة الأمر إلا وسيلة لتحقيق أهداف تركية، رسمت بعناية، واستطاع في نهاية المطاف حمل الأطراف الأخرى على المفاوضة، على أمل الاعتراف بها وتتمثل هذه الأهداف:
1. الهاجس الأمني التركي، واستقرار الأوضاع على الحدود الجنوبية لتركيا.
2. تحقيق منافع لتركيا في نفط ولاية الموصل.
وبصدد الهاجس الأمني فقط أكدّ وزير الخارجية التركي (توفيق رشدي بيك)، خلال لقائه في أنقرة بالسفير البريطاني المفوض في القسطنطينية (آرونلد لندسي)، قلق الحالة على الحدود الجنوبية لتركيا، مما يحمل أكراد تركيا على التعاطف معهم لذلك ألتزمت الحكومة البريطانية بصفتها الدولة المنتدبة بموجب المادة الثالثة، من قرار مجلس عصبة الأمم، الصادر في 16 كانون الأول عام 1925م، بأن تؤمن للأكراد من أهالي العراق التعهدات المتعلقة بالإدارة المحلية كما نصت المادة الرابعة إلزام الدولة المنتدبة أن تؤمن السلام (على الحدود) وتحمي جميع العناصر بصورة متساوية.
ومن أجل تحقيق الهدف الثاني، فقد اعتبرت تركيا خلال مفاوضات (لوزان ولندن) بصدد البترول أن يكون الاتفاق النفطي الذي يحفظ لتركيا منافع في نفط ولاية الموصل، أساساً لضم ولاية الموصل إلى العراق، حيث نصت المادة الرابعة عشرة من المعاهدة العراقية التركية الموقعة في 5 حزيران عام 1926م على أن تدفع الحكومة العراقية إلى الحكومة التركية، خلال خمسة وعشرين عاماً اعتباراً من دخول المعاهدة حيز التنفيذ، 10% من عائداتها النفطية من آبار ولاية الموصل.


الفريق الركن الدكتور
عبد العزيز عبد الرحمن المفتي

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة

http://www.algardenia.com/maqalat/15281-2015-03-04-09-50-44.html

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1109 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع