بالأمس إعترف القيادي في ما تبقى من إئتلاف العراقية الدكتور جمال الكيلاني بعدم إمكانية عقد مؤتمر وطني للقوى السياسية(1).
كان الرجل صريحاُ جداً وتمنيتُ لو حذا حذوه الآخرون من رفاقه، وتنبَّهَ اللاغطون من بعض الكتاب الفاشلين إلى المخاطر التي تحيط بمسيرة العراق نحو الديمقراطية. أدرجَ الدكتور الكيلاني سببين للحيلولة دون عقد هكذا مؤتمر وإنهاء الأزمة. وهما وبكلماته هو:
أولاً: " نحن في القائمة العراقية غير مطمئنين من ان نصل الى حل لهذه الأزمة مادام هناك دول تتدخل في العراق "،
ثانياً: ضرورة " تدارك الأوضاع في سورية وان يحاولوا قدر الامكان حل المشكلة السورية قبل المشاكل في العراق ".
لا أجد حاجة إلى التوسع في مناقشة هذين الطرحين لسببين:
1- وضوحهما، فإقامة المدان طارق الهاشمي في تركيا "مرفرفاً" بين السعودية وقطر تلقي الضوء على التدخل الأجنبي،
2- كنتُ قد ناقشتهما مرتين في مقالين منفصلين أحدهما بعنوان: "إعتراف صريح بالإصرار على إدامة الأزمة" والآخر بعنوان: "من يتحمل مسؤولية إدامة الأزمة؟"
اليوم يأتي قيادي آخر ومنظِّر مهم في إئتلاف العراقية ليؤكد ويستكمل رأي الدكتور الكيلاني ويطرح ما هو أخطر بكثير. فقد نقلت الفضائيات عن القيادي الدكتور طلال الزوبعي أفكاراً "ثورية" كالتالي:
1- بتأريخ 19/9/2012 وفي ندوة نقاش في فضائية "العراقية" بعنوان: "عودة السيد الطالباني وإحتمال التفاهم"، ضمت الدكتور طلال الزوبعي والدكتور عادل مراد، عضو المكتب السياسي ل"الإتحاد الوطني الكردستاني"، والسيد عبد الحسين عبطان، نائب عن كتلة "مواطنون"، قال الدكتورالزوبعي:
"النظام السياسي العراقي قائم على مشكلة، يجب إعادة هيكلة النظام السياسي".
أعتقد أن "المشكلة" التي قصدها الدكتور الزوبعي قد شخَّصها وأجاب عليها الدكتور عادل مراد أثناء حديثه، بكل عمق وشجاعة ومسؤولية ووضوح، إذ قال:
"هناك كتلتان في العراق: فهناك كتلة تريد العراق الديمقراطي الفيدرالي، وهناك من لا يريد ذلك. هذه هي المشكلة الحقيقية؛ ويجب عدم التعويل على الكلام والإنشاء والترقيع. مثلاً: الإرهاب، مَنْ معه ويتناغم معه؟"
2- نقلت فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 4/11/2012 عن الدكتور طلال الزوبعي ما يلي:
"على الجمهور ألا ينتظر أي شيء من المؤتمر الوطني لأن الوضع ليس بحاجة إلى إصلاحات بل إلى تغيير جذري، بين قوسين ثورة".
لم يوضح الدكتور طلال سبب عدم تعويله على صناديق الإقتراع بدل الثورة التي لم يوضح، أيضاً، فيما إذا يريدها مسلحة أم سلمية على غرار الثورة السورية!
ألم أكن على حق عندما دأبتُ على القول أن أس المشكلة العراقية أو ما تسمى بالأزمة تكمن في إصرار الطغمويين(2) على إستعادة حكمهم الطغموي الطبقي بأية وسيلة كانت؟
هل أن القذائف الثقيلة لإئتلاف العراقية بدأت بالإنهمار على العراق، الطامح إلى الديمقراطية الفيدرالية، عندما تراءى لقادة ذلك الإئتلاف أن ساعة "الفرج" قد إقتربت عندما بدا أن السيد (ميت رومني) كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية بناءً على إستطلاعات الراي العام التي أظهرت أن المرشحَين قريبان من بعضهما مع تفوق طفيف للحاكم رومني على الرئيس أوباما في بعض الأحيان(3)؟ هل تناغم الإرهاب داخل العراق وجَمَعَ فلوله ليضرب، وهو لاهثٌ، بهدف تزويد السيد رومني بما يؤكد إنتقادَه الرئيسَ أوباما بالقول إن "الرئيس قام بإنسحاب غير مسؤول من العراق لأن الديمقراطية العراقية مازالت هشة وأن الإرهاب قوي ويهددها!!"؟ (أي وبصريح العبارة، أراد السيد الحاكم رومني أن يقول: علينا الضغط للتدخل العسكري لمساعدة العراقيين وشركات نفطنا!!).
والم يكن الدكتور عادل مراد على حق عندما قال بأن جذر المشكلة تتجسد بأن هناك من لا يريد عراقاً ديمقراطياً فيدرالياً، ويتناغم مع الإرهاب؟
هل سينتبه إلى المخاطر المحدقة بديمقراطية العراق المرجوّة، التي لم ولن تتوفر للعراق فرصةٌ ممائلة أبداً، وهل سينتبه إلى المخاطر المحدقة بثرواته النفطية وبالتالي بسيادته، الغافلون عن خطورة الموقف واللاهون بمواضيع الطعن والتشهير والتسقيط وعلم الغيب والأحكام المسبقة والهروب نحو الأمام وبأمور أخرى لا مبرر لها(4)؟ لماذا لا يقولون كلمة الحق بخصوص إئتلاف العراقية ودور زعيمها التخريبي؟ هل هو الخوف من إرهابهم أم هي الإنتهازية السياسية؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): تصريح الدكتور الكيلاني منشور في موقع "عراق القانون" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21013
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): لسوء حظ إئتلاف العراقية فقد فاز السيد باراك أوباما على الحاكم ميت رومني بفارق كبير.
(4): من هو أوجب وأكثر إلحاحاً: الدفاع عن ديمقراطية العراق الفتية وثرواته وسيادته في وجه نشاطات الأعداء المتنوعة والمحمومة، أم محاولة عقد مؤتمر لموضوع عنوانه: "من أجل الدفاع عن حرية الأديان في العراق" في السليمانية وكأنّ الحرية الدينية مفتقدة في العراق خارج إقليم كردستان؟
لقد أعلمني الرفيق عزت إسطيفان (أبو يوسف) بالحقائق التالية :
أولاً: لأول مرة في تأريخ العراق يُقام نصب تذكاري للشيوعي والشخصية الوطنية والإجتماعية المسيحي توما توماس في مسقط رأسه مدينة (القوش)،
ثانياً: لأول مرة تنتخب مدينة (القوش) مدير ناحيتها وهو المسؤول الإداري الأعلى،
ثالثاً: لأول مرة ومنذ (1400) سنة يقام قداس في مدينة (الحيرة) قرب النجف؛ ومن ثم يلتقي زعماء الوفد، بضمنهم ممثل الفاتيكان في العراق، بآية الله العظمى السيد علي السيستاني الذي رحب بهم،
رابعاً: قدمت، قبل سنوات، شقيقته معاملة للعودة إلى الوظيفة في وزارة الري. قابلها الوزير (الصدري) بكل إحترام وكان على علم أنها من مدينة (القوش) المسيحية ومن عائلة شيوعية. رحب بها وإعتذر لها لعدم توفر الصلاحية لديه للتعيين الجديد أو إعادة التعيين؛ لكنه إقترح عليها تعيينها بأجور يومية وفي مدينة (تلكيف) القريبة من (القوش) ريثما تطلق صلاحيات التعيين،
خامساً: عند إشتداد الإرهاب الطائفي وهروب كثير من العوائل المسيحية وغير المسيحية من مناطق مختلفة في بغداد والعراق، كانت الوالدة والشقيقة تقطنان في مدينة الأمين الثانية الواقعة تحت حراسة جيش المهدي وقد شعرتا بالأمان التام هناك. كما أن العوائل المسلمة المحيطة بدارهن أبدت لهما الطيبة والألفة والمحبة،
سادساً: يشيد المسيحيون من أهالي البصرة بالعلاقات الطيبة التي تربط جميع أصحاب الديانات المتنوعة هناك،
سابعاً: لأول مرة في تأريخ العراق يعلن مواطنون مسلمون في الناصرية إنتمائهم للقومية الكلدانية،
ثامناً: الإرهاب طال جميع الطوائف العراقية.
إضافة إلى ذلك، أضيف ما يلي:
تاسعاً: طالما إمتدح الأخوة الصابئة المندائيون علاقاتهم الطيبة مع الأهالي في المناطق الجنوبية من العراق،
عاشراً: في أوج تصاعد الحرب الطائفية، صرح رجل دين مسيحي بأن السيد علي السيستاني قد أعلمهم بأن أبواب النجف مفتوحة لهم في حالة تعرضهم لأي أذى أو خطر.
حادي عشر: لم تشهد علاقات الأزيديين مع المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى المجاورين لهم أي توترات. وقد تعاطفوا معهم عندما تعرضوا للأعمال الإرهابية البشعة.
ثاني عاشر: مازال العراق يلاحق إسترجاع الآرشيف اليهودي العراقي الذي وضعت أمريكا اليد عليه ونقلته إلى هناك. إنه جزء من الذاكرة والتراث العراقيين،
ثالث عشر: يتعرض الشبك لهجمات إرهابية متلاحقة ولم تخصص لهم الحكومة حماية خاصة علماً أن الشبك "طائفيون" (لكونهم شيعة وهو معيار الطائفية لدى البعض!!) كما أن رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالوكالة هو "طائفي" أيضاً (لكونه شيعياً أيضاً!!) ويفترض فيه أن يهرع لحمايتهم كما يفترض البعض!
1168 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع