(" الاخلاق والمنطق في البيئة الجامعية"، كتاب الفه الدكتور همام عبد الخالق والدكتور محمد العزاوي)
يُعرّف علم الأخلاق بأنه جملة المبادئ النظرية والقواعد العملية التي ينبغي على المرء اتباعها ليحيا وفق طبيعته.اساسه شرح الأسس النفسية والعقلية والفلسفية والعملية، وهكذا تستنتج أن علم الأخلاق يحاول أن يضع نظرياته الأخلاقية بالاستفادة من البحث العلمي ومعرفة الطبيعة الإنسانية وما تحمله من ميول عميقة وأصيلة.
يُعرّف المنطق بأنه العلم الذي يبحث في التفكير الإنساني، بحيث يُميز بين الأحكام
والعمليات الذهنية الصحيحة، والأحكام والعمليات الذهنية الفاسدة، هو دراسة مناهج الفكر وطرق الاستدلال السليم، اذا فالمنطق علم وفن في آن واحد، علم لأن له موضوع محدد وفن لأن له جانبه التطبيقي كبقية العلوم.
لقد شهد التعليم العالي والبحث العلمي خلال سنوات من بعد الاحتلال اخفاقا ثم تدهورا في مسيرته، حيث خضع للمحاصصة الطائفية، فدخل التعليم في صراعها وأصبح التعليم بدلا ان يكون دافعا ومؤشرا لتقدم البلد ساهم في تأخره، كما ظهرت جامعات وكليات ومعاهد افتقرت الى المعايير الاكاديمية والعلمية، اضافة الى استغلال بعض الابنية المدرسية، بدعم بعض الاحزاب لتخريج الطلبة ومنحهم شهادات عليا على الرغم من ضعف المناهج، مما ادى الى انخفاض المستوى العلمي للخريجين والكادر التدريسي الى حد سواء، يضاف سوء اختيار الإدارات الجامعية بفعل عدم وجود مواصفات واضحة للقيادة الجامعية، وفيها غابت أسس الاختيار السليم، وحضور المعايير الشخصية والمحسوبيات، وعدم دعم المواطنة وضياع حقوق الأنسان، وغياب فلسفة القوة ووالمنطق والاخلاق والقيمة المعرفية والاكاديمية، مما أدى الى خروج الجامعات العراقية من مؤسسات التصنيف العالمي او احتلال بعض من هذه الجامعات مراكز متدنية وفي ذيل القائمة من بين الجامعات العالمية، هذا هو حال الجامعات العراقية هذا اليوم مقارنة بما كان عليه عام 2002.
صدر حديثا عن دار الأيام كتاب "الاخلاق والمنطق في البيئة الجامعية" الفه الدكتور همام عبد الخالق، والدكتور محمد العزاوي.
هذا هو الكتاب الخامس ( وقبله كتابين وثقت تجربة العلم والتكنولوجيا بالعراق ) والكتب المشتركة للباحثين وثقت تجربة التعليم العالي في العراق، حيث خصص الكتاب الاول للجودة والاعتماد الاكاديمي، وخصص الثاني للإدارة الاستراتيجية للجامعات، وتناول الثالث استراتيجيات التعليم التقني، اما الرابع فخصص للجامعة المنتجة.
ماذا يقول المسئولان عن المنطق والأخلاق في البيئة الجامعية.
يوءكد الكتاب الخامس على ان الأخلاق الحميدة تنبع من عقل وقلب سليم، وهي تضبط علاقات الانسان بمجتمعه، وتدفعه لتبني كل ما هو مفيد، وتساهم في صياغة القوانين والأنظمة والضوابط التي تقيد حركة المجتمعات لتحقيق العدالة. وقد ورد في القران الكريم نصوص عديدة أكدت على ان الله سبحانه وتعالى أودع في الانسان قدرات وقوة عقلية تمكنه من تحمل الأمانة بإخلاص وتفان لخدمة الإنسانية جمعاء.
وتنطلق ممارسات الأخلاق في المؤسسة التعليمية من الأعراف والتقاليد الجامعية، التي تمثل الأصول المقبولة من قبل مجتمع الجامعة لصياغة حدود العلاقات بين مكوناتها. وتتمحور أخلاقيات عضو هيئة التدريس في امتلاكه لضمير يقظ، وأن مختلف أنواع الرقابة من القيادة العلمية في جامعته، أو من طلبته وزملاءه سوف لا ترقى إلى الرقابة الذاتية. لذلك يسعى أعضاء هيئة التدريس في الجامعات ليكونوا النموذج في السلوك والأخلاق. فهو العالم في مجال تخصصه وهو باحث عن الحقيقة العلمية بشكل دائم ساعياً لتطويرها في حقل تخصصه وتعزيز إمكاناته المهنية بكل الوسائل المتاحة اليه.
لقد تناول الكتاب نظريات المنطق وكيفية تبنيها لتطوير التخصصات العلمية في المؤسسة التعليمية وبشكل خاص تجربة الجامعات العراقية، كما ركز على أهمية دراسة المنطق في مختلف العلوم، والعلاقة بين المنطق والمعرفة والتفكير الانساني. وقداستعرضنا مجالات الاستفادة من كل تلك النظريات في إدارة النشاطات العلمية والتربوية في الجامعة العراقية.
لقد كشفت الدراسات التي قام بها باحثون عراقيون بعد عام 2003 أن المؤسسة الجامعية العراقية في الوقت الحاضر تفتقر لابسط مقومات الالتزام بالأخلاقيات الجامعية حيث أشرت أن المؤسسة الجامعية لا يتوفر لديها ميثاقاً اخلاقياً عاماً ومواثيق أخلاقية مهنية، فضلاً على عدم حرص المؤسسة على ضمان العدالة وعدم التمييز بين أعضاء هيئة التدريس، وإنها لا تراعي الأبعاد الأخلاقية في خدمة المجتمع، فضلاً عن ضعف التزام المؤسسة التعليمية بالمصداقية والنزاهة. لذلك فإن على المؤسسات التعليمية أن تعي دورها الأخلاقي في بناء علاقات إنسانية تسود الوسط الجامعي برمته، وأن توليه اهتماماً لا يقل عن اهتمامهابالقضايا العلمية والأكاديمية، والعمل على وضع ميثاق أخلاقي عام ومواثيق مهنية خاصة بالجامعات العراقية.
تعاملت الجامعات العراقية مع المنطق كعلم وفن واداة للتفكير الصحيح ساهم في تطبيق مدياته نخبة من العلماء الاجلاء، فصاغوا مناهج جديدة لتطبيق النظريات، وركزوا في عملهم على ان التفكير الواضح القائم على قواعد المنطق المبتعد عن الأخطاء والمغالطات سيمكنهم من الوصول الى نتائج مبهرة، والى اكتشافات علمية مفيدة تغلبت على تحديات الحصار العلمي والتكنولوجي، ولذلك يمكن أن نقول بفخر أن العلماء العراقيين الذين بحثوا وجربوا واخترعوا لا يقلون أهمية عن واضعي نظريات المنطق.
لقد حققت الجامعات في السنوات 1992-2002 ورغم ظروف الحصار إنجازات كبيرة في مجال الدراسات الأولية والعليا والبحث العلمي وخدمة المجتمع من خلال تبنيها منطق التصرف الصحيح للقيادة الجامعية الكفؤة بطريقة أخلاقية، فالقادة الجامعيون فكروا تفكيراً صحيحاً فكانت تصرفاتهم صحيحة وهذا ما يصف العلاقة لا بين المنطق والأخلاق، نحن نتطلع ان يقرأ هذا الكتاب نظراً لأحتوائه على معلومات في غاية الأهمية لمستقبل االتعليم العالي والجامعات العراقية التي يتوجب الأخذ بما ابداه المسئولان قبل فوات الآوان أي اليوم وليس غداً ومن الله التوفيق.
سرور ميرزا محمود
697 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع