العراقيون يتفاعلون مع أجواء رمضان بتوطيد العلاقات وتعزيز اللحمة

 إفطار عائلي

تتمسك العائلات العراقية بعادات رمضانية تميز الشهر الكريم، منها تبادل الزيارات وتنظيم الإفطار الجماعي وتبادل أشهى الأطباق والذهاب إلى المنتزهات والأماكن العامة، كما تتمسك أيضا وبشكل يومي خلال شهر رمضان الفضيل بعادة إخراج وجبات إفطار الصائمين والتي يتم إعدادها جيدا للفقراء والمساكين والأيتام، وكذلك تقدمها لموائد إفطار الصائمين المنتشرة في عدد من المساجد والجوامع والميادين.

العرب/بغداد ـ يتفاعل العراقيون، مثل جميع الشعوب الإسلامية، بشكل كبير مع أجواء رمضان كونه يمثل فرصة لخلق روابط جديدة في العلاقات الاجتماعية، لاسيما أثناء الإفطار الجماعي بين العائلات والأقارب أو خلال الذهاب إلى المتنزهات أو الأماكن العامة.

وقالت سوسن أحمد لوكالة الأنباء العراقية إنها “تقوم بإعداد كميات كبيرة من وجبات الإفطار لأسرتها وحتى لبناتها المتزوجات، كجزء من إحياء الروح العائلية وتشجيع المشاركة وتجميع العائلة على سفرة واحدة”، مشيرة إلى أن “أيام رمضان كفيلة بجمع العائلات، حيث يكون الملتقى، والمخرج من أزمات الحياة وصعوباتها، وينهمك الجميع لإنهاء واجباتهم قبل الإفطار، ليكونوا سوية مع صوت أذان المغرب”.

وأضافت أن “طقوس رمضان تتميز كثيرا عن الأيام الأخرى، فهي وجبة واحدة تكون مليئة بكل الأطباق التي يشتهيها كل شخص من العائلة، وإذا ما كانت الأم أحيانا تشعر بتعب من صنع الغداء والعشاء، فإنها في رمضان ستملك الطاقة للاستمتاع بطبخ وجبات شهية، وحتى التعب يختفي، والأبناء يبدؤون في التعاون وحمل الأشياء والطبخ”.

وتابعت سوسن أنها “تقف لساعات طويلة من أجل رؤية أولادها سوية على طاولة واحدة، بملامحهم السعيدة، وهم يتناولون طعامهم المفضل، بعد أن أخذتهم مشقات الدنيا وجعلتهم غير قادرين على الاجتماع سوية في الأيام العادية، ولكن في رمضان الوضع يختلف، إنهم يعودون ويبقون في المنزل بانتظار وجبة الإفطار ومشاهدة المسلسلات”.

بدورها، قالت بتول الشاكري لوكالة الأنباء العراقية إنها “عملت على إنشاء مجموعة واتساب مع قريباتها للاتفاق والاستفسار على اختيار الطبخات، من أجل تبادل الأطعمة عند الإفطار”.

وبينت “في العادة فإن تواصلنا يكون متقطعا بسبب مشاغل الحياة، لكن وجدنا في شهر رمضان الفضيل فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية وتوثيق العلاقات من خلال المشاركة في إعداد وجبات الطبخ عن طريق الواتساب”، موضحة أن “رمضان رمز للتكافل الاجتماعي، والأمر لا يقتصر على العائلة والأقارب وحدهم، بل حتى الجيران لهم حصة من هذه العلاقات، حيث تبدأ الزيارات لهم، محملة بطبق من الحلوى والطعام”.

وأشارت الشاكري إلى أن “شهر رمضان ليس للطعام فقط، وإنما فرصة لإحياء العبادات خاصة في مساعدة الفقراء وكفالة العائلات المتعففة وذلك من خلال جمع الطعام، أو المال، وحتى الثياب الخاصة بالعيد للصغار، وفي رمضان تزيد فرص التكافل الاجتماعي، وهنالك العديد من المواطنين يقومون بتوزيع السلات الغذائية على العائلات الفقيرة، وهذا الأمر أصبح جزءا لا يتجزأ من بركات هذا الشهر الفضيل”.

وذكرت أن “بالإضافة إلى ذلك فإن شهر رمضان في العادة يشهد عودة الكثير من الأقارب المغتربين إلى الوطن لما تتميز به أجواء هذا الشهر من ألفة ومودة جماعية، يفتقدونها في غربتهم”.

وقال أحمد الساعدي لوكالة الأنباء العراقية إن “أجواء رمضان لا تتميز فقط بطقوس أسرية واجتماعية بل تتميز أيضا بإحياء الألعاب الشعبية التي تعد جزءا من موروثات هذا الشهر المبارك، خاصة لعبة ‘المحيبس’ التي يتميز بها العراق حيث لا يزال الناس يستمتعون بممارسة هذه اللعبة سواء في المنازل أو الأزقة أو الحدائق العامة، مما يظهر روح الاندماج والترابط في ما بينهم”.

وأضاف أن “هذه الألعاب على الرغم من أنها ألعاب بسيطة وذات موروث اجتماعي إلا أنها تمثل حالة فريدة في توطيد العلاقات وتزيد الصداقات خاصة مع وجود أجواء التنافس والضحكات المرتبطة بالمواقف الطريفة، بالإضافة إلى وجود المعجنات والحلويات التي عادة ما يتم توزيعها بعد انتهاء اللعبة”.

وقال الإعلامي العراقي فراس الدليمي في حديث عن أجواء رمضان “إن أهم ما يميز مائدة رمضان في العراق هو التنوع الكبير في الوجبات الشعبية والدسمة، حيث إن العائلة العراقية خلال شهر رمضان لديها هوس كبير بتنوع الوجبات، فهي لا تطبخ صنفا واحدا لمائدة الإفطار، بل تتفنن في التجهيز والإعداد لأشهى الأكلات والأطباق، ولهذا أصبحت المائدة العراقية ‏مشهورة جدا على مستوى العالم العربي لما فيها من تنوع كبير في وجباتها وأصنافها”.

من العادات الرمضانية الشهيرة في العراق والتي لا يمكن تجاهلها يقول الدليمي إن الأسر العراقية اعتادت على تبادل أكلات وأطباق مائدة الإفطار، حيث تقوم العائلة بإرسال طبق معين من المائدة إلى جيرانها، الأمر الذي تقابله العائلة الأخرى بإرسال طبق آخر مما تتميز بطبخه للعائلة الأولى.

وتتمسك الأسر العراقية أيضا وبشكل يومي خلال شهر رمضان بعادة إخراج وجبات إفطار الصائمين والتي يتم إعدادها جيدا للفقراء والمساكين والأيتام، وكذلك تقدمها لموائد إفطار الصائمين المنتشرة في عدد من المساجد والجوامع والميادين.

وأكد الدليمي أن لدى الأسر العراقية في شهر رمضان المبارك ترابطا متينا فيما بينها، وهذه من التقاليد التي لا تزال سارية في العراق، حيث يحرص كافة أفراد الأسرة العراقية على جلسات الإفطار الجماعية التي تلم شمل الأسرة على مائدة إفطار واحدة مع والديهم أو أبنائهم، حيث إنهم يلتزمون بالعودة جميعا من أعمالهم ومصالحهم التي قد تكون داخل أو خارج المدينة من أجل تناول وجبة الإفطار والسحور في منزل واحد وعلى مائدة واحدة، كذلك الأبناء المتزوجون الذين يسكنون في منازل مستقلة عن والديهم يحرصون على الحضور والاجتماع وتناول وجبة الإفطار في منزل والدهم أو أخيهم الأكبر.

ويتميز المجتمع العراقي خلال هذا الشهر بالعديد من السمات الجميلة، حيث تنشط العوائل العراقية في رمضان بتبادل الزيارات الودية بينها، والتي من شأنها زيادة الألفة والمحبة بينها، وتحرص تلك العوائل على أن تكون الزيارات إما على وجبة الإفطار أو وجبة السحور أو في بين هذين الوقتين.

ويبدأ رمضان في العراق بطبل المسحرجي وهو شخصية رمضانية شهيرة بقيت حاضرة في قلوب العراقيين والبغداديين خاصة كبار السن ممن وعوا وجود المسحرجي أو “أبوطبل” وهو شخصية فلكلورية مازالت تجوب ليالي رمضان رغم الحداثة والتطور التقني.

وتقول المهندسة ريزان الجاف “إن شهر رمضان فيه من الفضائل الكثير مثلما تكثر فيه العادات والتقاليد التي توارثناها أبا عن جد، وهي عادات لا تزال راسخة إلى يومنا هذا رغم وجود الكثير من المتغيرات الاجتماعية التي طرأت لاسيما في السنوات الأخيرة”.

وأضافت “لعل من أهم التقاليد الرمضانية هي أن تتبادل العائلات العراقية فيما بينها وجبات الإفطار يوميا من خلال ما تطلق عليه ربات البيوت ‘صينية رمضان’ التي قد تصل إلى الجار قبل الكل، إذ تحرص كل عائلة على تقديم أنواع عدة من طعام الفطور في صينية يتم إرسالها إلى الجيران وكذلك يفعل هذا الجار وذاك، وهو أمر تتكفل به ربات البيوت”.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

750 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع