حضارة وادي دوكان الجزء الثاني
بعد قضاء دوكان تقع قرية خلكان، الواقعة على الطريق بين رانية ـ السليمانية، على مقربة من سد دوكان، الطريق ملفوف بين الجبال الشاهقة صعودا بعد السد، يمر ببحيرة دوكان ونهر اشكوي ومدينة خلكان، التي خرج منها العالم والمؤرخ، قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان هو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان يكنى "أبو العباس" مؤرخ وقاض وأديب يعد من اعلام مدينة دمشق، وهو صاحب كتاب وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان وهو أشهر كتب التراجم العربية، ومن أحسنها ضبطا وإحكاما.
ولد في العراق سنة 1211 م، وعاش واستقر في دمشق، واقام فيها وكانت حياته حتى وفاته في دمشق، ونبغ في الاحكام والفقه وأصول الدين وعلومه وعرف من اعلام دمشق وشيوخها فأولاه الملك الظاهر قضاء الشام، وعزل بعد عشر سنين. تولى التدريس في مدارس دمشق وكان من الأعلام، وتوفى ودفن في سفح جبل قاسيون بدمشق سنة 1282 م.
في هذه المدينة الصغيرة يقع جامع ابن خلكان الذي يحمل اسم القاضي، يلتف حول الجامع الباعة الجوالين وسكان المدينة يتبضعون بعض الحاجات من فوق عربات جوالة.
على مسافة عدة كيلومترات يقع جسر ازوب وقبل وصول الجسر هناك على الجهة اليسرى طريق يتجه نحو (جبل هيبت سلطان) ثم قضاء (كوسنجق واربيل).
جسر ازوب عبارة عن مجموعة انابيب مرصوفة بجانب بعضها وملبط فوقها، وعند هطول الامطار يرتفع الماء فوق الجسر، وقد شيد جسر جديد، يبعد حوالي كيلو متر عن الجسر الانبوبي.
يمتد سهل بتوين من قرية كردجان إلى قضاء رانية يحيطه من جهة الشرق بحيرة دوكان ومن الغرب مجموعة سلاسل جبلية تشتهر المنطقة بزراعة التبغ ومن حسن انواع التبوغ بذوره من فرجينيا مستوردة، ويتم تسليمة إلى دائرة انحصار التبغ لفحصة وتقيمه، يسعر بأسعار عالية، وكانت تسلم التبوغ إلى مصنع سجائر السليمانية. وهذا المصنع، بُني بين عامي 1956-1957 على مساحة 25 دونم من الأرض، وبدأ بالإنتاج عام 1961، وتعتبر سنوات الستينات أحسن انتاج لسجائر الجمهورية ثم أنتج سجائر صلاح الدين، وكان في العراق انواع من السجائر وتعتبر من أجود الانواع منها (غازي، لوكس، تركي، سومر. كثيرة أسماء السكائر)
في المنطقة كثيرة المواقع الاثرية قبل بناء سد دوكان وغرقت القرى بعد امتلاء البحيرة بالمياه، كان هناك مواقع ذات اهمية منها في قمة تل باسموسيان في حوض سد دوكان، كان معبدين من مطلع الالف الثاني قبل الميلاد في كل منهما نماذج من الفخار لمجسمات تمثل معابد صغيرة يحمل كل منها وعلاً جبليًا قوي الجسم، بارز العضلات بقرونه الحادة.
على الطريق نحو رانية نشاهد موقع شمشارة يقع في سبعة كيلو متر جنوب شرق قضاء رانية، ويرجع تاريخ إلى
(4000) عام، وكانت حدود رانية وپشدر قبل عهد الاشوريين، وتعتبر من أحد التلال التاريخية في كوردستان والتي تمتاز بوجود الكثير من ارشيف الكتابات اليدوية المسمارية، في عام (1957) تم التنقيب وتم العثور (150) لوحة طينيه مسماريه يرجع الى العهد الاشوري.
.وقد اشرف بهنام أبو الصوف العالم الآثاري على تنقيب في حوض دوكان قبل غرق المنطقة بالمياه، كانت هناك عشرات القرى التي رحلت الحكومة سكانها عام 1955 ، جاء ابو الصوف مع عدد أخر من الاثارين إلى منطقة الحوض في سهل بتوين، قاموا بمسح آثاري شامل للمواقع التي ستغمرها مياه الحوض بعد الانتهاء من تشييد السد، وقد أنجزا هذا المسح إما مشياً على الأقدام أو على ظهور الخيل وخلال أسبوعين تم إحصاء ما لا يقل عن أربعين موقعاً أثرياً معرضاً للغمر.
رانية محاط بالجبل (كيوة ره ش) ورانية عبارة عن قضاء واسع، ويعيش فيها عدد كبير من المواطنين ولها عدد من النواحي والقرى، ويرجع الى عصر (العثماني) ويرجع تأسيسها لعام 1789 ولديها عديد من المناطق السياحية مثل (ده ر بند، غابات رانية، كه ناو، ارياف وادشاوري، ارياف ئاكويان، بيتواتة، سه روجاوه، زيوى خوشناوتي) هذه المناطق لديها طبيعة خلابة ويلجأ الية السواح، ولديها ارض خصيبة لزراعة.
وسروجاوة التي تقع غرب قضاء رانية بمسافة (خمسة عشرة كيلو متر بين ناحيتي (حاجي آووا) و (شكارتة). وهي منطقة سياحية جميلة، ويوجد فيه سد حيث يأتي مصدر المياه من ينبوع، ويوجد فيه الكثير من مقاعد الجلوس والگبرة ويرتادها الناس يوميا من اجل التنزه. والگبره عبارة عن غرفة مسقفه من اغصان واوراق البلوط مع أعمدة خشبية يستغلها الزوار والسياح للراحة والمبيت عدة أيام.
بالقرب من رانية مضيق الذي يقع في شرق القضاء بمسافة ستة كيلو متر وهي منطقة سياحية جذابة نظرا لوجود نهر (زي بجوك) وجسر المضيق ويرتاده الناس من اجل السياحة.
هناك بركة مياه معدنيه تسمى قورگو تقع في شرق قضاء رانية ويبعد بمسافة خمسة كم هي واقعه على الطريق الرئيسي بين قضاء رانية وقلعة دزة وهي مياه كبريتيه يستعمل لعلاج الامراض الجلدية.
ثم وادي اكويان وشاوري يقع في قرب قضاء رانية بمسافة عشرة كيلو متر. وهي منطقة جبلية يقع بين عدة جبال عالية ويمتاز بوجود الكثير من والاشجار والمناظر الخلابة وتعتبر منطقة سياحية.
وغابات شرق رانية تبعد بمسافة واحد كيلو متر عن الشارع رئيسي الذي يربط رانية بقلعة درزة ويقع خلفها جبل (گيوه ره ش) حيث يعتبر مكان راحة لسكان المنطقة ويلجأ اليها كثير من المواطنين لوجود غابات وأشجار كثيرة، وتطل على بحيرة رانية التي تمتد بطولها لتصل إلى سد دوكان.
أما تلة ديمه التي تقع بمحاذاة قضاء رانية قرب محلة (قلات) وله تاريخ قديم تم العثور على العديد من الوثائق التاريخية ومعبد لعهد (وركا وحوري).
وسنكسر مركز ناحية ناودشت، وتقع القرية على رابية شامخة في العدوة اليسرى من نهر كارفين الذي يجري بجوار القرية ويصب في نهر الزاب الصغير، وتطل عليها قمة جبل اسوس، والرابية التي تقوم عليها سنكسر عقدة من عقد جبل كورك، هذه القرية انتقلت بعد ما غمرتها مياه بحيرة سد دوكان وزحفت القرية شمالا، اما اسمها مركب من كلمتين سنك الجبل أو الرابية وسر تعني الرأس.
في الطريق نحو قلعة بقع (وادي مزنان) ويعتبر من أحد الاماكن الأثرية والتاريخية ويتألف من مجموعة من المزارات القديمة حيث يمتاز طول البعض منها الى ستة أمتار ويقع الوادي في شمال ناحية سنكسر ببعد حوالي عشرة كيلومتر من مركز الناحية وشمال (قرية زوركان).
أصل تسمية (قلعة دزة) هناك روايتان تداولتا بين الاهالي واولهما ان المدينة اخذت اسمها من النهرين الذين يحيطان المدينة ليتحدا بعدئذ ليكونا نهر الزاب الاسفل ومن روافد دجلة الرئيسية، إذا ان كلمة (دزي تعني دو زي) تعني النهران وأسماهما (چومي وه ستا سليمان) و (چومه خركه) واضيفت القلعة اليها تيمنا بالقلعة التاريخية الموجودة فيها فتطورت المفردتين تلك بعدئذ لتكونا (قلعة دزة).
اما الرواية الثانية تدعي إلى انها استقت اسمها من القلعة ولفظة (دزة) وتعني اللص اي قلعة اللصوص ويستندون على هذه الاخيرة زاعمين ان لفظة (زي، النهر) غير شائعة الاستعمال في لهجة الپشدريين (پشدر اسم المنطقة التي تتوسطها قلعة دزة عاصمة لها) وكان قدامى السكان في يطلقونها على القلعة واغلب الظن ان القلعة التي تسبق مفردة دزي اضافة لاحقة اي ان المدينة كانت في العهود القديمة تحمل اسم (دز دزي) فقط وعموما هذه مسألة شائكة.
قلعة دزة هي المدينة التي انجبت (فقي احمدي دارشمانة) مؤسس العائلة البابانية التي انتقلت من هذه المنطقة لتسكن في (قلا چولان)، وثم شيدت لها أحدث مدينة في المنطقة وهي مدينة السليمانية عاصمة الامارة البابانية المعروفة، وعشيرتي (نورالديني وميراودلي) من العشائر المعروفة في المنطقة تمكنا من اخضاع منطقة پشدر والمناطق المحاذية الى سلطانهما .
وشن المدعو (حسني بيك) قائد احدى التشكيلات العسكرية العثمانية هجوما على المنطقة لتأديب المنطقة واخضاعها الى السلطان العثماني فتصدت العشائر لهذه القوات في موقع لازال يحمل اسم حسني (تل حسني) ودارت معارك طاحنة نفذت ذخيرة العشائر فيها واضطرت الى التقهقر والتراجع الى إيران.
في القضاء تباع بضاعة إيرانية وخاصة أدوات المطبخ من الكروم مع أنواع جيدة من السجاد الإيراني الجيد، ويوجد كافة أنواع السجائر. والمحلات تعرض أنواع مختلفة الملاعق والسكاكين وقطع الكروم المطعمة بخرز ازوق وكثيرة الحاجات المعروضة.
و(منتزه ما مند) الذي يقع في شمال شرق قضاء قلعة دزة بمسافة خمس كيلومترات وتحيطها الجبال من
اطرافها ويمتاز بوجود المياه الكثيرة الرائعة وحيث يرتادها الناس في فصل الصيف للسياحة وقضاء اوقات جميلة. وهناك على الطريق مزار يقع في قرية (داودية) يبعد حوالي اثنان كيلو متر عن حدود قضاء بشذر في، اتسم المزار بكثرة عدد زواره حيث المكان عبارة عن قبر لرجل صالحاً اعتداده المرضى لزيارته وبخاصة (مرضى العقم)، وأصبح مكان اهتمام وجذب المصابين بالعقم.
و (متنزه جولان) الذي يقع شمال قضاء (قلعة دزة) ويبعد عشرة كيلومترات، وهي منطقة جميلة ورائعة ويرتادها الناس في فصل الربيع وخصوصا في شهر نيسان وحزيران
وخلف الجبل القريب من القضاء تقع (ناحية هيرو)، يوجد منطقة اسمها (دوشان) ويبعد بمسافة تسعة وعشرين كيلومتر عن مركز الناحية وهي مناطقة سياحية ذات جمال ملفت للنظر ويمتاز بهوائها النقي ويوجد واحات وتحيطها الازهار والاشجار الكثيرة.
مدينة الإسكندر المفقودة في محافظة السليمانية في شمال العراق
يعتقد المختصون في المتحف البريطاني ان الإسكندر المقدوني أثناء دخوله إلى العراق ، قام بإنشاء مدينة ، موقعها يعرف اليوم باسم (قلتجا دارباند) ، وتقع على الطريق الذي سلكه الإسكندر لتكون معسكراً لجيشه أثناء توجهه إلى بابل ولغزو بلاد فارس عام 331 قبل الميلاد ، وهذا الموقع بالتحديد كان حلقة وصل بين موطنه وبلاد بابل وفارس ، فسكنها حوالي 3000 من قدامى المحاربين اثناء حملاته .
"قلتجا دارباند".. مدينة محصنة بها قلعة حربية وأسوار محصنة ذات قطاعات ومزارع كروم ومعاصر لصناعة النبيذ ، وهذا هو طراز المدن اليونانية ، وهذه المدينة لم يعرفها أحد حتى اكتشفت آثارها بواسطة علماء بريطانيون قبل أكثر من سنة ، وتقع دارباند على بعد ستة أميال (10 كم) جنوب شرق رانية في محافظة السليمانية في شمال العراق ، بجوار بحيرة دوكان
وتم اكتشفاها لأول مرة ، أثناء فحص صور بالقمر الصناعي التقطتها الولايات المتحدة في ستينات القرن الماضي عن طريق قمر صناعي تجسسي، وظلت هذه المعلومات سرية حتى رفعت عنها هذه الصفة عام 1996م ، وعلى الرغم من ذلك فقد كان من غير الممكن التنقيب عن المدينة قبل عام 2003 ، وأيضاً أثناء حرب عام 2003 ، لكن التحسن التدريجي في الأوضاع الأمنية ساعد المختصين من المتحف البريطاني على استكشاف الموقع ، وبدأ العمل في الموقع منذ عام 2016م ومن المتوقع ان يستمر إلى عام 2020م.
وللموضوع تكملة.
المصدر :
العراق في التاريخ.
للراغبين الأطلاع على الجزء الأول:
https://algardenia.com/2015-09-17-21-42-52/37532-2018-10-23-20-16-54.html
907 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع