الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق 10 مارس
إرم نيوز:كشفت مصادر سورية مطلعة عن وصول قائد "قوات سوريا الديمقراطية - قسد"، مظلوم عبدي، مساء الثلاثاء، إلى العاصمة السورية دمشق، للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، لمتابعة التفاوض حول اتفاق الـ10 من مارس/ آذار.
وأكدت المصادر أن "عبدي" وصل برفقة قوات أمريكية تابعة للتحالف الدولي، فيما ضم وفد الإدارة الذاتية إلى جانب مظلوم عبدي، الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية عبد المهباش، إضافة إلى عدد آخر من قيادات "قسد".
مصادر خاصة قالت لـ "إرم نيوز" إن وصول مظلوم عبدي أحيط بإجراءات أمنية مشددة وتأمين مباشر من قوات أمريكية تعمل ضمن التحالف الدولي. وأكدت المصادر أن هذه الزيارة ستشهد مفاوضات حاسمة بين "قسد" والحكومة السورية حول مستقبل مناطق سيطرة "قسد"، واحتمالات تسليم ملفات حساسة تتعلق بالإرهاب والحدود والسجون.
اجتماعات لتطبيق اتفاق الـ10 من مارس
في سياق متصل، قالت مصادر إعلامية سورية إن اجتماعًا قريبًا سيُعقد بين المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم باراك، والرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد "قوات سوريا الديمقراطية"، مظلوم عبدي، وذلك في إطار الدفع باتجاه تطبيق اتفاق الـ10 من مارس / آذار.
وقالت المصادر، إن لقاءً تمهيديًّا سيجمع باراك وعبدي قبل اللقاء مع الرئيس الشرع، وذلك خلال الأيام القادمة دون أن يحدَّد موقع اللقاء.
وسيركّز اللقاء الثلاثي على تطبيق اتفاق الـ10 من آذار بين الرئيس السوري وقائد "قسد"، والذي نصّ على اندماج قسد ومؤسساتها ضمن إدارة الدولة السورية.
وذكرت المصادر أن "قسد" طلبت إجراء تعديلات على بعض بنود الاتفاق، بالتوافق مع واشنطن، فيما يتعلّق بفترة التطبيق المحددة بنهاية العام الحالي، وإجراء تعديلات متعلّقة بمطالب الكرد السوريين.
وأكدت أن فرنسا سوف تنضم إلى جانب الولايات المتحدة في رعاية تطبيق بنود الاتفاق بين "قسد" والحكومة السورية، ومنع حدوث أي تصعيد ميداني.
وإلى جانب اتفاق آذار، من المزمع أن يناقش المبعوث الأمريكي ملفات التعاون بين "التحالف الدولي" والحكومة السورية و"قسد" في إطار مكافحة تنظيم "داعش" في سوريا.
هشاشة التوافق وفجوة الرؤية
ورغم أن اتفاق الـ10 من مارس/ آذار، شكّل في حينه تطورًا مهمًّا باتجاه دمج "قوات سوريا الديمقراطية" ضمن هيكلية الدولة الانتقالية، إلا أن ما تلاه من تأخّر في التنفيذ واختلاف على البنود المفصلية يعكس هشاشة التوافق وفجوة الرؤية بين الطرفين، وفقًا لِما يقول الكاتب والباحث السياسي السوري مالك الحافظ.
ويرى الحافظ في تصريحات لـ "إرم نيوز" أن دمج "قسد" ضمن المؤسسة العسكرية للدولة الانتقالية هو اختبار لبنية السلطة الجديدة ذات المرجعية السلفية الجهادية، وقدرتها على التعامل مع مشروع سياسي وعسكري ذي هوية مغايرة. مضيفًا أن "قسد"، باعتبارها الذراع العسكرية للإدارة الذاتية، تنظر إلى مسألة الدمج باعتبارها انخراطًا في دولة–أمة جامعة، وبأنها أيضًا في الوقت ذاته تأتي كشرط لتثبيت نوع من الضمان السياسي والجغرافي لمكتسباتها ما بعد "داعش".
ومن هنا، يقول الحافظ، فإن "مطلب (قسد) بدمج قواتها ككل دون تفكيك أو إعادة هيكلة هو تعبير عن رغبة في الاستمرار، وهذا مطلب محق بالنظر إلى خصوصية تجربتها وأثره المهم على صعيد محاربة التنظيمات الإرهابية، فضلًا عن تأمين السلم والاستقرار في مناطق شمال شرق سوريا".
أما في ما يخصّ موقع السلطة الانتقالية من ملف الدمج، فيلفت الباحث السياسي السوري، إلى أن السلطة لا تتحرك من موقع سيادي واضح، وإنما من داخل توازنات مضطربة تُقيّد قدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، خصوصًا تجاه طرف مثل "قسد" يملك قوة ميدانية وإدارية راسخة. فجزء من تركيبتها (السلطة الانتقالية) يستبطن موقفًا عدائيًّا تاريخيًّا من "قسد"، بسبب الإرث الأيديولوجي لفصائل مسلحة وجماعات عقائدية ترى في اللامركزية تهديدًا لهويتها، وتتجاهل أن القوة العسكرية الكردية لم تعد هامشًا في المشهد السوري، بل أحد أعمدته، بحسب الحافظ.
ويشير المحلل السوري، إلى أن السلطة الانتقالية لا تملك رؤية واضحة لدمج "قسد" خارج منطق الإخضاع أو التحايل المؤسساتي، ما يعقّد أي تفاهم مستقبلي، "بدلًا من أن تُبنى المعادلة على اعتراف متبادل واقعي، تُطرح حلول تنتمي إلى منطق التذويب وليس الشراكة، وإلى تراتبية سياسية من دون تفاوض ندي حقيقي ومتكامل". ولذلك، يعتقد الحافظ أن أي صيغة للاتفاق لن تنجح إن لم تعترف أن بناء الدولة لا يتم عبر إعادة إنتاج مركزية جديدة، وإنما عبر توافقات واقعية تُراكم الثقة بدل ابتزازها تحت مسمّى "الدمج".
إعادة ترتيب الأولويات
شهدت الأسابيع الماضية جمودًا متزايدًا في تطبيق الاتفاق، وسط تمسّك "قسد" بمطالبها وتأخر السلطة الانتقالية في خطواتها. غير أن المتغيّر اللافت حاليًّا هو الحضور الدولي ولا سيما الفرنسي والأمريكي، في دفع عجلة التفاوض مجددًا. ومن هنا تبدو زيارة مظلوم عبدي لإعادة ترتيب الأولويات، خصوصًا بعد الحديث عن طلب "قسد" بإعادة النظر في مهلة التنفيذ، والتي ترى فيها اختبارًا لجدية الطرف الآخر أكثر من كونها توقيتًا إجرائيًّا، وفقًا للكاتب مالك الحافظ.
ويوضح "يمكن القول إن أي اختراق محتمل لن يكون سوى من بوابة التنازلات المتبادلة؛ قبول مشروط من "قسد" بالدمج التدريجي، مقابل اعتراف ضمني من السلطة الانتقالية بخصوصية الإدارة الذاتية. ومن هنا تبرز أهمية اللقاءات المرتقبة كفرصة لخلق إطار تفاوضي جديد، قد يفتح الباب أمام اتفاق تكميلي يلحق بـ"اتفاق 10 آذار"، بدلاً من الاكتفاء بتعديله."
ويرى الحافظ أن الموقف الأمريكي–الفرنسي، لا يمكن اختزاله بدعم مطلق لـ"قسد"، وإن كانت الأخيرة حليفًا رئيسًا في الحرب ضد الإرهاب ضمن إطار التحالف الدولي. فالولايات المتحدة تدرك أن دعمها لـ"قسد" يجب ألّا يتحوّل إلى سبب لتعطيل قيام سلطة سورية متماسكة. من هنا، يظهر الميل الأمريكي لتدوير الزوايا بين الطرفين، خصوصًا أن استمرار الانقسام بين الشمال الشرقي ودمشق يعطّل مشروع إعادة بناء الدولة ويؤخر إعادة التوازن إلى الخريطة السورية.
أما فرنسا، كما يرى الحافظ دورها، فهي تنشط دبلوماسيًّا في الملف السوري تحت يافطة الاستقرار ومنع التطرّف، "هي أقرب إلى موقف وسيطي، تسعى فيه إلى ضمان مشاركة "قسد" في الدولة دون أن تُنتزع من السلطة الانتقالية أدواتها السيادية".
ويختم الكاتب مالك الحافظ بالإشارة إلى أن التنسيق الفرنسي–الأمريكي يسير حاليًّا في اتجاه صياغة ضمانات مشتركة، تتيح للجانبين (قسد والسلطة الانتقالية) تبادل خطوات مدروسة، دون خسارة الرمزية أو الأرض.
1179 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع