صفحات مطوية من حياة فائق السامرائي

         

   صفحات مطوية من حياة فائق السامرائي

    

    

         

ولِدَ محمد فائق السامرائي في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان عام 1908 وسط عائلة من الطبقة الوسطى ، أكملَ تعليمه حتى تخرّج في كلية الحقوق وعمل محامياً وبرع في مهنة المحاماة وأصبح نائباً في مجلس النواب العراقي لأكثر من دورة .

كان فائق السامرائي صاحب فكرة تأسيس حزب قومي يناضل على الصعيد الوطني ويعبىء الجماهير نحو الأهداف والأفكار القومية وتحقيق غاياتها القصوى في إقامة دولة الوحدة التي تضع حداً للتجزئة التي أقامتها السياسات الإستعمارية وأطماعها في الوطن العربي.
إمتاز فائق السامرائي بقدرته الديناميكية وسعة إطلاعه في الأساليب السياسية وإتقان المناورات والتحركات السياسية الوقتية. وأخذ يشكلّ مع زميله في النضال محمد صديق شنشل ثنائياً بارعاً في قيادة دفة الحزب حتى أواخر أيامه.لذلك فان جميع مراحل عمل الحزب مالها وما عليها من فشل ونجاح فهي تعدّ من صنع السامرائي ورفاقه محمد مهدي كبة وصديق شنشل وبمساعدة القليل من القياديين الآخرين في الحزب.

   

تأسيس حزب الإستقلال

عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية وإنتصار الحلفاء على دول المحور عام 1945 أوعز القادة الأوربيون الى الأنظمة التابعة لسياساتهم السماح لشعوبها بممارسة الديمقراطية كإسلوب جديد لإيقاف حدة الإتجاهات السياسية الثورية التي برزت في المجتمعات آنذاك وخاصة حركة رشيد عالي الكيلاني والضباط الأربعة ضد الإحتلال البريطاني في العراق عام 1941 . مما ولّد شعوراً قوياً لدى البريطانيين ومن معهم بضرورة تعديل الأوضاع في العراق بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وحركة رشيد عالي الكيلاني .

      

وقد التقط الوصي على عرش العراق الأمير عبد الاله تلك الإشارة البريطانية خاصة ودول الحلفاء عامة فالقى خطاباً مشهوراً في 27 كانون الأول/ديسمبر 1945 أمام مجموعة من النواب والأعيان أعلن فيه عزم الحكومة على إطلاق الحريات العامة والسماح بتأليف أحزاب تعبّر عن مختلف وجهات النظر في البلاد ليأخذ الحكم إتجاهاً ديمقراطياً سليماً. وذلك بعد فترة طويلة إنعدمت فيها الحياة الحزبية إمتدت من أواخر عام 1936 وحتى عام 1946 ، يضاف الى كل ذلك بروز الوعي السياسي لدى الرأي العام العراقي الداعي الى المناداة بالاصلاح مما مهد لظهور الأحزاب السياسية في تلك المرحلة.بعد مرحلة شهدت ممارسات السلطة المتشددة وبلا هوادة في مطاردة العناصر الوطنية والقومية.
بدأ التفكير في تأسيس حزب الإستقلال منذ أن كان القوميون أعضاء في نادي المثنى في المعتقلات إثر فشل حركة 1941 وكان فائق السامرائي صاحب الفكرة والداعي لها. وكما يبدو أنه وصديق شنشل ومحمد مهدي كبة وإسماعيل الغانم وداوود السعدي وخليل كنة كانوا أكثر أعضاء الهيئة التحضيرية حركة ونشاطاً من أجل تأسيس الحزب ودعوا العديد من الشخصيات القومية وخاصة تلك العناصر التي خَرَجَ معظمها من السجون والمعتقلات وعادت من المنافي للإنتساب للحزب والمساهمة بمجهوده السياسي ومناهضة الإستعمار وعملائه والسائرين في ركابه من أبناء البلاد كان من بين الذين إتصلوا به طه الهاشمي إضافة الى أعداد كبيرة من الشباب القومي من طلبة الكليات والمعاهد والمدارس الثانوية حتى بلغ عدد أعضاء الحزب في فترة من الفترات حوالي 38 ألف منتسب.

فبعد إعتقال العناصر القيادية لنادي " المثنى بن حارث الشيباني" إثر فشل ثورة مايس / أيار 1941 أخذت فكرة إنشاء حزب قومي تراود ذهن فائق السامرائي الذي فاتح كلا من محمد صديق شنشل وخليل كنة . وبعد الإتفاق وإنتهاء الحرب العالمية الثانية وإطلاق سراحهم وموافقة الحكومة على إجازة الأحزاب ، إتصل شنشل بنائب رئيس نادي المثنى السابق محمد مهدي كبة وإنتهى الأمر الى تأسيس حزب قومي وذلك حسبما جاء في مذكرات محمد مهدي كبة .

                                    

وحينما شكلّ توفيق السويدي وزارته في 23 شباط/ فبراير 1946 أجازت وزارة الداخلية بتاريخ 2نيسان1946 خمسة أحزاب هما حزب الإستقلال وحزب الأحرار والحزب الوطني الديمقراطي وحزب الشعب وحزب الإتحاد الوطني ، ولم تُجِز الوزارة حزب التحرر الوطني بحجة أن مؤسسيه من الشيوعيين.
وفي 13آذار/مارس 1946 قدّمَ كل من السادة محمد مهدي كبة وداوود السعدي وخليل كنة وإسماعيل الغانم وفاضل معلة وعلي القزويني وعبد المحسن الدوري ورزوق شماس وعبد الرزاق الظاهر بتقديم طلب الى وزارة الداخلية لتأسيس حزب الإستقلال ، وكان ضمن مقدمي الطلب السيدان فائق السامرائي وصديق شنشل لكن وزير الداخلية سعد صالح زعيم حزب الأحرار أشار الى رئيس الهيئة التحضيرية إستبعادهما خوفاً من إثارة السلطات العليا فيما لو وجدت إسميهما مع طلب التأسيس لكونهما من غير المرغوب فيهما من قبل البلاط الملكي والإنكليز نظراً لإشتراكهما في حركة 1941. فإستبعد الحزب كلاً من فائق السامرائي وصديق شنشل إلا أنهما عادا الى الحزب عقب إجازته من قبل وزارة الداخلية. وقد صادقت وزارة الداخلية على النظام الأساس المرفق بطلب التأسيس لهذا الحزب وعلى نظامه الداخلي أيضاً وذلك بكتابها الصادر في 2 نيسان /إبريل 1946.

       

 وفي 19 نيسان/إبريل 1946 عقدَ الحزب مؤتمره التأسيسي الأول وجرت إنتخابات عامة لإختيار أول هيئة عليا للحزب وقد فاز محمد مهدي كبة برئاسة الحزب فيما إنتخب أمير اللواء إبراهيم الراوي نائباً للرئيس وداوود السعدي معتمداً عاماً فيما إنتخب فائق السامرئي أميناً عاماً وخليل كنة نائباً أول للمعتمد العام وعبد الرزاق الظاهر نائباً ثانياً للمعتمد العام وإسماعيل الغانم محاسباً عاماً وعبد الرحمن خضر أمينا للصندوق وإبراهيم الحمداني وسلمان الصفواني وصديق شنشل وقاسم حمودي وعبد الرزاق شبيب وحسن علي التكريتي وعبد القادر العبيدي( الموصل) وعلي القزويني( الحلة) وعبد القادر السياب ( لبصرة) وعبد المحسن الدوري( الدور ) وصبري الخضري وطلال جورجي وحسن الجوهر ( الهندية) ومحمد المانع( البصرة) وفاضل عباس معلة (النجف) ومهدي قنبر(كربلاء) وعبد الكريم الدلي(سوق الشيوخ) وجواد البراك( الهندية) وعبد الجبار هادي( الشطرة) ومحمود الدرة( النعمانية) وحسن علي الدليمي( الخالص) وشاكر ماهر وكمال عبد المجيد وإبراهيم شوكة وخير الله طلفاح( تكريت) ومالك الهنداوي( الحلة) وعبد الشهيد الياسري( الفيصلية) وجياد الحاج مرزوق العواد( الشامية) وعبد الحسن العاملي، وعبد الستار علي الحسين( الرمادي) وشكري صالح زكي ورزوق شماس أعضاء .

          

وعقدَ الحزب مؤتمره الثاني في الثامن عشر من نيسان/إبريل 1947 وإستمر المؤتمر أربعة أيام وتم إنتخاب أعضاء اللجنة العليا الذين إنتهت مدتهم، ثم إجتمعت اللجنة العليا وإنتخبت من بين أعضائها الهيئة التنفيذية من محمد مهدي كبة رئيساً وفائق السامرائي أميناً للسر وداوود السعدي معتمداً عاماً وإبراهيم الراوي نائب الرئيس وعبد الرزاق الظاهر نائب المعتمد العام وإسماعيل الغانم المحاسب العام ومحمد صديق شنشل وعبد الرزاق شبيب وقاسم حمودي وإبراهيم الحمداني وسلمان الصفواني أعضاء.

                                        

كانت أول إنتخابات نيابية شارك فيها حزب الإستقلال هي الإنتخابات التي أجرتها وزارة نوري السعيد في بداية عام 1947 وكان داخل الحزب تياران يتجاذبان يدعو الأول الى خوض المعركة الإنتخابية فيما يطالب الثاني بمقاطعة الإنتخابات لأن الحكومة لن تسمح بفوز أحد أعضاء وقادة الحزب الذي يعتبره البلاط الملكي ورجال الطبقة الحاكمة حزباً معادياً وقد وصفه أحد الوزراء عند تقدم الطلب للترخيص بقيام حزب الإستقلال بأنه سيكون حزب خريجي السجون والمعتقلات بإعتبار أن غالبية مؤسسيه وبالتالي منتسبيه ، كانوا من بين القوميين الذين ناصروا حركة أيار/ مايو 1941 أو شاركوا فيها فقضوا السنوات التي أعقبتها وهي سنوات الحرب في السجون أو المعتقلات.

      

وكان فائق السامرائي يرى ضرورة مشاركة الحزب في الإنتخابات مهما تكن النتيجة بالرغم من أن فائق السامرائي كان يعرف النتيجة مسبقاً ويعرف أن السلطة لن تقبل أن يدخل حزب الإستقلال البرلمان. وكان السامرائي يؤكد " أننا مطالبون بخوض المعارك الإنتخابية الواحدة تلو الأخرى لنعّود الناس على ممارسة الديمقراطية والحرص على الإدلاء بأصواتهم في الإنتخابات في بلدنا الذي غابت عنه الديمقراطية ولم يمارس المواطنون حقهم.
وبعد أن خَرَجَ حزب الإستقلال من إنتخابات 1947 صفر اليدين تعرضّت صحيفته " لواء الاستقلال" للتعطيل وحكم بالسجن على مديرها المسؤول قاسم حمودي ، ثم ما لبثت مساعي فائق السامرائي ومحمد مهدي كبة وقادة الحزب الآخرين مستمرة حتى عادت " لواء الاستقلال " الى الصدور لتدخل في معركة أخرى ضد معاهدة بوتسموث التي أثارت نقمة الجماهير العراقية وقادة الأحزاب السياسية في العراق كالحزب الوطني الديمقراطي وحزب الإستقلال عام 1948 وما سمي بوثبة كانون التي أسقطت المعاهدة التي وقعّها بالاحرف الأولى رئيس الوزراء آنذاك " صالح جبر" الذي إضطر بدوره الى الإستقالة بعد المظاهرات العنيفة والدامية التي أعقبت عودته الى بغداد من لندن . فقد أبرق جمال بابان وزير العدلية والقائم بأعمال رئاسة الوزارة وكالة إذ كان رئيس الوزراء صالح جبر في لندن للتوقيع على معاهدة بوتسموث يخبره بالإجراءات القمعية التي إتخذت لمواجهة الطلبة المضربين والمتظاهرين المناوئين لعقد المعاهدة وجاء في برقيته ما يلي" قمنا بإجراءات فورية وأوقفنا جميع المحرّضين من المدارس ولجانهم والمشبوهين منهم في المدارس والمعلمين والمتهمين بالشيوعية وقسم من اليهود الذين إشتركوا بهذه الحوادث، كما أننا أغلقنا جريدتي – لواء الاستقلال- و – اليقظة- وأخذنا بقية الجرائد النهارية وأوقفنا قسماً من أعضاء حزب الإستقلال منهم فائق السامرائي وإسماعيل الغانم والمنتمين للحزب من المعلمين" وعقب سقوط حكومة صالح جبر شكل السيد محمد الصدر وزارته الأولى كان حزب الإستقلال من المشاركين فيها إذ تسنّم محمد مهدي كبة منصب وزارة التموين.

                                               


وفي عام 1948 جرت إنتخابات نيابية جديدة شارك فيها حزب الإستقلال وتحقق له هذه المرة في عدد من الدوائر الإنتخابية حيث فاز عن لواء- محافظة – بغداد كل من محمد مهدي كبة وفائق السامرائي عن سامراء وداوود السعدي وإسماعيل الغانم . كما فاز في الإنتخابات التكميلية في لواء الموصل محمد صديق شنشل وقاسم المفتي. وإستطاع الحزب أن يحقق وجوداً له ولإفكاره تحت قبة البرلمان لم يحققه على الساحة السياسية الجماهيرية.
وكان فائق السامرائي ومحمد مهدي كبة ومحمد صديق شنشل وإسماعيل الغانم فرساناً يصولون ويجولون على صفحات جريدتهم" لواء الإستقلال" وغيرها من الصحف في الموصل والبصرة وبغداد ومدن عراقية أخرى. بل أنهم كانوا كذلك فرساناً في البرلمان.فقد أصدر فائق السامرائي صحيفة أخرى باسم (الجريدة)
وعقد الحزب مؤتمره العام الثالث في 17 أيلول/سبتمبر 1948 وكان محمد مهدي كبة رئيساً وفائق السامرائي نائباً للرئيس وصديق شنشل أميناً للسر العام وعبد الرزاق شبيب محاسباً عاماً وإسماعيل الغانم وسلمان الصفواني وقاسم حمودي وعبد المحسن الدوري وإبراهيم الحمداني وشاكر ماهر وصبري الخضري أعضاء.
أما مؤتمر حزب الإستقلال الرابع فقد عُقدَ في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1950 وكان أعضاء الهيئة التنفيذية المنتخبين كالتالي محمد مهدي كبة رئيساً وفائق السامرائي نائباً للرئيس وصديق شنشل أمين السر العام وسلمان الصفواني وعبد المحسن الدوري وقاسم حمودي أعضاء.
وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1951 عقد الحزب مؤتمره الخامس وإنتخب محمد مهدي كبة رئيساً له وفائق السامرائي نائباً للرئيس وصديق شنشل أميناً للسرالعام وزكي جميل حافظ نائب أمين السر العام وعبد الرزاق شبيب محاسباً عاماً وإسماعيل الغانم وسلمان الصفواني وعبد المحسن الدوري وشاكر ماهر وقاسم حمودي أعضاء أول هيئة عليا للحزب وهم شريحة مثقفة من الطبقة البرجوازية ومن المراتب الوسطى في المجتمع وغالبيتهم من أبناء المدن الرئيسة ولهم نفوذ واسع وتأثير كبير على النموذج الشعبي البسيط من أبناء الأحياء الفقيرة من مختلف المستويات الثقافية والإجتماعية.
وقد إنتشر حزب الإستقلال في غالبية المدن العراقية وتشكلّت له فروع في المحافظات حيث قامت فروعه بدور نشط في توعية الجماهير وتعبئتها لمواجهة السياسة الإستعمارية وسياسات الحكومات التعسفية المتعاقبة على الحكم.
ولَعِبَ فائق السامرائي ورفاقه دوراً بارزاً في مسيرة الحزب . كما أصبح السامرائي أول سفير للجمهورية العراقية لدى الجمهورية العربية المتحدة في القاهرة فيما تسلم صديق شنشل وزارة الإرشاد أما الشيخ محمد مهدي كبة فقد شغل منصب عضو مجلس الرئاسة الذي يرأسه اللواء محمد نجيب الربيعي وعضوية خالد النقشبندي.
لم يميز حزب الإستقلال بين الصهيونية واليهودية فوقف موقفاً مناوئاً من اليهود بعد قيام دولة إسرائيل وطالب كل من فائق السامرائي وإسماعيل الغانم ممثلا الحزب في مجلس النواب عام 1950 بوجوب ترحيل كل اليهود من العراق بضمنهم الراغبين في البقاء ومصادرة أملاكهم من قبل الحكومة، وبالطبع فقد رفض حزب الاستقلال كل أنواع العنصرية ومن هذا المنطلق كان موقف حزب الاستقلال تجاه حقوق الشعب الكردي في العراق واضحاً فقد أقرّ جميع الحقوق الإدارية والثقافية ضمن إطار الدولة العراقية وإعتبر العرب والأكراد شركاء في الوطن.
إمتاز حزب الإستقلال في كثرة الصحف الناطقة بإسمه والمؤيدة له فقد كانت " لواء الاستقلال" الناطقة بلسان الحزب والتي صدرت في 4آب/اغسطس 1946 وكان رئيس تحريرها خليل كنة وقاسم حمودي مديرها المسؤول وساهم في في الكتابة فيها محمد مهدي كبة رئيس الحزب الذي إستمر يكتب مقالاته الشهيرة بـ"حديث الجمعة" وكذلك فائق السامرائي وصديق شنشل. والغيت عام 1954 بعد أن صَدَرَ لها 1976 عدداً وذلك بموجب مرسوم إلغاء الأحزاب والجمعيات رقم 19 لسنة 1954 في 22أيلول/سبتمبر 1954 . هذا إضافة الى ثلاث جرائد كانت تمثل خط الحزب في بغداد كـ" اليقظة" وصاحبها سلمان الصفواني و" الأفكار" وصاحبها إسماعيل الغانم و" الجريدة" وصاحبها فائق السامرائي الذي لم يكن يؤمن بالحزبية الضيقة بل كان منفتحاً على الآخرين ويحترم الرأي الآخر ، وحول الموقف هذا يتحدث نجدة فتحي صفوة نقلا عن فيصل حسون قائلا" حدثني مرة فيصل حسون أنه عندما دعاه المرحوم فائق السامرائي – أمين السر العام لحزب الاستقلال ونقيب المحامين والشخصية الوطنية المعروفة ليتولى سكرتارية تحرير صحيفة( لواء الاستقلال) لسان حال حزب الاستقلال قال حسون لرسول السامرائي أنه – أي حسون – ليس حزبياً ولا ينوي الإنضمام الى حزب الإستقلال . فكان جواب السامرائي أنه لا يعنيه أن ينضّم الى الحزب بل يكفيه أن يجعل ( لواء الاستقلال) صحيفة مقروءة وليس مجرد نشرة حزبية ، وأنه لن يعترض حتى لو إنتسب الى الحزب الشيوعي ما دام يؤدي واجبه نحو صحيفة الحزب القومي . ويضيف صفوة " وهذا موقف من كلا الرجلين جدير بالتقدير والاحترام.

موقف حزب الاستقلال من شركات النفط

في 16 أيلول/سبتمبر 1950 ألّفَ رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد لجنة وزارية لمفاوضة شركات النفط إذ كان حزب الإستقلال يدعو الى تأميم النفط وقاد معركة التاميم إسوة بما قام به الدكتور محمد مصدق في تأميمه نفط إيران حتى أن محمد صديق شنشل إستطاع أن يعدّ طلباً أقنع بالتوقيع عليه نحو خمسة وثلاثين نائباً يدعو الحكومة للتعجيل في تأميم النفط . وقد أعطى موقف حزب الإستقلال هذا نوري السعيد ورقة ضغط في مفاوضاته مع شركة نفط العراق لينتزع منها تحت شبح التهديد بالتأميم . والإعتراف بمبدأ المناصفة الذي حذت حذوه أقطار المنطقة النفطية عند مطالبتها بالحصول على حقوقها العادلة من شركات النفط. إلا أن الحكومة العراقية جددت الإتفاقيات مع شركات النفط وقدّمتها للتصديق عليها من قبل مجلس النواب. وعلى أثر ذلك إستقال نواب حزب الإستقلال من المجلس إحتجاجاً على تمرير الإتفاقية وقدّم كلٌ من محمد مهدي كبة وفائق السامرائي وصديق شنشل وقاسم المفتي وإسماعيل الغانم مذكرة بتاريخ 11 شباط/فبراير 1952 الى رئيس المجلس وصفوا فيها الإتفاقية بأنها إبتزاز لثرواته وكنوزه .وذلك في مذكرة قدموها الى رئيس مجلس النواب إحتجاجاً على تمرير الإتفاقية جاء فيها" أن هذه التدابير إنما يراد بها إضفاء صفة المشروعية على إتفاقيات ينظر اليها الرأي العام العراقي على أنها إبتزاز لثرواته وكنوزه فلهذه الأسباب ولإختيار الحكومة لعقد إتفاقيات النفط وإمرارها من المجلس النيابي هذا الوقت الذي أثقل فيه الإستعمار كاهل العراق والبلاد العربية الأخرى بوطأته لهذه الأسباب كلها نرى بقاءنا في المجلس بعد عرض إتفاقيات النفط عليه شكلياً إنما يعتبر مساهمة منا في إعطاء صفة المشروعية لإمرار هذه الإتفاقيات التي نعتقد أن إمرارها سيما على هذا النحو الشاذ وفي مثل هذه الظروف إفتئات صريح على حقوق الشعب وإنتزاع عام على تنظيم أخطر شؤونه وحرمانه حتى من التعبير عن إرادته بإستفتاء عام كان الواجب إجراؤه بحرية على أساس هذه الإتفاقيات الخاصة بالنفط.
وقد وقعّ على هذه المذكرة النواب محمد مهدي كبة و قاسم المفتي ومحمد صديق شنشل وإسماعيل الغانم وفائق السامرائي وذلك بتاريخ 11 شباط/ فبراير 1952 .
وعلى أثر تزايد إجراءات الحكومات وتفريطها لثروات البلاد تصاعدت معارضة القوى السياسية لتلك السياسة وإتجهت لتوحيد صفوفها حيث تمّ التعاون بين الأحزاب الوطنية وهي حزب الإستقلال والحزب الوطني والجبهة الشعبية وفئات أخرى من أنصار السلام والمحامين والطلاب وقدموا مذكرة الى الوصي عبد الاله مطالبين فيها بالإصلاحات السياسية وتعديل قانون الإنتخاب وجعلها على درجة واحدة وكذلك تطهير جهاز الدولة وإستصدار قانون (من أين لك هذا) وإطلاق الحريات الدستورية بما فيها التنظيم الحزبي والنقابي وإلغاء نظام دعاوى العشائر وإستقلال القضاء والتخلص من معاهدة 1930.
ولفائق السامرائي مواقف مشهودة تحت قبة الرلمان العراقي ، فخلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في 24/5/1951 والتي كانت تدور حول لائحة قانون منح المخصصات لموظفي الخدمة الهندسي تحدث من نواب الاستقلال كل من إسماعيل الغانم وصديق شنشل الذي قال : سادتي جعلتنا هذه المناقشات في حيرة تماماً .. قاطعه السامرائي موجها كلامه للوزراء قائلا ً" ماكو بيناتكم فد بيفان يستقيل من دكتاتورية وزير المالية " وكان السامرائي يشير بذلك الى الوزير العمالي البريطاني _ انورين بيفان- الذي إستقال من حكومة "كلمنت أتلي" العمالية إحتجاجاً على جمودها على الرغم من كونه من أقطاب حزب العمال البريطاني.
وفي الجلسة التي عقدها مجلس النواب صباح يوم 25/5/1951 لمناقشة تقرير أعده النائب سعد عمر متهماً فيه عدداً من المسؤولين من أمثال توفيق السويدي ومصطفى العمري وماجد مصطفى وضياء جعفر بعدم النزاهة . وبعد المناقشة الحادة التي تبودلت فيها الكلمات والإنتقادات تقدم ثلاثون من نواب الحكومة باقتراح يدعو برفض التقرير وحرمان النائب سعد من حضور الجلسات المتبقية من إجتماع المجلس بدعوى تسببه في إهانة النواب . تكلم فائق السامرائي معترضاً على فرض العقوبة على النائب حيث عدّ فرضها خلافاً لمفهوم الحريات الممنوحة للنائب لتمكينه من ممارسة واجباته النيابية وقال" رأيت من واجبي أن أتكلم دفاعاً عن حرية النائب لا دفاعاً عن شخص سعد عمر" ثم إستشهد السامرائي بما حدث في مجلس العموم البريطاني من مهاترات فقال" ساعرض على فخامة رئيس الوزراء ما ورد في جريدة – الديلي أكسبريس- التي نشرت قبل بضعة أيام " وهنا قاطعه نوري السعيد قائلاً ما أعرف إنكليزي. فواصل السامرائي كلامه وببديهيته الحاضرة مخاطباً السعيد الذي يجيد الانكليزية طبعاً قائلاً " أكو من يترجموا لك كثيرون" وتابع السامرائي حديثه قائلا" أنه لمستر تشرشل زعيم المعارضة والذي أنقذ بريطانيا في الحرب العالمية الماضية عند المناقشة على إتفاقية اللحم المعقود مع الأرجنتين قيل له " يا كتلة اللحم القذرة" وعندما أراد تشرشل ان يستفز مستر بيفان النائب العمالي بعد تصويته الى جانب الحكومة وهو الذي إستقال منها قبل وقت قصير قال له بيفان" كنت اعلم انك كنت وضيعاً طيلة حياتك السياسية .. ولكن لم اتصور أنك – ترد في مناقشات مجلس العموم في بريطانيا نفسها.
واضاف السامرائي" أما المادة التي أريدَ تطبيقها بحق النائب سعد عمر فقد وضعت لا لمنع المناقشات السياسية بل لوقف الإهانات كتلك الإهانات التي قيلت ضد أحد النواب اليوم، حيث قيل له: رد أدبسز.. يجب الا تفرض الدكتاتورية الحزبية او دكتاتورية الاكثرية على هذا المجلس .. وإذا كان يراد تطبيق عقوبة ، فينبغي أن تفرض هذه العقوبة بحق الذين قالوا كلمات جارحة وإستعملوها عدة مرات كـ _ أدبسز_ وما شاكل ذلك.
وحينما قامت إنتفاضة عام 1952 وجيء برئيس أركان الجيش الفريق نور الدين محمود رئيساً للوزراء شنّ حملة إعتقالات طالت الأحزاب الوطنية وعناصرها وخاصة حزب الإستقلال حيث تمّ إعتقال هيأته التنفيذية منهم فائق السامرائي وصديق شنشل وإسماعيل الغانم ومجموعة من شباب الحزب.
لقد زاد الحزب ومنتسبيه ومؤازريه تصميما على إستئناف العمل لإداء رسالة الحزب والمضي في خدمة مبادئه والقيام بواجبه في التعبير عن إرادة الشعب ومطالبته في الإصلاح، ومن جهة أخرى إستمرت الاحكام العرفية طيلة فترة بقاء حكومة نور الدين محمود رئيس أركان الجيش عام 1952 حيث عطلّت الأحزاب ومنعت الصحف وحظرت الإجتماعات وقامت بحملة قمعية واسعة تمكنت من جرائها إعتقال آلاف المواطنين منهم العديد من شخصيات الأحزاب الوطنية ، وكان نصيب حزب الاستقلال ، إعتقال عدد غير قليل من أعضاء هيأته التنفيذية منهم فائق السامرائي ومحمد صديق شنشل وإسماعيل الغانم ومجموعة من شباب الحزب.
وحينما قامت الثورة في مصر عام 1952 قيل أن تلك الزمرة من ضباط الجيش المصري تنهض بما لم تستطع النهوض به دهاقنة السياسة وأقطاب الوطنية والعمل القومي. ووصف البعض تلك الزمرة بانها حفنة من ( الصاغات) و(البكباشية) وكان حتماً أن تقف الشيوعية المحلية والدولية موقف الهجوم.
ومع الأسف أن فريقاً من قادة حزب الاستقلال إندفع في مهاجمة ثورة 23 يوليو/تموز يداً بيد مع الشيوعيين- وكان واجهتهم الحزب الوطني الديمقراطي بزعامة كامل الجادرجي- وتأثرا- بالصداقة الحميمة وأحاسيس الوفاء التي كان يستشعرها فائق السامرائي نحو صديقه الزعيم الوفدي فؤاد سراج الدين.
يتحدث فيصل حسون نقيب الصحفيين العراقيين الاسبق عن موقف حزب الاستقلال وفائق السامرائي من الثورة في مصر ورجالاتها فيقول"وحدث ما كان لا بد ان يحدث من تناقض في جريدة لواء الاستقلال . فقد اخذت على عاتقها مهمة التعريف بثورة مصر عن طريق نشر أخبارها وإبراز إنجازاتها وتبني وجهة نظرها حين إختار المسؤولون عن الجريدة سبيل التنديد ببعض مواقف تلك الثورة . ثم جاءت أحداث آذار/مارس من عام 1954 أو ما عُرفَ بعدئذٍ بأزمة مارس- ووقع الخلاف الحاسم بين محمد نجيب ومجلس قيادة الثورة بزعامة جمال عبد الناصر. وتعرّض الدكتور عبد الرزاق السنهوري رئيس مجلس الدولة الى الاهانة حينما دعا الى عودة الحياة البرلمانية والحزبية القديمة . ففي تلك الليلة إقتحم محمد صديق شنشل غرفتي في مكتب الجريدة ودون أن يبدأ بالتحية راح يندد بما تعرّض له عبد الرزاق السنهوري وقال لي بالحرف الواحد- أيعتدى على رأس السنهوري الذي ( يسوى) مصر؟
وكان يسبق الحملات التي شنها فائق السامرائي ومحمد صديق شنشل على ( الصاغات) و( البكباشية) نقاش حاد وعنيف يبلغ حد التهاتر بيني وبينهما.وفي إحدى الليالي وبعد أن قرر مجلس قيادة الثورة بمصر الغاء الخطوات التي أعلن عن عزمه على إتخاذها بصدد الإنتخابات والحياة الحزبية. جاءني فائق السامرائي وطلب الإطلاع على الأخبار الخارجية حيث تولى بنفسه وضع العناوين الرئيسة لأخبار مصر لأنه وإخوانه صاروا يعتقدون- كما قال لي- بأن العناوين التي دأبت على وضعها في الأيام الأخيرة كانت تناقض سياسة الحزب وإتجاهاته بصورة مفضوحة خصوصا ما كنت أبرزه من تنديد الثورة بالحزبية والاحزاب. فقام السامرائي بتبديل ( المانشيتات) قبل بدء الطبع.

        

ومرت شهور ثم كتب فائق السامرائي في (لواء الاستقلال) مقاله المشهور ( وقع المتعوس على خايب الرجا). وكان ذلك عندما زار نوري السعيد مصر وإجتمع بالرئيس عبد الناصرفي أيلول/ سبتمبر 1954 ولم يتورع السامرائي في ذلك المقال عن أن يقرن نوري السعيد بجمال عبد الناصر.

    

وحدث أن إستقبل عبد الناصر في عام 1956 وفد مؤتمر الخريجين العرب الذي إنعقد في بيروت وكان الوفد برئاسة فؤاد جلال وعضوية فائق السامرائي. وعندما مد عبد الناصر يده لمصافحة السامرائي وهو يستقبله مع الوفد في منزله، غمزه قائلاً : كيف حال المتعوس وخايب الرجا؟.

ومنذ ذلك الوقت وحتى النهاية فقد باتت العلاقة بين فائق السامرائي وعبد الناصر علاقة ثقة متينة وإيمان مشترك ووطيد بالمبادىء والأهداف والقضايا القومية، حيث لم تجد ثورة 14 تموز 1958 شخصاً يمثلها لدى عبد الناصر سوى فائق السامرائي الذي عُيّن أول سفير لجمهورية العراق في القاهرة ، وعندما إحتدم الصراع بين عبد الناصر وعبد الكريم قاسم في ربيع 1959 إستقال السامرائي من منصبه ليقود المعارضة بوجه قاسم وليمكث في القاهرة الى يوم سقوط قاسم في شباط 1963. (فيصل حسون، المصدر السابق، ، شهادات في هوامش التاريخ، ص56).

        

وعند تشكيل فاضل الجمالي وزارته في 17 أيلول/سبتمبر 1953 قرر الغاء الاحكام العرفية والسماح للاحزاب بمزاولة نشاطاتها وقد سبق تلك الاجراءات ان اعلنت حكومة الجمالي عن اجراء انتخابات مباشرة التي جرت فعلا في 17 كانون الثاني/يناير 1953 .قاطعها حزب الاستقلال ما عدا اسماعيل الغانم الذي فضل العضوية النيابية التي فاز فيها عن الاعظمية.

                     

وفي 9 حزيران/يونيو 1954 وفي عهد حكومة ارشد العمري جرت انتخابات شاركت فيها احزاب الجبهة الوطنية التي حصلت على احد عشر مقعدا نيابيا ، فاز حزب الاستقلال بثلاثة مقاعد منها لكل من محمد مهدي كبة ومحمد صديق شنشل وفائق السامرائي.
وحينما شكل ارشد العمري وزارته الثانية في 29 نيسان/ابريل 1954 تصدت لها الاحزاب الوطنية وخاصة حزب الاستقلال وعقدت تلك الاحزاب لقاءات اسفرت عن تاسيس "جبهة وطنية" للمشاركة في الانتخابات التي جرت في 9 حزيران/يونيو 1954 وبالرغم من تدخل الحكومة في سير الانتخابات الا ان الجبهة حصلت على احد عشر مقعدا نيابيا فاز حزب الاستقلال بثلاثة مقاعد منها لكل من فائق السامرائي ومحمد مهدي كبة وصديق شنشل. وبعد اتمام الانتخابات استقالة حكومة العمري وشكل نوري السعيد وزارته الثانية عشرة فبادر الى حل حزبه وحل بقية الاحزاب وحل المجلس النيابي واجرى انتخابات جديدة قاطعتها الاحزاب الوطنية ما عدا حزب الاستقلال الذي فاز بمقعدين لمحسن الدوري ومحمد مهدي كبة الذي استقال بعد ذلك من المجلس بناء على رغبة الحزب .

            

وقد اعترض حزب الاستقلال على قيام حلف بغداد عام 1955 مع بقية الاحزاب الوطنية. كما شجب موقف حكومة نوري السعيد من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956حيث رفع قادة الاحزاب السياسية والشخصيات العراقية واساتذة الجامعة مذكرة الى الملك فيصل الثاني يشجبون فيها موقف الحكومة بعد ان خرجت المظاهرات الصاخبة المنددة بالموقف الحكومي، الا ان الحكومة القت القبض على كامل الجادرجي وحكمت عليه بالسجن ثلاث سنوات ووضع فائق السامرائي وصديق شنشل تحت المراقبة سنة واحدة وابعاد عدد اخر الى مدن عراقية اخرى منهم عبد الرحمن البزاز الذي ابعد الى تكريت وكذلك محمد علي البصام وفيصل الوائلي وحسن الدجيلي وغيرهم.
وحينما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 اثارت غضب الشارع العربي عامة والعراقي خاصة واعلنت الجماهير مساندتها لمصر وارسل قادة القوى السياسية والاطباء والمحامين برقيات تاييد ومساندة لمصر .كما استنكرت الجماهير موقف حكومة نوري السعيد السلبي من العدوان وطالبت هذه القوى حكومة السعيد بموقف مؤيد لمصر الا ان نوري السعيد اعلن الاحكام العرفية تحسبا من التحركات الجماهيرية وشنت حملة اعتقالات شملت العديد من الشخصيات الوطنية واساتذة الجامعة فحكم على كامل الجادرجي زعيم الحزب الوطني الديمقراطي بالحبس ثلاث سنوات ووضع فائق السامرائي ومحمد صديق شنشل تحت المراقبة سنة واحدة فيما تم الافراج عن حسين جميل وسامي باش عالم بكفالة شخص ضامن . كما قامت حكومة نوري السعيد بابعاد مجموعة من اساتذة الجامعة الى تكريت منهم عبد الرحمن البزاز وجابر عمر ومحمد علي البصام وفيصل الوائلي وحسن الدجيلي .
وجرى تعاون بين جميع الاحزاب السياسية العراقية لتحريك الشارع العراقي اذ يؤكد محمد صديق شنشل عن هذا الموضوع لعبد الجبار مصطفى في كتابه ( تجربة العمل الجبهوي في العراق 1931- 1958) قائلا" ان هذا التعاون بين الاحزاب في تحقيق دعوتها لتنظيم المظاهرات والاضرابات احتجاجا على سياسة الحكومة ازاء العدوان الثلاثي وتعسفها ضد طلبة المدارس وؤساء المعارضة"
وفي 16 حزيران/يونيو 1956 نمت فكرة تاسيس حزب سياسي على غرار " حزب المؤتمر الهندي" بعدما تعطلت الحياة الحزبية فتقدم كل من كامل الجادرجي وفائق السامرائي ومحمد مهدي كبة وحسين جميل ومحمد حديد وجعفر البدر وهديب الحاج حمود وصديق شنشل ومحمد امين الرحماني وعبد الشهيد الياسري بطلب تاسيس حزب باسم حزب المؤتمر الوطني تمهيدا لتكوين الجبهة الوطنية. الا ان وزارة الداخلية لم تسمح بتاسيس حزب المؤتمر الوطني بحجة ان منهاجه بعيد عن خدمة العراق.

           

وفي 9/8/1957 انتخب فائق السامرائي نقيبا للمحامين العراقيين خلفا للسيد حسين جميل وذلك خلال الاجتماع السنوي الذي عقد ببغداد . وقد اعرب السامرائي عن شكره لاخوانه المحامين على حسن ظنهم به واسباغهم الثقة بشخصه . كما نوه بالجهود الكبيرة التي قامت بها الهيئة الادارية السابقة وعلى راسها حسين جميل. ووعد بان تبذل النقابة كل ما في وسعها لتحقيق اهداف المحامين في مقدمتها تشريع قانون المحاماة والسعي لدى الدوائر الرسمية بشأن توزيع الدعاوى على المحامين ، والزام الشركات بان توكل محام عنها.
وقال السامرائي ان النقابة ستكون موئلا لجميع المحامين على ميولهم وعقائدهم . وناشد اعضاء النقابة ان يولوه والهيئة الجديدة من التأييد ما يستطيعون النهوض بالتبعات الملقاة على عاتقه وعلى عاتق الهيئةالجديدة.

                                 


وفي 3/12/1957 رفع فائق السامرائي نقيب المحامين العراقيين مذكرة الى رئيس الوزراء العراقي علي جودت الايوبي حول القيام بمساع حكومة لدى الدول الصديقة حول مقاطعة مؤتمر المحامين الدولي الذي دعت اسرائيل للانعقاد في المنطقة المحتلة من فلسطين.
وقد ارسل السامرائي صورا من هذه المذكرة الى وزارة العدلية ووزارة الخارجية والامين العام لاتحاد المحامين العرب جاء فيها: اعلمتنا الامانة العامة لاتحاد المحامين العرب بناءا على معلومات تلقتها من وزارة الخارجية السورية بان هناك نية لدى اسرائيل في عقد مؤتمر لمحامي العالم في عام 1958 وذ لك بمناسبة ذكرى مرور عشر سنوات على قيام دولة اسرائيل ابدت استعدادها لتامين سفر مائة محام على نفقة نقابتها لحضور هذا المؤتمر.
واضاف السامرائي في مذكرته: ان نقابتنا واتحاد المحامين العرب سيبذلان من جانبهما كل جهد للحيلولة دون اشتراك معظم الدول الاسيوية والافريقية وسنفاتح النقابات والمنظمات القانونية بهذا الشأن ونرجو ان تبذل الحكومة العراقية هي الاخرى جهدها وتفاتح الحكومات الصديقة بهذا الخصوص اذ ان عقد مؤتمر لهذا في دولة قائمة على الاغتصاب والعدوان يتنافى مع جميع مفاهيم الحق والعدل.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده نقيب المحامين العراقيين فائق السامرائي ببغداد في 22/11/1957 حول اهمية مؤتمر الحقوقيين الاسيويين والافريقيين الذي عقد في دمشق في ذلك الوقت قال السامرائي" ان المؤتمر كان على جانب كبير من الاهمية وانتهى الى قرارات تدعم قضية فلسطين والجزائر وضد الاحلاف والقواعد العسكرية والمعاهدات غير المتكافئة . وايد المؤتمر الحياد الايجابي وقبرص وفيتنام والكاميرون وكوريا. كما اتخذ مقررات تتعلق بالحريات العامة والحقوق الطبيعية والعدوان الثلاثي على مصر وآثار الناتو على السلام العالمي وكذلك التفجيرات النووية.
وحول اسرائيل قال السامرائي في المؤتمر ان اسرائيل خلقها الاستعمار في قلب العالم العربي منذ زمن طويل وان عدم اعادة اللاجئين الفلسطينيين الى اوطانهم مع التعويض عليهم خلافا لمقررات الامم المتحدة كانت وما تزال مصدر رئيسا لاشاعة القلق والتوتر في الشرق الاوسط مما يعرض السلم الى الخطر.
وعن الجزائر قال السامرائي ان المؤتمر اعتبر الحل يجب ان يكون باعتراف فرنسا فورا باستقلال الجزائر ثم الدخول في مفاوضات مع جبهة التحرير.
وفي الاجتماع السنوي لنقابة المحامين في 24/10/1957 والذي حضره حوالي 300 محام القى السامرائي كلمة اشار فيها الى معاناة المحامين ودعا الى ضرورة اعلاء مكانة المهنة والحفاظ على كرامتها وقال انه من المؤسف ان تلاقي نقابتنا تجاهلا من الحكومات المتعاقبة واهمالا اقعدها عن اداء رسالتها.
واعرب السامرائي عن امله في ان تتغير هذه الذهنية لدى الحكومات العراقية. وقال ان النقابة تقدمت الى وزارة العدلية باقتراح الغاء مرسوم اسقاط الجنسية لمخالفته روح القانون الاساس ونصه، ولحقوق المواطنة ، والاعلان الدولي لحقوق الانسان.
وقال السامرائي ان النقابة قامت بواجبها في الدفاع عن حقوق المحامين منها قضية منع عدد من المحامين حضور مؤتمر المحامين العرب المنعقد في دمشق ، وكذلك عناية النقابة بحالة محامين اسقطت منها الجنسية العراقية . وقال ان سوريا وافقت على منحهما حق اللجوء السياسي . الا ان تركيا رفضت اسليمهما لها.
وحينما قامت جبهة الاتحاد الوطني عام 1957 ساهم حزب الاستقلال مساهمة فعالة في تاسيسها والتي كانت تضم كل من الحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث العربي الاشتراكي اضافة الى حزب الاستقلال وبعض المستقلين الديمقراطيين وتاسست لها فروع في المحافظات العراقية.
عمل حزب الاستقلال على تحقيق فكرة الاتحاد العراقي السوري وساهم مساهمة فعالة في الجهود التي بذلت في سبيل ذلك المسعى. فقد قام حزب الاستقلال بايفاد نائب رئيسه فائق السمرائي وامين سره العام محمد صديق شنشل للاتصال بالاوساط القومية في سورية وخلال وجود الوفد في سوريا قام بجهود مكثفة للاطلاع على وجهات النظر لجميع الاحزاب والشخصيات السياسية العاملة في سوريا وخرج الوفد بنتائج جيدة قدم خلالها تقريرا مفصلا الى الحزب بتاريخ 20 نيسان / ابريل 1949 شمل مجمل الاوضاع التي تهم القطرين وطبيعة مباحثاته بالاضافة الى تصور عام لكيفية اقامة اتحاد بين البلدين.

                                     

وقد بين التقرير الذي قدمه فائق السامرائي موقف الاحزاب والشخصيات في سوريا جاء فيه ان حزب البعث العربي الاشتراكي ناقش وضع الحكم في العراق كما ناقش سريان المعاهدة العراقية البريطانية . وقد توصل الوفد الى القرار التالي " ان سحر الوحدة يطغي على كل هذه الاعتبارات" كما ان حزب الشعب السوري يؤيد الوحدة وقد اتخذ قرارا بهذا الشان كما ان الكتلة الجمهورية تؤيد الوحدة وخاصة الشخصيات امثال هاشم الاتاسي وفارس الخوري وغيرهما.
كذلك تضمن التقرير كيفية تحقيق الاتحاد فكان الاجماع عبر وسيلتين هما: تدخل العراق عسكريا والثانية:القيام بحركة داخلية وان كانت ضئيلة على ان يتلقى مساعدة من العراق.
ويرى السامرائي ان معاهدة التحالف بين العراق وبريطانيا والتي تنتقص كثيرا من سيادة العراق واستقلاله تقف هذه المعاهدة عائقا في سبيل تحقيق الاتحاد وهناك مخاوف من سريان هذه المعاهدة على سوريا من جميع القوى السورية.
وعقب ثورة 14 تموز/يوليو 1958 ارسلت حكومة الثورة في العراق فائق السامرائي الى القاهرة في مهمة سياسية وعسكرية فاجتمع حال وصوله بالمشير عبد الحكيم عامر نائب رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة وطاب منه تزويد العراق بالاسلحة فورا لحاجته الماسة اليها بعد الانزال الامريكي في لبنان والبريطاني في الاردن والتحشدات التركية على الحدود الشمالية للعراق، ولان تسليح العراق بواسطة حلف بغداد ليس سوى اكذوبة، فارسلت السلطات العربية في القاهرة باخرة محملة بالاسلحة البريطانية لان تسليح الجيش العراقي كان بريطانيا عن طريق اللاذقية على امل ان ترسل باخرة اخرى بعدها. وبناءا على طلب العراق ايضا وصلت الى الحبانية كتيبة مدفعية سورية ضد الجو وسرب طائرات ميك من سلاح الجو العربي للجمهورية العربية المتحدة بعد ان بحث ذلك في اجتماع دمشق بتاريخ 19 تموز/يوليو 1958 .
وفي يوم 27 تموز/يوليو 1958 قررت حكومة الثورة في العراق تعيين فائق السامرائي اول سفير لها في الجمهورية العربية المتحدة . وعد البعض هذا التعيين بمثابة الابعاد اكثر منه تكريما اذ ان السامرائي تحدث عن شعوره بهذا التعيين فقال ( انه فرح وحزين في آن واحد) واضاف حين وصوله الى القاهرة( يسرني ان اكون اول سفير للجمهورية العراقية لدى الجمهورية العربية المتحدة، وانه ليشرفني جدا ان اقدم اوراق اعتمادي الى الرجل الذي يعتبره العرب باعث النهضة العربية ورمز القومية العربية ) واكد السامرائي انه يحمل رسالة من عبد الكريم قاسم الى الرئيس جمال عبد الناصر .

                         


وفي 2آب/اغسطس 1958 وفي الوقت نفسه ابلغت حكومة الجمهورية العربية المتحدة حكومة الجمهورية العراقية انها عينت سيد فهمي اول سفير لها لدى الجمهورية العراقية وقد وصل السفير الجديد بغداد حاملا رسالة خاصة من الرئيس عبد الناصر الى قادة الثورة في العراق حيث قدم اوراق اعتماده الى رئيس مجلس السيادة.
بعد اعفاء عبد السلام عارف من منصبه كنائب للقائد العام للقوات المسلحة العراقية حاولت القاهرة رأب الصدع وتدارك الموقف فطلبت من سفير العراق في القاهرة انذاك فائق السامرائي التوجه الى بغداد حاملا رساة من الرئيس عبد الناصر يؤكد فيها انه لا يتعامل مع اي زعيم اخر غير الزعيم عبد الكريم قاسم باعتباره زعيم الثورة العراقية وان الجمهورية العربية المتحدة تسنده بكل المواقف التي تؤدي الى دعم القضايا العربية التحررية والدول العربية غير المتحررة التي تكافح من اجل الاستقلال وانها مستعدة للاستجابة لكل مطاليب قاسم وانها تود ازالة الفرقة واشاعة الاستقرار .
كما عرض عبد الناصر في رسالته هذه التي حملها فائق السامرائي الاجتماع بعبد الكريم قاسم في اي وقت يشاء وفي اي محل يريد لان الاعداء كثيرون ولعدم اعطاء المجال لهم للقيام بدور تخريبي. ووصل فائق السامرائي الى بغداد يوم 21 ايلول 1958 ولم يستطع مقابلة قاسم الذي ظل يماطل في تعيين اليوم الذي يقابله الا يوم 29 ايلول اي قبل يوم واحد من اعفاء عبد السلام مما بقي من مناصبه وتعيينه سفيرا لدى المانيا الاتحادية .
قابل فائق السامرائي عبد الكريم قاسم في الساعة الواحدة بعد ظهر ذلك اليوم ودامت المقابلة مدة خمسة عشر دقيقة قضاها قاسم بالسؤال عن احوال الموظفين والاستفسار عن موقف السفارة من الصحافة المصرية وعن موعد مغادرته العراق .
وما ان شرب السامرائي ما قدم له كالعادة الا واستاذنه قاسم بالانصراف لامر هام ولم يسمح له ان يستفيض بشرح محتويات الرسالة التي حملها وسلمها يدا بيد.
عاد فائق السامرائي الى القاهرة في اليوم التالي والاوضاع في العراق تتدهور الى الاسوأ والعلاقات بينه وبين العربية المتحدة في درك الحضيض وشتائم الصحافة ووسائل الاعلام الاخرى تتصيد الاخطاء لتهويلها في شتم العربية وسياستها واخذ المرء يتساءل لماذا اذن احيل بعض اقطاب العهد الملكي الى محكمة المهداوي .

    


اراد فائق السامرائي ان يجعل من زياراته للعراق شهرية وهو يقول ان هذا ما اتفق عليه مع عبد السلام عارف عندما قبل السفارة ولكن قاسم بعد هذه المقابلة طلب من وزير الخارجية ان لا يوافق على زيارة السامرائي للعراق الا بعد موافقته وان يكون هناك سبب معقول لاستدعائه مما دفع السامرائي الى الاستقالة.
ومما زاد في غضب قاسم وحنقه على السامرائي تلك هي حفلات الاستقبال والتكريم والتوديع التي قوبل بها السامرائي في العراق من قبل الفئات القومية والشعبية والرسمية والدبلوماسية . فقد اتخذها قاسم ذريعة لغضبه كما ان الصحافة العراقية اخذت تصف هذا التكريم مما زاد قاسم انفعالا نفسيا وتشنجا عصبيا مع انه كان بامكانه ان يوقف نشر هذه الاخبار ولكنه لم يفعل هذا. بل علق قاسم على ما نشرته جريدة الزمان في 1/10 /1958 ( يتصور فائق نفسه أمير .. ان عهد الامراء انهته ثورة تموز .. سوف لا ياتي في المستقبل الا بموافقتي وسوف لن احتاجه .. ان لا يعرف نحن في ثورة لخدمة ابناء الشعب فلماذا المآدب والحفلات والمصرفات نحن بلد فقير علينا ان نبني دار سكن لكل عائلة عراقية عندئذ لا مانع من البذخ والاسراف)
وكانت صحيفة الزمان قد نشرت الخبر التالي الذي اثار غضب قاسم والذي جاء فيه( غادر العاصمة الى القاهرة صباح امس في الساعة التاسعة والنصف سيادة الاستاذ فائق السامرائي سفير الجمهورية العراقية لدى الجمهورية العربية المتحدة وقد كان في توديعه في المطار اصحاب السيادة وزير المالية محمد حديد ووزير الارشاد صديق شنشل والاستاذ كامل الجادرجي وسفراء الدول العربية وجمع غفير من الاصدقاء بعد ان قضى الاستاذ السامرائي في بغداد ثمانية ايام بمهام رسمية وقد قابل فيها سيادة رئيس الوزراء واصحاب السيادة الوزراء وكان موضع حفاوة وتكريم الاصدقاء وكانت اخر الحفلات التكريمية التي اقيمت له هي حفلة الغداء التي اقامها سيادة الاستاذ محمد صديق شنشل في فندق بغداد وقد دعا اليها عددا كبيرا من المسؤولين وكان في مقدمة المدعوين سيادة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء واصحاب السيادة وسفراء الدول العربية ..الخ)
وعن هذه الاستقالة يتحدث السامرائي فيقول ( قيل لي ان مهمتي ليست دبلوماسية بل هي مهمة قومية قد لا تطول اكثر من شهرين وعندها يتم موضوع الارتباط بالجمهورية العربية المتحدة في شكل وحدة او اتحاد واني سادرس وجهات النظر المختلفة في هذا الموضوع لاتخاذ القرار المناسب في هذا الشان
اما عبد السلام عارف فقد نفى هذا الاتفاق بينه وبين السامرائي نفيا قاطعا عام 1964 حينما كان رئيسا للجمهورية وذلك في حديث للعميد خليل ابراهيم حسين الذي ساله عن حقيقة ما ذكره السامرائي.
تقرير عبد الوهاب الامين
بعد اسبوع من قيام ثورة 14 تموز 1958 ارسلت حكومة قاسم العقيد عبد الوهاب الامين لرئاسة وفد عسكري عراقي الى القاهرة للتهنئة بذكرى قيام ثورة 23 تموز/يوليو 1952 الا ان الامين بدلا من ان يعود الى بغداد بعد انتهاء المهمة عين ملحقا عسكريا في الجمهورية العربية المتحدة وطلب منه البقاء في القاهرة وذلك بامر من قاسم نفسه.
ففي جو الخلافات التي دبت بين بغداد والقاهرة عاد العقيد عبد الوهاب الامين الى بغداد في 30 تشرين الاول 1958 وقدم تقريرا الى الزعيم عبد الكريم قاسم يتضمن تآمرا من قبل عبد الناصر على ثورة العراق وجاء فيه ان الرئيس عبد الناصر بعد عودته من موسكو يوم 16 تموز اي بعد يومين من قيام الثورة في العراق جمع اعضاء مجلس قيادة الثورة وبحث ثورة العراق وكان راي عبد الناصر ان العراق قام بثورة لم تجارها ثورة 23 يوليو ويعني ان قادة الثورة في العراق رجال اكفاء وبامكانياتهم ونجاح ثورتهم بهذا الشكل الخاطف فالاحتمال انه العراق سيقوم من خلال امكانياته الكبيرة بقيادة الامة العربية وتصبح مصر في الخلف واذن يجب تدمير الثورة العراقية بأي ثمن.
لقد جعل قاسم من هذا التقرير كتابا منزلا لا ياتيه الباطل ولا يقبل الشك والتاويل ولا يحتاج الى برهان او دليل على تآمرالرئيس عبد الناصر عليه وعلى الجمهورية العراقية وسياستها ولخطورة هذا التقرير في تلك الظروف والى النتائج التي ادى اليها في تدهور العلاقات وللاستفسار عن بعض خفايا التقرير وصحته التقى العميد خليل ابراهيم حسين عبد الوهاب الامين في لندن تأكد صحة التقريرمصدره فاكد ذلك مرة اخرى وقال ان مصدر المعلومات العميد فلان ورفض العميد حسين الكشف عن اسمه بطلب من العقيد الامين وكان هذا العميد معجبا بثورة العراق. وقال الامين حدثت عدة لقاءات بيني وبين العميد هذا وجرت مناقشات كثيرة بيننا حول الثورة العراقية والمصرية والامة العربية فكان معجبا بالثورة العراقية جدا وعن ثورة يوليو كان العميد يقول نحن لم نقم بثورة انما ادينا التحية للملك فاروق والثورة الحقيقية هي ثورتكم.
ويضيف الامين ان فائق السامرائي كانت لديه نفس ما جاء في التقرير ويضيف الامين ان السامرائي كان قد التقى عبد الناصر الذي خاطب السامرائي قائلا( ان لا اريد ان اضع لغما في جنب الجمهورية العربية المتحدة اذ انه يعتبر العراق لغما ينفجر عليه.
وقد حاول اعميد حسين التاكد من صحة ما قاله الامين عن السامرائي فتوجه من لندن الى القاهرة والتقى السامرائي الذي نفى ذلك نفيا قاطعا. فيقول العميد حسين ( لقد اسغرب السامرائي اشد الاستغراب من ذكر ما نسب اليه وسالني اكثر من مرة هل انت متاكد مما تذكره فقلت له في كل مرة نعم انا متاكد تمام التاكيد وبامكانك ان تكتب للامين وانا حاضر ان اشاركك الرسالة . ونفى مرة اخرى السامرائي ما ذكر عن لسانه جملة وتفصيلا لسبب بسيط كما يقول السامرائي انه لم يسمع من عبد الناصر هذا القول ابدا لا من قريب ولا من بعيد كما ان الرئيس عبد الناصر يعتبر الامين من القوميين الوحدويين وانه شديد النقد لتصرفات الشيوعيين في العراق وشديد التذمر من سياسة عبد الكريم المعادية لاماني الامة العربية في الوحدة بحيث ان الرئيس عبد الناصر وافق على اقتراحي باضافة العميد الامين الى اللجنة الوزارية التي اقترحت زيارتها للقاهرة لتصفية الجو السياسي بين العراق ومصر وكان ذلك قبل ثورة الشواف في الموصل واني لحد هذا التاريخ اعتبر عبد الوهاب الامين من الوحدويين الناصريين كما كان يقدم نفسه لي وعند زيارتي المقبلة للندن اذا كتب لي زيارتها ساثير الموضوع معه لمعرفة الالتباس لان عقلي لا يصدق هذا.

                                     

واثناء وجوده في القاهرة لاجئا سياسيا عمل فائق السامرائي على تشكيل التجمع القومي العراقي يضم اللاجئين السياسيين العراقيين في مصر منهم محمود الدرة وسلمان الصفواني وجابر عمر وفؤاد الركابي ومدحت ابراهيم جمعة وعبد الكريم الشيخلي والدكتور فيصل الوائلي وعبد الرحمن البزاز وهشام الشاوي وعدنان الراوي وهلال ناجي واحمد الحبوبي ورؤوف الواعظ وسليم الزبيدي وعلاء الدين الريس ورشيد البدري وبتول الخطيب.

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2969 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع