وأد البطل نهاية جيش وملحمة وطن / الباب الرابع الفصل السابع: الحرب النفسية في ساحة القتال الداخلية.

         

 الباب الرابع -الفصل السابع: الحرب النفسية في ساحة القتال الداخلية.

عوامل التأثير

كانت الحرب بمفهومها العسكري التقليدي إحدى أهم الوسائل المتاحة لفض الصراعات القائمة وفرض الإرادات، حتى وقت قريب تدخلت فيه بعض المتغيرات أثرت على اتجاهات السياسة في الاعتماد المطلق على الحرب المباشرة أو الصدام المسلح كعامل فاعل لتأمين غاياتها (14)، ومن أهم تلك المتغيرات.
1. ظهور أسلحة الدمار الشامل لدى العديد من الدول أدخل العالم حقبة الاستراتيجيات الشاملة بشكل أصبحت فيه احتمالات الحرب التقليدية الشاملة كوسيلة من وسائل فض الصراع قليلة الاحتمال، إلا في حدود ضيقة يتفوق فيها طرف من الناحية العسكرية، والاقتصادية على الطرف الآخر بشكل مطلق، لأن الاستخدام الشامل لتلك الأسلحة لا يسمح بخروج منتصرين في حرب سيحل الدمار بجميع أطرافها.
2. على الرغم من مقدرة الجيوش الحديثة، وضخامة الأسلحة التي بحوزتها وقدرتها على التحشد، والإسناد الإداري فإنها تكون شبه عاجزة لوحدها على تحقيق الحسم العسكري بشكله الاعتيادي، رغـم تفوقها على خصم أصبح، ونتيجة للتطور يتمتع بفرص جيدة للمناورة، وإمكانات عالية في استجلاب الدعم، والإسناد، وهي فرص زيدتْ من القدرة على التحرك والمقاومة، ولنا في التاريخ الحديث أمثلة ليست قليلة منها عـلى سبيل المثال.
آ. فشل الأمريكان في حربهم مع الفيتناميين.
ب. إخفاق السوفييت في معاركهم مع الأفغان.
ج. عجز الإسرائيليين على تطويع الفلسطينيين تماماً.
د. تأخر الحلفاء عن بسط الأمن، والسيطرة في العراق.
3. التطور الكبير الذي طرأ على وسائل الاتصال، ونقل المعلومات بينها الفضائيات والانترنت جعل عالم اليوم صغيراً للحد الذي يستطيع فيه المرء أن يرى ويتابع أحداثاً تقع في مختلف أنحائه لحظة وقوعها، وهو جالس في بيته، مما جعل هذه الوسائل ذات تأثير كبير على تشكيل الآراء، والاتجاهات، والأفكار، والقناعات التي يمكن استثمارها في التأثير المطلوب، وبأقل ما يمكن من الخسائر بالمقارنة مع استخدام القوة عسكرياً (15).
إن المتغيرات أعلاه أثرت كثيراً على توجهات القوى المتنفذة في العالم بمسائل التعامل مع الغير، ودفعتها إلى التفكير بوسائل أخرى قادرة على إحداث فعل التأثير على تشكيل الآراء والقناعات المناسبة، وتكوين الاستجابات المطلوبة، فكانت الحرب النفسية التي بدأت بمحاولات للتعامل مع الجانب المعنوي في أربعينات القرن الماضي "العشرين"، ثم تطورت في خمسيناته إلى الاستخدام المخطط للإعلام الموجه في تحقيق أهداف السياسة، ومن بعدها في الربع الاخير منه استخدام معطيات علم النفس التطبيقية في تحليل وإدارة الصراع، وفي وقتنا الراهن يمكن أن يحل مصطلح العمليات المعلوماتية محل اصطلاح الحرب النفسية لشموليته في التعامل مع معطيات الصراع.

المعنويات في الحرب النفسية

المعنويات حالة نفسية غير مستقرة، تتاثر سريعاً بالمتغيرات البيئية الخارجية المحيطة بالمقاتل ذات الصلة بطبيعة وتطورات المعركة، واسلوب القيادة، والشؤون الادارية، وغيرها، وبما موجود في بيئته الداخلية من خصائص نفسية(16)، وهي بالتالي اكثر مبادء الحرب تأثراً بالعمليات النفسية، من نواح عدة بينها:
1. التأثر بالمحيط. المعنويات مشاعر تتاثر سريعاً بالمحيط، ومحيطها لما يتعلق بالقتال الأمني الجاري في العراق:
آ. ساحة حرب داخيلية، تحتاج مقاتل يتمتع بكم من الاتزان والانضباط النفسي، والى قدر من القناعة المقبولة بالنوايا والأهداف.
ب. ظروف ومتغيرات سياسية اجتماعية، كانت بين الاعوام 2005 – 2008، ليست في صالح المقاتل ولا الحكومة التي تدير القتال، بعد ان اوجدت تلك المتغيرات للعدو القادم من خارج الحدود، ملاذات آمنة بين صفوف بعض المواطنين المؤمنين بافكاره أو الخائفين من وجوده، ووفرت له في احيان ليست قليلة دعماً ادارياً وفنياً واستخبارياً، ضاعف من كم المعاناة المخلة بمعنويات العسكر ورجال الأمن المقاتلين في الشارع. سهل استغلالها نفسيا لتوسيع حالة الترقب والقلق، والشعور بعدم الامان، على المستوى الشعبي العام، والدفع باتجاه زيادة التوتر وتقليل المعنويات وتخريب القناعات القتالية على المستوى العسكري الميداني.
2. شدة الضغوط. إن المقاتلين في حرب داخلية مع قوى ارهاب دولية يواجهون في المعتاد مواقف صعبة، وحالات نفسية مثيرة، تشكل ضغوط عليهم شديدة الوطئة. ضغوط جعلت غالبية المقاتلين يعيشون طوال فترة القتال الحرجة، لتسع سنوات بشعور قوامه تهديد لوجودهم ناجم عن طبيعة عملهم، وبمعنى أدق ان العمل العسكري الامني القتالي، وعلى الرغم من رفعته الوطنية غير المشكوك فيها، وقيمته الاعتبارية العالية في الموروث الثقافي العراقي، اصبح حصوله في تلك الاعوام مصدر تهديد لمن يؤديه فرداً او جماعة وبما يخل بالمعنويات، لانهم كعسكريين أُستُهدافوا عمداً من قبل الارهابيين في بيوتهم وان كانوا بعيداً عن الساحة، وفي محال اقامتهم وان كانوا في اجازات، وفي ثكناتهم، واماكن واجباتهم. علما ان العيش تحت ضغوط التهديد والخطر كما هو معروف، عادة ما يعرض المعنيين أي اللذين يعيشون ظروفه الى الاصابة النفسية بعقابيل تحت الشدة ، التي تؤدي حتما الى التأثير السلبي على مستوى الاداء، وهبوط حاد بالمعنويات، وابتعاد عن الالتزام بقواعد القتال.
انها بيئة كانت مثالية لتفعيل الحرب النفسية، التي كانت وطوال الاعوام التي اعقبت التغيير، ترسم اهدافها، وتحدد وسائلها بحرية تامة دون أي جهد مضاد لها، فكان لها تأثير ملموس على كافة المستويات، بينها المعنويات.

أهداف الحرب النفسية في ساحة القتال

ان الحرب النفسية التي نشطت في ساحة القتال الداخلي، استهدفت أولاً معنويات المقاتلين، لأنها المحرك الاساسي لادائهم القتالي، والعامل الاهم في تحديد مستويات تحملهم لاعباء القتال، ووضعت معها أهداف اخرى على المستويين العملياتي، والاستراتيجي من أهمها:
1. العزل النفسي. ان الحرب النفسية التي لم تتوقف انشطتها عند حد معين، حاولت باستمرار تكوين عزل نفسي، بين المواطن وبين العسكر من جهة، وبين العسكر وبين مجتمعهم من جهة أخري، كذلك بين القائد الأعلى وبين باقي المنتسبين. اهداف متعددة كان من بينها الاخير، هو الاكثر وضوحاً. اذ ان هناك ومنذ ما يقارب السبع سنوات، تركيز اعلامي وسياسي في محاولات مستمرة لتحميل القائد العام للقوات المسلحة، مسؤولية الخلل الامني الذي يحصل في المعتاد بحرب خروق امنية متواصلة، ومحاولة توجيه الاتهام المباشر له بالتفرد بالقرار الامني. وكأن جهات الاتهام لا تعي طبيعة القرارات العسكرية والامنية التي لا تتحمل التدخل من خارج المنظومة العسكرية. ولا تفهم سياقات القيادة والسيطرة.
ان اتهاماتها المباشرة هذه وباقي انواع الاتهامات غير المباشرة(وان كان فيها ملمس جاء بسبب أخطاء ارتكبت بالفعل وتجاوزت حصلت في الواقع من مكتب القائد العام) فان دوافعها كانت سعى واضح المعالم لعزل القائد العام عن سلسلة القيادة والسيطرة التي تمتد منه كأعلى سلطة قرار عسكري الى آخر آمر في سلسلة المراجع العسكرية. عزل نفسي أريد له تحقيق الآتي:
آ. زرع الشك في نفس المقاتل، بالأوامر الصادرة له من أعلى مرجع عسكري.
ب. التقليل من دافعية المقاتل لتنفيذ اوامر القتال الصادرة له.
ج. محاولة دفع المقاتل الى الصف المضاد للحكومة والدولة في آن معا.
د. التفرد بالقائد العام كهدف نفسي، يسهل في حال تحقيق فكرة عزله، التقليل من شعبيته، والتأثير سلباً على علاقته بالعسكر الذي يقاتلون تحت إمرته.
ان العزل النفسي الذي تسعى الحرب النفسية تحقيقه، يمتد من ساحة العسكر الى ساحة السياسة التي تؤثر في الموقف القتالي العام، اذ تحاول جاهدة الى عزل العراق عن محيطه العربي والاقليمي، وتزرع من خلال عملية العزل هذه أعداء للعراق، يقفون بالضد من مشاريعه في بسط الامن والاستقرار، يقدمون الدعم لجهات الارهاب. يعيقون من خطوات النهوض واعادة البناء.
2. اثارة الحساسية القتالية. لقد دخلت الطائفية والعنصرية القومية، طرفاً مؤثراً في مشاعر واتجاهات البعض من المقاتلين في ساحة الحرب الداخلية العراقية، فاثار دخولها قدراً من الحساسية القتالية التي ينعكس وجودهاً سلبا على الاداء. فالقتال وسط منطقة كردية مثلاً فيه تحسس قومي بالنسبة للمقاتلين من غير الاكراد مثل العرب والتركمان، والقتال في منطقة الشمال العراقي العربي فيه تحسس للمقاتلين العرب من أهل الجنوب، والعكس وارد في حال القتال بمناطق جنوبية بالنسبة الى المقاتلين من أهل الشمال. تحسسات وان لم تكن واضحة، ولا يتطرق لها المقاتلون في العلن، لكنها موجودة في قعر النفوس بمقادير متباينة، وضعتها الحرب النفسية المعادية بالاعتبار عامل للتأثير على الاداء القتالي من جانبين أولهما المعنوي. اذ ينعكس أي مقدار من التحسس على المعنويات التي تؤثر بدورها سلباً على الاداء. وثانيهما استثارة مشاعر الضد من الحكومة.
ان وجود التحسس يضع مشاعر البعض في الصف المضاد للحكومة التي تشرف وتقود القتال، يمكن ان يتسع تأثيره السلبي ليشمل المجتمع "العراقي" الذي يحدث فيه القتال. وكذلك الرأي العام العربي والاقليمي القريب من العراق والمؤثر في خطى القتال وفي البناء الديمقراطي.
ان التحسس هدف نفسي، تيسرت أدوات تعزيزه بسهولة، حيث الفضائيات المتعددة، ومواقع التواصل الاجتماعي المنتشرة، والاذاعات المحلية المختلفة، والصحف الورقية والالكترونية الغزيرة، المسيطرة على اهتمامات وتوجهات الناس، بمختلف أعمارهم واتجاهاتهم. بعد أن جعلتهم:
آ. متلقين للاشاعات، والشكوك، والاراء في جميع الاوقات.
ب. مبالغين وناقلي مبالغات وتهويل عن قوة عدوهم، وعن أساليب قتاله.
ج. مرددي عبارات دينية واجتماعية، تسحب المجتمع العسكري المستهدف من حالة الانتباه إلى حالة الترقب، وربما التردد في القتال، وتنفيذ المهام.
د. آخذين من الاعلام مصدراً لمعلوماتهم، ومجالاً يبنون عليه استنتاجاتهم.
أمثلة واقعية
ان مسالة التلقي المجرد، وترديد الاشاعات، والمبالغة، ذات الصلة بالقتال الداخلي، ومقادير تأثيرها على المتلقين من العسكريين المقاتلين والجمهور الداعم لهم في ساحة القتال، لا يمكن الاختلاف عليها، لها عشرات الامثلة الواقعية القريبة، بينها ما جرى في القتال الداخلي بطرابلس العاصمة الليبية في آب 2011 المحصنة عسكرياً من قوات النخبة الخاصة للقذافي، والتي سقطت قبل وصول الثوار الي ساحتها فعلياً، بتأثير الاعلام الفضائي الذي قادته فضائية عربية معروفة، اقامت مجسمات لباب العزيزية، المقر الرئيسي للقذافي في ستوديوهاتها بالدولة الخليجية التي تبث منها، وبدأت تصيغ الاخبار، وتفبرك اللقطات التي تؤكد دخول الثوار الى باب العزيزية، فتسببت في اثارة رعب بين المدافعين عن القذافي، دفع بعضهم الى الانسحاب قبل تحقيق التماس بعدوهم. ودفع الجمهور الذي بقيَّ مترقباً لان يحسم موقفه، ويدخل طرفاً الى جانب الثوار، فرجح كفتهم التي اسقطت طرابلس قبل أوانها. ودفعت القذافي وابنائه الى الهرب قبل استنفاذ وسائلهم التي اعدوها للدفاع.
وقبله حصل في العراق، خلال الحرب الخليجية الثالثة "التغيير"، وان كان مختلفاً بعض الشيء عن هذا الذي حصل في ليبيا، اذ توجهت مئات الفضائيات العربية والعالمية لنقل الوقائع من طرف المهاجم المتفوق، فكانت هناك صور ولقطات ومقابلات اثارت القلق بين المدافعين، وحسمت موقفهم بترك الساحة، وحشدت رأي عام شعبي لصالح الحرب، حتى وجد صدام نفسه في آخر المطاف، وحيداً في ساحة معركة يسيطر عليها الحلفاء، وينسحب منها العسكر المدافع كيفياً، ويترقب خلالها الشعب، النهاية المحتومة لدكتاتور تأملوا رحيله.
ومثله حصل في سوريا خلال هذه الفترة الزمنية، وبالتحديد في تموز 2012، اذ بثت فضائيات عربية معروفة بانحيازها ضد الحكومة السورية، بعض اللقطات الخاصة باعمال عنف وتفجير، على انها حصلت في مناطق سورية، يبين التدقيق في اماكنها والمتضررين من حصولها، ان بعضها مأخوذ عن أحداث سبق وان حصلت في العراق، تمت فبركتها ضمن لقطات أخرى على انها سورية.
3. اثارة قلق المجهول. ان تلك الاعمال والاهداف التي سعت لها الحرب النفسية المعادية للعراق من بداية القتال الفعلي بالضد من الارهاب عام 2004 وحتى وقتنا الراهن "2012"، اريد لها تعمم الشعور بقلق المجهول بين المقاتلين، وقد حققت بعض الشيء من اهدافها بدايةً، حيث الدفع غير المباشر لبعض المقاتلين باتجاه التردد والحيرة، ساعدتها عوامل داخلية بينها شحة المعلومات التي يفترض ان يغذى بها المقاتلون في الميدان. وغياب التوجيه النفسي المعنوي الذي يفترض ان يحصل عليه المقاتلون قبل وبعد المعارك التي يخوضونها. عوامل كونت في بعض الاحيان احساس بعدم معرفة ما يجري "مجهول"، وعدم القدرة على رصد المتغيرات المتداخلة، في أمور القتال بالشارع والمحلة والمنطقة، بمستوى فسح المجال لعقل المقاتل غير المدعوم نفسياً، لأنْ يضفي للأشياء المجهولة بينها ما يتعلق بالعدو مواصفات أكثر من طبيعته، أي يضخم من وجوده، ويضاعف شدة تأثيره، ويكثر من عدده(18)، زاد الامر سوءً، استخدامها من قبل البعض من الآمرين المباشرين لتبرير التقصير احياناً، وإعلاء الشأن الذاتي طمعاً في التحصيل أحياناً أخرى. استخدام كان في الحالتين سبباً لاثارة القلق، وزيادة شدة الخوف المؤثر سلباً على الاداء.
ان التضخيم على اساس المجهول، خطأ وقع في فخه آمرين ومقاتلين، رافقه أحياناً استهزاء من قبل بعضهم او تقليل منهم لشأن العدو المقابل لهم في ساحة القتال، أي اعطاء او تكوين صور تقل عن الواقع الفعلي. وهي وإن كانت حالات تعد قليلة بالمقارنة مع توجهات المبالغة، فانها حدثت احياناً من باب التباهي أو كنتيجة للتعب، والإرهاق اللذان اصابا بعض المقاتلين بقدر من الكسل، دفعهم الى التقليل من شأن العدو، حتى لا يجهدوا انفسهم للقيام بعمل ضده.
4. تحييد الجمهور المحلي. للجمهور الموجود في ساحة القتال مواقف من القتال، ومن الدولة والحكومة، وهي على وجه العموم مواقف غير محسومة بالمطلق الى صالح الحكومة التي يجري القتال في ظل ادارتها، إذ وضع في احيان ليست قليلة، قسم من الجمهور في موقف صعب فيه الفرز بينهم، وبين الاعداء المسلحين في محيطهم، بعد أن ساعد بعض منهم في تحقيق اعمال مثل أستخدام الطفل وسيطاً لنقل رسائلهم. والمرأة وسيلة لنقل عتادهم. والشيخ داعية لاعمالهم. شخوصٌ من بين هذا الجمهور، أدت افعال مخلة وطنياً، في ظروف معركة تدور وسطهم، حاولت وسائل الحرب النفسية توفير كل السبل، لتوسيعها، أي ابعاد الجمهور في ساحة المعركة من ان يتفاعل مع المقاتل. وأكثر من هذا ارادته ان يكون سلبياً، معوقاً لعمليات القتال، أو على اقل تقدير، محايداً بين المقاتل وعدوه. هدف وان ضعفت قوة دفعه بعد عام 2008 لكن قوى الحرب النفسية ارادت بوضعه هدفاً على قائمتها، دفع المقاتلين باتجاه المزيد من الشد العصبي. ومضاعفة توترهم النفسي. وتبديد طاقتهم النفسية. واضعاف معنوياتهم. ومن ثم الدفع باتجاه تدني مستويات أدائهم.
5. تقليل الدعم المركزي للجندي في الميدان. ان الحكومة التي تقاتل على اكثر من جبهة، لا يمكن ان تنجح في جميعها، ولا يمكن ان تفي بالالتزامات المطلوبة لجميعها ايضاً، ثم ان قيادتها للقتال بالضد من ارهاب دولي، وضعها في المعتاد بمواقف لا تنظر منها الى امور تعتقدها بسيطة مثل وضع الجندي ومشاكله في ساحة القتال، وضرورات دعمه، واكبار شأنه، وادامة معنوياته. واقع أدرك حصوله القادة والامرين في الميدان، فساروا على نهجه، لم يخصصوا هم ايضاً أي جهد لهذا الغرض. وكأن قسم منهم تقمص شخصية الاعلى. مما جعل المقاتل في نهاية المطاف:
آ. يشعر باستمرار الاهمال، وعدم تقدير الدولة لعمله الذي يصنف أعلى الاعمال الوطنية منزلة.
ب. الاحساس بالعزلة، عن جسم الدولة التي يفترض ان توفر له الحضن الدافئ، مثلما يوفر لها ولابنائها الحض الآمن.
ج. تكوين اتجاهات، خالية من معالم التضحية من اجل الوطن والدولة.
ان هذا الواقع الذي حاولت وما زالت تحاول اجهزة الحرب النفسية المعادية اختراقه، لتكوين فجوة بين المقاتل والدولة. ساعدت عوامل أخرى على تحقيق بعض من توجهاته بينها عدم تخصيص جهد للترفيه الاجتماعي عن العسكري المقاتل من قبل قياداته الميدانية، خلال فترة القتال خاصة بعد التأثر بموجة التدين السياسي، ومحاولة بعض الآمرين الميدانيين دون توجيه من الدولة، بإستبدال وسائل الترفيه ببعض الطقوس، والممارسات الدينية التي لم تبق للمقاتل سوى الإجازة التي لم يجد فيها من الاختلاف، بين أجواء المعركة التي يخوضها، وظروف المنطقة التي يعيشها. يمكن ان تنعش معنوياته، وتعيد له أنشطته النفسية اللازمة لمواصلة القتال.
6. زيادة حدة التناقض الوجداني لدى المقاتلين. ان الحاجة الى الجهد المعنوي، لا تتعلق بوجود عدو قاس في تعامله، غير واضح في تحركه فقط، ولا بحصول ضغوط القتال النفسية فحسب، بل ومنها، مع وجود خاصية التضاد او التناقض في الادوار بالنسبة الى المهام التي تنفذ في حروب الداخل، وكذلك في مقاتلة الارهاب، أي ان المقاتل واثناء تنفيذه المهام يقع احياناً في تناقض "صراع" وجداني بين اتجاهين او اكثر، فهو في الوقت الذي يشعر فيه، بحتمية قتل العدو وتدميره، يحس ضرورة السيطرة على الذات "ضبط النفس" لتفادي عشوائية الرمي. وفي طريقه لتنفيذ أمر قتالي يلزمه باستخدام كل الاسلحة المتيسرة، لاسكات مصادر نيران العدو في المواجهة، يرى وجوب التقيد بالمحافظة على سلامة المباني والبيوت والمحال التجارية وارواح المدنيين واملاكهم، التي تقع في طريق النيران. وغيرها أمثلة عديدة فيها التضاد، والتناقض ملموس. ومع ذلك فإن أكثر أنواعها تأثيراً من الناحية النفسية على المقاتلين في ساحة المعركة الداخلية، ذلك التناقض العاطفي لبعض المواقف القتالية. حيث القسوة المفرطة مقابل الرحمة الرؤوفة. مثال عليها بسيط اذ يصدف ان يواجه جنود في حضيرة مشاة، ارهابي يتحصن في بيت، ولحظة اقتحامه، لا يعرفون العلاقة الحقيقية له باهل ذلك البيت. ويصدف ان يَقتل الارهابي بعضهم فتزداد عدائيتهم اليه، عندها ستتغير اساليبهم في التعامل معه باتجاه المزيد من القسوة، وعندما يدخلون البيت، وهم في اعلى درجات الانفعال قد يَرَوّن شيخاً مسناً يجلس جانباً، او شاباً مراهقاً يقف في احد الاركان القريبة، وهم في اعلى درجات الانفعال والعدوانية. موقف قتالي يدخلهم في دوامة التناقض الوجداني، الذي يتطلب أعلى درجات الانضباط، وسرعة اتخاذ قرار. فالرجل المسن على سبيل المثال قد يكون اباً للارهابي ويقوم بالتدخل للانتقام من مقتل ابنه، فيتطلب الموقف قتله قبل قيامه بقتل افراد الحضيرة. وقد يكون من أهل البيت أو رهينة وضعت هكذا تحت التهديد من قبل الارهابيين، فيتطلب الامر التدخل سريعاً لانقاذه. وعلى نفس المنوال فان الشاب المراهق قد يكون انتحارياً، ينتظر دخول منتسبي الحضيرة، ليفجر نفسه وسطهم، فتقتضي الضرورة انهاؤه، أو العكس من ذلك تماماً، انه قد وُضع من قبل الارهابي، كدرع بشري يؤخر الحضيرة في هجومها، فيتحتم ابعاده بسلام. انها عدة احتمالات، تاتي على شكل أفكار فيها الكثير من التناقض، الذي يتطلب عمليا:
آ. سرعة رد فعل قصوى، وتأني بأكبر مقدار.
ب. قسوة شديدة، ورحمة بأعلى صورها الحميدة.
ج. غضب عارم، واتزان بمنتهى الهدوء.
ان التناقض الوجداني، مسالة خطرة اذا ما وصلت شدتها الى مستوى تعيق المقاتل من ان يقدم على خطوة لاحقة في القتال، او ان تجعله، يتوقف ولو للحظة عن مواصلة القتال، يمكن ان يستغلها خصمه في الرد عليه وقتله أو التخلص من مواجهته بالهروب وتجنب القتال في موقف خاسر. وهذا هدف من بين الاهداف التي سعت الحرب النفسية تأمينها في اجواء القتال الدائر بالضد من الارهاب.
الآثار الجانبية للحرب النفسية
ان الجوانب النفسية، والمعنوية التي لم يعرها احد اي اهتمام، كانت من بين المعوقات غير المباشرة أمام التنفيذ الصحيح لمهام القتال للاغراض الامنية، لان الضعف المعنوي الذي تخطط له الحرب النفسية، يؤثر في المعتاد على الأداء والدافعية في القتال. وعلى إمكانية الصمود في المواجهة مع الخصم. وكذلك على سرعة الحسم التي تكون الحكومة، ومؤسستها العسكرية والامنية أحوج إلى تحقيقها في صراع داخلي مطلوب السيطرة عليه، والحيلولة دون إتساعه. إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار وجود ثغرات عديدة نفذت منها احياناً، أجهزة ووسائل الحرب النفسية، في استهدافها معنويات المنتسبين وادائهم القتالي، بينها:
1. ظروف اعادة تشكيل القوات المسلحة التي تميزت بصعوبات تسليحية وتجهيزية ادارية وسياسية، لم تسمح بتكوين جاهزية قتالية خلال سنيها الاولى، كافية لتأمين الحسم السريع في ميدان القتال.
2. المجتمع العراقي الذي حصلت في محيطه الخروقات الامنية لتسع سنين، تميز بسبب حصولها، وطول فترة الحصول بجمهور قلق نفسياً، وعسكر مشحون انفعالياً، الأمر الذي اضفى معالم توتر بين الجميع وطوال الوقت، بمقادير اضعفت الطاقة النفسية، ووضعت عراقيل امام تعاون الجمهور مع عسكره بالمستوى الذي يفترض ان يكون.
3. مشاعر ذنب تحصل أحيانا، بسبب الإصابات الجانبية للمدنيين في موقع القتال، أو بسبب التقصير غير المتعمد لحماية المدنيين من حصول الاصابات، قرب الاحساس بها بعض المقاتلين من حالة الوهن القتالي، والتشكي، كونت وضعاً نفسياً غير مستقراً.

التعامل مع آثار الحرب النفسية

إن المسح العام لمفردات العمل النفسي واتجاهات الحرب النفسية القائمة بالضد من العراق وقواته المسلحة، تبين الآتي: 

أن هناك حرباً نفسية مستمرة باتجاه العراق.
عدم وجود جهود بالضد من اعمالها القائمة.
وعلى هذا يكون التعامل الصحيح مع حصولها، يتأسس أولاً على ضرورة إيجاد تنظيم تخصصي فعال يجمع بين المختصين، والأكاديميين يأخذ على عاتقه واجب:
1. رصد، وتحديد اتجاهات الحرب النفسية المعادية.
2. العمل على التعامل معها وبما يفضي الى تقليل آثار.
3. تقديم المشورة لأجهزة الدولة، ومسؤوليها في مجال هم فيه أدوات للتعامل مع الحرب النفسية المعادية.
ان القوات المسلحة تنفذ أعمالاً قتالية لمكافحة الإرهاب، وعلى هذا تصبح معنويات منتسبيها، ومستوى أدائهم، ومساعي نشر الفساد بينهم، وتحوير ولائهم من بين أهم أهداف الحرب النفسية، الأمر الذي يجعل من الضروري وجود تنظم نفسي في هذه المؤسسة، تتحدد واجباته الرئيسية بالآتي.
- رصد ومتابعة العمل النفسي المعادي في الجيش، والعمل على تقليل آثاره القريبة، والبعيدة على وفق خطط للتحصين.
- المساهمة في البناء النفسي للمنتسبين في الظروف الاعتيادية، وتقديم المشورة اللازمة في تحسين أدائهم.
- رفع معنويات المقاتلين في الميدان.
- دراسة ومتابعة المشاكل النفسية للمنتسبين في ظروف التوتر، وأثناء القتال.
- عمل خطط الحرب النفسية المضادة، وتنفيذها بالتنسيق مع الأجهزة المعنية في الجيش والدولة.
إن غياب الجهد النفسي في المؤسسة العسكرية والامنية، وضع المقاتلين في ساحة المعركة الداخلية المثيرة بمواجهة سيل من الأهداف المتتالية للحرب النفسية المعادية، قادتها فضائيات ووسائل إعلام، حصلت على مكان واسع في الذاكرة العراقية، وعلى سعة إنتشار لا يمكن الحيلولة دون تأثيرها إلا بالتحصين، والتأهيل، والتهيئة النفسية المسبقة. وهي بوجه العموم مواجهة غير متكافئة، خسر فيها المقاتل العراقي في السني الاولى من القتال جانباً من قدراته "النفسية" قبل بدء المعارك، وستتكرر احتمالات الخسارة، اذا ما استمر التقصير بمعرفة العوامل النفسية المؤثرة على الأداء، والدافعية من جهة، وغياب الجهد المفروض لمناقشة اهداف الحرب النفسية المعادية من جهة اخرى.

تقييدات إنتاج القرار الامني

يحتاج قرار القتال الامني الى تفويض قانوني لأصداره، وإلى قيادة وهيئات ركن، تمتلك الصلاحية والمرونة والقدرة على التحرك المناسب لتطبيقه، وقادة يتحملون مسؤولية التهيئة اللازمة للتطبيق، ومقاتلين قادرين ومستعدين للتنفيذ، وبيئة سياسية داعمة لسلطة اصداره. في جانبه الاول أي القانوني لم يحصل ان جابهت الحكومة أية معوقات أو صعوبات في حصولها على تفويض قانوني، لقتال المجموعات المسلحة والإرهابية، التي تحارب في الشارع الداخلي، ضد المجتمع والدولة على الرغم من انها أي الحكومة تواجه بين الحين والآخر، نداءات بالضد من توجهاتها، تأتي من بعض الجهات السياسية، لكنها نداءات عادة ما تكون مسيّسة أو مغلفة، لان أي جهة سياسية لا تستطيع المجازفة بسمعتها الشعبية في الوقوف بالضد على مستوى العلن، من قتال مشبوه طرفه الارهاب ممثلاً بتنظيم القاعدة أو غيره. من هذا يمكن القول ان لا مشكلة في الحصول على تفويض، والمشكلة الحقيقية من الناحية العملية في الجوانب الأخرى من سلسلة تنفيذ القرار، تتعلق غالبيتها بالآتي:
1. البيئة السياسية. هناك تشكيلة حكومية تنتج القرار، وهناك قيادة عسكرية عليا "القيادة العامة للقوات المسلحة" تنفذ القرار بعد الحصول على التفويض. والمشكلة في هذا الجانب تتمثل في البيئة السياسية، التي تقف بين الحين والاخر لتقييد تحرك القائد العام للقوات المسلحة، اللازم لتطبيق قرار القتال، وتسهيل تنفيذه عملياً، إذ إنه وفي كثير من الاحيان، لا يستطيع ببساطة، تغيير وزير أو مسؤول أمني أو عسكري، عند الاقتناع بفشله على المستوى الفني أو الاداري أو الذمي، وان حاول الاقصاء والتغيير وايجاد البديل، تثار حول الموضوع زوبعة، لا اساس منطقي لغالبية جوانبها المثارة. فعلى سبيل المثال، سبق وان أتهم أمين عام وزارة الدفاع عام 2005 بالفساد الإداري، وصدر أمر قضائي بإلقاء القبض عليه، فترك منصبه وغادر إلى كردستان، ومنذ ذلك التاريخ وحتى عام 2012 لم يستطع القائد العام تعيين بديل عنه، ولم يرشح وزير الدفاع أحد ليشغل المنصب، وتم الاكتفاء بتكليف ضابط ليقوم بمهامه بالوكالة لاسباب سياسية. هذه ليست الحالة الوحيدة، فقادة الفرق، نسبوا لمناصبهم بالوكالة ايضاً، لان الدستور العراقي، يلزم بالتصويت عليهم برلمانياً، وتدعي الحكومة على لسان رئيس مجلس وزرائها بداية عام 2012 وابان أزمة سحب الثقة عنها، انها قد ارسلت الى البرلمان اسماء القادة اكثر من مرة، ولم يجري التصويت على اي منهم، وعاودت مطالبته التصويت على اسماء أخرى، مرة أخرى في تموز 2012، ولم يستجب، مما جعلها تلجأ الى التكليف بالوكالة. حلٌ لابد له، في ظروف قتال لا يمكن ان يبقى المنصب فيها شاغراً دون بديل. كما لا يستطيع تعيين مسؤول أمني لاي جهاز ينسجم ورؤاه دون توافق الآخرين وموافقتهم، حتى بقي جهاز المخابرات، بدون رئيس منذ تقاعد رئيسه السابق عام 2010.
كذلك يصعب عليه أيضاً أن يأمر بمهاجمة منطقة، قد يسحب المتنفذون فيها تأييدهم للعملية السياسية. كما لا يمكنه تحريك وحدات من والى كردستان، دون موافقة حكومة الإقليم هناك وهي تتحسس كثيراً من أي تحرك لها، وكذلك قوات متعددة الجنسيات الى عام 2010. وهناك بنفس الوقت قيود عملياتية وادارية، اثر وجودها سلباً على توجهات التنفيذ اللازم لأمر القتال، في أكثر أنواع القرارات جدية، وحاجة إلى السرعة والدقة في التنفيذ. بينها عقبات تنظيمية، تتعلق بهيئات الركن المتعددة في القيادة العامة للقوات المسلحة، التي شكلت حديثاً، وعليها او على تشكيلها وعملها اشكالات سياسية، دفعت بعض الكتل المشاركة في الحكم الى توجيه الاتهام، بالتفرد في القرار الامني والسيطرة على مفاصل قراره، وكأنها تريد ديمقرطة للقرار العسكري، وتسييسه الى مستوى افراغه من محتواه الانضباطي.
2. اشكالات القيادة والسيطرة. اشكالات القيادة والسيطرة، خاصة على مستوى رئاسة اركان الجيش، التي شكى رئيسها من سحب صلاحياته، لصالح مكتب القائد العام وهو محق في شكواه هذه، وشكت دوائرها منذ بداية تشكيلها من زحمة الاسكان، واستمرار الحشر في غرف ومكاتب لا تسمح بالتفكير والمراجعة، واحياناً من التهميش.
إنها مشاعر، اذا ما تم وضعها مع طبيعة الشخصية الادارية ذات الميل الى التعامل مع السلطة الاعلى والاقوى، يمكن الاستنتاج ان الدور القيادي الميداني لرئاسة الاركان، قد أختلف، كما ان العلاقة التراتبية بينها، والقيادات الميدانية قد أختلفت هي الاخرى في غير صالح الجهد القتالي المطلوب تأمينه، بالتعاون والتنسيق بين جميع المفاصل القيادية. يضاف الى هذه القيود قيود اخرى نفسية، تتعلق بالخشية أو الخوف من أتخاذ القرار الامني على مستوى الميدان، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار عوامل مثل:
آ. التدخلات التي تأتي من خارج المؤسسة العسكرية في صياغة القرار، وتنفيذه ميدانياً في احيان ليست قليلة.
ب. التهديد المباشر، وغير المباشر الذي يتعرض له البعض من القادة والآمرين.
ج. التنفيذ الفعلي للتهديد، بالقتل، والاغتيال لضباط برتب مختلفة، خاصة بين الاعوام 2005 – 2007.
بسببها وعوامل اخرى أحس غالبية القادة الميدانيين، ان الواحد منهم مكبل غير قادر على اتخاذ القرار، وغير قادر على تحمل مسؤولية اتخاذه، وأحياناً تسويف بعض القرارات للتخلص من تبعات التنفيذ، اذا ما فسره يضر بالطائفة الفلانية أو المجموعة المحددة. وهي قيود عادة ما تمتد آثارها عن طريق العدوى، والتقليد إلى آمري الوحدات والوحدات الفرعية، وكذلك إلى آمري الحضائر والمفارز، حتى بات التنفيذ في بعض الاحيان، فيه قدر من التلكؤ وفي احيان اخرى، مغلف بغلاف الرياء والكذب والتسويف العمدي.
ان الحسم في ساحة المعركة الامنية الداخلية، يحتاج إلى السرعة في إصدار القرارات وتبعاً لتطورات المعركة، واقل ما يمكن من القيود، اذ غالباً وبعد ان يحصل القائد العسكري الاعلى "القائد العام" على التفويض القانوني، يتجه الى التنفيذ بصلاحيات كاملة، يخولها له القانون، تخلو في المعتاد من العقبات والعراقيل. وهذا لم يحصل في القتال الداخلي الجاري بالعراق، للتسع سنوات الماضية، حيث القيود المذكورة وأخرى غيرها، سياسية وإدارية ونفسية، لم تكن تسمح بتأمين السرعة المطلوبة للحسم. مما انعكس سلباً على الاداء القتالي وعلى تنفيذ اوامره، خاصة وان الجندي ورجل الامن لا يمكنهما من الناحية النفسية، القتال بعيداً عن محيط السياسة ومعتقدات يؤمنون بها، وأهل يفكرون بهم، ومشاكل تستثيرهم في الطريق إلى اهدفهم، ولا يمكنهم أيضاً أن يعصبوا أعينهم ويصموا آذانهم عن فضائيات، وإذاعات تبث السموم النفسية بين مواد يستهويها المتابعون، وكانت حصيلة عدم عصب العين في عديد من المواقف، تأثر نفسي معنوي سلبي قلل من الدافعية، وأثر سلباً على الأداء. وحرم القادة الميدانيين إمكانية التأثير على الخصم في ساحة المعركة، باتجاه خلق فرص مناسبة لتقييد حركته، والتقليل من فاعليته أو تسهيل عملية اعتقاله، أو قتله.


تعقيدات اتخاذ القرار الأمني وتنفيذه

بالعودة إلى ما ورد أعلاه من مفردات واشارات لما يتعلق بالقتال الداخلي، والى نوع العقبات التي حالت دون النجاح الحاسم للحد من الخروق الامنية، يمكن التأشير الى ان جذور المشكلة الأمنية في العراق سياسية على مستوى الداخل أكثر منها جنائية، أو اجتماعية، والحل في مجالها يأتي من خلال السياسيين الموجودين في الحكم وخارجه، الذين وجد البعض منهم نفسه، وبسبب الحاجة إلى الدعم المالي أداة بيد الغير دول ومنظمات، وأصبح تحركهم للتهدءة، والتحريض مرهوناً بأهدافها الاستراتيجية. وعلى هذا الأساس أصبح الحل أو نسبة كبيرة منه بيد السياسيين أنفسهم، وبعكسه ومهما هيأ القائد العام ووزارتي الدفاع والداخلية من مستلومات للقتال، فان السياسيين المشاركين في الحكم يمكن أن يعيقوا أو يفشلوا تطبيقاتها، أو يجعلوها عملية عابرة، مؤقتة بسبب عدم إمتلاكهم الإرادة السياسية المشتركة. وبذا أصبحت المشكلة الامنية مشكلة سياسية، على مستوى الداخل، ممتدة باطرافها المتعددة الى الخارج. إذ وبعد أن وجدت بعض دول الأقليم مثل ايران، أنها ضمن دائرة التهديد الأمريكي، وإحتمال إنتقال آثار الفوضى، والاضطراب إلى أراضيها وكما مذكور سابقاً، تصرفت بالطريقة التي جعلت الأمريكان يتخبطون في ساحة العراق. يحسبون كثيرا أية خطوات للتوجه نحوهم. وبعد انسحابهم زادت حمى التدخل، وزادت مساعي الاقليم لافتعال الخروق الامنية، وهكذا أصبح موضوع الامن وادارته من قبل الحكومة، مرتبط بالعامل الاقليمي والدولي بقوة. واصبح جزءً كبيراً من حل اشكالاته، أقليمي، دولي بقوة. واصبحت جهود القتال التي قادتها الحكومة، وما زالت كذلك صعب نجاحها بالمستوى الذي تسعى الى تحقيقه، ويريد القادة الميدانيون بلوغه، لأن:
- اللغز الخاص بالارتباط الاقليمي للمشكلة لم يحل بعد.
- العملية السياسية الديمقراطية، لم تكتمل.
- القوات المسلحة لم تجهز بالقدر الذي يكون فيه العراق طرفاً في معادلة امنية استراتيجية، وتكون هي قادرة على تأمين ردع لدول الاقليم، التي سجلت جميعها عديد من النقاط السلبية في مسيرة القتال الداخلي، على حساب الحكومة العراقية صاحبة الحق الوطني بتسجيل النقاط، في ساحة قتال ذو صلة بمكافحة الإرهاب، وفرض الأمن والاستقرار.
إن أسلوب الإدارة العام للدولة العراقية، والمجتمع فيه هنات وأخطاء وتجاوزات، وارتباك في العلاقات، انعكس بعضها سلباً على قدرة الحسم الأمني في ساحة القتال الداخلية، بينها:
1. تلك الأهتمامات الخاصة لبعض المسؤولين السياسيين والبرلمانيين، التي تفوق احياناً اهتماماتهم التي يفترض أن تكون موجودة لدعم القوات المسلحة، وتوجهات القتال، والرجال المنتشرين في ساحته الواسعة من شمال العراق حتى جنوبه.
2. القيود التي يسعى البعض فرضها، على كل مفصل من مفاصل القرار الحكومي بهدف تكبيله، وافشال سلطاته، دون النظر الى المصالح العليا للوطن.
3. السباق شبه المحموم، للكسب ومد النفوذ من قبل البعض من الأحزاب، والكتل التي تفوز بالانتخابات، وكذلك التي تشكل الحكومة.
4. التكتل السياسي الضمني، الذي جعل النظرة إلى الرئاسات الثلاث"الجمهورية، والحكومة، والبرلمان"، والوزارات نابعة من منظار القومية، والطائفة خارج النظرة الكلية للعراق، امتدت بالتدريج إلى وكلاء الوزارات، والمدراء العامين، حتى أصبح في وزارة الداخلية على سبيل المثال وفي مرحلة من مراحل تكوينها لكل طابق يشغله وكيل وزارة طابعه الطائفي أو القومي الخاص، يتبعه موظفون وضيوف من نفس الأصول حتى أصبحت الطوابق الستة للوزارة"عدد الوكلاء" عام 2005 مثلاً، تعبر عملياً عن التركيبة الاجتماعية غير المتجانسة للعراق.
5. التعقيدات الطائفية، والتاسيس علها في عمليات التدخل الخارجية، زاد من تعقيدات القتال بعد ان تسبب في نقل الاحتقان الى دوائر الدولة، ومؤسساتها، ومدارسها، وجامعاتها، وجوامعها، وبمستوى شكل اعاقة لخطط الحكومة القتالية، وأخر الحسم فترة ليست قصيرة.
ان اخطاء مثل هذه المذكورة، ومساعي التكتل والتدخل، والتسييس لم تسمح بحصـول إنسيابية في تمرير القرارات الأمنية، ولم تساعد على حسن تنفيذها عملياً.
وهناك ظروف محيطة تفوق قدرة الحكومة والدولة على التحكم بها اثرت سلباً على القرار الامني وعلى انسيابية العمل القتالي، اهمها واكثرها تاثيراً عدم اكتمال شكل النظام الديمقراطي للحكم في البلاد، بسبب الأعمال المسلحة التي حدثت غالبيتها في مثلث الجزيرة، والتي اعتقد الأمريكان وبعض الفائزين في الانتخابات في حينه، أن حلها يأتي بترضية ممثلي تلك المنطقة، وضرورة إشراكهم بالحكم، واستطاعوا إقناع العديد منهم، وقدموا الوعود لهم بحصص من الوظائف والدرجات، والنفوذ تقربهم من المشاركة الفاعلة، وعند الموافقة، والاشتراك حصلت عديد من التناقضات والاتهامات، ونقض الوعود، التي تسببت مع عوامل أخرى مضافة بنقل الصراع الطائفي من الشارع العادي، إلى أروقة الحكم، فزادت مشكلة الأمن اضطراباً، بل وساعدت على سحبها إلى بغداد، حتى أصبحت توليفة الحكم بين استحقاقات الديمقراطية، وضرورات التوافق من خارج أسورتها، عقبة اضافت عوامل تعقيد، لمعركة الامن ولساحة تقاتل فيها عدة جهات لكل واحدة منها أهداف خاصة، وإستراتيجية محددة في القتال، مع إنها تلتقي جميعاً في ساحة المعركة بالضد من الحكومة، وقواتها المسلحة، وقوات متعددة الجنسية الداعمة لها.
فإلإرهابيون القادمون من الخارج لحساب منظمات دولية نقلوا اهداف قتالهم الى العراقيين بعد انسحاب الامريكان، معتقدين انهم قادرين على التحرك بحرية اكبر أي تحقيق أهدافهم بسهولة، في ساحة الفراغ الذي تركه الأمريكان.
ومتدينون سلفيون يرون في الدين، والمذهب سبيلاً لإصلاح إسلامي يبدأ من العراق، الذي يتواجد على أرضه من وجهة نظرهم كفار يقتضي الواجب محاربتهم.
ومقاومة وطنية من سياسيين، وعسكريين سابقين، اختلطت عليهم الاوراق، حتى صعب التفريق في تحركهم بين الارهاب والمقاومة، من حيث الفعل القتالي والشعارات الملازمة له، حتى انهم وبعد فترة اقتربت من عام 2008، عندما حصل عزل ملموس لاعمال الارهاب، وتحركت عشائر من الانبار لمقاتلة القاعدة، وقع بعض اطرافها "المقاومة" في حرج مع نفسه والجهات التي تموله، واستمر بالتحرك محولاً فوهة بندقيته صوب الحكومة التي اتهمها بالانحياز والتهميش والعمالة، فاثبت ان قتاله سياسي اقليمي وأن اتجاهته وشعاراته تتغير ببساطة.
ومليشيات محلية جميعها مرتبط بأجندات خارجية، تسعى في قتالها التوسع، ومد النفوذ ومن ثم السيطرة على مقاليد الأمور، لتحقيق مكاسب مادية، وسياسة.
وعصابات، ومجرمون يعملون لذاتهم، ومقاولين لغيرهم من الجماعات التي تسعى للتخريب ولا تمتلك وسائله.
إنها جماعات، مع اخرى مثل بعض العشائر، متأهبة للدخول الى الساحة لتكون جزء من المشكلة الأمنية.
السياسة في تكوين الخرق الأمني
ان السياسة في العراق هي المشكلة، وتناقضاتها وجملة الاخفاقات في عمليتها هي التي خلقت معطيات الخروق الامنية "القتال الداخلي" واعاقت اتخاذ وتنفيذ القرارات بصددها، يضاف اليها عوامل تتعلق بسبل واساليب القيادة الميدانية التي تأتي أحياناً غير ملائمة، زادات من التعقيدات الحاصلة في طريق حلها، مثل:
1. عدم التخلص من توجهات الرجوع الى المركز "الاعلى" في صغائر الامور وكبائرها، خاصية في القيادة، طالما اخرت اتخاذ القرار، واعاقت انتاج الحلول الملائمة للموقف الميداني.
2. تقسيم العمل وتنفيذ الخطط بين مؤسستي الداخلية، والدفاع غير المؤهلة بعض وحداتهما حتى عام 2012 لقتال المدن، وتسلل بعض المجرمين وأفراد العصابات إلى هيكلهما التنظيمي، بداية الشروع بالتشكيل على وجه التحديد، حتى أصبح "التقسيم" عائقاً حال دون التنفيذ الصحيح للأوامر، كما تأمل القيادة العليا.
3. إمتداد المليشيات إلى جسم المؤسستين، وخاصة الداخلية جعل بعض منتسبيها، وربما وحداتها الصغرى في بعض الأحيان، طرفاً في الاضطراب، وعامل إشعال للفتن، أكثر منها عوامل تهدئة وتقديم الحلول.
4. تاخر أو تلكؤ خطط التسليح والتجهيز الملائم لطبيعة القتال الداخلي، أخر عملية الحسم في ساحة القتال الامني الداخلي، واضعف الجاهزية الاستخبارية، واضاف عوامل مساعدة لتأخير الحسم.
من هذه الاخطاء وغيرها أخرى يتبين ان أسلوب قيادة الوحدات، والمؤسسات الأمنية فيه خلل يتعلق بجوانب القيادة والسيطرة، والاختيار، اضافت لها المحاصصة مساحة اخرى من الخلل بعدما قدمت بعض من الاشخاص المسيسيين ومرشحي الكتل والاحزاب الى مفاصل القيادة الامنية، وهم غير مؤهلين مهنياً، فاعاق عملية وضع الخطط، وتنفيذها في آن معا، وهذه من أكثر الصعوبات تأثيراً على القتال الامني، والحل في اطاره لن يكون ممكناً قبل اقتناع المسؤولين السياسيين، بأن مهنية العسكر وحياديتهم كفيلة وحدها لضمان تنفيذ مقبول لاوامر وخطط القتال الامنية.


مستلزمات النجاح في القتال الأمني الداخلي

ان نجاح القتال الامني باتجاه تعزيز الاستقرار، لا يأتي بإصدار القرارات، ولا بالنوايا الحسنة التي لا ينكر وجودها عند الحكومة والبعض من السياسيين، بل وبتوفير مستلزمات النجاح التي يتأسس القسم المهم منها على السياسة، وتجاوز المعوقات المذكورة في أعلاه، والقسم الآخر على أمور مهنية ذات صلة مباشرة بالجوانب العسكرية والأمنية، وبسياقات التنفيذ. وعلى وجه العموم إذا ما توافق أهل السياسة، وقللوا من أثر الاختلافات فيما بينهم، وتجاوزوا مسألة التأثر بالمحيط، وقللوا من اتجاهات الإثارة والتحريض. وإذا ما انتقلوا من السلب إلى الإيجاب، وأسهموا في تعميم ثقافة التنازل عن توجهات استخدام القوة لتوسيع هامش الربح، وتعويض كم الخسارة والاستعاضة عنها بالتوجه صوب الوسط، وقبول التعايش المقرون بالتضحية من قبل الجميع. وإذا ما عملوا ذلك وأمور أخرى تتعلق بالتهدئة، وتقليل الاحتقان، فإنهم سيسهمون من جانبهم بتقليل أثر الاضطراب الأمني، وتذليل كل الصعوبات الممكنة، لأية خطط قتال أمنية بنسب عالية، لا تبقي للعسكر ورجال الأمن، إلا القليل من الجهد للسيطرة وبسط الأمن والاستقرار. ومع هذا يبقى النجاح ناقصاً أو غير ممكناً، اذا لم يؤخذ بالاعتبار:
1. المراجعة الدورية لخطط البناء. أي اعادة النظر في بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية، وفق المعايير الاحترافية بعيداً عن التحزب والولاءات الشخصية والدينية والنفعية، بالاستفادة من الضباط المحترفين الموجودين في الخدمة، ومنتسبي الجيش السابق، وبتجاوز معايير المحاصصة العرقية، والطائفية. وبنفس الوقت حماية المؤسسات، والأجهزة الأمنية من تدخل مراكز القوى المشاركة في الحكم، والمسيطرة على الساحة السياسية، والأمنية بقوانين رادعة تحرم ذلك. وتطهيرها "الأجهزة، ومؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية" من منتسبي الأحزاب والحركات والمليشيات، التي استمرت تدين بالولاء أو ترتبط بعلاقات تنظيمية معها.
2. استقلالية المنصب العسكري والامني. وضع صيغ قانونية، لإسناد مناصب وزير الدفاع، والداخلية والأمن الوطني، ومستشار الأمن الوطني، وروساء أجهزة المخابرات والاستخبارات من خارج المؤسسات السياسية التي تحكم، أي أن يكونوا مهنيين مستقلين غير منتمين إلى حزب أو حركة، ومن كان منهم مؤهلاً من حيث الكفاءة والإمكانية، ويصدف أن يكون منتمياً إلى جهة سياسية، لابد وان يُلزم بالاستقالة منها علناً، ويراقب البرلمان حياديته.
3. تحديد الهدف العسكري. والمقصود هنا، تحديد هدف سياسي وطني أعلى تعمل القوات المسلحة، على تحقيقه سواء في مجال الدفاع عن حدود الدولة، ضد التهديدات الخارجية أو في إطار الأمن الداخلي، ويقوم البرلمان بالمساءلة التقليدية، للتأكد من حسن التنفيذ وحياديته، على أن يدعم هذا الهدف او مجموعة الاهداف، بتشريعات واضحة المعالم، تكون فيها القوات المسلحة العراقية، فوق الميول والاتجاهات الحزبية والسياسية، مع ضرورة إخضاع كافة المنتسبين الحاليين لها إلى المعايير الاحترافية، والأمنية. والزام المؤسسات العسكرية، والأمنية للعمل وفق معايير التوصيف الوظيفي، لجميع المناصب القيادية، والتنفيذية.
4. الانتقاء الصحيح للمنصب المناسب. انتقاء وتعيين قيادات ميدانية خبيرة، تتمتع بأخلاق مهنية عسكرية، وولاء وطني خالص، بعيدة عن أي تأثير سياسي أو ديني أو عرقي، مخولة بصلاحيات كافية تؤمن قدرة تأثير شخصية على مرؤسيهم، والجمهور المحيط بهم. ودفعهم الى ان يشرفوا على برامج إعداد مهني، ونفسي، وإنساني صحيح لمستويات المقاتلين جميعاً، يؤمن استخدام أخلاقي لقواعد الاشتباك التعبوية، التي يمكن أن تحقق قدر كاف من احترام المواطنين، والمحافظة على أرواحهم، والتعامل المهني مع المشتبه بهم في خرق الأمن والقانون.
5. الالتزام القيمي. ضرورة ايجاد سبل لضمان استقلالية، ودعم حقيقي من قبل القوى السياسية الحاكمة والمرجعيات الدينية لعملية القتال الامني. والدفع باتجاه أن تكون وسائل، وأدوات الدولة الإعلامية" صحف، مجلات، إذاعات، فضائيات" محايدة تماماً، وأن ينطبق عليها ما ينطبق على العسكر من إلزام بعدم التدخل في السياسة، وضرورة تأهيلهم لأن يكونوا حياديين فعلاً لضمان تقليل أثر الانفعالات السلبية، وتوفير قدر من الطمأنة، والكسب الجماهيري إلى صالح التنفيذ الدقيق، لمستلزمات وخطط القتال الامني.
تعدد الجهود الداعمة
ان العراق في وضعه الأمني المضطرب، بحاجة ماسة إلى جهود متعددة الإتجاهات للتقليل من أثر الاضطراب، والانتقال إلى الأمام لبسط الاستقرار في ربوعه، وأحد هذه الاتجاهات اعمال قتال لفرض الأمن بالقوة في بعض مدنه التي أصبحت من أكثر البؤر خطورة على حاضر العراق ومستقبله.
لكن قتال من هذا النوع لن يكتب له النجاح إذا لم تمر قراراته عبر قنوات السياسة الداخلية التي تتطلب توافقاً ورضىً معقولاً من قبل الجميع. ودعماً باتجاه تنفيذها في جميع المناطق والمدن. وكذلك عبر القنوات الدولية التي أصبح العراق، وبسبب الصراعات الدائرة بينها، وأهدافها الإستراتيجية ساحة لمقاتلة الإرهاب، وتصفية الحسابات معًا، الأمر الذي يحتم وجود تفاهم دولي وإقليمي لا يستثني طرفاً من الأطراف.
إن القتال الذي لم يحسم الموقف سريعاً، ولم يخلص المجتمع العراقي من الارهاب والاعمال المسلحة حتى انتهاء السنة التاسعة بعد التغيير، بسبب الكثير من المعوقات والمصاعب الفنية، والإدارية، والسياسية، والاجتماعية التي تم ذكرها بالتفصيل، إذا لم يسع المسؤولون السياسيون على تجاوزها من خلال التعامل الصحيح معها والمرونة في تفادي آثارها، سوف يطول أمد القتال.
اشارة في صلب الموضوع
إن الاضطراب الذي اقتضى القتال في الداخل، تعود بعض أسبابه إلى تراكمات العهد السابق، وبعضها الى أخطاء الحاضر، وأي كانت طبيعتها، يتطلب النجاح في موضوعه اي الانتصار في القتال، تقديم حلول مقبولة لها، ومحو مدروس لآثارها، خاصة ما يتعلق بحل الجيش والأجهزة الأمنية، وغيرها حلولاً مقبولة، تدفع لأن يكون المعنيين بها، والقريبون منهم أعضاء فاعلين في مجتمع يفترض أن يسهم الجميع في إعادة بنائه من جديد.

* عقابيل تحت الشدة (P T S D ) Post traumatic disorder نوع من انواع الاضطراب النفسي، يصيب الفرد والجماعة التي تتعرض بشكل شديد ومفاجي أو مستمر لضغوط بيئية سواء كانت قتالية او كوارث طبيعية او احداث عابرة، من بين أعراضه الشائعة، الشعور بالنحول العام والتعب شبه المستمر، والأحلام غير المريحة والكوابيس المزعجة، وسرعة الانفعال، وبطئ الاستجابة، وأحيانا الاكتئاب(17).
                ....... انتهى .......

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

621 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع