من طرائف أخبار العراق في نهاية عام ١٩٢٦

من طرائف أخبار العراق في نهاية عام 1926

كانت مجلة (لغة العرب) التي أصدرها الاب انستاس ماري الكرملي واستمرت تسع سنوات متفرقة الصدور، قد اعتادت ان تلحق كل عدد منها ببضع صفحات عن وقائع العراق في الشهر الفائت، وهي أخبار تجمع بين الطرافة والندرة، واليك ملتقطات من احداث العراق في الشهر الاخير من عام 1926:

ــ سحب مياه الامطار

بعد أمطار ٢١ ت٢ أوشكت المدينة على الغرق من تهطال الأمطار. فلقد أضحت الشوارع والأزقة جداول وبحيرات. أما الجادة الكبرى فلقد كانت نهرا حقيقيا بطولها وعرضها وعمقها فبعثت أمانة العاصمة بخنزيرة (بآلة رفع) ذات ست عقد لجر المياه وتسريبها إلى النهر واشتغلت طول الليل بل مدة ٩ ساعات إلى أن قذفتها في دجلة.ثم تابع موظفو الأمانة دفع المياه إلى دجلة في بقية الشوارع والمحلات.

وأما في الأيام التي سبقت وكانت في العقد الأول من الشهر أرسلت بمضخات الحريق لا للإطفاء، إذ لا نار هناك، بل لتنقل المياه والأوحال المتراكمة في الشارع الأعظم. وهذه المرة الأولى من حياتنا رأينا مضخات الإطفاء تتخذ لتنشيف الطرق وتنظيفها. فوزعت المضخات على الوجه الآتي:

المضخة الأولى للحريق لإزاحة المياه المتراكمة أمام وزارة الأوقاف وفندق مود.

لمضخة الثانية للحريق لإزاحة مياه الميدان وشارع السراي (أي دار الأمارة)

المضخة الثالثة مضخة يد لجر المياه المتراكمة في شارع المصبغة

المضخة الرابعة مضخة يد لجر المياه المتراكمة في شوارع الفضل

- ناجي باشا السويدي

انعم ذو السمو الملكي الأمير عبد الله صاحب شرقي الأردن على السري ناجي بك السويدي بلقب (باشا) في أواخر أيلول ثم سمح صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم فوافق على أن يستعمل صاحب المعالي ناجي باشا السويدي وزير العدلية رتبة (الباشوية الملكية) المذكورة؛ فنمحضه التهاني والتبريكات. ومما يجدر بتدوينه هو أن لقب (الباشا) تركي فجاد به أمير عربي على سري عربي عباسي المحتد ساكن ديارا عربية.

- تنوير الكرخ بالكهربية

تجّد أمانة العاصمة لإنارة الكرخ بالكهربية وقد نصبت العمد لحمل الأسلاك المتينة على طول شارع الجعيفر وباشرت أقامتها في كل من شارعي العلاوي وعلاوي الحلة وفي الطريق التي تصل علاوي الحلة بتمثال مود المعروفة ب (دربونة الدوب) فإذا تم ذلك يصبح طريق رأس الجسر القديم إلى محطة السكة الحديدية الغربية منارا بهذا الضوء البديع.

- تنوير شارع البريد

قررت أمانة العاصمة مد أسلاك الكهربائية لتنوير الشارع الذي يصل شارع السراي بالشارع الجديد مارا بدائرة البريد الأم والمدرسة الثانوية.

- درج متينة من المجمود (الكنكريت)

بنت أمانة العاصمة درجا في أسفل شريعة مدرسة الصنائع ذهبت بها إلى أعلاها واتخذتها من المجمود وكذلك فعلت على جانبي دجلة عند الجسر القديم.

- سيارة جديدة للإطفاء

وصلت سيارة جديدة للإطفاء في أوائل ت٢ وقد تسلمتها دائرة الإطفاء وهي كبيرة متينة جلبت من معامل (دنيس) وقوة محركها يعادل ٣٥ حصانا وقد كلفت أمانة العاصمة ثمانية عشر ألف ربية ونصبت في ٩ من الشهر المذكور وجربت فكانت من احسن ما جاء من جنسها.

- تعمير مرقد الشيخ أحمد الرفاعي

الشيخ أحمد الرفاعي مدفون في أرض (أم عبيدة) المجاورة لمركز لواء العمارة. وكان على هذا المرقد قبة يحيط بها جامع كبير وغرف لسكنى الزوار والخدم، وكان قد بنى الجامع والمرقد في المرة الأخيرة من ريع (الأملاك السنية) وكان ينفق على أثاثه من الريع المذكور قبل الحرب العظمى.

ولما أصبحت تلك الأراضي ميدانا للحرب وتقهقرت جيوش العثمانيين اغتنمت العشائر المجاورة الفرصة فنهبت المرقد وما فيه حتى الأبواب والنوافذ وبقي الجامع مهجورا ينعب فيه بوم الخراب ويتكوم فيه التراب الذي تسفيه الرياح.فقام السيد إبراهيم الراوي شيخ الطريقة الرفاعية في العراق وجمع من أرباب الدين والحمية مبلغا كافيا من النقود وشيد المرقد والجامع فأعاد إليهما رونقهما السابق.

- عطلة مدرسة العوينة

سرح طلبة مدرسة العوينة في بغداد في أوائل شهر ت٢ للمياه الآسنة التي أحاطت بها إذ صيرت تلك المدرسة جزيرة صغيرة في بحر نتن.

- الباخرة مجيدية

بينما كانت الباخرة مجيدية تصعد دجلة خارجة من البصرة طالبة بغداد اصطدمت ببقايا إحدى البواخر الثلاث التي غرقت في زمن الحرب الكبرى بالقرب من الشيخ سعد على بعد ٢٨ ميلا من جنوبي كوت الإمارة فخرقتها فدخل الماء إلى انبارها فلم يتمكن ربانها من تسييرها فأضطر فصل الجنيبتين (الدوبتين) عنها ومال بها إلى الشاطئ.وكان في بعض شحن الباخرة المذكورة سكر فتضرر جانب عظيم منه. وكانت تلك السفرة الثمانين بعد الثلثمائة من عهد إنشائها.

- الدكتور الشهبندر

قدم العاصمة زعيم الثورة السورية الدكتور عبد الرحمان الشهبندر في العقد الأول من شهر كانون الأول ومعه مظهر البكري وشاكر العاصي. وقدم إلينا أيضاً وفد سوري لجمع الإعانة لمنكوبي القطر الشامي. وفي الوفد حسن الحكيم ومحمد الشريقي وعبد اللطيف العسلي.وقد أقيمت لهم عدة حفلات اظهر فيها العراقيون ما لهم من الشواعر في مشاطرتهم إخوانهم مصائبهم وأحزانهم.

ــ دفء شتائنا ونتيجته

كان متوسط الحر في أيام كانون الأول يتردد بين ٨ درجات و٧ مئوية في السنين السابقة وأما في هذه السنة فكان يتردد بين ١٤ و١٦ درجة. وهذا الدفء مع كثرة الأمطار انتج الصحراء كلا بل السطوح المفروشة بالطاباق وهو أمر لم يشهد مثله شيوخ الحاضرة، ومن

غريب الأمر أن الخضراوات التي كانت تموت عند مقتبل برد الشتاء وهو المسمى (أبو جويريد) (أي البرد الذي يجرد الأشجار من أوراقها) لم يكن ذا أثر على الانبتة ولهذا فإننا نرى الخيار والباذنجان والبامياء واللوبياء والفاصولياء لم تنقطع إلى يومنا هذا إلاَّ أن هذا الدفء انقلب بردا قارسا في الأسبوع الأخير من الشهر.واغرب من هذا كله أن هذا الهواء المعتدل انتج بعض الغنم وفقس سرء الجراد في أنحاء خليج فارس كالكويت والزبير وما جاورهما.

- الولادات والوفيات في بغداد

بلغ مجموع الولادات في بغداد في شهر أيلول من هذه السنة ٢٩٤ منها ١٥١ ذكرا و١٤٣ أنثى.وبلغ عدد الوفيات في الأطفال في الشهر المذكور ٣٩٢ كان الذكور فيها ٢٠٨ والإناث ١٨٤.

- البلاط الجديد

أصيب البلاط الملكي بعد هجوم مياه دجلة عليه بأضرار عديدة حتى أصبحت السكنى فيه خطرة. وقد قدمت رئاسة الوزارة لائحة إلى مجلس النواب تتضمن صرف مبالغ لتعمير مدرسة الصنائع وإصلاحها لتتخذ بلاطا في زمن قريب ريثما يبنى بلاط جديد جدير بصاحب الجلالة. أما المدرسة فتنقل إلى محل واسع في محلة السنك.

- معمل غزل في الكاظمية

افتتح معمل غزل في الكاظمية في ٩ ك٢ في البستان الواقع في قرب جسر الاعظمية. والمعمل لفتاح باشا وقد شرف الحفلة جلالة مولانا الملك فيصل الأول والوزراء وكثير من الأعيان والنواب وأمراء الجيش. وكانت الحفلة بديعة في جنسها.

مجلة لغة العرب في 1كانون الثاني 1927.

إعداد: ذاكرة عراقية

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

704 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع