عسكريان يعتديان بالضرب على محتج عراقي
فيما تتزايد اعتداءات الأجهزة الأمنية في العراق على المواطنين إلى حد بات العراقيون يخافون من الإقتراب من العناصر الأمنية أو التعامل معها، طالب ناشطون بضرورة توثيق هذه الاعتداءات لمقاضاة مرتكبيها.
إيلاف/ عبدالجبار العتابي/بغداد: تتواتر تقارير عن اعتداءات الأجهزة الأمنية العراقية على المواطنين في أماكن مختلفة من البلاد، فيما لا يعرف الناس كيف يمكن بها منع هذه الممارسات التي تؤرقهم وباتوا يخافون من الاقتراب من العناصر الأمنية أو التعامل معها، الأمر الذي اثار ضرورة فتح ملف العلاقة بين هذه الأجهزة والمواطن التي تتسم بالتشنج لا سيما أن أجهزة الأمن لا تراعي أي قيمة للمواطن ولا تتورع في الاعتداء عليه بالكلام أو الضرب.
وترتفع نداءات العراقيين بضرورة ردع القوات الأمنية من الاعتداء عليهم، وهذه المرة جاء الاعتداء صارخًا على الرياضيين في العراق، حيث يشرح أحد المشجعين قائلاً: "بعد نهاية مباراة القوة الجوية والزوراء تم الاعتداء على رئيس مشجعي فريق القوة الجوية علي المالكي بالضرب على الرأس وعلى بقية المشجعين من قبل قوات سوات الخاصة المتواجدة بالملعب، مما أدى إلى تعرضه إلى جروح بليغة وسقوطه من اعلى المدرج في الملعب، على الرغم من عدم حصول أي مشاحنات بين جماهير الفريقين، حيث جرت الامور بصورة طبيعية.
وقد أعرب العديد من المواطنين عن تخوفهم من تكرار الاعتداءات لا سيما في الاماكن التي لا تتواجد فيها وسائل إعلام، مشددين على أنّ حادثة الاعتداء على مدرب فريق كربلاء لكرة القدم محمد عباس الذي قتلته قوات (سوات) مؤخرًا ما زالت تثير الجدل، وكان بالامكان أن تشكل قضية رأي عام لاستنكار ما تقوم به القوات الأمنية العراقية على اختلاف تسمياتها ضد المواطنين اذ شهد الواقع العراقي حالات كثيرة من الاعتداءات التي تهين كرامة المواطن أو تفقده حياته.
حرص الداخلية
وقد أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد الدكتور سعد معن الموسوي لـ (إيلاف) أن الوزارة تشدد على ضرورة احترام المواطن العراقي وعدم السماح لأحد بالتجاوز عليه، وقال: نحن في الوزارة مع تطبيق القانون واحترامه، ولكن في الوقت نفسه يجب احترام حقوق الإنسان والحريات العامة والكرامة اﻻنسانية، وهذا ما نطبقه ونشدد عليه وأي عنصر أمن يتجاوز ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية وتتم محاسبته.
وأضاف: أن أبواب وزارة الداخلية مفتوحة للجميع ونتلقى الشكاوى يومياً سواء في دائرة الشؤون الداخلية أو مكتب المفتش العام ومديرية اﻻعلام، تضاف إلى ذلك الخطوط الساخنة ولا نرضى عن أي سلوك غير صحيح.
ضابط عراقي: دور التربية
إلى ذلك أشار ضابط في الجيش العراقي برتبة مقدم، طلب عدم ذكر اسمه، أن التجاوزات التي يقوم بها بعض الجنود فردية، وقال: لا أحد في الجيش العراقي يوصي أو يوجه الجنود في الدوريات بالاعتداء على الناس، فليس واجبهم ذلك بل التعامل الحسن وتطبيق النظام والقانون بالطريقة التي لا تسيء إلى مواطن ولا تثلم كرامته، ولا اظن ضابطًا عراقيًا يرضى أن يتعرض أي مواطن للاهانة مهما كان، ولكن ما يحدث من اعتداءات برأيي هو تصرفات فردية لا تنم عن وعي بالطبع ولا ثقافة ولا قيم عشائرية حتى، وبصراحة أنا اعتبر أن البيئة التي نشأ فيها الجندي لها دور في ذلك، أي أن الخلفية التي جاء منها الجندي هي التي تفرض عليه تصرفاته، بمعنى أن التربية الاسرية لها دور كبير في اخلاق وسلوكيات الشرطي أو الجندي الذي يتعال مع المواطنين.
احترم تحترم ولكن!
ويقول المواطن حاتم عباس، موظف في وزارة الثقافة: اياك أن تعترض على ما يفعله أي شرطي أو جندي في الشارع، اياك أن تقول له (لماذا؟) عن شيء فعله، لأن هذا السؤال سوف يغضبه جدًا ويجعله يخرج عن طوره، وتدفعه لانتهاك كرامتك، وكثيراً ما سمعت الاهانات من معظمهم في الاماكن المختلفة التي تمر بها سياراتهم، فهم يريدون الشارع لهم فقط.
وأضاف: الممارسات التي يقوم بها رجال الآن جعلت العلاقة مع المواطن سلبية حقيقة، فهناك من رجال الأمن من لا يحترم احدًا ويحاول أن يتطاول على الرجل أو المرأة على الرغم من أن شعارهم (احترم تحترم).
وقالت سكينة محمد، موظفة حكومية: صرت اخاف من القوات الأمنية وفي كل مرة أمر فيها أمام عناصر شرطة أو جيش من المتواجدين قرب الاسواق أو الشوارع المهمة اسمع منهم كلامًا لا يليق بهم، إنهم يتحرشون بي، يحاول أن يستوقفني ليتحدث معي، انا للاسف اشعر بالحزن وأعتقد أن أي تحرش هو اعتداء عليّ واهانة للجيش والشرطة، والظاهر أن هؤلاء لم يدخلوا دورات تدريبية تعلمهم الالتزام ومعنى أداء الواجب.
احصاءات لحوادث الاعتداء
ومن جانبه، يطالب شمس الدين حيدر، ناشط في حقوق الانسان، بضرورة توثيق الاعتداءات لمقاضاة مرتكبيها، وقال: كثيرًا ما نسمع عن شكاوى من مواطنين تعرضوا لاعتداءات مختلفة من قبل الأجهزة الأمنية، ولا يمكن طبعًا تعميم ذلك، لأن هناك ضباطاً وجنوداً محترمين جدًا، ولكن نتحدث عن ظاهرة يتذمر منها المواطنون، ونحن طالما قمنا بوقفات احتجاج وتذمر لمقتل مواطن على يد هذه القوات أو لإعتقال آخر بلا سبب، ولكن المهم أن علينا أن لا نقف عند حدود هذا المواطن أو تلك القوات، بل أن علينا واجبًا اكبر بأن نضع عنوانًا عريضًا هو (اعتداءات الأجهزة الأمنية على المواطنين) من اجل القيام باحصاءات للحوادث المشابهة، فضلاً عن تشجيع المواطنين على توثيق حالات الاعتداء وتقديم الوثائق المتعلقة بها تمهيداً لرفع دعاوى قضائية ضد الجهات المعتدية.
وأضاف: من المهم جدًا.. تشجيع المواطن العراقي على رفع دعاوى قضائية ضد أية جهة أمنية حاولت أو اعتدت عليه أو اهانته أو حطت من كرامته أو قتلت احد افراد أسرته، وبصراحة لابد أن تكون هذه الحادثة الشعرة التي تقسم ظهر الظالم والمستهينين بالانسان العراقي لأن الانسان العراقي ذات قيمة عليا، دمه مقدس وكرامته محفوظة.
اما الصحافي مؤيد عبد الوهاب، فأشار إلى عدم وجود ندوات تثقيفية لعناصر الأمن، وقال: إن القوات الحكومية غير مدربة وغير كفؤة، وهي لم تدخل بدورات في كيفية التعامل مع المواطن كالجيش المنحل..فهي أداة قمع للشعب وليس لحماية الشعب ولا يملك الجندي العراقي أي ثقافة مغايرة فتراه يمارس عمليات الاعتداء و اذلال المواطن في سيطرات التفتيش ومجرد الاعتراض عليها يتم اعتقاله.
هراوات القوات الأمنية
إلى ذلك أكد الكاتب أحمد سعداوي، على قيام هذه القوات بارعاب الناس، قائلاً: كنت شاهد عيان على عملية اهانة لسائق سيارة لم يتراجع بسيارته بمسافة كافية عن سيارات جهة أمنية كانت تخترق الشارع بصخب، فلم يفهم سائق السيارة كم هي المسافة المطلوبة للتراجع عن هذه السيارات، فما كان من الجهة الأمنية الا أن وقفت بكامل "أسطولها" المرعب لا لشيء إلا للنزول وإهانة سائق السيارة الخصوصي، الذي تحول إلى ما يشبه الخرقة في يد رجل الأمن المدجج بالخوذة والمصابيح والهراوات ومجموعة مخيفة من "الإكسسوارات" التي يبدو أن ارتداءَها يهدف إلى ارعاب المواطنين وليس الارهابيين والخارجين على القانون.
وأضاف: هناك العشرات وربما المئات من هذه الحوادث الصغيرة التي لا تخلّف خسائر كبيرة، ولكنها تذهب من دون توثيق ويقوم المواطن عادةً بالتغاضي عنها ونسيانها والتنازل عن حقه، وهناك حوادث أكثر قسوة يجري الصمت عنها أيضاً، والسبب الاساسي للصمت هو خوف المواطن من الأجهزة الأمنية.
تداعيات سلبية
من جهته، ندد النائب عن العراقية الحرة جمال البطيخ بأي اعتداء من قبل قوات الأمن على أي مواطن، وقال: القوات الأمنية واجبها حماية المواطن وليس الاعتداء عليه، وأي تجاوز على أي مواطن يترتب إعادة النظر في اساليب التدريب والثقافة العسكرية وعدم السماح للإخلال بهذه الواجبات لأن في ذلك تداعيات سلبية في غير مصلحة الوطن.
اما النائب المستقل عثمان الجحيشي فقد أكد أن خروقات قوات سوات باتت تسيء إلى سمعة الأجهزة الأمنية. وطالب الجهات ذات العلاقة ولجنة الأمن والدفاع النيابية باعتبارها السلطة المسؤولة عن الوزارات الأمنية بشكل عام بالتدخل للحد من خروقات قوات سوات أو غيرها من القوات الأمنية سواء في وزارة الداخلية أو الدفاع.
978 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع