مجلس عزاء وتأبين الفقيد الاستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري في عمان مساء 26 حزيران 2013
كلمة الدكتور عبد الكريم هاني في مجلس عزاء وتأبين
المرحوم الاستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري في عمان بتأريخ 27 حزيران 2013
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من دواعي الاعتزاز والفخر ان تكون لي فرصة في تابين الفقيد العزيز الدكتور عبد اللطيف البدري الذي عرفه الجميع طبيبا وعالما متعدد الاهتمام وعلما بارزا في تاريخ الطب وخصوصا في بعض اقوام العراق الاولى الذين اجاد في دراسة لغتهم وفك بعض اسرارها بعد ان وجد تخبط بعض الباحثين الغربيين امام بعض الجمل او المفردات والتي قال انها كانت عربية واضحة لكنهم لم يستطيعوا فك الغازها لجهاهم باللغة العربية.
عرفت الدكتور عبداللطيف البدري قبل ان نلتقي وقبل ان اعرف اسمه او ان اتعرف عليه، فالأفذاذ من الرجال تسبقهم سمعتهم التي هي نتاج اعمالهم. كان ذلك في عام 1948 وكنا في الصف الأول في الكلية الطبية حيث سمعنا ان احد الأطباء العراقيين قد نال زمالة كلية الجراحين الملكية البريطانية في لندن وهو أمر يستحق الاهتمام في ذلك الحين لأنه اول نجاح للأطباء العراقيين في تلك الكلية المرموقة، كان الوطن العربي يغلي كالبركان بعد ان قاربت عملية تمزيق المنطقة الى غاياتها ودخلت الجيوش العربية الى فلسطين بعد ذلك بشهور لمقاومة الغزاة وإفشال مشروع التقسيم والمحافظة على حقوق العرب بعد ان انسحبت بريطانيا منها وسمعنا ان الطبيب الذي اخترق كلية الجراحين الملكية قد ذهب الى فلسطين متطوعا الى جانب المقاتلين بدلا من العودة الى العراق!!! كان كلا الحدثين، اول اختراق لحاجز كلية الجراحين و الانتقال متطوعا الى ساحة القتال يثيران حماسنا لأنهما لا يصدران الا من الرجال ذوي العزم فكيف اذا اجتمعا في عمل نفس الشخص.
بعد ذلك يشهور كان لقاؤنا الأول بالدكتور عبداللطيف البدري إذ تولى القاء بعض المحاضرات علينا في موضوع التشريح بعد تعيينه في المستشفى التعليمي (الملكي كما كان يدعى في ذلك الحين). واستمر البدري نلاقيه ويلاقينا في قاعات المحاضرات أو قاعات الامتحانات وردهات المستشفى وصالات العمليات حسب مناهجنا الدراسية وتوزيع الواجبات التدريسية بين هيئة التدريس إضافة الى المسؤوليات العلاجية في الردهات؛ وكنا نلحظ أحيانا بعض مظاهر (صراع الأجيال) بين الجيل الجديد من الأطباء والأجيال السابقة منهم وهو صراع طبيعي وسنة الحياة في تحقيق التطور ونمو المعرفة وانتشارها. كان البدري دوما يبحث عن الجديد ويحاول الابتكار والتطوير وقد سبب له هذا الكثير من المتاعب مع اصحاب "هذا ما وجدنا عليه آباءنا".
كان رحمه الله من القلة التي تكاد أن تكون نادرة من بين التدريسيين المتابعين للفعاليات الطلابية فكنا نراه في اغلب الحفلات والمهرجانات التي اعتاد طلبة الكلية على اقامتها بين الحين والحين كلما سنحت الفرصة بذلك، وشاركنا في تلبية دعوة جامعة استانبول لطلبة الكلية الطبية في صيف عام 1950 ردا على استضافتهم للطلبة الأتراك في ربيع العام المذكور فكان بتواضعه وحسن تعامله مع الجميع نعم الأخ والصديق لجميع اعضاء الوفد في تلك السفرة.
لم تتح لي الظروف ان أعمل مع البدري بعد تخرجي رغم محاولاتي المتكررة وما بذل رحمه الله من جهد، ولكن كان نصيبي ان شاركته العمل العام طيلة عقود ولمست مدى صراحته التي تصل حد القسوة احيانا والتي سببت له الكثير من الخصومات احيانا اخرى، فقد وصلتني دعوة بعد تخرجنا في عام 1953 للمشاركة في اجتماع في حديقة داره في صيف 1953 فوجدت مجموعة من الاطباء واطباء الأسنان ودار الحديث عن التجمعات الطبية ودورها في المجتمع وما يجب او ما يمكن عمله، وانتهى الاجتماع بتكوين جماعة سميت "الأُساة"، وبعدها عهد البدري بمجلة "رسالة الطب" التي كان يصدرها قبلا الى جماعة الأساة واستمرت حتى الغي امتيازها مع باقي الصحف في واحدة من الحملات التي اعتدنا عليها في العراق. واستمر نشاط الجماعة وتزايد اعضاؤها وانضم اليها الصيادلة والأطباء البيطريون، وكان هذا الخليط يمثل تركيبة نقابة ذوي المهن الطبية في ذلك الوقت واستطاعت ان يكون لها تأثير كبير في الجمعية الطبية اولا ثم امتد الى النقابة حيث انتخب المرحوم الدكتور احمد كمال عارف نقيبا والمرحوم البدري نائبا للنقيب. وكان ذلك مقدمة ادت لدخول البدري الى المعتقل اواخر عام 1962 ولم يخرج الا يوم 8 شباط بعد نجاح الانقلاب.
دخل في صراع مع وزارة الصحة عندما كان عميدا للكلية الطبية مصرا على الحاق المستشفى التعليمي بالعمادة وتكهربت علاقته بصديقه وزير الصحة حينها بسبب ذلك وكان موقفه ذاك مثالا للالتزام بالراي والحرص على مصلحة المجموع، وعندما عين وزيرا للصحة بعد عامين بادر فور التحاقه بالطلب من موظفي الوزارة اتخاذ الخطوات اللازمة لإلحاق المستشفى بالكلية الطبية ولكن ادارة الجامعة تلكأت في الاستجابة لأنها تخوفت كما اخبرني من مسؤولية ادارة هذه المؤسسة الغريبة.
لقد فقدنا عالما كبيرا وكان لنا جميعا معلما فاضلا وصديقا واخا كبيرا بل كان الأب الراعي لجميع تلامذته الذين احبهم واحبوه، ولسنا نملك الا الابتهال الى الله تعالى ان يسبغ عليه الرحمة وان يعوض الوطن بمن يحمل العبء من بعده، انه نعم المولى ونعم المجيب.
كلمة وقصيدة الاستاذ الدكتور هاشم مكي الهاشمي
في تأبين الاستاذ الدكتورالفقيد عبد اللطيف البدري
أيها السادة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس من الشهامة والمروءة أن يرحل عنا أستاذنا الدكتور عبد اللطيف البدري دون وداع، والوداع ليس بالدمع والشجو أبداً، وكما تعرفون بأن الرثاء هو أحد أعمدة الأدب العربي نثراً أو شعرا.
قال طه حسين (رحمه الله) وهو عميد الأدب العربي في أوائل السبعينات من القرن المنصرم وهو يرثي صديق عمره الأديب عباس محمود العقاد :
"ومثالك تموت أجسامهم لأن الموت حق على الأحياء جميعا ولكن َّ ذكرهم لا يموت لأنهم فرضوا أنفسهم على الزمان وعلى الناس فرضا وسيوارى شخصك الكريم في أطباق الثرى ولكن َّ القبر الذي سيحتوي شخصك لن يسأثر بك ن فلك في قلوب الذين يحبونك والذين ينتفعون بأدبك وعلمك حب لن يموت، ولكنهم لن يستأثروا بذكرك وغنما ستشاركهم فيه الأجيال التي تبقى بقاء الدهر."
القصيدة :
يا أيها الرجل الحميم وداعا *** قد نلت من شيم الرجال متاعا
نسلوك من آل البدور نُجيمةً *** صغرى فصرت الكوكب اللمَّاعا
أرثي النجوم إذا خبت أنوارها *** وغدت تراثا لاهبا ومشاعا
فإذا التفت فللمآثر والنهى *** تغني عن القول الجميل صراعا
وتلفتت عيني لتشخص رائدا *** كان المعلم والصديق طباعا
تلد الحياة رجالها فكأنما *** تلد الذي ما تشتهي منصاعا
أعددت في زمن الخواء جسورها*** للدارسين من الرجال ذراعا
ورددت عنا كيد من يسعى بنا *** وجعلت من آسادهم أتباعا
وكشفت عن أسرارهم ما ينبغي*** وهتكت عما أضمروه قناعا
ومعلم الأجيال كان معيننا *** عند الدجى والعاديات سُقاعا
أبكيك ملئ الفكر ليس بادمعي *** فالدمع ليس قوافيا ويراعا
فإذا همت عيناي دمعا لم يكن *** غير الوفاء شماءلاً ونخاعا
علمتنا أن العروبة موئلٌ *** أجيالنا عنها تذود دفاعا
علمتنا ان العقيدة لم تزل *** تشجي عقولا او تنير طباعا
علمتنا ان الشهامة سيدي *** هي خيمة العرب الكرام مشاعا
علمتني سبل الجراحة يافعا *** وبها انحنيت لما جنيت مطاعا
ففقدت من يوم الرحيل أحبتي *** وبقيت وحدي َّ أجدباَ ملتاعا
قالوا عليك مهادناً فرجمتهم *** صمتا عميقا يلهب الاسماعا
يا سيدي ومض الرجال مواقف *** تزهو بجوهرها وليس خداعا
لم تبتئس أبداً إذا جدَّ الوغى *** بل كنت صهر قيادة وقراعا
يا أيها النجم الذي وبهديه *** خضنا قفار مفاوزٍاً و قلاعا
يا أيها العرَّاب يوما نلتقي *** لنجدد القسم النبيل سراعا
عش في جنان الخلد حسبك أننا *** كنا لما أسقيتنا رضاعا
فبقيت أنت اليوم حياً بيننا *** نعم الضياء ولن نعيش ضِياعا
26 حزيران 2013 عمان
كلمة الدكتور عمر الكبيسي في مجلي وعزاء الفقيد المرحوم أ. د. البدري
(تأبين وذاكره)
لا يحتاج الفقيد عبد اللطيف البدري إلى تكنيته بالأستاذ أو الدكتور أو الجراح أو المؤرخ لتقديمه أو توصيفه للقارئ وانا انعيه وانقل خبر وفاته، فالبدري أين ما ذكر أو حل أو عمل أو بحث أو كتب أو درس أو عالج أو تنصب أو تحدث أو حاضر، بدر يغطي بإطلالته على النجوم المتلئلئة في السماء الصافية وهو الضوء الخافت الناعس الهادئ والساكن في أجواء العصف والإعصار الجارف كما عرفته بعد حين. هو الأول والألمع في الجراحة وهو الأول والأبدع في البحث الطبي بل مؤسسه وهو المرجع والحكمة في كل مأزق أو أزمة أو حالة مستعصية التشخيص في زمانه وهو المرجع في لغات المعرفة والفلسفة ومبادئ الطب من زمن سومر وأكد وهو الذي حصد لثلاثة عقود من الزمن كرسي القيادة في رئاسة أقسام الجراحة وعمادة كليات الطب ومؤسسات البحث والتعليم الطبي ورئاسة الجامعات و الإستيزار في يرعان شبابه في العراق ومن ثم بعد تقاعده في الخليج والأردن وهو الزائر المتفرج على كل مستجد وحديث في كل مراكز البحث والتدريب في كل حدب وصوب في أوج عطاءه وشهرته.
عام 1963 دخلت كلية الطب وكان البدري عميدا لها وقضى بمنصبه ثلاثة أعوام في الزمن المتأجج بالصراعات السياسية في كلية الطب من تظاهرات واعتصامات وإضرابات وصدامات كان فيها لا يغادر غرفة العمادة ولا يقف على مشهد ومسرح الأحداث
لكنه من خلال معاونيه الذين أحسن انتقائها كان الحل والضبط والحاكم الناهي خلف الجدران. لم التق ألبدري وجها لوجه طيلة سنوات الدراسة ولم يحدث انه امتحنني يوما و أنا شخصيا لم اسمع له محاضرة في قاعة التدريس ولم أكن من حصته في ردهات الجراحة أو صالات العمليات، فالبدري بعد عام 1963 كان قد غادر الجراحة والتدريس وتفرغ للعمادة والإدارة والوزارة والسياسة بعدها ولم التقي البدري في العراق وكان أول لقاء شخصي به في ليفربول عام 1975 في انكلترا خلال زيارته لرئيس قسم الجراحة في المستشفى الجامعي وقدمني الأستاذ (شيلد) إليه كطبيب عراقي متدرب في المستشفى، انتفض ألبدري المتألق بالهندام والمقام فرحا وفخورا بإطراء الأستاذ بحرصي وتفوقي. وبعد عودتي إلى العراق كان ألبدري قد غادر إلى دولة الإمارات ومن ثم إلى الأردن.
في يوم من أيام عام 1988 على ما أذكر مررت كان المرحوم د. يوسف ألنعمان معي متجهين إلى مستشفى الرشيد العسكري في استشارة لأحد المسئولين الراقدين بسبب جراحة في الصدر، أسرني الدكتور النعمان انه بالأمس التقى الرئيس الراحل صدام حسين وترجاه بشان السماح بعودة البدري إلى العراق بسبب معاناته من الوحدة والغربة بعد إجراء التداخل الجراحي لترقيع الشرايين في القلب له وصعوبة وضعه الصحي ومعاناة زوجته الأستاذه د. لميعة البدري ببقائها لوحدها في العراق وصعوبات سفرها إليه وان الرئيس قد وافق على عودة البدري إلى العراق ليعيش آخر أيامه (كما قال في حينها) معززا في العراق بين ذويه وعائلته ومحبيه بعد رحلة عناء طويل من الاغتراب الذي جناه من خلال نشاطه السياسي وموالاته لحكم آل عارف علما أن البدري كان من ضمن أول خلية بعثية تظم خمسة أساتذة أكاديميين في أواخر العهد الملكي منهم عمار الراوي و سعاد خليل البستاني ومحمد المشاط وسعد عبد الباقي كما ذكر لي الفقيد رحمه الله، وفعلا عاد البدري الى العراق وتعرفت عن قرب عليه فوجدت فيه دماثة الخلق ووقادة الحكمة ورصانة المنطق والحديث بنعومة وأدب وهدوء وتعلقت به اشد التعلق كتعلقه بي وشاء القدر ان يتوفي يوسف النعمان بنفس العام الذي عاد فيه البدري الى العراق وهو في أوج صحته ونشاطه بمرض لم يمهله طويلا وليبقى بعده البدري الذي كان يحرص د. يوسف النعمان على أن لا يتوفى في الخارج بعده بثلاثين عاما وان تتوفي زوجته الدكتورة لميعة البدري رحمها الله بعقد ونصف من الزمن والأستاذة الدكتوره لميعة البدري شريكة حياته وقريبته وزميلته في الكلية الطبية رافقت مسيرته الطبية والعلمية والسياسية وشاركته بهذه المسيرة بما فيها من إنجازات ومسرات ومنغصات ومعاناة لغاية رحيلها وهو يتابع أحداث وتطورات مرضها الطويل ومضاعفاته لغاية وفاتها في عمان.
توثقت صلتي بالبدري وهو يعيش وحدانيته وكانت لقاءاتنا تتكرر في بيته وفي مركز صدام لجراحة القلب حيث كنت اشرف على متابعة حالته وحالة الدكتوره لميعة لسنوات وبالرغم من قساوة المرض وصراعاته الطويلة مع القلب والكلى والهموم لم ينقطع البدري عن البحث والكتابة في تاريخ اللغات القديمة وقراءة الألواح الأثارية المسمارية والأشورية والأكدية ونبش ما تطرقت به في الطب القديم والحكمة والمعرفة فيما طور استخدامه للحاسبة والكومبيوتر و ولعه بها و وجد في استخدام الحاسوب والبرمجة خير بديل عن السفر والترحال لبقائه على اتصال بالمعرفة وأحوال العالم وما يدور بهذا الكون الواسع من أحداث وإنجازات وأحوال وهو جالس في مكتبه بداره الواسعة في حي العدل.
لم يبخل البدري في مساعدتي عند تسلمي إدارة مركز صدام بعيدا عن الأضواء ولم يقبل بتثبيته كعضو مجلس إدارة رسميا بتقديم نصحه وإرشاداته ولا أنسى موقفه معي حين كنا فريقا نكافح الجراثيم والبكتريا في أزمة التلوث وأيامها العصيبة في المركز.
ارتبك البدري بمفاجئة الاحتلال ولم يكن يصدق ما حدث، أذكر جيدا أن حرصه كان أن لا يمس المجمع العلمي العراقي أو أعضائه ومكتبته ومخطوطاته بضرر ولم يكن من بين من يستنجد به إلا الدكتور أياد علاوي السياسي القادم مع الاحتلال بعدئذ وتلميذه ومسئول البعث في الكلية حينما كان البدري أستاذا وعميدا لها، كما اقلقه وضع مدينة سامراء ففتح بيته هناك لتهدئة المدينة والتشاور مع أعيانها.
زارني رحمه الله برفقة الدكتور عبد الكريم هاني صباح احد الجمع بعد ما يقارب أربعة أشهر على حدوث الاحتلال طلب مني ان نذهب الى احد مخيمات النازحين من الفلوجة ونوفر لهم ماء صالح للشرب و وسائل طبخ وفعلا كانا يحملان معهم مضخات ماء وأنابيب ومستلزمات، تصوروا شخصيتين بمستوى أكاديمي عال كل منهما كان وزيرا سابقا لم يكن بإمكانهم بوجود الاحتلال من فعل شئ أكثر من تقديم خدمة للمتضررين من النازحين في مخيمات بغداد وهذا باعتقادهما أقل ما يمكن فعله في تلك الظروف ولعل مشاركتهما قبل ذلك والتطوع في فرق العون الطبي إبان نكبة احتلال فلسطين كانت امتدادا لما فكروا بفعله إبان نكبة احتلال العراق، وبمثل هذا الإحباط تصور البدري واقتنع أن بالإمكان من خلال المشاركة بالعملية السياسية ان يجنب البلاد كارثة كان يتوقعها مستندا بعدئذ لدعم أهله في سامراء وصلاح الدين فرشحه الدكتور أياد علاوي لمقعد في مجلس النواب ولكنه حين أدرك من خلال موقعه هذا انه غير قادر على فعل شئ التزم السكوت والانقطاع واعتذر عن ترأس أول جلسة لافتتاح البرلمان كونه أكبر الأعضاء سناً والتزم بطروحات الدكتور أياد علاوي وتقديم المشورة له وعدم الخروج عن مواقف قائمته وبقى على اتصال مباشر به حتى نهاية دورته، كنت واحدا من كثير من معارفه من الذين تحدثوا معه بقوة مرارا وتكرار عن عدم جدوى استمراره في عملية سياسية بائسة وأمام أطباء وزملاء وكانت إجابته أما السكوت او التبرير بمشاركة العديد من رفاقه بالبرلمان بنفس الاقتناع واعتبر وجوده ضمن التوافق والعراقية في حينها لا يخلو من فائدة لم شملها ورفدها بالمشورة، وهكذا حسبت على البدري هفوة حكيم باهضة الثمن بنظر الآخرين الذين لم يتمنوا له هذه المشاركة.
في العقدين الأخيرين من عمره كان رحمه وديعا لا يعرف الغضب مستمع جيد متسامح ومطيع سواء في القضايا العامة او الخاصة التي تتعلق بصحته وعلاجه فيما كانت ذاكرته القادحة تتلاشى حتى أصبح من الصعب عليه الاستمرار بكتابة مذكراته التي اقتنع مؤخرا بأهمية كتابتها ونشرها ولدي قسم من فصول مسودات هذه المذكرات.
في حياته المهنية والإدارية كان البدري صلبا في المواقف ومتمسكا بما يطرح ورغم انه كان يكلف الدكتور نزار الشاوي والدكتور سعدون خليفة بامتصاص زخم العمل بالكلية، لكنه كان مركزيا ومهتما جدا بأن تنفذ تعليماته. من المواقف الحادة التي تمسك بأهمية تمريرها هو إصراره على بقاء المستشفيات التعليمية تابعة لوزارة التعليم العالي والتي كان الدكتور عزت مصطفى حريصا على إلحاقها بوزارة الصحة وكذلك تشريع قانون التفرغ الطبي الذي انجز بعد نقله الى وزارة التعليم العالي كما كان شديد الولع والتشجيع على دراسات البحث العلمي والطبي اين ما عمل.
له بحوثه الطبية واللغوية والتاريخية وتاريخ الطب وعلم المصطلحات وله كتب مطبوعة في هذه المجالات ستظل إرثا واقداً لأجيال من بعده.
في لقاء في بغداد وفي أمسية في داري نهاية عام 2003 بعد الاحتلال جمعت عددا من الرموز الطبية حضرها الدكتور البدري وعزت مصطفى وتحسين معله وعبد الكريم هاني وفرحان باقر وسعد الوتري ومحمد علي خليل تم التطرق لأحداث مسيرة الطب في العراق واستعيدت ذكريات من هذه المسيرة الطويلة، تم الحديث عن مرحلة التفرغ الطبي والحاق المستشفيات التعليمية والدراسات العليا والعلاقة مع الأنظمة الحاكمة والمسئولين،تم التطرق لحادثة اغتيال الزعيم المرحوم عبد الكريم قاسم وذكر تحسين معله دوره في حينها وكيف ان تحسين معله التقى الدكتور البدري صباح اليوم الذي اعقب عملية الإغتيال ورافقه الى الوكر الذي تواجد فيه منفذي العملية وقام البدري بفحص المختفي سمير عزيز النجم المصاب بنزف في صدره بسبب المحاولة ثم فحص بعدها فحص المختفي في حينها صدام حسين حيث كان مصابا بطلق ناري سطحي في ساقه كان قد أخرجه صدام في تلك الليلة بيده و وجد انه لا يحتاج الى أي تداخل في حينها، والذي حدث ان الرئيس المرحوم صدام بقى يكتب ويذكر ان عبد اللطيف البدري تحجج عند مفاتحته واعتذر عن معالجة المصابين بالحادث، وقد شكلَّت هذه الحادثة عقدة غبن لدى البدري في حياته مع انه لم يحاول الرد على ما وثقه الرئيس المرحوم صدام حولها حتى في روايته (زبيبه والملك)، جرى هذا الحديث بحضور الدكتور تحسين معله رحمه الله قبل وفاته وأكد ان البدري لم يعتذر ولم يتردد أبدا حين فوتح وذهب معه الى الوكر وأدى واجبه وقد وجدت من المناسب ذكرها الآن للتاريخ.
خلَّف الدكتور البدري ولدين سمى احدهم (رفل) وهو جراح اختصاصي يعمل في أميركا والسعودية وحاليا في أربيل وسمى الآخر (لهب) وهو مهندس بقي مع عائلته الوفيه يرعى والده وصراعه مع المرض منذ عقدين من الزمن في بغداد وهنا في عمان وله من كلا الولدين احفاد كان البدري مولع بمتابعة دراستهم وتعليمهم. أثارت تسمية (لهب) في حينها جدلا ولماذا لهب ولماذا اختار ان يكون أبا لهب المذموم في القرآن. سألته مرة عن ذلك فقال : لماذا انا ادعوك (أبو أيمن ولا ادعوك عمر) وأيمن هو اسم ابني الأكبر، أليس في ذلك تقديرا اكبر لك، قلت بالتأكيد، فقال رحمه الله أن ذكر أبو لهب في القرآن جاء تقديرا له حين لم يذكره بإسمه فما الضير بكنية أبو لهب الواردة في القرآن؟ وعلى هذا التأصيل كان البدري يفسر الكثير من بلاغات اللغة وكلماتها.
البدري كان وفيا لزملائه وأصدقائه لا يذكرهم إلا بخير حتى مع أولئك الذين وشوا به وأدخل بسببهم السجن قبل انقلاب عام 1963 وخروجه من السجن في صباح يوم الإنقلاب حيث كان سجينا.
لم يكن يحمل ضغينة على أحد مع أنه كان صلبا وشديدا في المواقف والأحداث التي واجهته في حياته السياسية ومنها موقفه بجانب الرئيس الراحل المرحوم عبد السلام عارف حيث كان الرئيس في زيارة رسمية للمغرب أثناء حدوث انقلاب رئيس الوزراء الطيار عارف عبد الرزاق الذي استوزره في حينها بحكومته فقرر السفر الي المغرب ومرافقته بالعودة مرورا بالقاهرة وما رافق هذا المرور من مخاطر في حينها.
اليوم برحيل عبد اللطيف البدري رحمه الله تطوى صفحة ومسيرة رجل وعالم وجراح ومؤرخ له بصماته في تاريخ الأسرة الطبية العراقية ومسيرتها ودرس نافع لأطباء امتهنوا الطب وتبنوا قضايا الأمة سياسيا وتأريخيا حاله كحال كثير من لوامع الطب ورجالاته الذين مارسوا السياسة فوفقوا مثل مهاتير محمد وآخرون جلبت لهم السياسة الهموم والمعاناة مثل البدري وتحسين معله وعبد الكريم هاني والأتاسي وزعين والبيطار ومجيد الرافعي وجورج حبش وجيفارا وغيرهم.
كانت هذه نبذة عن شخصية الأستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري في يوم وفاته وهو يتجاوز الثانية والتسعين من عمره تجاوزت أعراف التأبين التي تتطرق للسيرة الذاتية والمهنية والتي سبقني على ذكرها الكثير من معارفه، لكنها تأبين وخواطر لما تركته معرفتي به والتي توثقت من خلال ربع قرن من الزمان اطلعت من خلالها على الكثير من أسرار وطبيعة هذه الشخصية الفذة والمتميزة،لقد دفن عبد اللطيف البدري في عمان وفي مقبرة سحاب ومع أن عمان وفقا لفكر البدري القومي لا تفرق عنده عن بغداد وهو الذي خدم متطوعا كضابط طبيب احتياط في فلسطين واستاذا للجراحة وعميدا لكلية الطب في الجامعة الاردنية للفترة من 1981 ولغاية 1984 وسكن عمان بعد ذلك، لكن الذي يحزنني ان شخصيات مثل الاستاذ عبد اللطيف البدري والاستاذ الدكتورعبد العزيز الدوري لا بل وحتى رئيس الجمهورية الأسبق الوديع عبد الرحمن عارف تدفن جثامينهم خارج العراق وهم الذين ولدوا وتعلموا وتخرجوا وخدموا بإخلاص وتضحية العراق وهجروا من أجله ناهيك عن مئات من كفاءتنا وعلماءنا الذين توفاهم الله في اميركا واوربا واصقاع اخرى ودفنوا هناك، إنها محنة الاغتراب والتهجير والهجرة الكارثية تقول للحاكمين : تركنا العراق أحياء مجبرين ونازحين ومهجرين، أليس من حقنا ان نعود اليه امواتا جثامين كي ندفن في تربه مع الاباء والاجداد والأهلين؟.
وأقول للبدري وهو موارى في قبره :
أنا أنعيه بدريا وبدرا
غاب حين العيش فينا صار عسرا
وأنا التلميذ والقانط والنازح هجرا
كيف أوفيه بنعي وهو الطافح قدرا
إنه الجراح والباحث والقائد أمرا
إنه البارع في الطب وفي التأريخ أدرى
إنه الجامع للعلم وبالطب أبرا
إنه الفعل إذا قال أصرا
رحم الله الفقيد وشمله برعايته الواسعة واللهم ولديه وعائلته ومعارفه وذويه والأسرة الطبية العراقية والعربية بالصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الاستاذ الدكتور هاني العزاوي ينعى الفقيد الأستاذ الدكتور البدري
أنا لله و إنا إليه راجعون
إنه نجم آخر من نجوم العراق هوى وعلم من اعلام الطب والأدب والمواطنة قد فارقنا
إنه مصاب ما لا يقل عن ستين جيل من الأطباء والعاملين قي الحقل الطبي, لقد كان له, رحمه الله, أياد بيضاء على جميعهم.
لقد كان استاذنا مو سوعة علمية نادرة. خدم الحقل الطبي علميا و فنيا وإداريا. كان رجلا بالغ الشجاعة عصيا, صاحب قرار. كان و بكل جدارة يوفي حق المنصب الذي يشغله, فالكل يحسب له كل حساب. لقد كان صاحب عقيدة و مبدأ لم تتزعزعا أبدا.
ما و جدناه إتخذ قرارا غير صائب على أمده القريب أو البعيد. لقد كان يفكر و بكل عمق لعقود مستقبلية لمستقبل أبنائه و زملائه سواء في القطر العراقي أو أقطار عربية أخرى. كان أبا و معلما و مربيا و مرشدا. كان مثالا يحتذى في آداب المهنة و الوفاء.
ليرحمك الله و يضع ما قدمته في ميزان حسناتك و يرحم والديك.
و أسأل الله أن يلهم أبناءك و ذويك الصبر و ان يعينهم في إقتفاء طريق سلكته.
ما كنزت درا ولا ذهبا *** بل كنزت للطب مجدا وللتاريخ كتبا
نظم شـعريَ عِرفاناً لمَن عاش *** من أجلنا يجني الهمَّ والنّصبا
أحد طلاب الفقيد
أ.د. هانئ العزاوي
نعي الأستاذ الدكتور أحسان البحراني للفقيد الاستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري رحمه الله
رحم الله أستاذنا الجليل... وبالأضافة لما كتبه الأخ سعد الفتال عنه فهناك جانب أخر في المرحوم وهو انه كان موسوعيا في تأريخ الطب و كان له إلمام كبير في الطب البابلي و حضارة وادي الرافدين و كتب العديد من المقالات والكتب عن تأريخ الطب...
بمزيد من الاسى و الالم و الحزن أنعي الأستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري الذي وافاه الاجل المحتوم يوم امس.
لقد خسر العراق و العالم العربي علما من اعلامه البارزين, لقد كان استاذا مميزا و جراحا بارزا و كان اول طبيب عراقي يحصل على زمالة كلية الجراحين الملكية البريطانية في لندن, لقد قدم الأستاذ البدري الشيء الكثير للطب بكل فروعه وبرز في الجراحة فكان له باعا مميزا فيها, لقد تدرب تحت اشرافه عددا كبيرا من الاطباء الذين برزوا في فروعه المختلفة واصبحوا جراحين يشار اليهم بالبنان و اصبحوا اساتذة في كلية الطب في بغداد و مدن العراق الاخرى ومنهم هاشم عبد الرحمن وعبد الكريم الخطيب و زهير البحراني وغيرهم.
عمل في الادارة و اصبح عميدا لكلية الطب في بغداد عام 1963 ومن بعدها رئيسا لجامعة بغداد ثم اصبح وزيرا للصحة عام 1965.
نشر بحوثا كثيرة في مجالات طبية مرموقة و ادخل طرقا حديثة في علاج حالات ومنها قرحة الاثني عشر.
لقد كان لي شرف معالجته عندما اصيب بمرض شرايين القلب وكنت على علاقة متينة معه و كذلك علاقاته مع زملائه و طلابه و مرضاه و الذين يكنون له كل محبة و تقدير.
رحمك الله يا أبا رفل واسكنك فسيح جناته والهم أسرتك الكريمة وخاصة ولديك البررة رفل ولهب و اصدقائك و طلابك و محبيك و زملائك و مرضاك و كل من تحبهم ويحبوك وستبقى في قلوبهم و ذاكرتهم و يترحمون عليك وإنا لله وأنا إليه لراجعون.
المخلص المحب أحسان البحراني
الجمعية الطبية العراقية العالمية تعزي بوفاة الفقيد الاستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري
((يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي))
تنعي الجمعية الطبية العراقية العالمية ببالغ الأسى والحزن الأستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري، والذي وافته المنية يوم أمس.لقد كان المرحوم الأستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري علمآ من أعلام الطب في العراق والوطن العربي، وضع الأسس الرصينة للتدريس والتدريب في الجراحة العامة، وأستاذآ تدرب على يديه العديد من الجراحين المرموقين.ندعوا الله ان يتغمده برحمته الواسعة وأن يدخله فسيح جنانه، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه وطلابه الصبر والسلوانانّا لله وانّا اليه راجعون
الجمعية الطبية العراقية العالمية
26 حزيران 2013
تعزية الدكتور سعد الفتال وإعادة لنشر مقاله حول سيرة الفقيد
إنا لله وأنا أليه راجعون
تلقيت ببالغ الحزن والاسى نبأ وفاة احد أعلام العراق والعالم العربي في الطب والتاريخ الاستاذ الدكتور عبد اللطيف البدري, فقد كان أول طبيب عراقي يحصل على شهادة الزماله في الجراحه العامه من بريطانيا, وبذلك أصبح المثل والقدوه للاجيال التاليه من الاطباء والجراحين, تغمده الباري عز وجل برحمته الواسعه وأدخله فسيح جناته, وأن يلهم ذويه وخاصة ولديه كل من الدكتور رفل ولهب وجميع طلابه وزملائه الصبر والسلوان.
سيرة الاستاذ عبد اللطيف عبد الوهاب حسن البدري
هو الاستاذ عبد اللطيف عبد الوهاب حسن البدري, أحد أعلام الطب والثقافه والرائد في الجراحه وأول من تشرف من العراقيين بالحصول على شهادة الزماله من الكليه الملكيه للجراحين في لندن.
نشأ من عائله عريقه أشتهرت بخدمة العلم والدين والمواقف الوطنيه, ويعود له الفضل في تطوير علم الجراحه وأرسائه على قواعد علميه حديثه في العراق والمنطقه العربيه.
وقد أمتازت سيرته الذاتيه بألاضافه الى حرصه الشديد بتعليم طلاب الكليه بكل الوسائل الحديثه, بالنشاطات الطبيه والثقافيه حيث نشر العديد من البحوث الطبيه وقام بتأليف مجموعه من الكتب العلميه والتراثيه, كذلك المشاركه في عضوية الكثير من الجمعيات والهيئات الطبيه وحتى الادبيه المحليه والعالميه.
وفي نفس الوقت استمر في خدماته وتدرج في مسؤولياته حتى تولى رئاسة قسم الجراحه وعمادة الكليه الطبيه ثم رئاسة جامعة بغداد ناهيك عن وزارة الصحه لمدة عامين تقريبا, وأما شخصيته فقد تميزت بالاخلاق الكريمه والطباع الحميده والكرم النبيل وصلابة مواقفه الوطني.
ألبدايه والسيره
ولد الدكتور عبد اللطيف البدري في 21/4/1922 المصادف ليوم 13/8/1339 هجريه في مدينة سامراء التراثيه, حاضرة الدوله العباسيه ومرقد العسكريين ومدينة الملويتين المتوكل وأبو دلف, فيها الجامع الكبير ويحرسها السورالعظيم ذات الابواب الاربعه.
نشأ من عائله عراقيه عرفت بالورع والدين ولكنها أمتهنت الزراعه, بدأ تعليمه في مدرسة سامراء الابتدائيه أنتقل بعدها الى متوسطة الكرخ وأكمل دراسته الاعداديه في الثانويه المركزيه في بغداد وألتحق بالكليه الطبيه العرقيه في عام 1938.
لقد واكبت سنين الدراسه في الكليه أحداث عديده على الساحه السياسيه والعالميه ومنها مقتل الملك غازي في حادث سياره 1939 وحركة رشيد عالي الكيلاني في 1941 والحرب العالميه الثانيه.
وفي سنوات الكليه المنتهيه 1943-1944 وأثناء الحرب العالميه, ألتحق بالكليه ثلاثه من الاطباء الذين رافقوا الجيش البريطاني بعد حركة الكيلاني سنة 1941وكانوا من الشباب المتحمسين للتعليم حيث تولى كل منهم تدريس علم الجراحه النظري والعملي في الكليه مما أحدث طفره نوعيه في مستوى المعرفه الجراحيه وتطور ملحوظ في الخدمات الطبيه في المستشفى التعليمي, أضافة الى تشجيع وتدريب الجيل الجديد من الجراحين العراقيين أمثال الاستاذ خالد ناجي, خالد القصاب, غانم عقراوي, عزيز محمود شكري بألاضافه الى الاستاذ عبد اللطيف البدري.
وألاستاذ الاول هو الميجر دونالد دوغلاس الذي أنهى تدريبه في بريطانيا والولايات المتحده الامريكيه بعد أن أكتسب الخبره الواسعه في الجراحه وتطبيقاتها في المستشفيات المدنيه ناهيك عن الجراحه الميدانيه في ساحات وميادين القتال أثناء الحرب العالميه الثانيه.
لقد كان رشيقا نشيط المظهر يخترق المسافه من الباب المعظم الى الكليه مرتديا الزي العسكري, ويلقي محاظراته مستعينا ببطاقات تحتوي على عناوين قصيره للمواضيع التي يرغب في شرحها وكانت تضم كل ما هو جديد في الطب و الجراحه.
وأما الاستاذ الثاني فهو الكولونيل ولفرد باربر والذي تولى تدريس الجراحه السريريه بأسلوب علمي حديث يشتمل على شرح مفصل للاعراض المرضيه ثم أستعراض لنتائج الفحوصات المختبريه والمرضيه وقراءة الصور الشعاعيه بعدها تتم مناقشة التشخيص المقارن وطرق وأساليب العلاج الطبيه والجراحيه.
وأما الجراح الثالث فهو الاستاذ ل. روجرز والذي خدم مع الجنرال تيتو في حرب العصابات في يوغسلافيا أثناء الحرب العالميه حيث تميز بحرصه على تدريب الجيل الجديد من الجراحيين وكان يقوم بمساعدة الجراح العراقي أثناء قيامه بالعمليه وتدريبه على أصول مهنة الجراحه.
وقد قدمت خدمات هؤلاء الاستاذه الثلاثه سبل الارتقاء بالمستوى الطبي في الكليه والخدمات الجراحيه في المستشفى وشجعت الهيئه التدريسيه وما بعدها من رواد الجراحيين العراقيين على أتباع أساليبهم في طرق التدريس ومتابعة كل ما هو علمي وعصري في مهنة الطب والجراحه.
وفي سنة 1944 أنهى الدكتور البدري سنوات الدراسه في الكليه الطبيه وحاز على شهادة البكلوريوس في الطب والجراحه, وكانت دورته الثانيه عشره وقد ضمت قائمة الخريجيين كل من الاستاذ غازي حلمي أستاذ أمراض العيون في الكليه الطبيه والدكتور عبد الوهاب حديد الجراح الاقدم في مدينة الموصل والدكتوره أمنه صبري مراد مديرة مستشفى الملكه عاليه للنساء والدكتور سامي محمد يحيى امر الطبابه العسكريه بألاضافه الى زميلته والتي أصبحت شريكة حياته الدكتوره لميعه البدري, ومن الجدير أن نذكر بأنها أول من حصل من العراقيين على عضوية الكليه الملكيه لامراض النسائيه والتوليد في لندن, ثم أرتقت في السلم التدريسي لتصبح أستاذة في النسائيه والتوليد في الكليه الطبيه وعميدة كلية التمريض ورئيسة الاتحاد النسائي العراقي ورابطة الخريجات الجامعيات.
بعدها قام بالسفر مع زملائه الى القاهره للتدريب كطبيب زائر في مستشفى القصر العيني وحصل خلالها في سنة 1946 على شهادة الدبلوم في الجراحه العامه من جامعة القاهره, وفي تلك المرحله قام بالتقديم الى الامتحان الاولي لشهادة الزماله الجراحيه وبعد أجتيازها غادر الى لندن حيث أكمل تدريبه الجراحي وحصل في وقت قياسي على شهادة الزماله من الكليه الملكيه للجراحين في لندن وبذلك يكون أول عراقي يحصل على هذه الشهاده المرموقه والمعترف بها عالميا.
وبعد عودته الى الوطن في سنة 1948 حيث أحداث نكبة فلسطين لازالت جاريه وأكمال تدريبه في دورة الاحتياط العسكريه أنذاك تخرج منها برتبة نقيب طبيب ولكنه سرعان ما ألتحق في الجيش العراقي في فلسطين وقام بتقديم الخدمات الطبيه مع الكثير من المتطوعين في مستشفى الهلال الاحمر العراقي في جنين, وبعدها شارك في تأسيس مستشفى الهلال الاحمر في نابلس حيث أشرف على معالجة الجرحى وألاهالي على حد سواء.
ومن الجدير ان يذكر في كتاباته مايلي ؛
(وبيوم أطلق سراح كولدا مائير (رئيسة وزراء العدو لاحقا) وعشر أسيرات أخريات لاننا معاشر العرب لانؤسر النساء 1948)
وبعد أنتهاء خدمته العسكريه تسرح من الجيش, وفي السنوات 1949-1950 تم تعينه في القسم الجراحي في المستشفى الملكي الردهه 12-13 حيث شارك بتدريس مادة التشريح النظري وعلم الاجنه للصفوف الاولى في الكليه أضافة الى المساهمه في امتحانات الكليه الفصليه والسنويه.
وقد ورد في كتاب الاستاذ هاشم الهاشمي تاريخ ومحطات مايلي ؛
وفي هذه المرحله تعرفت عليه (الاستاذ عبد اللطيف البدري) وانا طالب في المرحله الثانيه وهو محاضر رائع ويكتب على اللوحه السوداء بخط واضح جميل, وأن رسومه في علم الاجنه كانت من احسن الرسوم وأنطقها, ويكمل الاستاذ الهاشمي أنطباعته بقوله ؛
وفي تلك الفتره كان الدكتور البدري موضع همس بيننا بأنه حاصل على أعلى الشهادات من أنكلترا وأنه أعظم جراح في المستشفى الملكي. أنتهى
وفي سنة 1952 ساهم بتدريس الجراحه السريريه لطلاب الصف الرابع مع الاستاذ خالد ناجي طيب الله ثراه حيث كان حريصا على تعليمهم وفي نفس الوقت عطوفا على مرضاه, وفي السنه التاليه 1953 أنتقلت خدماته الى العياده الخارجيه لتدريس طلاب الصف الخامس حيث أستمر تشجيعه لهم وكان يشرف على فحص المريض ثم شرح الحاله وطرق علاجها وكان يقوم بتدريب الطلبه على أجراء العمليات الجراحيه الصغرى مثل عمليات الختان ورفع الاجسام الغريبه وفتح الخراج وتحت أشرافه المباشر بألاضافه الى حثهم بالمواظبه على مراجعة الكتب الطبيه مثل كتاب هاملتن بيلي وكتاب العمليات الصغرى وفن الجراحه وغيرها.
وفي السنوات 1953-1954 خصص جناح لجراحة الاطفال في الردهات 17-18 الجراحيه حيث قام بتدريس طلبة الصفوف المنتهيه حول جراحة الاطفال ومخاطرها من فقدان الدم وسوائل الجسم بما فيها التشوهات الخلقيه.
أستمر في عمله الانساني في معالجة المرضى وتدريس طلاب الكليه لعدة سنوات تلت, وبالرغم من قلة المصادر ولكنه حصل في سنة 1957 على شهادة الاختصاص في جراحة الجهاز الهضمي من جامعة شيكاغو ثم أصبح زميل في اكاديمية الجهاز الهضمي الامريكيه لاحقا.
وبعد أحداث ثورة 14 تموز 1958 أندلع حريق هائل في مخازن النفط في منطقة الكيلاني حيث تولى معالجة الكثير من المصابين والذين أزدحمت بهم ردهات المستشفى وبمساعدة الجيل الجديد من الجراحين امثال الدكتور عبد الكريم الخطيب , زهير البحراني وهاشم الهاشمي.
وفي تلك الفتره توسعت أهتماماته الاجتماعيه حيث شملت أنتخابه رئيسا لنادي الشباب الاهلي.
وقد كانت فترة الخمسينات وما تلاها غزيره بأصدار ونشر العديد من البحوث الطبيه والمقالات الثقافيه في مختلف الدوريات والمجلات الطبيه وتشمل القائمه ما يلي ؛
أولا- تدرن الغدد اللمفاويه في العراق مجلة الكليه الطبيه 1952
ثانيا- قرحة المعدة والعفج في العراق مجلة المهن الصحيه 1953
ثالثا- المعالجه الجراحيه للفطار البرعمي مجلة المهن الطبيه 1953
رابعا- جهاز مبتكر للختان مجلة الكليه الطبيه 1954
خامسا- الاستجابه الايضيه في المكروب المجله الطبيه العسكريه 1957
سادسا- بعض الاوجه الفسلجيه للمعده مجلة الكليه الطبيه 1957
سابعا- تأثير السكرين على المعده المجله الامريكيه للفسلجه 1958
ثامنا- الروابط بين دهليز المعده والعفج المجله الطبيه المصريه 1961
تاسعا- البروستافلين في الخمج الجراحي مجلة الكلية الطبيه 1962
عاشرا- يرقان أنسدادي والاكياس الصدريه مجلة الكليه الطبيه 1962
أحدى عشر- علاج القرحه الهضميه بالتجميد مجلة الكليه الطبيه 1966
كذلك نشر عدد من المقالات الثقافيه في المجلات العلميه ومنها ؛
أولا- أراء في المصطلحات الطبيه وتعريبها المجمع العلمي العراقي 1966
ثانيا- الفصد في الماضي والحاضر المجمع العلمي العراقي 1968
ثالثا- الجامعه التكامله مجلة التعليم والبحث العلمي 1968
تواصل نشاطه التدريسي في سنة 1960 لطلبة الكليه خاصة الصفوف المنتهيه وألاشراف على أمتحاناتهم السنويه والنهائيه.
وبعد سنوات من العطاء والتدرج الوظيفي تم تعينه في سنة 1961 أستاذ للجراحه العامه في الكليه الطبيه وقد أحتفظ بلقب الاستاذيه حتى نهاية خدمته في سنة 1975 , ونظرا لكفائته في تأدية واجباته فقد أنيط به منصب رئيس لقسم الجراحه وذلك في عام 1963.
وبعد أحداث 8 شباط 1963 أنتخب الاستاذ عبد اللطيف البدري عميدا للكليه الطبيه حيث تولى أدارتها بكل حكمه والتزام وأستمر في منصبه حتى سنة 1965.
وفي 6 أيلول 1965 تم تعينه وزيرا للصحه في وزارة عارف عبد الرزاق, ولكن سرعان ما حدث التغيير الوزاري في 21 أيلول 1965 برئاسة السيد عبد الرحمن البزاز والذي كلفه بالاستمرار في نفس منصبه الوزاري, وفي السنه التاليه في 18 نيسان 1966في وزارة البزاز الثانيه كلف مرة ثانيه بالقيام بمهامه الوزاريه, ومن الجدير أن نذكر بأن مسؤوليات وزارة الصحه خدميه فقط وليست تعليميه ولذلك قرر بعد الانتهاء من عمله الوزاري العوده الى الكليه والاستمرار في مهامه الاكاديميه كرئيس لقسم الجراحه في الكليه الطبيه وفي نفس السنه 1966سنحت له الفرصه بأن يقوم بمهام أستاذ زائر في الجراحه لجامعة القاهره.
وفي نهاية الستينات طرحت فكرة التفرغ العلمي ولكنها لم ترى النور بسبب تطبيقات القانون وتفاصيله, ولكن أستمرت جهوده في تشكيل فروع لقسم الجراحه كل حسب أختصاصه وبمشاركة الاستاذ يوسف النعمان والاستاذ خالد القصاب.
وبالرغم من تعينه رئيس لجامعة بغداد في السنوات 1971-1972 لكنه أستمر في رفع المستوى العلمي لقسم الجراحه حيث شرع بأقامة دراسة الدبلوم في الجراحه العامه لمدة سنه دراسيه واحده.
وفي نفس الوقت الذي تم تعينه في السنوات 1972-1975 رئيس لقسم الدراسات العليا في الكليه الطبيه لكنه واصل الخطى لتطوير الجراحه في العراق فقد حصلت الموافقه وبمساعدة وزير الصحه عزت مصطفى وعميد الكليه الدكتور تحسين معله بأقامة الامتحان الاولي لشهادة الزماله البريطانيه في مدينة بغداد وتحت اشراف لجنة الامتحان البريطانيه, وقد أنتخب الاستاذ هاشم الهاشمي سكرتير لهذه الدراسه بترشيح من الاستاذ عبد اللطيف البدري.
وقد لاقت هذه المبادره صدى كبير وترحيب واسع خاصة من الدول العربيه المجاوره حيث تقدم للامتحان عدد من الاطباء العرب للامتحان في بغداد بدل لندن مما يوفر عليهم الكثير من العناء والاموال.
وبعد أنتهاء خدماته من الكليه الطبيه في سنة 1975 تفرغ لكتابة عدد من الكتب التاريخيه والتراثيه القيمه حيث صدر له كتاب من الطب الاشوري 1976 وكتاب التشخيص والانذار في الطب الاكدي 1976, والطب عند العرب 1977.
وقد ورد في مقدمة كتابه من الطب الاشوري من أصدارات المجمع العلمي العراقي سنة 1976 حول مهنة الجراحه في بلاد النهرين مايلي ؛ هذا النوع من الاطباء هم الجراحون, فالجراحه لابد وأن تكون شائعه وأن تكون مهنه مميزه معترف بها قبل أن تسّن الشرائع, فقوانين حمورابي تشرع للجراح وتعنى به أكثر مما تعنى بالطبيب ففي الماده 220 ذكر للطبيب أذا ما أجرى عمليه على عين مريض, والماده 215 تتناول أذا ما بط خراج والماده 218 تتحدث عنه أذا ما صنع جرحا كبيرا في جسم مريض أو خاط جرحا كبيرا حدث به. وهناك نصوص تتعلق بجراحات متنوعه بينما ورد ذكر الطبيب الذي يعالج بالادويه في نصوص أقل عدد.
لقد ورد ذكر الجراحه في نصوص عديده منها في الكتابات الطبيه وأخرى في الشرائع وثالثه في الرسائل المتبادله بين مختلف الناس ورابعه في الادب والملاحم.
أن أكتشاف الالات الجراحيه من العهد السومري على ضفاف الفرات يدل على ان الجراحه كانت ممارسه من قديم الزمن. انتهى كذلك شارك مع مجموعه من زملائه بتأليف عدد أخر من الكتب الطبيه والتراثيه ومنها كتاب دراسات في الطب العربي من أصدار مركز أحياء التراث العلمي العربي جامعة بغداد, حيث ورد في جزء منه حول أسطورة الحيه أو الثعبان بأعتبارها رمزا للحياة والشفاء؛ كانت الحيه ومازالت شعارا للشفاء وكان المظنون أن هذا الشعار من وحي أسقلابيوس الاغريقي, غير أن المنحوته التي وجدت في لكش والتي يعود تاريخها الى 2000 سنه قبل الميلاد والموجوده حاليا في متحف اللوفر في باريس ومزينه بدورق فيه صوره لحيتين ملتفتين على بعضهما ويقف خلفهما جوديا أمير لكش ومكتوب عليها أنها مهداة الى نينيكش زيدا مع التمنيات بالشفاء.
وفي ملحمة كلكامش أيضا مايؤيد أن الحيه كانت رمزا للشفاء فعندما مات أنكيدو رفيق كلكامش ذهب الاخير باحثا عن الاعشاب التي تعيد الحياة لصاحبه, فلما وصل الى بحيرة الازل وغاص فيها وجد تلك الاعشاب فأخذها واقفل راجعا الى أوروك, وفي الطريق وبسبب شدة الحر أضطر الى الاستحمام في بركه بارده بعد أن ترك أعشابه وملابسه على الصخور ولما عاد وجد أن حية أكلت تلك الاعشاب وتأثرت بمفعولها فنزعت ثوبها وعادت فتيه من جديد ومنذ ذلك الحين والحيه تعيد نزع ثوبها كلما رامت تجديد شبابها. انتهى
الكتب التراثيه والعلميه
وتشمل قائمة الكتب الطبيه والتراثيه والتي قام الاستاذ عبد اللطيف البدري أو شارك في تأليفها وباللغتين العربيه والانكليزيه ما يلي ؛
أولا- الجراحه الطارئه وكوارث الحروب مع الاستاذ يوسف النعمان 1973, اللغه العربيه
ثانيا- الجراحه العامه 1974
ثالثا- المعجم الطبي الموحد مع فريق المؤلفين 1972
رابعا- من الطب الاشوري 1976 اللغه العربيه
خامسا- التشخيص والانذار في الطب الاكدي 1976 اللغه العربيه
سادسا- الطب عند العرب موسوعة وزارة الاعلام العراقيه 1977
سابعا- المعجم الطبي الموحد الطبعه الموسعه عربي-أنكليزي- فرنسي مع فريق المؤلفين 1981
ثامنا- الطب في العراق القديم.
الجمعيات والهيئات الطبية
لقد شارك في العديد من الجمعيات والهيئات الطبيه والمهنيه والثقافيه وكان عضوا فعالا وناشطا في جميع المجالات, وفي سنة 1949 أنضم الى الجمعيه الطبيه العراقيه وفي سنة 1956 فازت قائمة الاستاذ صائب شوكت برئاسة الجمعيه وكان الاستاذ سالم الدملوجي سكرتيرا لها والاستاذ عبد اللطيف البدري احد أعضائها بألاضافه الى كل من الدكتور محمد الشواف, محمود الجليلي,مكي الواعظ,غازي حلمي, والدكتور رشاد عبد الواحد.
وقد قامت الجمعيه أنذاك بنشاطات علميه متميزه منها دعوة الدكتور بول وايد طبيب أمراض القلب الامريكي المشهور عالميا, بألقاء محاضره عن أمراض شرايين القلب التاجيه, كذلك تنظيم عدد من المحاضرات من قبل المسؤولين أفتتحها وزير الصحه الدكتور عبد الامير علاوي بعنوان السياسه الصحيه في العراق.
وهذه قائمه بأسماء الجمعيات الطبيه والعلميه التي شارك في عضويتها ؛
أولا- عضو في الجمعيه الطبيه العراقيه 1949
ثانيا- الامين العام للجمعيه الطبيه العراقيه 1952-1953
ثالثا- عضو جمعية مكافحة السرطان العراقيه 1966-1975
رابعا- عضو في جمعية مكافحة التدرن العراقيه 1965-1972
خامسا- عضو هيئة تحرير مجلة عمادة الكليه الطبيه 1956-1963
سادسا- عضو هيئة تحرير مجلة النداء الاجتماعي 1949-1952
سابعا- رئيس تحرير مجلة رسالة الطب-المجمع العلمي 1950-1956
ثامنا- نائب رئيس جمعية الكتّاب والمؤلفين 1972-1974
تاسعا- رئيس الفرع لامراض الجهاز الهظمي الدوليه 1970-1977
عاشرا- عضو المجمع العلمي العراقي 1963-1979
أحد عشرا- عضو مراسل مجمع اللغه العربيه القاهره منذ 1970
أثنى عشرا- عضو مراسل مجمع اللغه العربيه- دمشق منذ 1972
ثلاثه عشر- عضو شرف المجمع العلمي الاردني 1982
أربعة عشر- عضو أتحادات الجامعات الدوليه 1970-1975
خمسة عشر- رئيس تحرير مجلة الامارات الطبيه 1979-1981
المنجزات الطبيه والثقافيه
أولا- أول العراقيين الذين حصلوا على شهادة الزماله من الكليه الملكيه للجراحين في لندن.
ثانيا- قام بأجراء بعض العمليات الحديثه والمبتكره لاول مره في العراق مثل علاج قرحة المعده الجراحي ومعالجة البواسير بالتجميد.
ثالثا- القيام بواجبه الوطني والانساني في حرب فلسطين 1948, عندما ساهم بتأسيس مستشفى الهلال الاحمر في نابلس وتقديم الخدمات الطبيه للمحاربين واللاجئين على حد سواء.
رابعا- أصدار أول مجله طبيه للجميع في سنة 1950.
خامسا- ساهم وبصوره مستمره في تعليم وتطوير الجراحه في العراق.
سادسا- فاز بالجائزه التقديريه لاحسن بحث في المؤتمر الثالث لاتحاد الفسيولوجين الامريكيين سنة 1957.
سابعا- منح وسام الرافدين من الدرجه الثالثه في حرب فلسطين.
ثامنا- منح ميدالية الهلال الاحمر العراقي لخدماته المتميزه في الجمعيه.
تاسعا- منح ميدالية أحسن بحث طبي في المؤتمر الاول لاتحاد الاطباء العرب.
عاشرا- عضوية أتحاد الاطباء والمؤرخين وله عدة مؤلفات تاريخيه وثقافيه,بألاضافه الى نشر العديد من البحوث الطبيه.
أحد عشر- قام برئاسة قسم الجراحه,عميد كلية الطب,رئيس جامعة بغداد.
أثنى عشر- وزير الصحه العراقي 1965-1966.
وبعد أنتهاء خدماته من الكليه الطبيه العراقيه في سنة 1975,أستمر في نشاطه الدؤوب لتشمل خدماته الدول العربيه المجاوره حيث تولى منصب المستشار الطبي لدولة الامارات العربيه المتحده في الفتره ما بين سنة 1977-1981.
بعدها أنتقل الى الشقيقه دولة الاردن حيث أضطلع بمهام رئاسة قسم الجراحه ومن ثم عميداللكليه الطبيه في عمّان الاردن خلال السنوات 1981-1983.
وفي بداية القرن الواحد والعشرين خيّمت الاحزان على بيته بوفاة شريكة حياته وأم أولاده رفل وأخيه لهب, الاستاذه الدكتوره لميعه البدري تغمدها الله برحمته الواسعه وأثابها جزيل الثواب لما قدمته لخدمة الطب في العراق, ولكنه وبالرغم من تقادم السنين عاود نشاطه الوطني وبعد التغييرات التي حصلت في 2003, ترشح في منصب نائب في الدوره الثانيه لمجلس النواب العراقي ممثلا عن قائمة الدكتور أياد علاوي.
خلاصة الشهادات والمناصب العلمية
اولا : بكلوريوس طب وجراحه الكليه الطبيه العراقيه 1944
ثانيا- دبلوم الجراحة العامه الكليه الطبيه جامعة القاهره 1946
ثالثا- زمالة الكليه الملكيه للجراحين لندن 1948
رابعا- أختصاص جراحة الجهاز الهضمي جامعة شيكاغو 1957
خامسا- أستاذ الجراحه العامه كلية الطب بغداد 1961-1975
سادسا- رئيس قسم الجراحه كلية الطب بغداد 1963-1975
سابعا- نائب نقيب ذوي المهن الطبيه 1963-1964
ثامنا- عميد كلية الطب جامعة بغداد 1963-1965
تاسعا- وزير الصحه العراقي 1963-1966
عاشرا- أستاذ زائر في الجراحه العامه جامعة القاهره 1966
أحد عشر- رئيس جامعة بغداد 1970-1971
أثنى عشر- رئيس قسم الدراسات العليا كلية الطب 1972-1975
ثالث عشر- المستشار الطبي لدولة الامارات العربيه 1977-1981
رابع عشر- أستاذ الجراحه كلية الطب الجامعه الاردنيه 1981-1984
خامس عشر- عميد كلية الطب الجامعه الاردنيه 1981-1983
النصائح ومأثورات أقواله
لقد أمتاز الاستاذ البدري بحرصه الشديد لتعليم طلابه ومتابعة الجديد والحديث في العلوم الطبيه, وفي هذا المجال لم يبخل بعلمه و كان دوما السبّاق في أسداء النصيحه والمشوره لزملائه وطلابه, وقد تعددت مأثورات أقواله ونصائحه نذكر بعضا منها ؛
أولا- أجعل هدفك بلوغ القمه في عملك فأنك بالغها لو ثابرت.
ثانيا- أن لم تمارس مهنتك بأخلاص فاتك الكثير من حلاوة العمل الانساني.
ثالثا- أن ليالي سهرك على مرضاك تكون قد أوفيت مهنتك شيئا من حقها.
رابعا- الجماعه قوه فلا تمشي مسيرة حياتك وحيدا.
خامسا- أن اهتمامك بالامور العامه لن يعيق أدائك الحسن في مهنتك.
سادسا- أذا أستعجلت الثراء عن طريق مهنتك, صعب عليك أن تبلغ في المهنه مكانة تذكر.
سابعا- لاتدع يومك يمر دون أن تستزيد بالمعرفه فأنك لو فعلت فاتتك خطوه في طريق التقدم في مهنتك.
ثامنا- الاخلاص في المهنه والاخلاص للبلد جناحان وأنك لم تستطيع الطيران بجناح واحد.
كلمة تقدير وثناء
وبعد هذه الرحله الطويله من العطاء والمنجزات التي قدمها عبر السنين
يحق لنا نحن العراقيين والاطباء خاصه أن نفتخر بشخصيته العلمية والوطنيه والذي كرس حياته ولايزال لخدمة الوطن الام العراق العظيم والامه.
وأن أتشرف بأهداء كلمات هذه المقاله نيابة عن طلابه وأجيال الاطباء واقدمها باقة ورد معطره بأيات الثناء والتقدير الى الاستاذ عبد اللطيف البدري فقد كان حريصا على تعليم طلابه وراعيا لمسيرة الطب والجراحه ولاسيما الثقافه في العراق والامه العربيه, راجيا من الله تعالى وقد شارف عمره على التسعين, له ولعائلته دوام الصحه والعمر المديد ومتمثلا بقوله سبحانه ؛ من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا.
المصادر:
تاريخ أعلام الطب الدكتور أديب الفكيكي
تاريخ الطب العراقي عبد الحميد العلوجي
تاريخ الكليه الطبيه العراقيه الاستاذ سالم الدملوجي
تاريخ سيرة الكليه الطبيه الاستاذ فرحان باقر انترنت
تاريخ ومحطات سيره ذاتيه الاستاذ هاشم الهاشمي
من الطب الاشوري الاستاذ عبد اللطيف البدري
دراسات في الطب العربي مجموعة المؤلفين - البدري
رسالة من الدكتور منذر الدوري الى الاستاذ الفقيد البدري نشرت عام 2011 تتضمن قصيدة شعرية:
الاستاذ الاكرم الدكتور عبد اللطيف البدري- ابا رفل المحترم, الاستاذ العزيز ابا رؤوف زهير البحراني المحترم وجميع اساتذتي ومعلمي واخواني وزملائي الكرام
مهداة الى الأستاذ الفاضل الدكتور عبد اللطيف البدري وأساتذة قسم الجراحة، أخص بالذكر أساتذة الوحدة الاولى، الأساتذة الكرام : أ د. زهير رؤوف البحراني وأ د. هاشم عبد الرحمن
وطيبي الذكر ِ والثرى : أ د. خالد القصاب وأ د. عبد الكريم الخطيب وأ د. حاجم السامرائي.
أبا رَفــل ٍ تحية ٌوسـ *** لام تبسمتك بزهوها الاعوام
أقمُتَ صَّرْحا ً للجراحة ِ رائدا ً *** بالعلم ِ تـُبنـَى أ ُمة ٌ وتقامُ
أنتَ الدؤوبُ بها في كل معترك ٍ *** إلقا ً، سِماتـُكَ صبرُك المقـدام ُ
إنتَ العزيز ُ بها إستاذها أبدا ً *** مهما تقـَلـبَتْ الدنا الأيـام ُ
كـُنيتَ {بالأستاذِ} أحلى كـُنية ٍ *** لاأسمٌ ما بَعدَها، ولا أستفهامُ
وإخْترتَ جَهابـِذة َ الرجال ِ كـَفاءة ً *** وأحَاطكَ صادقُ أرونُ هَمَّامُ
أحاطوكَ باقة ورد زانهاٍ شذى *** علوم, جدارة ٌ وإحِـترامُ
عطاءُ أَمِيرها أبي رؤوفٍ وافرٌ *** الجَّددَ يَّدَنه ُ سعيُ والهـامُ
عذبُ الكلام-هاشم- وحواره *** شهد وفي ُالجراحة َعِاشق ٌمرنام
في الأدب الجم، يذ ُكر خالد *** في الخلق نِبراس وكان إمامُ
أبا زينة, زَينَ الشَـباب ِ *** بشاشة ً هوالربيعَ وَداعة ٌ وبسامُ
وحَاجم ٌ اكدى النفسَ حتى تسَرعَتْ *** للخلدِ، بينهما عهد وذمام ُ
اسَاتذتي ُ وكلهم زهور ِ *** رُبَى أريجهـِم تَـَجانسٌ وإنتظامُ
ياسيدي! لـَطفـُكَ دينٌ يُؤَرقـُني *** لاينسى كرم َ الكرام ِ كرام ُ
الدكتور منذر أبراهيم الدوري
جراح أستشاري
14/07/2011
923 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع