الاديب .. اللغوي .. الاعلامي .. المؤرخ .. الراحل صادق بهاء الدين ئاميدي..
تعرفت على الراحل صادق بهاء الدين عندما كنت طالبا في كلية الاداب جامعة بغداد في عام 1970 التقيت به في اعدادية الغربية في بغداد عندما كان معاونا فيها اهداني في حينها مسودة كتاب (قواعد اللغة الكوردية ) وبخط يده ولا زلت احتفض بها والكتاب الان يدرس ضمن المنهاج لطلبة الجامعة ،وشاءت الصدف وان التقينا في الاذاعة الكوردية في بغداد حيث كان يقدم برنامجا لغويا حول قواعد اللغة الكوردية وكان الراحل عضوا في لجنة فحص النصوص لبرامج الاذاعة الكوردية .
اذكره عندما كان ينا ديني عندما يدخل الى الاذاعة الكوردية اين انت ايها البرواري وياتي الى مكتبي وبجلس بجانبي ويحدثني عن اللغة والادب الكوردي والمصطلحات الكوردية وكل ما يتعلق باللغة والقواعد والادب الكوردي .
اهداني الراحل كل مؤلفاته ولا زلت احتفظ بها في مكتبتي .
الراحل الكاتب واللغوي صادق بهاء الدين كان مدافعا مستميتا عن اللغة الكرمانجية وله الفضل الكبير في تثبيتها في الاذاعة الكوردية وفي المطبوعات والمنشورات في الصحف والمجلات وفي مطبوعات المجمع العلمي الكوردي في حينها في بغداد.
ولد في منطقة بهدينان التابعة لمدينة العمادية، تعلم قراءة القران على يد والده الذي کان عالما دينيا معروفا في المدينة. عرف عنه ولوعه بالادب الکوردي منذ ان کان طالب في الصف الثالث المتوسط.
تخرج في دار المعلمين العالية في بغداد، وحصل حلى شهادة بکالوريوس في الجغرافيا.. ورغم انه کان يتمنى دراسة القانون ،حيث كان لايرغب ان يعمل في التدريس الا انه درس علوم الاجتماعيات وقام بتدريس هذه المواد بعد تخرجه من دارالمعلمين العالية في بغداد، فعمل مدرسا لمادة الاجتماعيات في متوسطة کرکوك للبنين وعمل کذلك کمدرس في متوسطة حلبجة لمدة سبع سنوات، وعمل کذلك في مدينة السليمانية ومدينة زاخو، ثم نقل الى محافظة الانبار وعمل في مدينة (هيت) وبعدها عمل مدرسا لمادة الجغرافيا في بغداد لاکثر من 17 سنة.
وبعد ان تأسست مديرية الدراسات الکوردية في بغداد عين مدرسا للغة والآداب الکوردية في القسم الکوردي بکلية الاداب في جامعة بغداد وکان ذلك عام 1963 - 1965.
من اهم الانشطة الثقافية ولاجتماعية التي شارك فيها الاديب الراحل صادق بهاء الدين ئاميدي:
- کان عضوا في نادي الارتقاء الکوردي في اوائل الأربعينيات.
- نشر مقالات قيمة في مجلة (هيوا) الصادرة من قبل الهيئة الإدارية لناديالارتقاء الکوردي.
- قدم مواضيع ثقافية وادبية ولغوية في الاذاعة الکوردية في بغداد وذلک عام 1956.
- نشر العشرات من المقالات والبحوث الادبية في الصحف والمجلات الکوردية حيث کان اديبا ولغويا بارعا.
ومن الصحف والمجلات التي نشر فيها انتاجاتههي (هاوکاري)،(برايتي)، (دهفتهري کوردهواري) ،(نووسهري کورد)،(شمس کوردستان)،(بيان)،(روشهنبري نوي)،ومجلة المجمع العالمي الکوردي.
بعد ثورة 14 تموز 1958 ساهم في تأسيس نقابة المعلمين وکان من احد أبرز الأعضاء الکورد فيها، وبرز دوره في المؤتمرين الاول والثاني في سنة 1959 - 1960 وکان رئيسا للجنة الدراسة الکوردية ودافع عن الحقوق القومية للشعب الکوردي. وکان له دور بارز في المؤتمر الاول لاتحاد الادباء الکورد الذي انعقد في بغداد عام 1970 واختير رئيسا لهيئة إدارة المؤتمر.
الکاتب الراحل صادق بهاء الدين ئامدي کان مهتما بدراسة التاريخ والادب، وکان ملما باللغة العربية وقواعدها،مولعا بها ولعه باللغة الكوردية منذ كان طالبا في المدرسة الثانوة ، وتحدث الکاتب عن ذلك في لقاء أجراه معه التلفزيون العراقي في برنامج (سيرة وذکريات) الذي کان يعدها ويقدمها الکاتبة الروائية العراقية (ابتسام عبد الله) بتاريخ 10/1/ 1982 ومن الجدير بالذکر انها کانت المرة الاولى التي تستضيف فيها کاتبا کورديا.. يقول الراحل الاديب صادق عن ذکرياته واهتماماته: « اتذکر انهعندما قبلنا في دارالمعلمين العالي کان هناك امتحان قبول في مواضيع اللغة العربية والانجليزية، وکان الامتحان يجري تحريريا وشفهيا، والامتحان الشفهي کان يطلب من المقبولين الدخول دون ترتيب، لم تکن الاسماء تقرأ، انما کان يدخل طالب تلو طالب اخر......وکان المرحوم الدکتور مصطفى جواد اعطاني کتاب (الطرف) وهو کتاب في اللغة العربية صعب وغير مشکل وطلب مني القراءة، وعند قراءتي لهسألني...السؤال الاول وهو اعراب کلمة (ما بعد اذا) وتذکرت بيتا من الفية ابن مالك، البيت:
يا اخوتي افيدکم فائدة کل ما بعد اذا زائدة
وسألني سؤالا اخر عن الاعراب وکان کلمة ممنوعة من الصرف، فطلب مني ان اعدد موانع الصرف في قواعد اللغة العربية، فتذکرت ابياتا من الفية ابن مالك في ذلك، وقلت:
موانع الصرف تسع کلما وجدت
عدل ووصف وتأنيث ومعرفة
والنون زائدة من قبلها الف
ثنتان منها فما للصرف تصويب
وعجمة ثم جمع ثم iiترکيب
ووزن فعل هذا القول تقريب
فسألني الدکتور سليم جواد الذي کان موجودا مع الدکتور مصطفى جواد فيما اذا کنت معلما في المدارس الابتدائية وأتيت لتکملة الدراسة، فقلت: کلا انا خريج الدراسة الثانوية وکنت ازور المکتبة العامة، التي کانت تسمى مکتبة الرازي القريبة من جسر الموصل الجديد. فحفظت قسما من الفية ابن المالك لاني اعجبت بها ».
ومن خلال هذا يتبين لنا ذكاؤه الحاد وحافظته القوية واهتماماته بعلوم اللغة العربية والتي ساعدته فيما بعدعلى العمل في ترجمة النشرات العربية الى الکوردية ثم قرائتهاعند تقديمه للاخبار باللغة الکوردية عندما کان يعمل في الاذاعة الکوردية في بغداد حيث کان المذيع والمترجم في الوقت نفسه.
وعمل في الاذاعة الکوردية منذ عام 1956 حيث اعد العديد من البرامج التي کانت تتناول شؤون التاريخ والادب الکوردي والصفحات المشرقة من تاريخ الشعب الکوردي، وکان الاديب الراحل يحرر مقالات ادبية وباللغتين الکوردية والعربية وينشرها في الصحف المحلية.
کان المرحوم صادق بهاء الدين مهتما بالادب الکوردي وکان يعشق الاشعار والقصائد والاغاني الکوردية، وکان يولي اللهجة (الکرمانجية) اهتماما خاصا..ويعتبر صادق بهاء الدين من ابرز الخبراء الذين کتبوا عن قواعد اللغة الکوردية وألف کتابا عن قواعد اللهجة الکرمانجية، وکذلك کتابا عن قواعد اللغة الکوردية - مقارنة بين اللهجتين الکرمانجية الشمالية والکرمانجية الجنوبية.
ونجد اهتمام المرحوم بالادب الکوردي والتاريخ من خلال مؤلفاتهالقيمة حيث الف مجموعة من الکتب باللغة االکوردية تضمنت مواضيع شتى في المصطلحات الکوردية وشرحها وتفسيرها..وبذلك خدم اللغة الکوردية والادب الکوردي خدمة جليلة.
کان للمرحوم الاديب صادق بهاء الدين مؤلفات عديدة وقيمة تعد الى الان مراجع مهمة في مجالي اللغة والادب وطبع معظمها في حياتهوبقيت بعضها محفوظة تنتظر الطبع والنشر.
2036 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع