الشخصية العسكرية والسياسية المرحوم ناجـي طالب ١٩١٧ – ٢٤ آذار ٢٠١٢
اعلن في بغداد الجمعة 23/3/2012 عن وفاة رئيس وزراء العراق الاسبق ناجي طالب عن عمر ناهز الـ 95 عاماً.
ولد ناجي طالب عام 1917 بمدينة الناصرية بمحافظة ذي قار،
إذ كان والده من طبقة الملاك العليا، حيث كان يشغل نائب رئيس بلدية الناصرية، وعضو في البرلمان العراقي آنذاك ، وقد التحق ناجي طالب في الكلية العسكرية عام 1936 ، تخرج فيها عام 1938 ، ثم التحق للدراسة في الكلية العسكرية ببريطانيا للفترة من 1938- 1939 ، وكلية الأركان البريطانية في كامبرلي، وأنهى دراسته في كلية الأركان سنة 1946 ، عين بعدها مرافقا للملك فيصل الثاني وهو برتبة رئيس أول( رائد) ركن.
في بداية حياته العسكرية وكان شابا قوميا متحمسا إنتمى الى جمعية " الجوال العربي" التي أسسها عام 1933 مجموعة من الشخصيات العراقية والعربية المؤمنة بوحدة الامة العربية، الذين إجتمعوا في بيت سليم النعيمي في منطقة الاعظمية، بينهم كل من محمود درويش المقدادي فلسطيني الجنسية ،وكان يعمل مدرسا للتاريخ العربي في متوسطة الموصل للبنين، وناجي معروف وخالد الهاشمي وجابر عمر ومكي عقراوي ، واتفقوا على تأسيس جمعية ( الجوال العربي) ووضعوا منهجا ونظاما داخليا لها، إستحصلوا على إجازتها من وزارة الداخلية في عام 1933 .
وحينما فتحت الجمعية أبوابها أسرع للانتساب اليها جمهور كبير من الأطباء والمحامين، وأساتذة الكليات ودور المعلمين والمدرسين . واستعانت الجمعية بوزارة الدفاع فخصصت لهم مدربين عسكريين، ضباطا وضباط صف قاموا بتدريب الأعضاء تدريبا عسكريا، وتعليمهم فنون القتال وإستخدام السلاح وركوب الخيل . كما فتحت الجمعية معسكرا خاصا بها لتدريب أعضائها، وتلقي الدروس العسكرية في التعبئة والجغرافيا وغيرها من العلوم. وإنضم لجمعية ( الجوال) عدد من القوميين العاملين في العراق، وخصوصا في حقل التعليم منهم الدكتور مصطفى الوكيل – من مصر – ودرويش المقدادي – من فلسطين- وأمين رويحة- من سوريا- وفرحان شبيلات من الاردن- وابراهيم حيدر – من لبنان- كما إنتمى للجمعية عدد من الضباط العراقيين، منهم ناجي طالب ورجب عبد المجيد وكان من أنشط المدنيين المتصلين بالضباط محمد يونس السبعاوي، وكان في الجيش كتلة من الضباط القوميين تتعاطف مع ( جمعية الجوال) وكان لذلك أثر في إسهام بعض أعضاء الجمعية في ثورة 2 مايس 1941 .
وفي سنة 1954 شغل ناجي طالب منصب ملحق عسكري في لندن، نقل بعدها الى العراق، وقد عين أواخر شهر حزيران 1958 آمرا للواء الخامس عشر ومقره البصرة .إنضم الى تنظيم حركة الضباط الاحرار على يد المقدم الركن رجب عبد المجيد، إذ يقول لحنا بطاطو في كتابه " (كان عبد المجيد قد نظم أربع خلايا من الضباط الاحرار ، واحدة في مقر سلاح الجو وواحدة في كل من معسكرات الرشيد والوشاش والمسيب، بالاضافة الى هذا فقد نجح في كسب ضابطين كبيرين ،هما العقيد الركن ناجي طالب ، قائد مدرسة كبار الضباط في بغداد ، والعقيد الركن محسن حسين الحبيب، قائد فوج المدفعية الثقيلة في معسكر الوشاش) (حنا بطاطو، العراق- الجزء الثالث ص 83 ).
فعقب الاعتداء الثلاثي على مصر عام 1956 ازداد حماس الضباط الاحرار العراقيين للتخلص من النظام الملكي باسرع وقت قبل فوات الاوان وكان الاعتداء الثلاثي على مصر بمثابة ناقوس الخطر الذي حفز الضباط الاحرار على العمل بسرعة قبل ان يستفحل خطر التآمر الاستعماري على العراق والامة العربية. لذلك قرر الضباط الاحرار تشكيل اللجنة العليا لتاخذ على عاتقها مهمة التهيوء واعداد الخطط اللازمة للاطاحة بالنظام الملكي فاجتمع في اواخر عام 1956 كل من العقيد الركن محي الدين عبد الحميد والعقيد الركن ناجي طالب والعقيد الركن محسن حسين الحبيب والعقيد المهندس رجب عبد الحميد والمقدم الركن عبد الكريم فرحان والمقدم الركن صبيح علي غالب والمقدم وصفي طاهر والرائد الطيار المتقاعد محمد سبع ، وتخلف عن الحضور كل من العقيد الركن عبد الوهاب الامين والرائد رفعت الحاج سري وقرروا تشكيل اللجنة العليا للضباط الاحرار من الضباط السابقي الذكر ليأخذوا على عاتقهم عملية الاعداد للثورة. وتشكلت تنظيمات اخرى في كافة انحاء العراق الا ان دورها كان ضعيفا كتنظيم الموصل الذي كان يطلق على نفسه اسم "تنظيم الضباط الثوار" وكان في عضويته كل من المقدم الركن محمود عزيز والرائد مجيد الجلبي والرائد علي الخفاف والنقيب حازم حسن والنقيب زكريا طه والنقيب هاشم الدبوني والنقيب سالم سلو والملازم الاول كامل اسماعيل كما يقول ليث عبد الحسن الزبيدي في كتابه "ثورة 14 تموز 1958 في العراق ص111
ويضيف انه تشكل تنظيم اخر في لواء الناصرية وكان يتزعمه العقيد شاكر محمود شكري ويضم الضباط القوميين الذين كانوا يدعون الى الوحدة العربية وظل هذا التنظيم بعيدا عن نشاط اللجنة العليا للضباط الاحرار. ويعتبر تنظيم بغداد الذي يراسه العقيد الركن محي الدين عبد الحميد وتنظيم المنصور الذي يتزعمه عبد الكريم قاسم من انشط التنظيمات بين صفوف القوات المسلحة واوسعها انتشارا .
وبعد ان عرفت اللجنة العليا بوجود تنظيم المنصور تدارست امكانية توحيد التنظيمين وقررت بعد مناقشات طويلة مفاتحة تنظيم المنصور لتوحيد التنظيمين ، ولقد تم ارسال ممثل عن اللجنة العليا للتفاوض مع عبد الكريم قاسم عن امكانية دمج التنظيمين وكان ذلك في كانون الثاني عام 1957 حيث ارسل العقيد الركن ناجي طالب والمقدم وصفي طاهر ممثلين عن اللجنة العليا للاتفاق مع عبد الكريم قاسم ، وبعد دراسة مبادىء التنظيمين واسس العمل وجد انهما متفقان على ضرورة ازالة النظام الملكي ولذلك دعي عبد الكريم قاسم لحضور الاجتماع في منزل الرائد الطيار محمد سبع فحضر وادى القسم امام اللجنة العليا وبذلك تم دمج التنظيمين. كما اكد ذلك ناجي طالب نفسه للزبيدي اثناء مقابته في 4/9/1976 . الزبيدي، المصدر نفسه ص111.
وتوالت اجتماعات اللجنة العليا لوضع اهداف التنظيم وفي احدى الاجتماعات التي جرت في نيسان 1957 طرح على بساط البحث موضوع القيادة فكان اقتراحان بهذا الصدد احدهما القيادة الجماعية والاخر القيادة الرئاسية ، وبعد مناقشة الاقتراحين تمت الموافقة على تكوين قيادة رئاسية لتنظيم الحركة بصورة رمزية ورشحت اللجنة ثلاثة اسماء للقيادة هم : عبد الكريم قاسم والعقيد محي الدين عبد الحميد والعقيد الركن ناجي طالب وانتخب قاسم رئيسا للجنة العليا لتنظيم الضباط الاحرار باعتباره اقدم الضباط في اللجنة واعلاهم رتبة وذلك مراعاة الضبط العسكري في التنظيم وانتخب العقيد الركن محي الدين عبد الحميد والعقيد الركن ناجي طالب نائبين للرئيس والعقيد المهندس رجب عبد المجيد سكرتيرا للجنة العليا بالرغم من اصرار رجب عبد المجيد على انتخاب العقيد ناجي طالب لرئاسة اللجنة باعتباره انضج الضباط سلوكا ومسلكا وايده ضباط اخرون
لكن من جهة اخرى اصر العقيد الركن عبد السلام عارف على انتخاب عبد الكريم قاسم . كما تم تشكيل لجان تاخذ على عاتقها مهمة الدعاية والمالية للتنظيم وهذه اللجان هي : لجنة التخطيط وتضم العقيد الركن محي الدين عبد الحميد والعقيد الركن ناجي طالب والعقيد الركن عبد الوهاب الامين والعقيد الركن محسن حسين الحبيب .
ويضيف الزبيدي" ظهر خلاف داخل اللجنة العليا في الاجتماع الذي عقد في 1 تموز 1958 في منزل العقيد الركن عبد الوهاب الشواف حول قضية لجنة اختيار كبار موظفي الدولة من مدراء عامين ووكلاء وزارات بعد قيام الثورة . ومن الخلافات المهمة في اللجنة العليا هي عدم موافقة بعض الاعضاء على اسس العمل والمبادىء التي اقرتها اللجنة العليا ومنهم عبد الكريم قاسم حيث اتصل بالعقيد الركن ناجي طالب في مايس 1958 وسأله عن رايه في قيام مجلس السيادة على غرار السودان وان يكون هو احد اعضائه فرد عليه العقيد الركن ناجي طالب بانه يرفض ذلك لانه تم الاتفاق على قيام مجلس قيادة الثورة فما هي حاجة مجلس السيادة بعد ذلك. الزبيدي، المصدر نفسه ، ص 130 .
وعن اتصالات الضباط الاحرار بالقوى السياسية الوطنية والقومية العراقية والعربية يتحدث العقيد الركن ناجي طالب للزبيدي يقول فيه" انه وصلته رسالة من رئيس اركان الجيش الاردني علي ابو نوار عام 1958 يذكر فيها بانه مطلع على كل تنظيم الضباط الاحرار في الجيش العراقي وعن الحركة التي ينوون القيام بها ولذلك فهو يرشح رشيد عالي الكيلاني لمنصب رئاسة الجمهورية بعد نجاح الثورة" ويضيف ناجي طالب " وقد مزقت هذه الرسالة ولم يرها احد ولكني اخبرت اللجنة العليا في الاجتماع التالي عن الرسالة ومحتواها الا ان اعضاء اللجنة العليا لم يكترثوا الى امرها وبذلك اهملت" المصدر نفسه ، ص 149.
في نيسان عام 1957 انتخب عبد الكريم قاسم رئيسا للهيئة العليا للضباط الاحرار ، وهكذا وجد قاسم نفسه في مركز ملائم ولكنه لم يستفد منه تماما بسبب وجوده خارج بغداد اولا ولانه كان يميل الى التنسيق مع تنظيم المنصورية اكثر مما كان يميل الى تنظيم بغداد .رغم ان رجب عبد المجيد كان يصر على انتخاب العقيد الركن ناجي طالب لرئاسة التنظيم (باعتباره انضج الضباط سلوكا ) واصر عبد السلام على انتخاب عبد الكريم قاسم قائلا( ما كو زعيم الا كريم).
وفي تمام الساعة العاشرة صبيحة يوم 14 تموز 1958 دخل عبد الكريم قاسم مبنى وزارة الدفاع حيث احتفي به باعتباره قائدا، ولكن لم يكن قاسم وعارف في تلك الساعات الدقيقة يفكران جديا بمصائر رفاقهم من اعضاء اللجنة العليا للضباط الاحرار فقد اذاعا البيانات التي حددت اسماء الاشخاص الذين يتولون مسؤولية العهد الجديد ، ولم تكن المناصب الخطيرة والهامة في الاغلب من حصة اعضاء اللجنة العليا للضباط باستثناء ناجي طالب الذي كان برتبة زعيم (عميد) ركن ويشغل منصب نائب رئيس اللجنة العليا للضباط الاحرار الذي اسندت اليه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وفي 22 تموز 1958 اصدرت حكومة الثورة المرسوم الجمهوري رقم 26 يقضي تاليف لجنة عليا تناط بها صلاحيات مجلس الاعمار الى ان يعاد النظر في المجلس وقوانينه جاء فيه " انه بناءا على ما اقترحه وزير الاعمار ووافق عليه مجلس الوزراء قرر مجلس السيادة تاليف لجنة برئاسة رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء نائبا وعضوية كل من وزراء الاعمار والمالية والاقتصاد والزراعة والشؤون الاجتماعية تناط بهذه اللجنة جميع صلاحيات مجلس الاعمار.
وهكذا تكون مجلس الاعمار من كل من عبد الكريم قاسم رئيسا وعبد السلام عارف نائبا للرئيس ، فؤاد الركابي عضوا، محمد حديد عضوا، ابراهيم كبة عضوا، هديب الحاج حمود عضوا وناجي طالب عضوا.
وقد اعلن كل وزير عن برامج وزارته للاصلاح واكد العمل على تحقيقها فقد اكد ناجي طالب على ان وزارته ستعمل على ايقاف الهجرة من الريف الى بغداد والعمل على رفع المستوى المعاشي لسكان الريف وبناء دور جديدة للموظفين واصدار قوانين جديدة للعمل والضمان الاجتماعي وقال ناجي طالب ان الفلاح اذا امتلك ارضا ومسكنا وقدمت اليه المسعدات التي تمكنه من استثمار ارضه حتى يستطيع الوقوف على قدميه فانه لن يفكر في الهجرة من ارضه.
اما بخصوص وزارة العمل والشؤون الاجتماعية فقد اكد ناجي طالب على ضرورة تنفيذ برنامج وزارته وفق المرحلة الجديدة التي يعيشها العراق وتتضمن الاهتمام بالنواحي الاجتماعية ومحاولة القضاء على الفساد الدائم ومظاهر الانحلال الخلقي والعمل على تحسين الروابط الاسرية والاهتمام بالعمال والفقراء .كما اعلن ناجي طالب اربع نقاط رئيسة في برنامجه تتضمن اولا- العمل على ايقاف الهجرة من الريف والالوية الى بغداد وذلك برفع مستوى المعيشة في الالوية.
ثانيا- بناء دور جديدة للموظفين توزع وفق شروط خاصة منها مدة الخدمة وحجم العائلة.
ثالثا- العمل على وضع قانون جديد للعمل والضمان الاجتماعي.
رابعا- بناء دور للعجزة ووضع قانون للمؤسسات الاجتماعية.
من جنب اخر وضع مجلس الشؤون الاجتماعية الذي يراسه الوزير –ناجي طالب- خططه للتعامل مع الرعاية واقترح تاسيس مراكز اصلاحية لاصلاح واعداد البغايا واعطاء سلف لمساعدة الضعفاء من العزاب على الزواج وتم تاسيس هيئة للرقابة باعضاء من الوزارات لمنع افلام الجريمة والتخريب والالحاد او الافلام المنافية للامن والرفاه العام للشعب.
كما اصدر ناجي طالب وزير العمل والشؤون الاجتماعية قرارا وزاريا منع بموجبه مجالسة الفنانات للرواد في الملاهي وكذا تقديم المشروبات لهن من قبلهن.كما اكد في القرار ان تكون اذاعة تقديم المناهج باللغة العربية فقط.
واصدر ناجي طالب بصفته وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية قرارا اخر بخصوص مراقبة السينمات والملاهي ، كما قرر ان تكون واعيد غلق جميع الملاهي في بغداد عدا السينمات في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.
في الرابع من شهرآب/اغسطس 1958 اي بعد الثورة بعدة اسابيع قام احد موظفي السفارة البريطانية في بغداد السيد " فول " بمقابلة السيد ناجي طالب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة الثورة الجديدة وذلك للاطلاع على سياسة ثوار تموز وتوجهاتهم ومقفهم من قضية النفط .وذلك حسبما جاء الوثائق البريطانية التي ترجمها العميد المتقاعد خليل ابراهيم حسين.
وقد اكد طالب للموظف البريطاني على سياسة الحومة العامة بالرغبة في التعاون مع الجميع بضمن ذلك الغرب. وشدد طالب على ضرورة بيع النفط العراقي وقال ان الحكومة الجديدة متهيئة للتعاون ولكن ليس بدون اية شروط وقد اوضح طالب بانه لا يزال هناك شك كبير في نوايا بريطانيا بسبب دعمها للنظام القديم.
عبدالستار العبوسي ، قاتل العائلة المالكة
وحول موقف الثورة من العائلة المالكة قال طالب لـ(فول) انه لم تكن النية متجهة لقتل العائلة المالكة الا ان ولي العهد اطلق النار على احد ضباط المجموعة التي دخلت القصر لكي تطلب من الملك التنازل عن العرش وقد جرح هذا الضابط وبعد ذلك فتحت النار على ولي العهد والملك. وؤكد طالب انه لم يكن حاضرا تلك الحادثة ولكن سمعتها اذ وردت عنها روايات كثيرة.
وحول عمله في وزارة العمل والشؤون الاجتاماعية يقول الدبلوماسي البريطاني اني اقدر تماما ضخامة واجبه اذ ان طالب ادعى كما يقول فول ان سنوات الاهمال قد تركت له ركاما شاقا من الاعمال المرتبكة ليقوم باصلاحهاوان الوزراء السابقين كانوا يهتمون فقط بالحصول على المغانم التي تحققها لهم مناصبهم وحتى انهم لم يكلفوا انفسهم بقراءة المعاملات الخاصة بهم ، وينطبق الشيء نفسه على الكثير من كبار الموظفين .
وحول حلف بغداد الذي الغت الثورة فيما بعد قال طالب ان العراق لم يعامل كعضو متساو مع بقية الاعضاء في الحلف وانه لا يمتلك القوات العسكرية المتوازنة الضرورية التي تمكنه من العمل بشل فعال ، وان مستقبل هذا الحلف بالنسبة للعراق فانه يتطلب دراسة متأنية.
وعن فترة عمل العميد الركن ناجي طالب كملحق عسكري في السفارة العراقية بلندن قال طالب لفول انه ابعد من منصب الملحق العسكري . الجزء الثاني ،ص 12.
وبعد محاكمة عبد السلام عارف ورشيد عالي الگيلاني وصدور الاحكام بالاعدام عليهما يوم 5/2/1959 قرر المسؤولون القوميون الاستقالة من مجلس السيادة ومن الوزراء في اليوم التالي اي 6/2/1959 ، فقدم محمد مهدي كبة استقالته ومن الوزراء كان ناجي طالب احد هؤلاء الوزراء الذين قدموا استقالاتهم احتجاجا على سياسة عبد الكريم قاسم ، ومن الوزراء الاخرين:
فؤاد الركابي وزير الدولة وعبد الجبار الجومرد وزير الخارجية وصديق شنشل وزير الارشاد وجابر عمر وزير المعارف كما قدم استقالته كل من بابا علي الشيخ محمود ( كردي) وزير الاشغال والمواصلات والدكتور محمد صالح محمود وزير الصحة( تركماني).
وبعد عدة اشهر في عمله وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية استقال مع خمسة وزراء احتجاجا على سياسة الزعيم عبد الكريم قاسم وذلك في السادس من شباط 1959 ،
ففي الاشهر الاولى للثورة ابدى بعض الوزراء تذمرهم وفي مقدمتهم محمد صديق شنشل وزير الارشاد الذي تحدث عن الموضوع قائلا انه اراد تقديم استقالته اواخر تشرين الاول 1958 وقد كتبتها اثناء وجوده مع وفد عراقي الى اقطار المغرب العربي يضم كل من بابا علي ومصطفى علي وزير العدل وفؤاد الركابي وزير الاعمار وخالد النقشبندي عضو مجلس السيادة وسلمتها الى فؤاد الركابي حيث اجمعت امري على الذهاب الى اوروبا الا ان عبد الناصر نصح الوزراء الذين ارادوا تقديم الاستقالة بالصبر والتحمل والاستمرار في دعم الثورة ونصحه بالتعاون مع عبد الكريم قاسم.
ولكن ابعاد عبد السلام عارف ومن ثم اعتقاله لم يحلا المشكلة كما تصور الوزراء اذ سرعان ما تطورت الاوضاعثم جاءت قرارات الاعدام بحق رشيد عالي الكيلاني في 17 كانون الاول 1958 وعبد السلام عارف في 5 شباط 1959 ليزيد الوزراء القوميين نفورا من الوضع القائم.
وكان هؤلاء الوزراء يفضلون الاستقالة الجماعية وذلك من اجل اثارة الراي العام ضد عبد الكريم قاسم بدأ شنشل يتغيب عن اجتماعات مجلس الوزراء والركابي لا يطيق شيئا وناجي طالب كان مريضا لا يحضر الا قليلا اما بابا علي فيتذمر ولكنه لا يبدي رايه الا قليلا.
وقد اجتمع الوزراء المستقلون وهم كل من الدكتور عبد الجبار الجومرد وزير الخارجية ومحمد صالح محمود وناجي طالب وبابا علي في مقر مجلس السيادة بحضور محمد نجيب الربيعي وعضوي المجلس وبدأ نقاش طويل حول الوضع انتهى بتكليف الربيعي بان يكلم رئيس الوزراء لعقد جلسة خاصة لمناقشة الشؤون الداخلية. وقد فاتح الربيعي عبد الكريم قاسم بذلك ولكن الاخير اعتذر في اول الامر بنه يعاني من التعب وطلب تاجيل ذلك الى يوم اخر.
وفي 22 تموز 1958 اصدرت حكومة الثورة المرسوم الجمهوري رقم 26 يقضي تاليف لجنة عليا تناط بها صلاحيات مجلس الاعمار الى ان يعاد النظر في المجلس وقوانينه يتكون من كل من عبد الكريم قاسم رئيسا وعبد السلام عارف نائبا للرئيس ، فؤاد الركابي عضوا، محمد حديد عضوا، ابراهيم كبة عضوا، هديب الحاج حمود عضوا وناجي طالب عضوا.
وعند انعقاد مجلس الوزراء ليلة 2/3 شباط 1959 ولم يكن كل من فؤاد الركابي ومحمد صديق شنشل حاضرين. طلب وزير الخارجية عبد الجبارالجومرد الكلام فتكلم حوالي ثلاث ساعات عن الاوضاع الداخلية والخارجية ثم طلب بقية الوزراء ان يتكلموا فتكلم محمد صالح محمود وزير الصحة وبابا علي الشيخ محمود وزير المواصلات.
ثم تكلم ناجي طالب وكان اشدهم عنفا فاصطدم بالكلام مع عبد الكريم قاسم الذي ضرب بقبضته على الطاولة ووقف يرتعش ويقول( هذه مؤامرة دبرت بليل) وكان ناجي طالب يكتب استقالته ثم وضعها امامه ثم قدمها الى عبد الكريم قاسم وقال انني اعتذر عن كل ماحدث وارجو قبول استقالتي.
وعقب استقالة الوزراء الخمسة وفي مقدمتهم ناجي طالب هاجمت صحيفة اتحاد الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الوزراء المستقيلن مما دفع الاستاذ حسين جميل وزير الثقافة والارشاد الذي خلف آنذاك صديق شنشل ،الى ان يغلق الصحيفة واخبر القائمين عليها قائلا لماذا هذا الهجوم على هؤلاء الذين كانوا بالامس حلفاءكم في جبهة الاتحاد الوطني اضافة الى أن احد الوزراء وهو ناجي طالب كان عضوا في اللجنة العليا للضباط الاحرار.
وعقب حركة 8 شباط 1963 التي اطاحت بحكم الزعيم قاسم عين ناجي طالب وزيرا للصناعة .
وفي بداية شهر تشرين الاول /اكتوبر 1963 قدم ناجي طالب استقالته من وزارة الصناعة
وعن سبب استقالته تحدث ناجي طالب الى اللجنة التي اعدت ملف تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري قائلا ان موضوعين مهمين هما من اسباب تلك الاستقالات . الاول موضوع الوحدة العسكرية مع سوريا. والثاني هو موضوع الكويت والمباحثات التي وصفها طالب باللاقانونية التي كانت تجري في البلد والتي سببت له كثيرا من التذمر واساءت الى حزب البعث العربي الاشتراكي ، فيما قال رجب عبد المجيد ان سبب استقالة الوزراء هو عدم الانسجام بين اعضاء مجلس الوزراء سيما بين الوزراء البعثيين.
وعقب الانقلاب الذي قاده الرئيس عبد السلام عارف واسقط خلاله سلطة حزب البعث العربي الاشتراكي الاولى انتهز الرئيس عارف فرصة وجوده في القاهرة في 13 ايار/مايس 1964 بمناسبة الاحتفال بانتهاء المرحلة الاولى من بناء السد العالي باسوان وعقد العديد من الاجتماعات مع الرئيس عبد الناصر توصل خلالها الى الاتفاق على مباشرة اولى خطوات التحرك الوحدوي ما بين بغداد والقاهرة التي جرى توقيعها يوم 26ايار/مايس من العام نفسه التي تنص على تشكيل مجلس رئاسة مشترك بين العراق ومصر واصدر قرارا بتعيين اعضاء متفرغين من الجانبين العراقي والمصري لمتابعة تنفيذ الاتفاق وضم الجانب العراقي كل من ناجي طالب واديب الجادر وعبد الستار علي الحسين. وجرى توزيع الاختصاصات بالنسبة للاعضاء المتفرغين فاختير ناجي طالب لرئاسة اللجنة العسكرية فيما تراس عبد الستار علي الحسين اللجنة السياسية واديب الجادر اللجنة الاقتصادية.
وفي الوزارة الثانية التي شكلها الفريق طاهر يحيى تم تعيين السيد ناجي طالب وزيرا للخارجية
وفي 7 آب 1966 وعقب استقالة عبد الرحمن البزاز من رئاسة الحكومة. كلف الرئيس عبد الرحمن عارف ناجي طالب بتشكيل حكومة جديدة .
وادناه كتاب التكليف الذي بعثه الرئيس عبد الرحمن عارف الى السيد ناجي طالب:
عزيزي السيد ناجي طالب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بناءا على استقالة وزارة السيد عبد الرحمن البزاز ونظرا لثقتنا بكم ولما نعهده فيكم من دراية واخلاص فقد قررنا اسناد رئاسة الوزارة اليكم إساتنادا الى المادة 43 من الدستور المؤقت على ان تعرض علينا اسماء زملائكم .
راجين من العلي القدير ان يوفق الجميع لرفع البلاد وخيرها
كتب ببغداد في اليوم الثامن عشر من شهر ربيع الثاني لعام 1386 الموافق لليوم السادس من شهر آبسنة 1966
التوقيع
عبد الرحمن عارف
رئيس الجمهورية
وفي يوم العاشر من شهر آب 1967 القى السيد ناجي طالب كلمة في حفل اداء اليمين الدستورية كرئيس للوزراء اما الرئيس عبد الرحمن عارف جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس
بعد حمد الله وشكره اتقدم باسمي وباسم اخواني الوزراء بجزيل الشكر على ثقتكم الغالية بنا وابتهل الى المولى القدير ان يجعلنا دوما عند حسن ظن ابناء الشعب العراقي الكريم ومحط ثقتكم الغالية ، مؤكدين اننا سوف نبقى على العهد باذلين كل ما في وسعنا من جهد وطاقات لتأكيد وجود الثورة وحماية اهدافها ومكاسبها وتحقيق أماني هذا البلد الامين واهداف امتنا العربية المجيدة وسنعمل بكل عزم وفق توجيهاتكم التي جاءت بكتاب التكليف مستهدفين وحدة هذا البلد ودوام السلام فوق ارضه ، وسيادة الحب والاخوة بين مختلف ابنائه ، هذه الدعامات التي هي في نظرنا الاساس لكل بناء وتطوير وتعمير
واخيرا فأني اقدم وافر شكري لزملائي الوزراء الذين تقدموا لتحمل المسؤولية معي في هذا الوقت الدقيق سائلا المولى القدير ان يمدنا بعونه ويوفقنا جميعا لما فيه الخير والفلاح.
والسلام عليكم.
وحملت الحكومة التي شكلها ناجي طالب في 9 آب/اغسطس 1966 طابع الحكومة الاختصاصية اكثر من طابع الحكومة السياسية من سبعة ضباط واثني عشر مدنيا معظمهم من كبار الموظفين حيث شغل طالب اضافة الى رئاسة الوزارة وزارة النفط وكالة وتضم كلا من:
اولا- ناجي طالب رئيس الوزراء ووزير النفط وكالة
ثانيا – رجب عبد المجيد نائب رئيس الوزراء ووزيرا للداخلية
ثالثا - عدنان الباجه جي وزيرا للخارجية
رابعا – عبد الله مصطفى النقشبندي وزيرا للمالية
خامسا – شاكر محمود شكري وزير للدفاع
سابعا عبد الرحمن محمد خالد القيسي وزيرا للتربية
ثامنا – دريد نعمة الله الدملوجي وزيرا للثقافة والارشاد
تاسعا – فريد فتيان الراوي وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية
عاشرا – فؤاد حسن غالي وزيرا للصحة
احد عشر – اسماعيل مصطفى وزيرا للمواصلات
ثاني عشر – احمد مهدي الدجيلي وزير الزراعة والاصلاح الزراعي بالوكالة
ثالث عشر – محمد يعقوب السعيدي وزيرا للتخطيط
رابع عشر – كاظم عبد الحميد المهيدي وزيرا للاقتصاد
خامس عشر خالد عبد الله محمد الشاوي وزيرا للصناعة
سادس عشر- داوود يعقوب سرسم وزيرا للبلديات والاشغال العامة
سابع عشر - غربي الحاج احمد وزير شؤون الوحدة
ثامن عشر – احمد كمال قادر وزير الدولة لشؤون اعمار شمال العراق
وهنا تحمل ناجي طالب مسؤولية الحكومة العراقية في أخطر الظروف، وفي أصعبها، سواء من الناحية الوطنية والقومية او من الناحية الاقتصادية. إلا أنه تمكن من الارتفاع فوق الخطر وفوق المحن، وتحمل مسؤوليته التاريخية بالرغم من قصر المدة التي شغلها.حيث قدم السيد ناجي طالب استقالة حكومته يوم العاشر من شهر ايار 1967.
ألازمة النفطية
عراقي وطني وقومي عربي تحمل مسؤولية الحكومة العراقية في اخطر الظروف وفي اصعبها سواءا من الناحية الوطنية والقومية او من الناحية الاقتصادية. الا انه تمكن من الارتفاع فوق الخطر وفوق المحن وتحمل مسؤوليته التاريخية بالرغم من قصر المدة التي شغلها.
تحمل ناجي طالب مسؤولية الحكومة العراقية والعراق في وضعه الجغرافي الدقيق حيث المؤامرات السياسية والاجتماعية التي تتصادم وتتلاطم مما خلق ردود فعل لا يمكن تجاهلها. تحمل مسؤولية الحكومة العراقية وهو يعلم ان العراق يقع وسط منطقة يريد الاستعمار العالمي ان يؤمن وضعه فيها ويربطها بخطوط سيطرته ويبسط عليها نفوذه .
تحمل طالب مسؤولية الحكومة العراقية والعراق موطن ثروات طبيعية ضخمة يطمع فيها الطامعون ويتقاتلون للحصول عليها بينما يرى طالب ان هذه الثروة الطبيعية يجب ان تؤدي دورها في خدمة الشعب العراقي الذي يملكها وحده لكي يبني قوته الذاتية ورفاهيته لكي يستطيع بناء قاعدة للتقدم دائمة ومستمرة.قاعدة يصبح المطلب الاول لكل عراقي وطني يؤمن بالعراق وبمكانته التاريخية في خدمة النضال الوطني والقومي والاسلامي والدولي .
تحمل طالب مسؤولية الحكومة العراقية بهدف جعل العراق قويا عزيزا وتكون ارضه لكل الوانه وطوائفه واعراقه على حد سواء.
بدأت الازمة النفطية نهاية عام 1966 استنادا الى المعاهدة المعقودة سنة 1955 بين شركة نفط العراق وسوريا وتقضي بان تأخذ سوريا حصة معينة عن المرور وحصة معينة عن اعمال الميناء-التحميل- وضمن بنود هذه المعاهدة بند يقول بان تكون هناك مناصفة في الارباح بين سوريا والشركة عن كل طن ينقل الى البحر المتوسط.
وحول هذه الازمة بين شركة نفط العراق والسلطات السورية قدم كل من السادة فائق السامرائي احد قيادة حزب الاستقلال والعسكري المعروفغ اللواء محمود الدرة واحد قيادة الحزب الوطني الديمقراطي حسين جميل مذكرة الى الرئيس عبد الرحمن عارف في الاول من شهر كانون الثاني 1967 انتقدوا الحكومة العراقية لعدم مواجهتها ومعالجتها الازمة حيث بقي الشعب فظلام دامس لا يعرف شيئا عما يدور في الخفاء بشأن مشكلة تمس حياته ومعاشه.بل ولا يعرف شيئا عن المشكلة وتطوراتها التي ادت الى ان يتوقف ضخ النفط العراقي الى بانياس وطرابلسعبر الاراضي السورية الامر الذي من شأنه ان يلحق بالاقتصاد القومي العراقي اضرارا تزيد عما يمس مصالح الشركة واكثر بكثير مما يفوت على سوريا من منافع.
اما حكومة حكومة ناجي طالب فقد حاولت ان تجمع الطرفين السوري وشركة النفط على موقف واحد كما ضغطت حكومة طالب على الشركة لتلبية مطالب سوريا.
وعن الازمة هذه تحدث رئيس الوزراء اللواء ناجي طالب لصحيفة الجمهورية العراقية الذي نشرته يوم الثامن من كانون الثاني 1967 ابدى فيه وجهة نظر حكومته من الازمة قائلا:انها اكدت مرات عديدة على ان مطالبة سوريا بحقوقها وهي المطالبة التي ايدتها الحكومة العراقية والشعب العراقي ولا ينبغي ان تكون سببا لتوقف تدفق النفط العراقي الى موانيء البحر المتوسط والتي لم يكن العراق طرفا فيهابل انها ظلت تعمل ما في روسعها لاستئناف ضخ النفط .
الاعداد لانقلاب 17 تموز
في هذا الوقت كانت بعض الكتل العسكرية وخاصة كتلة النايف تخطط للاطاحة بنظام عبد الرحن عارف وحكومة الفريق يحيى.
كان قادة الانقلاب قد قرروا تنفيذ خطة سريعة للاطاحة بعارف وطاهر يحيى قبل ان يتمكن من تفريقهم واتصل هؤلاء الضباط باللواء احمد حسن البكر وكان ذلك قبل حوالي ثلاثة اشهر من الانقلاب وفاتحوه في موضوع التعاون لاستلام الحكم في العراق فابدى استعدادا وترحيبا وتم وضع خطة الانقلاب واتفق على تنفيذها في شهر تموز 1968
وشملت الخطة تصعيد الازمة السياسية في العراق لتكون البلاد مهيأة لقبول الانقلاب
وقيل ان احمد حسن البكر عندما سأل الضباط عما يريدونه في مجال المساعدة الفعلية لانجاح الانقلاب بقولهم لاشيء كل ما نريده وجودكم فقط .
ويبدو ان ضباط الحركة كانوا يحتاجون بالفعل الى وجه معروف لدى الرأي العام العراقي والعربي فوجدوا ان احمد حسن البكر الذي له علاقات حسنة مع مختلف الاطراف مبتغاهم
وكان قد اتفق مبدئيا على تنفيذ الانقلاب في 14 تموز/يوليو الذكرى العاشرة للثورة الاولى الا ان الموعد تم تأخيره لسببين رئيسيين :
الاول : ان السيد ناجي طالب طالب التريث ريثما ينتهي السيد محسن حسين الحبيب سفير العراق في موسكو من مهمة تشكيل الوزارة الجديدة اذ كان الرئيس عارف قد استدعى اللواء محسن حسين الحبيب من موسكو قبل اسبوع من الانقلاب وكلفه باجراء اتصالات ومشاورات لتأليف حكومة جديدة تخلف حكومة الفريق طاهر يحيى على امل ان تكون الحكومة الجديدة حكومة انقاذ ستتبنى ما جاء في بيان 16 نيسان وبالتالي يصرف النظر عن الانقلاب وبالفعل انهى اللواء الحبيب مشاوراته مع كافة الكتل السياسية والعسكرية واعد قائمة باسماء وزرائه وقدمها الى الرئيس عارف صبيحة يوم 16/7/1968 الا ان الرئيس عارف اخذ يبدي بعض الاعتراضات على بعض الوزراء رغم ان الحبيب اشترط ان يترك له امر اختيار الاشخاص وان تطلق يده في معالجة الامور وطلب هنا الرئيس عارف تأجيل البت في الموضوع وترشيح اخرين ثم طلب عدم الاستعجال باعلان الحكومة الجديدة عندها شعر اللواء الحبيب ان الرئيس عارف صرف النظر عن تكليفه ومن اجل ذلك يعمد الى المماطلة وعدم المصارحة وجاء من اخبر الحبيب بان الرئيس عارف اجرى اتصالا مع الفريق يحيى وكلفه بتشكيل وزارة جديدة عندها زار اللواء الحبيب الرئيس عارف وقدم اعتذاره عن المهمة
والسبب الثاني كان احساس الناس الواضح وحديث المجالس في بغداد المستمر عن ان انقلابا سيحدث الى درجة وصل معها الرهان على اليوم والساعة
وكان الرأي قد استقر لدى مخططي الانقلاب على ان يكون احمد حسن البكر رئيسا للجمهورية وناجي طالب نائبا للرئيس ورجب عبد المجيد رئيسا للحكومة وصبحي عبد الحميد وزيرا للخارجية لكن ناجي طالب اشترط قبل الانقلاب عدم احداث اية ترفيعات استثنائية ما بين الضباط نتيجة الانقلاب لابقاء الثورة نظيفة وبعيدة عن المصالح الشخصية على حد تعبيره ورفض الضباط الانقلابيون الذين بقي عددهم عند التنفيذ 25 ضابطا كما اشترط ناجي طالب ايضاحا حول سبب عدم ضرورة تبعية الانقلاب الجديد بالقاهرة وعدم ادخال ناصريين في الحكومة وكان الايضاح متفقا عليه لدى الجميع وانسحب ناجي طالب لما رفض شرطه ومعه رجب عبد المجيد وصبحي عبد الحميد .
ورشح عبد العزيز العقيلي بحكم انضمامه الى مجموعة الخمسين واطلع على الخطة الا ان العقيلي وضع شروطا ايضا لاشتراكه النهائي واعتبرها الضباط صعبة واهمها اعتراضه على حل مشكلة الشمال وحل القضية الكردية التي اولاها الانقلابيون اهتماما كبيرا عن طريق السلاح اذا رد الاكراد شروط الحكومة العراقية
فقد ذكرت صحيفة المحرر البيروتية في تقرير لها من بغداد عن طبيعة الانقلاب وهويته وتفاصيل الصراع بين الانقلابيين وقالت ان العقيلي يتخذ موقفا متحفظا تجاه الانقلابيين بعد ان كان حتى الساعات الاولى للحركة احد عناصرها البارزين واسباب خلافه معهم تعود للمشاركة الكردية حيث كان العقيلي ينادي بالحل العسكري ثم انه كان يتصور انه سيأتي رئيسا للجمهورية او رئيسا للوزراء على الاقل لما تولى البكر والنايف رفض ان يكون وزيرا في حكومة يرأسها النايف وفضل الانزواء.
1149 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع