"ليلة السقوط" تناول درامي لاحتلال الموصل وتطهيرها

            

انتهى فريق عمل المسلسل العربي المشترك “ليلة السقوط” من تصوير أحداثه في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، بمشاركة نحو مئة وخمسين فنانا من العراق ومصر وسوريا والأردن وتونس. وهو العمل الذي قال عنه مؤلفه السيناريست المصري مجدي صابر “يقدّم رسالة عن إجرام تنظيم داعش الإرهابي، ويفضح ممارساته اللاإنسانيةّ”.

العرب/أربيل (العراق)- يهدف المسلسل العربي المشترك “ليلة السقوط” الذي انتهى تصويره مؤخرا في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، إلى نقل صورة واقعية للأهوال التي مرّت بها المنطقة العربية خلال الأعوام الماضية، تحديدا بين عامي 2014 و2017، متناولا أحداث الموصل إبان سنوات احتلالها من قبل تنظيم داعش، ومستعرضا الظروف المأساوية التي عاشها أهل الموصل خلال تلك الحقبة، وكيف استطاعت القوات المسلحة العراقية بالشراكة مع قوات البيشمركة وقوات الحشد الشعبي من دحر الإرهاب في نهاية المطاف.

ولأن العمل يُعدّ الأول من نوعه في استعراضه لمجازر تنظيم داعش الوحشية في مدينة الموصل بشكل خاص، ومدن العراق بشكل عام، تلقى طاقمه العديد من التهديدات بالقتل والتصفية الجماعية، لم تثنهم عن الاستمرار في تصوير أحداثه ليكون جاهزا للعرض مطلع العام القادم، حيث أعلنت شركة “بلا حدود” للإنتاج الفني أن العمل سيكون أيقونة الإنتاج الفني للعام 2022، وهو الذي رُصدت له ميزانية تجاوزت الثمانية ملايين دولار، واستغرق الإعداد له سنتين.

تهديدات بالقتل

في هذا الخصوص كشف الكاتب المصري مجدي صابر مؤلف المسلسل تلقيه العديد من التهديدات بالقتل بشأن العمل، مؤكّدا أنه يتمّ تصويره حاليا تحت حراسة أمنية مشدّدة حفاظا على أرواح طاقمه، وذلك بعد ما طالتهم التهديدات أيضا ورفضوا التراجع مستكملين تصويره.

وقال صابر “تلقيت العديد من التهديدات بالقتل من مجهولين منذ بداية كتابتي للعمل، وطالت التهديدات أيضا فريقه، ولكننا لم نلتفت لها، وقرّرنا جميعا عدم التراجع واستكمال المشروع إيمانا منا بالقضية التي يطرحها العمل، وأن هذا هو دور الفن الذي يقوم بكشف الحقائق والزيف، ويتم التصوير تحت حراسة أمنية مشدّدة في العراق”.

وأوضح المؤلف المصري أن العمل يستعرض العديد من القصص الإنسانية من خلال أحداث تدور على أرض الواقع، حيث يكشف المسلسل الوجه القبيح لتنظيم داعش، وما يتمّ تنفيذه على أيديهم من قتل وتدمير وبيع النساء كجواري واغتصابهنّ وكيف تحقّقت مخططاتهم للسيطرة على الموصل وسنجار بالعراق، حتى هزيمتهم على يد القوات العراقية.

ويؤكّد صابر “المسلسل يتناول تنظيم داعش هذا الوحش الأسطوري المخرّب والمدمّر من خلال تقديم أفكارهم وشرهم وما فعلوه من مآس”، موضحا أن “أحداث المسلسل مليئة بالرسائل والعظات، خاصة أن ما قام به داعش من تخريب ودمار يحتاج إلى أكثر من مئة مسلسل”.

وتوقّع كاتب المسلسل أنه سيكشف كذب وزيف هذا التنظيم الإرهابي الذي يتمسّح بالدين البريء من أفعاله، كما أنه سيحدث تأثيرا كبيرا لدى مبرّري أفعال هذا التنظيم لدى سيطرته على المدن العراقية.

وقال صابر “العمل أحداثه قاسية، وقد نحتاج إلى ساعات من الألم لندرك أن الشفاء ثمنه باهظ، وهذا الألم الذي سيشعر به بعض المُشاهدين من الممكن أن يجعل لديهم حصانة ضدّ الأفكار الداعشية المتطرّفة”.

وعن الجزاء الذي سينال هذا التنظيم في أحداث المسلسل، قال “الجمهور سيرى عقابا رادعا لهذا التنظيم على كل ما اقترفه من عنف، كما يقدّم المسلسل صورة عن الكثير من المعارك التي خاضتها القوات العراقية لإزاحة هذا الكابوس دفاعا عن الشرف والعرض والوطن وتاريخ العراق العظيم”.


وبشأن تحميل كتّاب السيناريو المسؤولية عن تراجع الدراما، قال السيناريست المصري إن دور الكتابة همّش وتراجع في الفترة الأخيرة، مبرّرا طرحه قائلا “المعادلة انعكست، فبدلا من أن يبدأ العمل بالنص الذي ينقل وجهة نظر السيناريست في قضية من واقع المجتمع، وبعدها تتعاون الأطراف الثلاثة: المؤلف والمخرج والمنتج في اختيار الفنانين المناسبين لتقديم هذا العمل أو ذاك بشكل لائق، بات النص في الأعمال الفنية الحالية يقدّم على مقاس النجم وليس لصالح الدراما، وهو ما أضعف المحتوى”.

ويرفض صابر فكرة ورش الكتابة، لأنها جعلت النص أضعف عنصر في الإنتاج الفني، إلاّ أنه في المقابل يُؤيّد الدراما المنفصلة المتصلة أو القصيرة، معتبرا أنها شكل من أشكال الدراما والتجديد الإيجابي بطرح قضايا مجتمعية تعبّر عن أوجاع وهموم الناس، وهو نوع كان يجري تقديمه في الماضي من خلال خماسيات وسباعيات.

وعن مشهد الإعدام وارتداء الفنان المصري طارق لطفي للبدلة الحمراء، أكّد السيناريست المصري أن المشهد سيكون في نهاية الحلقة الأولى وليس في الحلقة الأخيرة من المسلسل.

ويظهر الفنان طارق لطفي في المسلسل بشخصية مختلفة تماما من حيث الشكل والمضمون، حيث يُجسّد شخصية أبوعبدالله، أحد زعماء تنظيم داعش، الملقّب بالذبّاح بسبب ارتكابه العديد من المجازر الجماعية والجرائم البشعة في حقّ الأبرياء، ومعروف بقسوته الشديدة جدا، فهو شخص بلا قلب وبلا مشاعر بل مجرّد آلة للقتل.

وقدّم لطفي في الموسم الرمضاني الماضي مسلسل “القاهرة – كابول” الذي شارك في بطولته إلى جانب خالد الصاوي وفتحي عبدالوهاب ونبيل الحلفاوي وحنان مطاوع ونور محمود وآخرين، وهو من تأليف عبدالرحيم كمال وإخراج حسام علي وإنتاج سينرجي.

ويتناول المسلسل ثلاث قصص مثيرة، حول المؤامرات التي تُحاك ضدّ المنطقة العربية، وخاصة مصر في الفترة الأخيرة، مُسلّطا الضوء على الأعمال الإرهابية التي تقع في المنطقة، حيث الإرهابي رمزي، الذي تولى خلافة جماعة إرهابية، ويتصدّى له ضابط الشرطة عادل، وينقل الصورة المذيع طارق كساب.

بطولة جماعية 

“ليلة السقوط” عمل درامي، عراقي، مصري، سوري، أردني، تونسي مشترك، يقوم ببطولته باقة من أهم نجوم الوطن العربي، تحت قيادة المخرج السوري ناجي طعمي، أبرزهم طارق لطفي وأحمد صيام من مصر، وباسم ياخور وكندا حنا وميلاد يوسف من سوريا، وصبا مبارك من الأردن، إلى جانب كوكبة من نجوم الدراما العراقية على غرار جواد الشكرجي وخليل إبراهيم وسمر محمد وذوالفقار خضر، واختارت الشركة المنتجة للمسلسل الموسيقار المصري الشهير ياسر عبدالرحمن لوضع الموسيقى التصويرية للعمل الأضخم إنتاجا في الوطن العربي.

وكشف الفنان السوري ميلاد يوسف أنه يؤدّي في العمل شخصية “سمير”، وهو شاب يعيش في الموصل، قائلا “بداية تكون شخصيته عادية ثم تصبح مُركّبة بسبب التقلبات النفسية والتحوّلات والصراعات التي يعيشها على الصعيد الاجتماعي والعائلي”.

وتبقى حياة سمير مستقرّة إلى أن تدخل داعش على الخط فتقلب حياته رأسا على عقب، حيث ينضمّ إلى التنظيم ويسير في هذا الخط، إلى أن يكتشف في النهاية تورّطه وتعرّضه لقدر كبير من الكذب والخداع، فيقرّر العودة إلى أهله ويُشارك في تحرير بلده.

وأوضح يوسف أن أغلب مشاهد العمل ستجمعه مع الممثلة كادي القيسي التي تلعب دور أخته وتتأثّر حياتها بخسارتها لدراستها الجامعية، ودورها يركّز على فكرة أن الظروف قد تحمل السوء للفتاة أيضا، وأن الحياة تفرض شروطا قاسية على الناس في تلك المرحلة وتتغيّر التفاصيل في العائلة نفسها.

وقال مدير تصوير مسلسل “ليلة السقوط” التونسي محمد المغراوي “عندما تمت دعوتي للعمل في هذا المشروع لم يكن لديّ علم عن مدى ضخامته، و لكن عند قراءتي لملخص النص ورؤيتي للممثلين والمخرج ناجي طعمي ومعرفتي عن إنتاج هذا الكم الهائل من الإمكانيات علمت أن العمل ضخم”.

ويتابع “قمت بالتصوير في العديد من الدول والبلدان، ولكن يجب أن تتم العديد من الإنتاجات هنا، بسبب وجود الديكورات والطبيعة المخوّلة في تنفيذ العديد من الأعمال”.

وقال منتج العمل قيس الرضواني “يُعدّ هذا العمل الأول من نوعه الذي يناقش أفعال تنظيم داعش الوحشية في مدينة الموصل بشكل خاص، ومدن العراق بشكل عام، ليكون أداة فضح لكل ما حدث في الفترة الممتدة بين 2014 وحتى 2017، من جرائم إرهابية قنّنت وسائل الإعلام رصدها وكشفها للرأي العام، ليتولى المسلسل فضح الحقائق الغائبة عن هذا التنظيم أمام العيان، مُستعرضا مشاهد جريئة لم تتناولها الدراما العربية من قبل”.

ويضيف “كما يكشف المسلسل جرائم اغتصاب الإيزيديات وخطفهنّ كسبايا، مُبرزا في الجهة المقابلة مدى تكاتف شعب العراق بكل مكوناته في مواجهة قوى الظلام والطغيان التي حاولت محو تاريخه الطويل والجميل، ويحكي في إطار درامي تشويقي توثيقي الجرائم التي ارتكبتها الجماعة الإرهابية بحقّ أهل العراق خلال ثلاث سنوات عجاف شهدت أحداثا مأساوية دموية”.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1183 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع