بغداديات / مرطبات وحلويات من القرن الماضي ..

  

  بغداديات / مرطبات وحلويات من القرن الماضي

 

     

       


في مقال سابق قد تطرقنا الى موضوع الحلويات والمشروبات الغازيه ايام زمان وكيف كانت تصنع وتوزع واصنافها وانواعها واليوم نعيد بعض منها للاخوه الشباب الذين لم يألفوا حتى اسمائها اضافة الى عدم معرفتها لكي لايغادرنا التراث دون ان تكون منه حصه لشبابنا واولادنا واحفادنا ..

كانت الدول في مطلع القرن العشرين محدودة التواصل فيما بينها لاسباب عديده واهمها محدودية وسائط النقل وعدم تيسر الطرق والامكانيات الشحيحه وتقوقع المجتمعات على نفسها ولذلك كنا نرى ذلك حتى على مستوى المحلات والمناطق وهذا اثر كثيرا من ناحية التعرف على ما لدى الاخرين وحفز المجتمعات على انتاج ما تحتاج من ناحيه اخرى ولذلك نرى تنوع في انتاج الحلويات والمشروبات ولكنها متقاربه في المدن مثل بغداد ولكي نتعرف على هذه الانواع نعود الى كتاب المؤرخ المرحوم عباس البغدادي الموسوم ( بغداد في العشرينات ) والذي تطرق فيه الى الانواع التي كانت سائده ومعظمها من توريد بريطاني بعد الاحتلال ومنها ما كان موجود من الدوله التركيه .

                

الصودا والنامليت

في العشرينات لم تكن تعرف من المرطبات غير (الصودا والنامليت) حيث ينتجها معمل (عبد علي الهندي) في منطقة الكرخ آخر (محلة الفحامة) في جهة الشيخ معروف، وكان (النامليت) ويسمى ايضا بالسيفون يلون ويطعم إما بالطعم واللون الازبري واما بالطعم او اللون البرتقالي أو الابيض، وكانت قنينة الصودا والنامليت تغلق فتحتها (دعبلة) وهي عباره عن كرة زجاجيه صغيره تؤمن اغلاق فتحة القنينه وعلى الشارب أن يضغط عليها باصبعه لتدخل وتفتح الفوهة ليسهل شربها، وكثيراً ما كانت القنينة تنكسر وتجرح اليد حين يكثر ضغط الهواء عند دفع هذه الكره الى داخل القنينه، ولم تكن هذه المرطبات مبردة.

     

فقد كان الثلج نادراً ولا يباع الا في شهر رمضان للترويح عن الصائمين، وفي نهاية العشرينات زاد انتاج الثلج وبدأ التبريد بوضع قطعة من الثلج في كؤوس النامليت او الشربت أو اللبن (الشنينة)، وبدأ صنع صناديق الثلج الخشبية في بغداد، وفي اواسط العشرينات ظهر في الاسواق شراب النامليت (السيفون) كما ذكرنا .. ففي منطقة الشورجة مقابل (جامع مرجان) فتح اول دكان لبيع الصودا والسيفون، ومن انواع السيفون هو (الخنجر) الذي يشبه طعم الدارسين.
ثم استبدلت الكره الزجاجيه ( الدعبله ) كغطاء للقناني بغطاء معدني وهو ما سمي بالسيفون وكان مغطى بالفلين من الداخل ويوضع بواسطة مكائن ضغط ويفتح بواسطة مفتاح خاص كان توزعه الشركه المصنعه الى البائعه مجانا اضافة الى بعض الكؤوس الزجاجيه كدعايه اعلانيه وصواني ومطافىء سكاير وغيرها ..

  

وانتشر هذا الاسلوب عندما دخلت اكبر شركتين امريكيتين الى العراق وهي شركة ( كوكا كولا ) ومن ثم شركة ( ببسي كولا ) واللتان كانتا بجوده عاليه ونكهه جديده وسعر اعلى من النامليت الذي لاكان سعره حتى مطلع الخمسينات ( 4 فلوس ) قياسا بالاخريات الحديثه بسعر ( 14 فلس ) ..
 

    

الدوندرمه
وكذلك انتاج الدوندرمة ( البوظه ) او (المثلجات ) تبعاً لتوفر الثلج، وقدور الدوندرمة تصنع في بغداد من الفافون او النحاس المطلي بالقصدير وهي كبيرة الحجم او حسب الطلب وتوضع داخل براميل خشبية كبيرة كانت تستورد فيها العنبة من الهند او مواد سائله اخرى ، ثم توضع قطع الثلج بين القدر المعدني وبين جدار البرميل مع اضافة كمية من الملح الى الثلج لزيادة صلابته والمحافظة على انجماده وعدم ذوبانه في درجة حرارة المحيط الخارجي .

     

وكانت الدوندرمة تصنع من عصير البرتقال أو البطيخ أو صبغة الازبري. اما دوندرمة الحليب فكان صنعها يحتاج الى (سحلب ونبهان) لمنحها المطاطية لذلك كانت تباع بسعر أعلى.
ومن أشهر صانعي الدوندرمة في الكرخ (الحاج زبالة) ودكانه في محلة الشيخ بشار و جواد الحلواني المشهور بـ (جواد الشكرجي) ثم انتقل ( الحاج زباله ) الى جانب الرصافة بجوار (قهوة حسن عجمي) وضرب به المثل فقيل (دوندرمة زبالة). اما الآخر فاسمه (كويح) ودكانه بجانب (جامع الشواف). وفي أواسط العشرينات وبعد قصف (دمشق) بالقنابل عام 1934. جاء الى بغداد صناع المرطبات ومنهم (عبدو الشامي) صانع الدوندرمة (البوضة الشامية) ودكانه في باب الآغا بجوار ( حمام كجو)..

   

العصائر والشربت
من اوائل الذين صنعوا العصير في بغداد هو الحاج زباله اضافة الى الدوندرمه وكان كما ذكرنا  محله في الكرخ ثم انتقل الى الرصافه وكان هناك اخرين ممن يبيعون العصير منهم  (الحجي خيرو) وهو حلبي مختص بصنع الشربت، وكان محله بجوار مدرسة (شماس) و(قهوة حسن عجمي) وهو أول من صنع وباع شربت اللوز في بغداد.

  

اما شربت الزبيب فكان احسنه يباع في نهاية سوق السراي قرب المحاكم. وكنا نرى اكياس الماعز معلقة من السقوف يقطر منها عصير الزبيب الذي يباع مع الهريس والجبن الكردي لمن لم يتناول فطوره الصباحي في في بيته. وهناك ايضا شربت النعناع او شربت المشمش والقمر دين او الاسكنجبيل او عصير القداح او عصير الرمان ..

  
 
اللبن والشاي والدارسين
اما كاسات اللبن (الروبة) فكانت تباع في دكاكين الارمن في شارع باب الشيخ، كما تباع احسن انواع الباسطرمة والسجق، وفي الشتاء كان المتجولون يبيعون الشاي والدارسين على الماشي.

          

اما الدوندرمة (ام العودة ) فجاءت متأخرة واول من انزلها الى السوق شركة (لاكي ستيك ).
اما دوندرمة العلب الفنية المستوردة فقد وصلت في نهاية الثلاثينات فكانت تباع في محلات (اورزدي باك ) و(حسو اخوان) فكانت الواحدة منها تباع  بحدود خمسين فلسا وكذلك عصير البرتقال او الماء الابيض العادي المخلوط بماء الورد.

        

اما بالنسبة للحلويات وهي نوعان:

نوع يصنع في البيوت لافراد الاسرة واشهرها واسهلها هو (المحلبي) ثم (الحلاوة الطحينية) و(حلاوة التمر والجوز) وتعمل اما من التمر الاشرسي الذي يدق بالهاون او الجاون وتسمى (مدكوكة) و (الزردة والحليب) التي تصنع بالمناسبات الدينيه و(السمسمية بالدبس) وقد يصنع جوز الهند بالسكر على شكل كرات صغيرة،و حلويات (خاتم خوبكي) أي صرة الخاتم، وهي عجينة مدورة تغلى بالدهن ثم توضع بالسكر المذاب (الشيرة) وقد توضع فوقها قطعة من القيمر ثم تعمل العجينة بشكل مستطيل وتسمى (بامية شكر) وتباع في المدارس الابتدائية، وأشهر محلات صنعها في (سوق الميدان) وتعد الكليجة ام التمر أو الجوز نوعا من الحلويات.

  

وفي الثلاثينات بدأ عمل الكيك والكاتو. أما الحلويات المباعة في السوق فهي الزلابية والبقلاوة وشعر البنات وهي تباع كلها في شهر رمضان حيث تعد من لوازمه الضرورية وكان كثير من الناس يوصون على صواني البقلاوة الخاصة لتقديمها هدية عرس او لقدوم حاج او ختان ولد او وليمة.

                       

اما (البرمة والقطائف) فقد جاءت متأخرة بعد قدوم السوريين واللبنانيين الى العراق. اما في بغداد فقد اشتهر في صنع البقلاوة والزلابية الحاج (جواد الشكرجي) في محلة (الشيخ بشار)  بالكرخ والمشهور الثاني في صنع البقلاوة هو الحاج (حسين كنش) في منطقة العباخانة ثم الحاج (صادق الشكرجي) ثم نعوش في الاعظميه.

     

وكانت حلويات الاطفال في تلك الفتره تتكون من (الحامض حلو والكركري والعنبري( ويسمى العنبر ورد ) وبيض اللقلق وجقجقدر وجعب الغزال وملبس ابو الهيل والمصقول وظروك العصفور واصابع العروس واللوزينة والساهون والحلقوم بانواعه المكاويه والبالوته ولقمة القاضي  والمن السما) والاخير.. من السما اختصت بعمله معامل  في الشورجة وكانت تستورد من السما من ايران ثم تصفى في بغداد  اما (الساهو)) و(الحلقوم) و(المصقول) فقد استورد من (استانبول) بتركيا وهو من صنع الحاج (بكر) المشهور عالمياً، ثم جائت لاحقا الحلويات الاجنبيه  المشهورة المستوردة من اوربا مثل النستله والجكليت وانواع اخرى عديده ومنها المصاص الذي يحبه الاطفال   ..

عبد الكريم الحسيني

المصدر
بغداد في العشرينات    عباس البغدادي
مقالات متنوعه


    

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2178 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع