بهجت العطية.. رجل الأمن الحديدي.. سيرة مثيرة للجدل من البصرة الى التحقيقات الجنائية ثم الأمن العامة..
مَنْ مِنّا لَمْ يقرأ أو يَسمع عن اللواء بهجت العطية، رجل الأمن الأول في العراق الملكي، والشخصية المثيرة للجدل، التي تنوَّعَت المواقف تجاهها بين كارهين له وحاقدين عليه، وبين معجبين بشخصيته وانجازاته، فالكارهون حقدوا عليه بسبب دوره الفاعل في تثبيت أركان الحكم الملكي وأسلوبه الأمني المتشدد في اضطهاد المناوئين للنظام، وبالأخص القوى الشيوعية وشبكات الموساد الصهيوني.
أما موقف المُعجبين بشخصيته القوية القاسية المتمرسة، فإنهم يرون أنها هي التي رسَّخت قواعد العمل الأمني السري في العراق، لتثبيت أركان أنظمة الحكم في العراق، وتفكيك اوصال المناوئين لنظام الحكم، وعلى نهجه واساليبه وخططه سارت إدارات الأمن المتلاحقة في العراق الجمهوري، حتى اليوم.
من هو بهجت العطية؟
هو (بهجت داود سلمان العطية)، ولد في مدينة البصرة عام 1900، وقد أكمل دراسته الثانوية في البصرة، وبعدها دخل المدرسة العسكرية الملكية، وبعد تخرجه منها تدرج في المناصب الإدارية للشرطة حتى شغل منصب مدير للشرطة في عام 1929 ثم انتقل للعمل في عدة ألوية في العراق.
شغل في اواسط الاربعينات إدارة الشعبة الخاصة او التحقيقات الجنائية (CID) خلفا لمدير الشرطة علوان حسين، وبرع فيها حيث كان موضع ثقة السلطة العليا.
تقول عنه (الويكبيديا):
قائد عسكري سياسي عراقي، شغل منصب مدير الأمن العام في العهد الملكي، وحاصل على لقب (باشا) بإرادة ملكية عُيِّن عام 1946 في منصب مدير لقسم التحقيقات الجنائية CID، خلفا للفريق علوان حسين وكانت مديرية الـ CID هي الإدارة المسؤولة عن ملاحقة الشيوعيين والتنكيل بهم، وكان أول مدير للأمن العامة في العراق، وظل في منصبهِ حتى قيام ثورة 14 تموز 1958. حيث تم القبض عليه من قبل الثوار واحالته لمحكمة الشعب (المحكمة العسكرية العليا الخاصة) محكمة المهداوي التي حكمت عليه بالإعدام.
بهجت العطية في ايام شبابه
ماذا جرى حين التقى القائد الشيوعي (فهد) مع صديقه القديم بهجت!
تذكر روايات موثوقة ان بهجت العطية كان رفيق الدراسة للسياسي والقائد الشيوعي يوسف سلمان يوسف، (المشهور بلقب فهد) الذي شغل منصب سكرتير الحزب الشيوعي العراقي فيما بعد، وكانت العلاقة بينهما تعود الى أيام الدراسة في البصرة، رغم أنهما ينتميان لطبقتين مختلفتين، فبهجت العطية من أسرة ثرية من أهالي البصرة، بينما فهد (يوسف سلمان) ينتمي لأسرة بصرية فقيرة، واستمرت العلاقة بينهما عندما كان فهد في السجن، وكان بهجت العطية مديراً لذلك السجن، وجرت بينهما حوارات عديدة ونقاشات ليلية سجلت في مذكراتهِ، فعندما ألقي القبض على صديقه يوسف سلمان يوسف والذي كان يشغل منصب رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، الذي سيصبح في المستقبل سكرتير الحزب، لم يكن أي أحد يعرف هذه الشخصية وما هو اسمه الحقيقي، وحين أُدخل فهد على بهجت، فإذا بفهد يهتف "بهجت"!!! وإذا ببهجت يجيبه على الفور "يوسف"!! فاحتضنا بعضهما، وطلب لهُ قدحا من الشاي وأوصى أن يعاملوهُ معاملة جيدة، وجرت بينهما حوارات عديدة ونقاشات ليلية.
صورة الرفيق فهد (يوسف سلمان يوسف)
إعدام بهجت العطية:
بعد ثورة 14 تموز 1958 وسقوط النظام الملكي في العراق أعتقل بهجت العطية وأحيل إلى محكمة الشعب برئاسة فاضل عباس المهداوي والتي أصدرت حكمها عليه بالإعدام وتم تنفيذ حكم الإعدام فيه رمياً بالرصاص يوم 20 أيلول 1959 وكان العطية أحد أربعة من رموز العهد الملكي تم إعدامهم مع المحكوم عليهم بقضية أحداث ثورة الشواف في الموصل، وليس لهم أي صلة أو علاقة بها، وهم كل من سعيد قزاز وزير الداخلية في العهد الملكي، وعبدالجبار فهمي متصرف لواء بغداد، والزعيم الركن ناظم الطبقجلي والعقيد رفعت الحاج سري وآخرين ودفنت جثة بهجت العطية ورفاقه بمقبرة باب المعظم القريبة من معهد الطب العدلي.
الصورة لبهجت العطية في قفص الاتهام والعقيد ماجد محمد امين ممثل الادعاء العام يلقي بيان الاتهام
الشهيد العميد الركن ناظم الطبقجلي في قفص الاتهام بمحكمة المهداوي وهو يتلقى قرار المحكمة بالاعدام وقد نفذ الحكم فيهم مع رموز العهد الملكي يوم 20 ايلول 1959
بهجت العطية في قفص الاتهام بمحكمة الشعب (محكمة المهداوي) وهو يتلقى حكم المحكمة بالاعدام
مواطنة تدلي بشهادتها في محاكمة بهجت العطية وهو يدقق في اوراقه
حامل اوسمة التكريم ماذا قال عنه عبدالجبار الراوي في مذكراته؟
ماذا قال عنه عبدالجبار الراوي في مذكراته؟
الفريق عبدالجبار الراوي مدير الشرطة العام
كتب مدير الشرطة العام الفريق عبدالجبار الراوي في كتاب مذكراته
لقد مارست العمل في مسلك الشرطة 24 سنة أمضيتها في شمال العراق وجنوبه وشرقه وغربه وفي البوادي والمدن، واكتسبت خبرة عن محاسنه ومساوئه، حتى توليت منصب مدير الشرطة العام. وإذا كنت قد رسمت خطة وعينت لها أهدافاً، فإن ذلك لم يكن ارتجالاً وإنما كان نتيجة تفكير يعتمد التجربة وكانت خطتي في العمل ترمي إلى ثلاثة أهداف
1ــ رفع مستوى ضباط وأفراد المسلك.
2ــ تقوية قوات الشرطة وجعلها قادرة على القيام بواجباتها.
3ــ جعل الشرطة خادمة للشعب حقاً وصدقاً.
تطوير الجهاز
كان الراوي أول من وضع نظاما في عدم ترقية (معاون مدير شرطة) إلى درجة (مدير شرطة) ما لم يجتز دورة الضباط العليا أولا، ثم يقود بنجاح فوجاً من أفواج شرطة القوة السيارة ثانياً، حتى يصبح معلوماً للجميع في سلك الشرطة أن التعلم والثقافة والتجربة العملية هي الطريق الوحيد للتقدم.
بهجت العطية
وقد حدث أن طلب وزير الداخلية من مدير الشرطة العام عبدالجبار الراوي إصدار أمر إداري يتضمن ترقية بهجة العطية وكان وقتها (وكيل مدير شرطة لواء الديوانية)، إلا أن الراوي رفض إصدار أمر ترفيعه، وأصر على التمسك بخطته المشار اليها، لأنه لا سبيل إلى ترفيع أي ضابط مهما كان موقعه، من معاون مدير شرطة (نقيب) الى مدير شرطة (رائد) مالم يدخل الدورة، وينجح فيها، ومن ثم ينجح في قيادة فوج في القوة السيارة، ومن ثم يرفع ويعاد إلى الديوانية، وهكذا لم يتم ترفيع بهجت العطية طيلة مدة وجود الراوي في رأس الشرطة العامة، يقول الراوي: (ليس ذلك لأن بهجت العطية لا يستحق الترفيع، بل من أجل الالتزام بالخطة التي رسمتها لرفع المستوى المهني والكفاية العملية لرجال هذا المسلك. ولكي يعلم رجال الشرطة الآخرون إن هذا الأمر لا يخضع للمؤثرات ولا يستثنى منه أحد).
(يظهر في الصورة أعلاه في وسط المجموعة متصرف لواء بغداد (محافظ بغداد) المرحوم عبدالجبار فهمي أثناء إفتتاح المعرض السنوي لمعهد العيواضية المهني سنة 1956م كما يظهر في الصورة السيد منير القاضي وزير المعارف السابق والسيدة خديجة الشيخ مديرة المعهد)
بهجت العطية أول مدير عام للأمن العامة في العراق:
يُعد بهجت العطية بأنه أبرز من وضع أسس العمل الأمني السري الذي تشكلت بموجبه مديرية الأمن العامة أو مديرية الأمن العام والتي كانت تسمى سابقاً الشعبة السياسية أو الشعبة الخاصة، وضمن إدارة التحقيقات الجنائية قبل ان يتم انشطار إدارة التحقيقات الجنائية عام 1948 الى جهازين هما:
الأول: جهاز الشرطة السرية أو الشعبة الخاصة والتي استبدلت تسميتها أواسط الخمسينات لتصبح (مدير الامن العامة). وهو يعتبر جهاز الاستخبارات الداخلية العراقية.
الآخر: مديرية شرطة التحريات الفنية أو الجنائية، التي أصبحت اليوم تدعى (الأدلة الجنائية).
بقيت مديرية الامن العامة تتبع وزارة الداخلية حتى العام 1987 حيث تم فصلها عن وزارة الداخلية وربطها بديوان الرئاسة من خلال السكرتير.
علوان حسين بسيدارته المتميزة وخلفه يظهر مدير انضباط الشرطة شهاب المختار
أنور ثامر مدير الأمن العام
المدراء العامون للأمن العامة في العراق:
• علوان حسين (1940–1948)
• بهجت العطية (1948 – 1958)
• عبد المجيد جليل (1958–1963)
• جميل صبري البياتي (1963)
• أنور ثامر (1963–1964)
• رشيد محسن (1964–1965)
• عبد الجليل أحمد العبيدي (1965–1966)
• إسماعيل شاهين (1966–1968)
• ناظم كزار. 1968 -1973
عبد الخالق عبد العزيز سعيد (1973–1976)
• فاضل البراك (1976–1984) في عهده تطورت الأمن العام من ناحية الأفراد والمنشآت والأداء وتعد فترة فاضل البراك هي الأطول في حقبة حزب البعث.
• علي حسن المجيد 1984-1988
• عبدالرحمن الدوري 1988 - 1991
• سبعاوي ابراهيم التكريتي (1991–1996)
• طه عباس الأحبابي (1996–1997)
• طاهر جليل حبوش التكريتي (1997–1999)
• رافع عبد اللطيف طلفاح التكريتي (1999–2003)
اللواء ناظم كزار مدير الامن العام بين 1968 الى 1973
وهو يصافح مجموعة من ضباط الامن العامة
الفريق طاهر جليل الحبوش مدبر الامن العام بين 1997 – 2000
تعد الدكتورة ليلى بهجت العطية من مواليد العراق 1933 من أبرز رواد طب النسائية في العراق وقد اكملت دراسة الطب سنة 1956 جامعة بغداد
المصادر
• حسن الفياض: نقطة ضوء – بهجت سلمان العطية صحيفة التآخي تاريخ النشر 1/9/2016 بغداد
• جريدة المدى البغدادية: أمام وزير الداخلية سعيد قزاز وجها لوجه: 6 نوفمبر 2020
• مذكرات صبحي عبد الحميد - الدار العربية للموسوعات -
• صبحي عبدالحميد: أسرار ثورة 14 تموز 1958م الدار العربية للموسوعات - 1994.
• عبدالرزاق الحسني: تاريخ الوزارات العراقية
• د. زينة الميالي: "التحقيقات الجنائية في العراق" رسالة دكتوراه جامعة بغداد 2017.
• ويكبيديا – بهجت العطية https://ar.wikipedia.org/wiki/بهجت_العطية
1168 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع