رحيل شيخ الفنانين العراقيين اسعد عبد الرزاق

   

عبدالجبار العتابي/بغداد: نعت نقابة الفنانين العراقيين الفنان المسرحي الرائد اسعد عبد الرزاق الذي وافاه الاجل بسبب الشيخوخة عن عمر 90 عاما، وهو مؤسس فرقة 14 تموز المسرحية وعميد كلية الفنون الجميلة الاسبق، اطلق عليه الدكتور صلاح القصب لقب (شيخ الفنانين)، لانه الاكبر سنا بينهم، وكان حضور الفنان اسعد عبد الرزاق الى مهرجان المسرح الدولي الذي اختتم قبل ايام في بغداد، حيث جرى تكريمه فيه، هو النشاط الاجتماعي الاخير.

وقال صباح المندلاوي نقيب الفنانين بمزيد من الحزن وألاسى، ننعى رحيل الفنان الرائد والمربي الكبير اسعد عبد الرزاق صاحب القلب الطيب الذي افنى جل حياته في خدمة الحركة المسرحية العراقية والفنية وقد امضى سنوات طويلة عميدا لمعهد وكلية الفنون الجميلة وكان قريبا جدا ن الفنانين واسهم في تعزيز وتطوير الحركة المسرحية والفنية في العراق، وهو القائل عن نفسه انه من أكثر المعجبين بالمسرح لأنه يعتبره احد الوجوه الحضارية التي تتميز بها الشعوب والبلدان وهو مرآة صادقة تعكس حضارة الأمم وتطورها ورقيها في كافة المجالات...

     

ولا ننسى فيلمه المهم (الجابي) الذي صور الحياة الواقعية العراقية ابان فترة الستينيات من القرن المنصرم فتحدث الفيلم عن هموم الناس اليومية داخل حافلة نقل الركاب، لا نقول الا وداعاً أستاذ أسعد الحبيب، وان مواقفك الطيبة والنبيلة ستبقى أبدا حاضرة في ذاكرة الفنانين من طلابك، ولا يسعى ونحن نتأسف ان نخلة شامخة من نخلات عراقنا سقطت اليوم، الا ان نقول انا لله وانا اليه راجعون.

والفنان الراحل من مواليد بغداد عام 1923 ، ويعد من الفنانين العراقيين المخضرمين والرواد الاوائل،  له رصيد كبير من الاعمال الفنية على مختلف مجالاتها،وتولى منصب عميد معهد الفنون عام 1961. وفي عام 1971، أصبح عميداً لكلية الفنون الجميلة. وعلى مدى 17 عاما من عمادته للكلية، نجح عبد الرزاق في استحداث وتأسيس عددٍ من الأقسام في الكلية التي كانت تتكون من قسمين و150 طالباً. وعند إحالته إلى التقاعد عام 1988، كانت الكلية تحتوي على سبعة أقسام وثلاثة آلاف طالب، وهو القائل : اكاديمية الفنون الجميلة هي حياتي التي اعتز بها.. عايشتها، وعشت فيها.. خدمت، ودرست، واعددت، واشرفت على رسائل تخرج افواج من الفنانين، الذين اصبحوا اعمدة الفن في العراق.

                           


 على لسانه يقول : شغفي بالفن بدأ حينما كنت طفلاً، اصطحبني أخي الأكبر لأشاركه ومجموعة من الهواة في تقديم عمل مسرحي، لكن في العام 1939، أعلن الفنان حقي الشبلي عن طلب ممثلين للمسرح العراقي. فرشحني أحد زملائي في المدرسة المتوسطة. وفعلا تقدمت للمشاركة وأعطاني الشبلي دور البطولة في مسرحية "الصحراء" التي قدمناها ضمن النشاط المدرسي لوزارة المعارف حينذاك،وبعد تأسيس معهد الفنون عام 1940، دعاني الفنان الشبلي للدراسة في المعهد، لكني أبديت له رغبتي في إكمال دراستي الثانوية، وفعلا أكملت دراستي والتحقت بكلية الحقوق وانضممت في ذلك الوقت إلى مجموعة "جبر الخواطر" التي شكلها الفنان يوسف العاني الذي كان طالباً في كلية الحقوق أيضاً، وقدمنا من خلال الفرقة عدداً من الأعمال بعضها كان عبارة عن مقاطع وفصول هزلية،لكن هاجس التمثيل بقي في داخلي؛ فسارعت إلى الالتحاق بالدراسة المسائية في معهد الفنون، وقد قاطعني أهلي بسببها عندئذٍ لأكثر من أسبوعين،وبعد تخرجي من الحقوق، عملت في هذا الحقل لفترة وجيزة ثم عينت مدرساً في معهد الفنون لتدريس مادة التمثيل. ثم أتيحت لي فرصة الدراسة في روما التي عدت منها عام 1958 بعد حصولي على الماجستير.

              

وعن مسيرته المسرحية قال الراحل : أسست مع المرحوم وجيه عبد الغني فرقة 14 تموز عام 1959 و كان معنا فوزي مهدي وصادق علي شاهين. وكانت واحدة من أهم الفرق في بغداد إلى جانب فرقة المسرح الفني الحديث التي أسسها الفنان يوسف العاني،وقدمنا عدداً كبيراً من العروض و بعضها مازال عالقاً بذاكرة المشاهد، مثل مسرحية "الدبخانة" التي عرضت لأول مرة عام 1960 ولقيت شهرة واسعة  ومسرحية "كملت السبحة" و "أيدك بالدهن" و "جزه وخروف" و "جفجير البلد" وغيرها، والتي كنت مخرجا لأغلبها.

ويوضح رحمه الله : لقد كانت فترة الستينات والسبعينات بمثابة الفترة الذهبية للمسرح العراقي بسبب كثرة العروض والفرق ولهفة الجمهور وحرصه على مشاهدة العروض. كما قامت الفرق التي تأسست في تلك الفترة بتقديم أعمال يومية عبر شاشة التلفزيون، حينما كان البث مباشراً. كما أن أغلب الكتاب كانوا يقدمون أعمالهم للفرق المسرحية، لأنهم حينما يقدموها لإدارة التلفزيون كانت تأخذ طريقها إلى سلة المهملات فيما كان واقع المسرحي العراقي في زمن التسعينيات واقع حرج.. بل هو مأساة داخل مأساة.. هذا المسرح بدأ بداية مقدسة.. كانت فيه ملامح سومرية، واخرى بابلية.. وملامح اخرى كثيرة وواضحة، كان فيه فقهاء، وعلماء وسوق عكاظ، وسوق المربد، وغيرها.. وكان هذا المسرح يكرس التراث في خدمة الحاضر والمستقبل.. فأين هو النص المسرحي الذي يجسد كل هذا الان..!؟ المسرح العراقي كان انجازا ثقافيا حضاريا، انصهر في بودقة القيم الجمالية لتاريخنا ولكن من المؤسف حقا ان بعض المسرحيات وصلت الى حالة من التدهور، يرثى لها.
رحم الله الفنان الكبير اسعد عبد الرزاق واسكنه فسيح جناته

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

833 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تابعونا على الفيس بوك