(محطات جميلة فيها ذكريات جميلة عن العراقين الذين مثلوا العراق والعاملين في المنظمات الدولية والجالية في النمسا)
تجول بخاطري ذكريات الماضي ، وبها ابتعد الى العمق البعيد، لالتمس سنين مرت، فيعانقني الشوق والحنين كأنني في عربة تجول بي إلى أرض الحب والموسيقى والتراث ويجعلني اتذكر أناس خالطتهم وأناس تعرفت عليهم كأنها لوحة رسام يعرف معاني رسوماته ما أجمل الذكرى، هنا أكتب ذكرياتي في فيينا، ليست مذكرات أبداً، إنما ذكريات، فالمذكرات تدوين مستمر لكل صغيرة وكبيرة ولكن الذكريات هي الذكريات الجميلة التي تعلق في الذاكرة ويصعب نسيانها من لم يجرب الغربة يصعب عليه فهمها، لقد جربتها في دراستي في فرنسا وجربتها في فينا حيث عملت هناك لفترة طويلة وكانت غربة طوعية وتعاملت معها عاطفيا ودراسياً وأجتماعياً ووظيفياً، ولكن الآن نعيشها في بلد نكن له محبتنا وهو يكن لنا محبته أيضاً، فالغربة تعلمنا ماهية حب الوطن، فالبعد عن الوطن جرح وألم من الصعب تطبيبه، سأنقل مشاهداتي عن العراقيين في مجال عملنا عندما كنا في النمسا، بهدف التواصل سعيت الى الكتابة ليبقى الأنتماء مكملا لما نراه لمحاولات التدمير والتجهيل والتقتيل والفساد والتنكيل بالهوية الوطنية ومحاولات القضاء على أرث العراق وتأريخه الأنساني بعد أن قتل من قتل وتشرد الى الغربة خيرة رموزه العلمية والهندسية والطبية والعسكرية والاعلاميية والاقتصادية من عقول نيرة ينتظرون موتهم في الغربة بعد أن أمسى ضياء العراق الى ظلام تتحكمه شراذم الدجل والسراق، أصحاب النفاق الديني والطائفي ، مايحدث وما حدث للعراق بعد 2003، فالغربة ليست مجرد البعد الجغرافي عن الوطن وأهله أو التجاوز للبعد الأجتماعي وأنما هي أحساس بالروح وألم وجرح يصعب تطبيبه، الأشتيآق حِكآية لَا يمْكن شرحها في سطور، لحظات لاتنسى لجعل سراب الأمل حقيقة ولنطفأ ظمأنا لنشعر بالسعادة لما نتمناه لبلدنا العزيز العراق، تحضرني هذه الأيام عن الأهل والأصدقاء والجيران، لاأدري من أين أبدأ فقد تزاحمت في رأسي الصور والمناسبات، في كل رحلةٍ لي،سواء كتبتُها أو تركتُها في وجداني ضمن أرشيفٍ صامت ارجع اليها لأدونها، أشياء كثيرة عن سلم الحياة ومشاهداتنا لها، مثلما هي قراءاتي الدائمة عن الطفولة والشباب والعمل الحنين لها.
طالت خطواتي الى المقهى المطل على البحيرة الجميلة في الشارقة بجانب المنتزه الجميل المترامي سعيت الى الكتابة التي تثير في القلب كوامن العواصف ومكامن الذكريات، وتهيج فينا الوقائع في تلك الفترة من حياتنا في هذه المقالة عن العراقيين الذين مثلوا العراق في المنظمات الدولية والعاملين فيها وبعض من جاليتنا في فينا أثتاء عملي الدبلوماسي مع الوكالة الدولية للطاقة ،عندها وفي حينها سعيت الى رسم التواصل مع من يمثل بلدنا والعاملين العراقيين في المنظمات الدولية المتواجدة وجاليتنا باللقاءات والأنفتاح والتقبل للرأي الأخر، كل ذلك لتعميق الروابط لوطننا العراق والتمسك بهويته، بالرغم من تباين أفكار البعض وتطلعاتهم السياسية، أكتب عن أناس تعرفت عليهم، وجمعتني مع بعضهم صداقة ، بعضها شكلت بمرور السنين جزءاً من ذكرياتي، بعضهم غيبهم الموت، وبعضهم قذفت بهم الأيام، مع حسرة دائمة وعميقة في القلب في أن أراهم ثانية وأستعيد معهم ذكرى تلك الأيام الجميلة لذاك الزمن الذي لن يعود.
فيينا مدينة الحب، مدينة الموسيقى مدينة الأضواء،في فيينا تعيش الفن وتختبره . انها تسحرك بالأستماع إلى الموسيقى وتجعلك تسرح في عالم الإيقاعات التي تترك في النفس ذكريات لا تنسى، ففيها مجموعة من المتاحف والقصور، مقاهي فيينا قديمة و عريقة جداً فقد اكتسبت الكثير من الخبرات، وأصبحت عبر الزمن ذات طابع مميز وتجدد دائم، هذه المدينة الساحرة تقع علي امتدادها مجموعة رائعة من المتاحف والكنائس القديمة غير الأشجار والانارة الجذابة، هي سعادة الصيف وفرحة الشتاء وسكون الخريف وابتسامة الربيع، مدينة الروائع العديدة لفنون الموسيقى في دور الاوبرا.
كان العراق يحتل مكانة متميزة بين دول العالم، لاسيما دوره البارز والريادي في المحافل الدولية، ومشاركته الفعالة وانضمامه للمنظمات الاقليمية والدولية فقد ساهم العراق في كافة المنظمات والهيئات التابعة للامم المتحدة مثل، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ودوره الرائد على الساحة الاقتصادية الدولية من خلال تعاون العراق الفعال والبناء وعضويته في منظمة الاوبك وصندوق الاوبك والمنظمات الدولية الاقتصادية وبرنامج الامم المتحدة الأنمائي اليونيدو.
لمعت أسماء بعضهم تحملها الذكريات ومنهم قمم شامخة وشخصيات ونهر العطاء يتدفق، فتنفجر من ينابيع المعرفة والعمل من خلال ابداعاتهم، عندما أتحدث عن اشخاص بحجمهم تختلط في أذهاني الأفكــار بكل صراحة أغلبهم طيبوا الخلق ويمتازون بحسن التصرف والتعامل المقتدر وكان تعاملنا اساسه المواطنة بمنظورها الأخلاقي والانساني.
لندخل محطة مهمة من ذكرياتي في فينا اثناء الحرب العراقية الايرانية وماكنة الحرب تسير والنفط ياخذ حيزا مهما في مجريات الأمور أثناءها ومسالك تصديره شابتها مشكلات عويصة مما يتطلب وجود قادة أكفاء يستطيعون أدارة الازمة من جهة وكيفية تعاملهم مع منظمة الاوبك والعراق وايران طرف فيها من جهة أخرى، ما أجمل أن يكون الوزير الذي يمثل بلاده مدركاً لمسؤوليته، حريصاً على حسن تمثيل بلده وأناسه، ألا وهي ذكرياتي مع وزراء النفط خلال حظورهم أجتماعات الأوبك، فالوزراء الاستاذ قاسم العريبي وبعده الاستاذ عصام الجلبي والآخرين في مقالتنا، في النفط شخصيات كانت مقتدرة ومتمكنة تملك المعرفة وحسن التصرف والاقدام ، مكابدين ومفاوضين في كافة الأجتماعات واللقاءات بمعنى الكلمة، وجهدهم الدؤؤب لأيجاد منافذ جديدة لتصدير النفط بسبب عدم أمكانية تصدير العراق أثناء الحرب من الخليج العربي وبعد أن أغلقت سورية انبوب النفط المار في أراضيها عام 1982 وبعد ان ضاقت الخيارات بدأ العراق ببناء خطوط لتصدير النفط عبر الاراضي السعودية وكلفه ذلك أكثر من بليوني دولار وكما هو معلوم ان منظمة الاوبك وهي منظمة عالمية تضم إثني عشرة دولة تعتمد على صادراتها النفطية اعتمادا كبيرا لتحقيق مدخولها، وكانت قد تأسست في بغداد عام 1960، ولا بد ان نتطرق الى محافظ العراق لدى الاوبك الدكتور رمزي سلمان رئيس شركة تسويق النفط، بجهوده وامكانياته الخلاقة والمتميزة مع كادره المتفاني، فاستطاعت شركة تسويق النفط ان تضع نفسها في مصاف الشركات التسويقية الكبرى بفضل عمل الدكتور رمزي من اجل تحقيق الاسعار الافضل للنفوط الخام والمنتجات النفطية العراقية في ظل ظروف السوق النفطية ، وتأريخياً امتلكت مرونة تسويقية بفضلما تحقق من ارتفاع في كميات انتاج النفط الخام العراقي وكذلك تعدد المنافذ التصديرية المتمثلة في ميناء البصرة النفطي وميناء خور العمية بالاضافة الى الانابيب التي توصل النفوط الخام العراقية الى ميناء بانياس في سوريا وميناء طرابلس في لبنان وميناء ينبع في السعودية وميناء جيهان في تركيا هذا بالاضافة الى المرونة التسويقية التي وفرها ما يعرف بالخط الستراتيجي الذي اتاح نقل النفوط الخام المنتجة في الحقول النفطية الجنوبية ( البصرة الخفيف ) الى ميناء جيهان التركي ونقل النفوط الخام المنتجة في الحقول الشمالية واهمها نفط خام كركوك الى منافذ التصدير الجنوبية في ميناء البصرة وميناء خور العمية ، الا ان الظروف السياسية والحروب المتتالية التي تعرض لها العراق اعاقت تصدير النفط الخام العراقي عبر العديد من تلك المنافذ التصديرية لتقتصر على ميناء ينبع في السعودية وبعدها الانبوب الناقل لنفط خام كركوك الى ميناء جيهان التركي، فكان الدكتور رمزي يحظر أجتماعات أوبك كمحافظ للعراق ويدير عمليات التسويق مع الشركات بكل اقتدار في فيينا وغيرها، وفي أوائل التسعينات اصبح نائب الامين العام التنفيذي لمنظمة الاوبك وبقى في ذلك المنصب ستة سنوات وكان تأثيره واضحاً في عمل المنظمة.
الاستاذ صبري المعيني محافظ العراق لدى الاوبك، تم أسره أثناء الحرب العراقية الأيرانية وظل أسيرا حتى عام 1992.
الجيولوجي صبري كاظم عبد الرزاق الذي أصبح مديرا لدائرة دراسات الطاقة في منظمة الأوبك في السبعينات، وفي الثمانينات كان عضوا في الوفد العراقي وممثلاً له في احدى لجان الاوبك، وهو من الذين تمت الأستفادة من خبراته للعمل في وزارة النفط القطرية بعد أنتهاء خدمته متقاعدا في العراق.
عرفت الدكتور وليد خدوري الاعلامي المتخصص بالسياسة الأقتصادية بما يتعلق بالصناعات النفظية في فينا حيث كان يغطي أجتماعات الاوبك ، قضى الدكتور وليد 23 عام حافلة بالعطاء المتميز لقراء مجلة الميس بين 1981 و2004، منذ اوائل السبعينيات اختار العمل في جهاز الاعلام لمنظمة الاقطار العربية المصدرة للبترول في الكويت قضى في الكويت ست سنوات ضمن الاوابك مديرا للاعلام والعلاقات الدولية حيث كان ايضا في هيئة محرري مجلتها النفط والتعاون العربي لتتميز تلك المجلة بأبحاث جادة. وقد هيءته خبرته هناك للانتقال للعمل محررا تنفيذيا ً ورئيسا لتحرير (الميس) وهي اكثر المجلات الاقتصادية عن المنطقة العربية رصانة و جدية.
لنتطرق الى العراقيون العاملين في سكرتارية الأوبك : كان هناك موظفين منتدبين كأعارة من العراق والآخر موظفين محليين
الدكتور فاضل الجلبي انظم في عام 1978 الى منظمة الاقطار المصدرة للنفط (اوبك) في فينا بمنصب نائب الامين العام بعد أن قضى سنتين في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) وبقى في منصبه تسعة سنوات بما في ذلك 3 اعوام منها تبوء خلالها منصب الامين العام الامين العام بالوكالة بسبب الظروف السياسية نتيجة الحرب العراقية الإيرانية، بعد أنتهاء عمله في الأوبك لم يعد الى العراق، كلف من قبل وزير النفط السعودي السابق أحمد زكي يماني بمنصب المدير التنفيذي لمركز دراسات الطاقة الدولي في لندن.
الدكتور جعفر سعد منصور مدير الدائرة الأقتصادية ورئيس دائرة البحوث وكالة لعدة سنوات كان من الالمعين بشهادة من وزراء نفط الاوبك، عرضت عليه وضائف في قطر والآمارات ولكنه فضل العودة اللى العراق في نهاية الثمانينات وظل ذلك الاقتصادي النفطي المشهود به وتوفى في منتصف التسعينات وعلمه ومعرفته يعرفها من عمل معه في التسويق والدراسات.
المهندس عثمان الراوي مدير دراسات الطاقة، عمل بجد وبخبرة أهلته أن يتبوا مناصب عليا في وزارة النفط بعد عودته الى العراق وكذلك في الشركة العربية للمنظفات في بيجي.
المهندس سعد الله الفتحي، الذي شغل مناصب قيادية في صناعة النفط، بينها المدير العام لـ«مصفى الدورة» ورئيس المؤسسة العامة لتصفية النفط وصناعة الغاز،التحق بمنظمة الأوبك 1986 مديراً لدراسات الطاقة وقد أجاد بعمله، عاد بعد الأعارة عام 1994 ليكون خبيرا في وزارة النفط، يأخذنا صديقنا عام 2014 إلى عمق تجربته وحياته في مجالات النفظ والمصافي بكتابه المعنون: من برج التكرير .. اكثر من ذكريات وأقل من تاريخ والذي أنصح بقرائته نظرا لأهمية مادونه من معلومات ومواقف وقد قدم للكتاب السادة مشعل حمودات وعصام الجلبي وفالح الخياط، كذلك الدكتور عبد الباري الشيخ علي، والاستاذ كمال القيسي الاقتصادي المعروف، والدكتور باسم الحيدري الاقتصادي المشهود به،الدكتور علي كاظم حسين وهو من الاقتصاديين الأكفاء، والاستاذ جبار الجاف، والاستاذ الجيولوجي عصام حسن ذياب، والاستاذ شمخي حويط الذي أصبح رئيس مؤسسة التصدير، الاستاذ خالد جبر فهد، والاستاذ مظهر الطائي، والمهندس مربع داود السليم، والدكتور زيد حبة والدكتور ابراهيم أسماعيل، والاستاذ منعم الجبوري، وفي الاعلام الاستاذ علي الخزرجي.
كان في ادارة الاوبك الاستاذ أنيس العطار الذي كان من الأدارين الجيدين ويتمتع بعلاقاته الواسعة في النمسا، ويحضى بمحبة وتقدير الجميع وكان العون الذي ينشده الكل ومنهم وزراء الاوبك ،السيدة الاء الصائغ ومحمود نايل وزكي العبيدي وجمال وأرشاك وفاضل شراد....
ومن الخبراء الذين كانت تعتمدهم الاوبك في بعض من دراساتها الاستاذ الدكتور عبد الله السياب الخبير في وزارة النفط.
بعد أول قمة للاوبك في الجزائرعام 1975، تعهدت الدول الأعضاء في الاوبك بتقديم تسهيلات مالية للدول النامية ونتيجة لذلك في عام 1976 قام وزاراء المالية في الدول الأعضاء في الاوبك بإنشاء صندوق الاوبك للتنمية وذلك لكي يساعد في تقديم المساعدات والقروض للدول النامية، قررت الدول الأعضاء في الصندوق في عام 1980 تحويل الصندوق من صندوق مؤقت إلى كيان قانوني ودائم مقره في فينا، مثل العراق في الصندوق خلال فترة وجودنا هناك وزراء مقتدرين وكانوا ذوو مكانة كبيرة في الأجتماعات والمفاوضات وهم الاستاذ هشام الياور والاستاذ ثامر رزوقي الشيخلي، أما محافظ العراق لدى الصندوق فهو الدكتور فائق علي عبد الرسول وقد شغل مناصب عديدة في السابق منها (رئيس الصندوق العراقي للتنمية الخارجية، وكيل وزارة المالية ، عمل كذلك في البنك المركزي وكخبير لدى الأمم المتحدة في عديد من المسائل الاقتصادية.
ومن العاملين في أدارة الصندق : الدكتور عوني العاني الذي اعيرت خدماته الى صندوق الأوبك حيث شغل منصب نائب الرئيس وبعد ان انتهت اعارته ارتبط بأحد المشاريع كممثل للأمم المتحدة، بعده الدكتور السفير الاقتصادي محمد صادق المهدي حيث شغل منصب نائب الرئيس وكان من المتميزين في أدارته وعمله، الاستاذ صالح الباججي الاقتصادي الذي شغل منصب مدير التحليلات للمشاريع المقدمة للدول النامية، السيدة أخلاص الشيخلي التي شغلت مديرة لأحد الاقسام، الأستاذ أديب عبد العال الذي شغل مسؤول العلاقات العامة والدكتور طارق الحديثي وهو أقتصادي كان يعمل بصفة أستشارية.
وفي الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقد حضر مؤتمراتها السنوية رئيس منظمة الطاقة الذرية العراقية الدكتور همام عبد الخالق والذي أصبح وزيراً للتعليم العالي بعد التسعينات، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الأستاذ حامد علوان ووكيل وزارة الخارجية الدبلوماسي المعروف السفير وسام الزهاوي فبالأضافة لتخصصه في العلاقات الدولية والسياسية الأ انه متخصص بأمتياز بالقضية الفلسطينية والصراع العربي-الاسرائيلي والمحلل لخفايا سياسة وعمل الاسرائيلين وكان هو من يناقش ويبدي آرائه حول تصرفاتهم ومنها ما يتعلق بضرب أسرائيل للمفاعل النووي العراقي عام 1981،كان يحرص على التمتع بالموسيقى حيث يحضر أمسيات دار الأوبرا، والدكتور رحيم الكتل الذي كان محافظا للعراق في مجلس المحافظين وأصبح سفيرا للعراق في عام1989، ومن العراقيين الاعملين في دوائر الوكالة الدولية بأقتدار ودراية، الدكتور عبد الواحد الساجي والدكتور ثابت الهيتي الذي عمل كخبير والأستاذ عبد الوهاب الحاني والدكتور رياض شريف والأستاذ علاء الشكرجي والاستاذ يوسف البكر والاستاذ عماد البغدادي.
منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية اليونيدو فهي وكالة متخصصة في منظمة الأمم المتحدة هدفها الرئيسي هو تعزيز وتسريع التنمية الصناعية في الدول النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها بمرحلة انتقالية، كانت هناك وفود تشارك في الأجتماعات السنوية فقد شارك وزير الصناعة الأستاذ صبحي السامرائي والاستاذ عدنان العاني والذي أصبح وزيرا للصناعة والاستاذ فيصل التميمي وكيل وزارة الصناعة والاستاذ حاتم عبد الرشيد والدكتور محمد العوادي، وكان العراقيين الذين عملوا في دوائر اليونيدو، الدكتور جعفر عبد الغني له ميول وإحساساته وتربيته الأخلاقية والوطنية والإنسانية التي كانت تتطور وتتسع بتوسع ثقافته ومهنيته جعلته دائماً في مراكز مهمة في اليونيدو وبخبرته الغنية تجلت في ممارسته هذه نظريا وعملياً بمحاضراته الكثيرة المتعددة وكتاباته في مختلف مجالات التخطيط والاقتصادي، الدكتور مهدي الحافظ التحق باليونيدو حيث عمل فيها مديرا للتنمية الصناعية الخاصة للفترة بين عامي 1983و1996، وعمل بعدها مديرا اقليميا للتنمية الصناعية لغاية 1999، يمتاز بالدراية في الاقتصاد وله بحوث كثيرة ومعتمدة وله كثير من الحلول للواقع الاقتصادي، بعد الأحتلال اصبح وزيرا للتخطيط، الدكتور طارق الخضيري، أستاذ في كلية الهندسة بجامعة بغداد (1960-1968)، مستشار فني لمركز التنمية الصناعية للدول العربية (1970-1972) رئيس الفرع العربي للتعاون الفني بمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية اليونيدو (1973-1990)، الدكتور فرهنك جلال والدكتور عبد الكريم سبع، والسيد عبد الوهاب الجراح والسيد مثنى النهر.
كان يعقد سنويا أجتماعاً لمنظمة التقدم العالمي والذي برأسه البروفسور الدكتور هانز كوشلر ويحضر من العراق الاستاذ سعد قاسم حمودي الوزير السابق للأعلام وهو من ألمع الصحفيين العراقيين المعاصرين وله بصمات في الثقافة والاعلام وهو ناءب الرئيس ومن هناك تعرفنا على الدكتور كوشلر وظلت علاقتنا به متميزة على المستوى الشخصي والعائلي.
ومن الذين زاروا النمسا بمهمات تتعلق بعملهم الدكتور صفاء الحبوبي زميل دراستنا في فرنسا والذي كان يشغل منصب ناءب وزي التصنيع وأصبح بعد التسعينات وزيراً للنفط.
عاشت وسكنت فيينا بعض من شخصيات العوائل المعروفة ومنها الوجيه والتاجر المعروف ناجي الخضيري الذي كانت له فيلا جميلة، بعد فترة من الزمن سكنها واشتراها رجل الأعمال الاستاذ مالك الياسري المتزوج من أحدى كريمات الوجيه خطاب الخضيري، كانت هناك أمسيات جميلة تتخللها جلسات الشعر والطرب بعيدا عن الخوض في الأمور السياسية، سكن وعاش الاستاذ نجيب الصابونجي الشخصية الظريفة والمهندس خريج أنكلترا فترة حياته بعد تموز1958، وفي فترة ما كان يملك أحد أجمل المطاعم خارج فينا المطل على بحيرة جميلة فريبة من فينا، كان مجلسه وجلساته أمتعتنا طيلة معرفتنا به حتى وفاته رحمه الله، وكان من رواد مقهى الأمباسادور وأوربا، وكان من زواره الدكتور ضياء جعفر وزير الأعمار في العهد الملكي وهو الذي كان صاحب فكرة الاستفادة من موارد النفط بأرسال البعثات خارج العراق سنويا ولهذا فقد زاره أيضا الدكتور جعفر ضياء جعفر عندما كان يحضر أجتماعات الوكالة ممثلا للطاقة الذرية العراقبة ولقاءاته مع مسؤولي الوكالة للمساعدات الفنية ومنهم السيد كايرو المسؤول عن برامج المساعدات لمنطقة الشرق الأوسط، ومن زواره زوج شقيقته الاستاذ محمد حديد وزير المالية ورجل الأعمال والذي يعتبر من أكثر السياسيين والاقتصاديين حنكة في تاريخ العراق الحديث، سنويا حيث كان يقضي أجازته لفترة لا تقل عن شهرين كل عام وتعرفنا عليه وكانت جلساته ممتعة ومفيدة وكانت تزوره هناك كريمته الأنسة زها حديد التي كانت ضمن مشوارها الدراسي في أنكلترا، كانت تتمتع بالألمعية وبالحيوية والطموح ونفتخر كعراقيين أن تكون زهرة العراق ووردته الهندسية محل تقدير العالم بعبقرية فنها المعماري لتحقق حلمها التي كانت تفصح عنه في الجلسات وأنا شاهد لبعض منها، فاستطاعت أن تمزج مااخترعته الكتابة ورسم الحروف وهي امرأة عراقية من مدينة الوركاء السومرية هكذا تقول قصة الحضارة فأن من حق (زها حديد) العراقية ومن مواليد اول النصف الثاني من القرن العشرين اي بعد امرأة الوركاء بأكثر من خمسة آلاف من السنين اقول من حقها لاان تزهو وتفتخر وتقول لها انا حفيدتك التي مشت على خطاك فاصبحت احد الخمسة الكبار الذين غيروا ملامح العالم بل انا الاولى بينهم فلمساتي المعمارية هي قراءة للتاريخ والحضارة البشرية بشكل معاصر وبالتالي اعادة تشكيل الذوق الثقافي للعالم كافة سيخرج من بين لمسات اصابعي انا ابنة العراق ، لتفتخر نساء العراق ان واحدة منهن غيرت العالم ثقافيا وحضاريا عند بداية التاريخ والاخرى غيرته بعد ان قطع العالم اشواطا في المدنية.
كان رجل الاعمال الأستاذ عزيز الخصيري ممن عاشوا في النمسا حينها وكان والده رجل الأعمال المعروف الأستاذ صبحي الخضيري القنصل الفخري من الذين يقضون الصيف هناك وكان بيته ملتقى لكثير من العراقيين وابنه الثاني الأستاذ قصي من الذين تسعد بلقائه وجلساته الجميلة، كان العزيز علي الخضيري صاحب الجلسات وولعه في الصيد حيث لا أزال أحتفظ لبعض من رءوس الغزلان الذي كان يصطادها، الاستاذ رجاء غيدان صاحب الذوق والاناقة وجلساته الجميلة وصوت غناءه الجميل بحيث كنا نلتقي لمرات كثيرة بمشاركة العزيز الاستاذ عثمان الراوي ورجل الاعمال العزيز والجار في السكن الأخ عبد الحسين العطية والأستاذ عزيز الياسري السياسي الذي كان من الضباط الكفوئين في العراق والسيد نجيب أنور وهو القادم من الآمارات لا يخلوا بيته من اللقاءات والتي تظم الجالية، ولا يمكننا أن ننسى من أجود المطاعم العربية والعراقية مطعم الف ليلة لصاحبه الاستاذ ماجد نوارة ومع الاسف أحترق، وفي حينها غادر النمسا وهو مالك مطعم زاد الخير الآن في الأردن وهو مطعم مشهور وملتقى للعوائل والزائرين.
الأستاذ ذو النون أيوب: الأديب وكاتب القصة وكنا نجلس اليه ونتغنى بأدبه الرفيع والممتع وهو الشخصية صاحب السيرة الحافلة بالتقلبات الفكرية والسياسية والعاطفية، وقد اشتهر بكتابة القصة حتى انه يعتبر من روادها الاوائل في العراق،توفي (فيينا) عام 1988 وشارك في تشيعه المثقفون والسفارة متمثلا بسفيرها الدكتور وهبي القرغولي.
المهندس رجاءي خدوري الشخصية اللطيفة ورجل الأعمال وصاحب مجلس وهاوي للنكتة ، الأستاذ أمجد بني رجل الأعمال وكانت جلساته مفعمة بالبهجة ومن رواد الجلسات الاستاذ سنحاريب والأستاذ يروان والأستاذ أديب عبد العال والذي يحب دوما ان يطرينا بعوده وغنائه الجميل.
الأستاذ رجاء الجصاني الذي كان مدير عام الناقلات في أبو ظبي وقدم الى النمسا، وكان من زواره خاله الشاعر الكبير مهدي الجواهري وكانت هناك أمسيات جميلة في بيته الجميل، السياسي الأستاذ داود الصايغ، أوقاتا جميلة قضيناها مع الاستاذ يروان سيسكا صاحب شركة خياطة الملابس المعروفة كاسكا حيث كان يتمتع بحسن الجلسات وطيب الصحبة، الدكتور نوءيل دومنيك ونشاطاته المتميزة في المساعدة للمرضى وطالبي الدراسات العليا، والأستاذ علي الزيبق شقيق السياسي سليم عيسى الزيبق ومطعمه الصغير والجميل وكان الملتقى للكثيرين من من يحبون الاكل العراقي، لا يمكننا الأ وان نذكر الصديق فادي القس وجمال صحبته ولفائه وهو كان يسكن في لنز، كذلك العزيز وصاحب الذوق في السهرات والمجلس الاستاذ منذر جلال شقيق المخرج المعروف أبراهيم جلال مؤسس الفرقة الشعبية للتمثيل ونقيب الفنانين، الدكتور الصيدلي صفاء رومايا عاشق الغناء والمقام وصاحب الصوت الرخيم ويا ما سهرنا بصحبته لنستمع لغناءه الجميل، السياسي، ولا يمكننا أن ننسى الجلسات الجميلة مع الاستاذ سمير أطنس، الاستاذ رجاء الخليلي والذي كان مجلسه مفعم بالفعاليات الثقافية، السفير المتقاعد محمد البياتي، والأستاذ دود الصايغ، والأستاذ واصف سعيد، والاستاذ شاكرجبارة، الأستاذ زهير الخصيري شقيق الدكتور طارق، الكابتن حكمت فرزة علي، الدكتور أياد الياسري الذي كان يعمل في سفارة دولة الآمارات والضليع في التاريخ والأدب، الدكتور علي كندة والذي كان بساعد الطلبة للدراسات العليا، الأستاذ المهندس توفيق أبو فارس الذي كان يملك محلات للأثاث وقد أهدى السفارة بأثاث صالة للأستقبال وهو طقم قديم وجميل، والأستاذ هاشم النقيب، والدكتور أنس البربوتي، وسعد وسعد السبتي، الدكتور عباس حبي الظاهر الأستاذ الجامعي وكانت السلطات النمساوية تستعين به في أمر العراقيين الذين تواجههم بعض المشكلات، والدكتور محمود الذي كان عمله في السفارة في الحقل الأعلامي والترجمة وهو ضليع في اللغة الألمانية،عائلة محمد الماضي وابنه سعد وبلسم وشقيقتها وكانتا تعملان في السفارة والسيد أديب السكوتي.
كان من الذين يزورون النمسا ويقيمون بها لفترات طويلة رجل الأعمال الاستاذ ضياء عزيز غني والاستاذ طارق العزاوي وكنا نقضي أوقاتا جميلة وبمعية الصديق الدكتور باري الشيخ علي والدكتور محمود الفلكي، ويا لها من أيام.
الأستاذ لؤي سرسم الذي أفتتح مطعم السندباد في أحلى منطقة في فينا وهو زوج زميلتنا في السفارة عالية، وكنا نقضي أوقاتا جميلة في المطعم ولكنه في نفس الوقت كانت لديه شركة للسفريات ولهذا فقد استعاض عن المطعم وحوله الى السفريات، واصبح اسم الشركة هي السندباد وقد أشتهرت بمرور الزمن، كذلك الاستاذ هادي مطشر الذي كان يعمل سابقا في الخطوط الجوية العراقية مكتب فيينا.
كان الأستاذ لؤي الراوي الضليع في الشعر والأدب أحدى محطات لقاءاتنا به وكنا نقضي معه أحيانا في مطعم زوجته في الكرنزنك منطقة النبيذ وحاناتها ومطاعمها الجميلة وفيها تذوق للأكل النمساوي وشراب نبيذها المعروف،تلك الأمسيات بمشاركة الأعزاء الدكتور عثمان الراوي والدكتور ثابت الهيتي.
من الأعلاميين الذين برزوا في الساحة الأعلامية سواء بتغطيتهم ما يدار في أروقة واجنماعات الوكالة الدولية للطاقة والاوبك هم الدكتور عامر البياتي والاستاذ هاشم علي مندي والاستاذ نوار علي.
الطبيب في التاريخ، كان يدعى بالحكيم، لتعدد علومه، و معرفته بخبايا الإنسان و لأنه مصدر حكمة و تبصر، التفوق الذي كان في بغداد أيام حضارتهم القديمة وفي زمن العباسيين خطها الأطباءالعراقيون بمهارتهم وبراعتهم في أي إختصاص إختاروه، فالأطباء الدكتور أسامة الشيخ علي مدير مستشفى الرودولفينا الذي عالج كثير من العراقيين أثناء الحرب والدكتور محمود الفلكي ألأختصاصي وفي تلك الفترة تعرفت على السفير شقيقه الاستاذ صفاء الفلكي في زياراته للنمسا، والدكتور حسين الخفاف الجراح المعروف الذي كتبت عنه الصحافة حيث استطاع أن يرجع كفاً قطع لأحد العمال، الدكتور يوسف سرسم الأخصائي المعروف في يغداد والموصل وكانت لنا ذكريات جميلة معه،والدكتور طالع الياسري زميل الدراسة في المتوسطة وزوجته، والدكتور معن وزوجته الدكتورة سناء السيد.
كانت تشارك زوجات الدبلوماسيين والعاملين في المنظمات الدولية والجالية العراقية سنوياً في البازار الخيري السنوي التي هي فعالية دولية تقيمها جمعية نساء الأمم المتحدة في فيينا كل عام حيث يتم فيه تنظيم سوق خيرية تقوم فيها مختلف سفارات ومندوبيات الدول المعتمدة في فيينا ببيع منتجات شعبية من بلدانها ويذهب ريع هذه المنتجات إلى جمعية نساء الأمم المتحدة التي تقوم بدورها بإنفاقها في الأعمال الخيرية لخدمة الأطفال. وتشارك سفارات مختلف الدول المعتمدة لدى مركز الأمم المتحدة في فيينا ومنظماته الدولية في هذا السوق الخيري الذي يكتسب أهمية إعلامية وثقافية للتقارب بين الثقافات والشعوب، يضم الجناح العراقي لوحات فنية من التراث الفلكلوري العراقي وأزياء اللبس العراقي، بالإضافة إلى الأكلات الشعبية المتنوعة من المطبخ العراقي.
الفنانه بياتريس أوهانسيان عازفة بيانو عراقية أرمنية، أجمل من عزف على آلة البيانو في العراق، قدمت الآنسة بياتريس أوهانسيان عروضاً عديدة كعازفة على البيانو، وكانت بياتريس مسكونة بالموسيقى وعرفها جمهور الموسيقى الكلاسيكية، كانت تقضي سنوياً عطلتها في فينا وبدعوة من أحدى المعاهد النمساوية وهناك عائلة الفنانة الرسامة كيلما تقوم بضيافتها أيضا، كانت حفلتها في السفارة تزخر بكثير من معجبي الفن الموسيقي من العراقيين والجالية العربية والأجنبية وسفاراتهم، وهي تعتبر أول مؤلفة للموسيقى الكلاسيكية، ولها العديد من المقطوعات الجميلة و من أجملها مقطوعة «الفجر.
لقد أبرزنا دور العراقيين ومكانتهم وهم خارج الوطن الأ أنه يجب أن نذكر من أبرز النمساويين الذين كانت علاقتهم بنا وببعض العاملين منهم السيد ريشارد هوبر وعائلته حيث كنا نقضي معهم أجمل الاوقات في فيينا وفي منطقة الفخاو التي كانت مرتعا للصيد والجلسات الجميلة وشارك فيها السفير الدكتور وهبي القرغولي واالسفير الدكتور رحيم الكتل والسفير نعمة فارس والدكتور رمزي سلمان والاستاذ سعد الله الفتحي وعوائلنا، السيد أدلنكر عضو الحزب الاشتراكي، والدكتور هانز كوشلر، والسيد كوستاف فلاخ ،والسيد هانز، والفانة والرسامة المعروفة السيدة كيلما وهكذا...
حركني عاملان أثناء كتابة هذا المقال وهما الحنين الى المكان، والحنين الى الزمان، الحنين الى المكان بشكل حي هي فيينا والعراقيين بالأساس، وتكملة لما كتبته في المقالة المعنونة(سفراء العراق والمستشارين في فيينا كما عاشرتهم أثناء عملنا هناك) الثاني هو الحنين الى الزمان ولهذا عندما أحب ان أكتب عن فترة ما وزمان ما، أظل أغوص فيها وأستفسر حتى أتوحد معها وتراثها وشخوصها، قد يضن البعض أن كثرة الأسماء قد تتغلب على محتوى المقالة وربما قد لا تصل الى مبتغاها ومدلولاتها وهذا منطق ربما يكون سليما،ً ولكنني بتواضع أود أن أن أبين أن أبراز الأسماء هي ومضات واشارات لمكانتهم لتكون باباً ليتذكر الآخرين والتأريخ العراق وناسه،فالعراقيين شاطرين وأذكياء ومتمرسين ومعرفيين يجمعهم حب تأريخهم الوضاء ليكون الرد لمن أراد أذلاله وتركيعه ويظل نبراسهم هو بلدهم لا عليك من الشوائب التي تغطي بعض أوجهها ولكن نهاياتها هو ذلك العراق وما يعنيه العراق بكل جوانحه من عظمة وتأريخ وحياة قابلة للتجدد وان اليوم لناظره قريب، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود
684 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع