سوق"الشيشان" في بغداد، مغناطيس للفقراء والمعوزين

  

سوق"الشيشان" في بغداد، مغناطيس للفقراء والمعوزين

  

يعد سوق "الشيشان" من أكبر أسواق بغداد الشعبية، ويستمد شهرته لكون أغلب باعته من الفقراء الذين يفترشون الأرض ببضائعهم المتنوعة والزهيدة الثمن، ولكون زبائنه من الطبقة الفقيرة وذوي الدخل المحدود.

الناس القاصدون سوق "الشيشان" ترى بعضهم يحمل بضاعته المشتراة على كتفه أو حاملاً إياها في عربة صغيرة أو دراجة نارية محورة (الستوتة)، هذه الصورة تقابل من يتجول في سوق الشيشان شرقي العاصمة العراقية بغداد. تسمية السوق جاءت من أحداث الشيشان الروسية في تسعينات القرن الماضي التي تزامنت مع إنشاء السوق. وهناك من يقول إن التسمية تأتي من فوضى ما يُعرض فيه من سلع رخيصة، وآخرون يقولون إنها جاءت من بعده عن مباني المدينة، لتبدو صورته من بعيد كساحة حرب. لكنه في النهاية أصبح ملاذاً للعاطلين والباعة المتجولين.
في هذا المكان لا يستطيع الزبون أن يشق طريقه بسهولة وسط تلال من البضائع الغذائية والألبسة التي تتنوع إلى حد لا يمكن معها حصر ما هو موجود، فكل ما ترغب فيه وتود أن تراه متوافر، ومن شتى المناطق والأنواع. وبعد عقدين على إنشائه باتت ممراته تتشعب بين شارع الداخل امتداداً إلى شارع الفلاح في مدخل مدينة الصدر.
ويفترش المئات من باعة الخضار والمواد الغذائية المتنوعة الأرض، من أجل كسب قوتهم اليومي ومجاراة غلاء المعيشة المتزايد يوماً بعد آخر في العراق. ورغم تحسن المستوى المعاشي في العراق بعد 2003، إلا أن سوق الفقراء "الشيشان" لا يزال قائماً حتى هذه اللحظة.
وتجد بين باعة سوق الشيشان أطفالاً تحولوا إلى إعلانات متحركة عبر عرض بضاعتهم على المارة، وهناك نساء كبيرات في السن يفترشن الأرض لعرض سلعهن، ناهيك عن أصحاب العربات الخشبية المليئة بالسجائر والمشروبات والمأكولات السريعة.
تحت ظل رسمته مظلتها الشمسية المتهالكة من حرارة الشمس الملتهبة تجلس صبرية حسن هاشم (55 عاماً) خلف بضاعتها من المواد الغذائية، وعيناها تراقب طريق المارة باحثة عن زبون يرغب في الشراء – علها تسد رمق عائلتها المكونة من تسعة أفراد. وهي من أقدم الباعة الموجودين في سوق الشيشان.

 

    جميع السلع التي لا تخطر على البال موجودة في سوق الشيشان

تاريخ السوق وتسميته
ترتبط هاشم بعلاقة وثيقة مع سوق الشيشان منذ أكثر من 18 عاماً، وتسرد حكاية هذا السوق واقترانه بهذه التسمية قائلة: "يعود تاريخ إسم سوق الشيشان إلى نحو 20 عاماً، مقترناً بأحداث الشيشان الروسية"، منتصف تسعينيات القرن الماضي.
وتضيف هاشم، وهي تمسح عرق جبينها الشاحب بقطعة من القماش، بأن "هناك الكثير من الناس الذين يتوافدون على هذا السوق في كل يوم لشراء مختلف أنواع المواد الغذائية بأسعار زهيدة"، مبينة أن السوق يعتبر بالدرجة الأساس مقصداً "للفقراء سواء من الزبائن أو الباعة".
"بضاعة مميزة وبأسعار زهيدة"
ببضاعته المتميزة من مستحضرات التجميل والملابس ذات الماركات العالمية التي خلفتها القوات الأمريكية قبيل الانسحاب من العراق نهاية العام الماضي، كان عباس جبر مدهون، وهو الآخر من باعة هذا السوق، منشغلاً بترتيب بضاعته الأمريكية وفرزها. ويوضح قائلاً: "يتميز سوقنا ببضائعه المختلفة كالملابس والسجاد والمواد ذات الماركات العالمية، وهي تباع بأسعار مناسبة يصعب الحصول عليها في الأسواق التجارية".
وبينما هو يحاور أحد الزبائن الذي يرغب في شراء بعض مستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية، يضيف مدهون (38 عاماً) في حوار مع DWعربية "تتراوح أسعار البضائع التي تباع في هذا المكان باختلاف نوعيتها، فمنها من يباع بسعر 10 ألاف دينار عراقي نحو (7 دولارات أمريكية) كبدلات العمل، و500 دينار نحو (40 سنتاً أمريكياً) ثمن القميص الرجالي أو بعض المستحضرات التجميلية أو الطبية".

   

              لطيف محمد علي، زبون وفي لسوق الشيشان

تفجير سوق الفقراء
أما لطيف محمد علي، وهو أحد زبائن سوق الشيشان والذي يقصده بصورة مستمرة لشراء كل ما يحتاج إليه من ملابس رجالية أمريكية الصنع، فضلاً عن بعض المواد الطبية، فيقول: "البضاعة الجيدة والأسعار الزهيدة أبرز الأسباب التي تدفعني إلى ارتياد هذا السوق بصورة مستمرة".
وبينما ينشغل علي (37 عاماً) بشراء بعض الملابس المستعملة ذات الماركات العالمية من أحد الباعة المتجولين في سوق الشيشان، يضيف قائلاً:"باستطاعتك الحصول على كلما يجول في خاطرك بمجرد بذل المزيد من الجهد أثناء البحث". ويبين أن "سوق الشيشان يعتبر مقصداً للفقير وبيت له، في ظل الارتفاع المفرط والكبير في أسعار المواد الغذائية والسلع والبضائع".
ولم تذهب هناء محمد جعفر، بعيداً عما قاله علي، لأن انخفاض أسعار السلع والبضائع في سوق الشيشان مقارنة مع الأسواق الأخرى، هو السبب الرئيسي "لشهرة" هذا السوق. وتقول جعفر التي ترتاد "الشيشان"هي الأخرى بصورة مستمرة "أفضل شراء كل ما احتاج إليه من خضار ومواد غذائية من هذا السوق، وذلك لرخص أسعاره التي تصل إلى نصف قيمتها الأصلية مقارنة بالأسواق الأخرى". وتضيف جعفر (29 عاماً)، في حديثها مع DWعربية: "الصفة التي ينفرد بها سوق الشيشان عن الأسواق الأخرى، هي الفقر والعوز بين باعته وزبائنه".
وكان لـ"سوق الشيشان" نصيب من موجة العنف الدامية التي اجتاحت العراق بعد عام 2003، إذ تعرضت لتفجيرات عدة وهجمات مسلحة راح ضحيتها العشرات من رواده وباعته المتجولين، كالهجوم الانتحاري الذي ضربه مطلع 2007 وسقط على إثره نحو 200 بين قتيل وجريح. فضلاً عن إحراق السوق لأكثر من مرة من قبل القوات الأمريكية وبعض المجهولين
المصدر:دويتشه فيلله
مناف الساعدي/ بغداد

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

618 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع