هل مات فيصل مهموما بسبب صراع الساسة على السلطة / الحلقة الثانية

   

   

حالما انجز نوري باشا مهمته بحصول العراق على مقعده في عصبة الامم وحتى قبل عودته الى بغداد فقد ابعده الملك من منصبه.........السبب هو غيرة الملك منه .....الملك كان يكن له المحبة ولكنه وكما قال قد تصرف معه كما يتصرف الزوج مع زوجته بهجرها لبعض الوقت .......الملك وقبيل وفاته مر بتجارب مريرة مع الساسة امثال نوري السعيد وياسين باشا...........معلومات وتفاصيل جديدة لم توثق من قبل ......اتمنى لكم ان تتمتعوا بهذه المعلومات الجديدة

      الدكتور مؤيد الونداوي /عمان –حزيران 2018

هل مات فيصل مهموما بسبب صراع الساسة على السلطة 1932-1933
الحلقة الثانية: مساعي الملك فيصل لإقامة حكومة تجمع انصار الانكليز وخصومهم

رغبة الملك بحكومة تجمع رجال تسيطر عليهم الغيرة والشقاق
بتاريخ 27 شباط 1933 ابرق السفير البريطاني لحكومته بأن الملك فيصل قد عبر له وبشكل خاص ومنفرد بانه غير راض عن اداء بعض الوزراء في الحكومة الحالية وكما يبدو فهو متلهف لتشكيل حكومة تضم جميع اصحاب المواهب. وان هذا يعني توليفة تجمع رجال من خلفيات سياسية متعددة ممن فيما مضى كانوا قد طرفا في الغيرة والشقاق فيما بينهم. مثل هكذا حكومة من الممكن ان تضم نوري السعيد وياسين باشا ورستم حيدر ورشيد عالي تحت امرة رئيس الوزراء الحالي ان كان بالوسع اقناعهم للعمل بعضهم مع البعض الاخر. لقد طمئنني الملك بان اي حكومة من اختياره سوف تحتاج ان تتبع سياسته في توطيد العلاقة الوثيقة مع بريطانيا العظمى وان تكون مخلصة للمعاهدة العراقية – البريطانية.
وبتاريخ الثاني من اذار عاد وكتب السير فرانسيس همفري الى وزير الخارجية البريطاني موضحا انه التقى الملك بتاريخ 27 شباط وان جلالته كرر مرة اخرة عدم رضاه على بعض اعضاء الوزارة الحالية وتحدث عن رؤياه التي سبق وقد كتبت لكم عنها في برقيتي بتاريخ 27 شباط. ولقد اوضح ان وزراء حكومة ناجي شوكت وبينما هم رجال من ذوي الصفات الممتازة وانهم منذ تولوا المسؤولية فانهم فعلو ما بوسعهم لآجل تخطي المصاعب الا انه يتوجب عليه ان يعترف بانهم منفردين ومجتمعين فانهم لم يظهروا من انفسهم انهم اكفاء حقا للتعامل مع العديد من المشاكل المهمة التي تواجه حاليا الحكومة. لقد تم توليهم مهامهم في وقت ولأسباب عديدة لم يكن ممكننا دعوة الاخرين ممن هم اكثر خبرة وسبق لهم ان اظهروا كفاءة عالية ومقدرة. الظروف الان ولحسن الحض قد تغيرت. نتائج الانتخابات قد قدمت نتائج مرضية لجميع الاحزاب والجماعات وان الخلافات الشخصية بين الرجال الذين يتمتعون بشعبية قد تمت تسويتها وان الرجال الجيدين والرجال الاكثر كفاءة مستعدون لتولي الحقائب الوزارية ان تمت دعوتهم. رئيس الوزراء بنفسه اعترف لي بانه قد شعر بان وزارته هي ضعيفة وانه قد استشار جلالته عن الخطوات التي يمكن اتخاذها لآجل تقويتها. اين كانت تقف وجهات نظري؟ الكثير من العمل ينتظرنا وانا مهتم بان تنجز، وانا افكر بانه سيكون من المفيد والافضل اذا ما البعض من اصحاب الخبرة الاكبر من الوزراء تم ضمهم للوزارة.

لقد قلت بانني افترضت بان جلالته قد يفكر بان يضم للوزارة عدد من المعارضين ممن يؤمنون انهم معارضون للسياسية المتبعة ليس فقط من طرف الحكومة الحالية ولكن ايضا من قبل حكومة نوري باشا. يبدو لي بان البلاد بحاجة وقبل كل شيء ان ترتاح من الخلافات السياسية. ولقد ذكرت جلالته بشأن محاولاته السابقة استئصال النقد من خلال منح مناصب للزعماء المعارضين وكيف كان قد تسبب بنتائج كارثية. ان الحكومات التي احتوت خليطا كانت تتمزق نتيجة الحسد داخلها ولم تحقق ابدا النجاح في تقديم اي شيء او برنامج منتج وبناء لصالح البلاد. انني اخشى انه سيكون محتما ان هكذا تمزق مشابه من شانه ان يهيمن على اي وما يسمى بحكومة وطنية والتي لربما تؤلف في الوقت الحاضر ما لم يكون جلالته قادرا على ان يجمعها ويسيطر عليها من طرفه ومن دون مساعدة. ليس بوسعي ان اتخيل وعلى سبيل المثال ان علاقات منسجمة يمكن ان تستمر بين نوري باشا وياسين باشا او بين كليهما ورئيس الوزراء الحالي من دون شيء من قوة الاسبقية في النفوذ يمكن ان يكون وبشكل مستمر قائما ويجمعهم معا. وبالإضافة الى ذلك فان قادة المعارضة كانوا قد اعلنوا عن عنادهم وعدائهم الى المعاهدة العراقية- البريطانية لعام 1930 وانهم قد قرروا وعلى قدر استطاعتهم ومن خلال تصريحاتهم العلنية وتحريضهم ان يعملوا على التعديل الجذري لشروط هذه الاتفاقية. لقد حذرت الملك لان لا يحاول مثل هكذا تجربة خطيرة ما لم يكن متأكدا من الاستعداد الحقيقي للقادة السياسيين بان يعملوا معا ومن دون غيرة وحسد ويقدمون مصلحة بلادهم والالتزام بولائهم للاتفاقية وغيرها من التزامات تعاقدية.

الملك فيصل: معارضة ياسين الهاشمي لاتفاقية 1930 ذات دوافع شخصية
لقد وافق الملك فيصل بان وقت التحريض السياسي حتما قد انتهى. واضاف ان معارضة ياسين ورفاقه ضد اتفاقية 1930 هو موضوع يقوم اساسا وتماما نتيجة عدائهم الشخصي لنوري باشا. هذه المعاداة هي الان قد باتت شيء من الماضي وان اي منهما وايضا اي شخصية عراقية مسؤولة لا ترغب بتغيير شروط التحالف القائم مع بريطانيا العظمى. وقال الملك عندما التم البرلمان بتاريخ 8 اذار فان رئيس الوزراء كان يرغب بتقديم تصريح عن سياسة الحكومة وانه اذا ما بعد هذا التصريح كان ياسين باشا او اي شخص اخر انظم الى الوزارة فانه سيكون من الواضح انهم سيقبلون ببرنامج رئيس الوزراء. انا لا احتاج لأي شكل اشكال الشك بشان الاتفاقية. وعلى قدر تعلق الامر بإمكانية وقوع الخلاف بين اعضاء الحكومة الوطنية فان جلالته وافق بان ذلك سيشكل خطرا حقيقيا والذي يدعوه ان يتخذ كل اشكال الحذر بشأنه. الزعماء السياسيون قد وضعوا انفسهم ومن دون اي تحفظ بين يديه وانهم اقسموا بان يسترشدون بما يريده . لقد شعر بالقناعة بان الوضع السياسي الحالي وبشكل استثنائي مناسب لآجل تشكيل حكومة وطنية تجمع جميع العناصر وانه يثق وبما يتصل والمشاكل الاقتصادية والتي تبقى بحاجة للمعالجة فان مثل هذه الحكومة ستكون الافضل لآجل ما هو افضل للبلاد. وهو يعتقد الموضوع يعد ملحا السير به وانه سوف سيغتنم المزيد من الفرص لاستشارتي قبل ان يتخذ اي خطوات حقيقية.

لقد شكرت جلالته لحواره معي بهكذا وضوح بشان وضع الحكومة وطمأنته باني سأكون دوما مرحبا باي فرصة لتبادل وجهات النظر بشان هكذا موضوعات مهمة. ان جلالته يرغب بأن لا اقلق بشان اعضاء الوزارة كثيرا لكون وكما قال بان السياسة التي من المتوقع ان اتبعها اتجاه هذه المواضيع والتي الحكومة البريطانية فيها مهتمة وايضا وبسبب من علاقة الصداقة القائمة بيننا ولكوننا عملنا من اجل استقلال العراق فإنني وعلى وجه الخصوص متلهفا لان يكون ما ستنجزه الحكومة مستقبلا يجب ان يكون عملا كبيرة ومتميزا.
لقد قلت للملك ان مستقبل سوريا والذي جلالته قد عبر عنه باهتمام كبير لربما تماما سيعتمد وبشكل كبير على نجاح التجربة بان يحكم العراقيين انفسهم بأنفسهم والتي الان قد تمت المباشرة بها في العراق الان.

الانتخابات العامة والبرلمان الجديد (8 شباط 1933)
اجريت الانتخابات العامة بتاريخ 8 شباط وقد كتب السير همفري برسالة الى السير جون سايمون يشرح فيها ما جرى قائلان ان مسار العملية الانتخابية في مرحلتها الاولى والثانية قد شهدت القليل من الاهتمام الشعبي بهما. وان الصحافة حبست نفسها في اطار واحد رئيس هو الامل ان يعود الرجال الشرفاء المقتدرين، كما وان احزاب المعارضة اظهرت القليل من النشاط. وان السكرتير العام للحزب الوطني جعفر ابو التمن كرر تكتيكاته التي استخدمها في اخر انتخابات جرت في عام 1930 واجرى محاولات لإقناع اللجنة التنفيذية للحزب لإعلان مقاطعة الانتخابات ولكن هكذا محاولة كانت عبارة عن موجة هادئة لامست مجرى مياه العملية الانتخابية. ان حزب الاخاء الوطني الذي يتزعمه ياسين لم يقدم اي بيان سياسي وكذلك نوري السعيد وحزبه العهد هو الاخر حرص على ان يتخذ منهج السكوت.
مع نهاية الانتخابات فقد فاز مرشحي الحكومة ولكن هذا لا يعني بالضرورة بان البرلمان الجديد سوف يقدم دعمه الثابت للحكومة الحالية. وكما يبدو ان من تم انتخابهم هم جميعا قد تمكنوا من ضمان حصولهم على مقاعدهم. ولهذا اتوقع من ان البرلمان الجديد سوف يدعم فقط الحكومة الحالية للمدة التي هي تحظى بثقة الملك بها. وعندما تنتهي هكذا حظوة لدى الملك فان النواب سوف يمنحون دعمهم لحكومة جديدة هي من خيار الملك.

ان ياسين باشا وبعض اصدقاءه مثل علي جودت وجميل المدفعي ومحمد زكي قد عادوا ويبدو واضحا بان بوسعه ان يشكل حكومة وايضا ان يؤسس لأغلبية برلمانية ان دعاه الملك لان يفعل ذلك. الحقيقة هي ان الانتخابات لم يتم تنفيذها بالطريقة التي ارادها الحزب ان تكون ولعل ذلك بسبب رغبة الملك لتأسيس ما يسمى بالبرلمان الوطني وايضا بالوعود التي قدمها باتجاه تسمية افضل الزعماء والقادة وافضل الخبراء من مختلف الاحزاب. النتيجة النهائية ان الملك قد ضمن تحقيق انتخابات برلمانية من خلالها بوسعه ان يشكل اي حكومة يرغب بها من دون ان يفض البرلمان ومن دون ان تسبب الازعاج له.
لا اعتقد ان الملك في الوقت الحاضر سوف يطلب استقالة حكومة ناجي بيك شوكت وزملاءه رغم انه من المستحيل التأكيد بان هكذا امر قد لا يحصل. الملك لا يزال ميال الى ياسين ليكون رئيسا للوزارة ولكنني لا اعتقد بان جلالته سيدعوه لتشكيل الحكومة ان شعر ان مثل هكذا دعوة قد تشكل خطرا على علاقته مع الحكومة البريطانية. وايضا انني لا اثق من ان ياسين باشا سوف يقبل برئاسة الوزارة ما لم ان يكون متأكدا من انه يحظى بحريته الكافية لآجل ان ينفذ ما يراه في ان يكون من مفردات برنامجه الحكومي. والذي ولغاية الان يسعى لآجل تغييرات حادة في المعاهدة العراقية – البريطانية لعام 1930.

لقد عاد 32 من اعضاء البرلمان السابق وبرغم ان صحيفة نوري تدعي ان الانتخابات يمكن ان توصف بانها مصادقة شعبية على ما انجزته حكومته. ولكنني لا اعتقد بان هؤلاء النواب ممن عاد هم فعليا من انصار نوري. من اعضاء الحكومة فقط جمال بابان وزير العدلية قد تمت اعادة انتخابه والذي معه كان قد دخل في مشاجرة في السنة الماضية بشأن الرسائل السرية.
ثلاثة من الهيئة العليا للحزب الوطني قد تم انتخابهم من بينهم عبد الغفار البدري رئيس تحرير صحيفة الاستقلال ومن النواب الذين فازوا ويجدر الاشارة اليهم هم حامد الوادي وهو شقيق وزير العدلية الحالي ولوقت قريب كان المرافق الشخصي للأمير عبد الله والذي كان قد لعب دورا مهما في المؤامرة ضد ابن سعود، وايضا سالم حسان رئيس تحرير الصحيفة المسيحية العالم العربي، و ايضا الشيخ خميس الضاري من قبيلة زوبع وهو ابن الراحل الشيخ ضاري الذي قتل المقدم ليجمان عام 1920. هنالك القليل من التغير في التمثيل للقبائل، عدا عشائر الديوانية، حيث تم انضمام البعض من العناصر غير المرغوب فيها .
بات الان واضحا من خلال زيارة الملك الى الديوانية وكربلاء في شهر نوفمبر الماضي فان هدفه الرئيس وقتها محاولة كسب تأييد العلماء وشيوخ العشائر لقانون التجنيد الالزامي. العلماء قيل انهم قد رفضوا اتخاذ موقف في موضوع سياسي ولكن في المقابل وبلمسات شخصية ومادية فان الملك قد نجح بالحصول ومن خلال العديد من زعماء العشائر وعودا بانهم لن يعارضوا ادخل نظام للخدمة الالزامية في الجيش. من بين هؤلاء العديد من الشيوخ من بينهم عبد الواحد الحاج سكر شيخ القبيلة القوية وهي الفتلة ومحمد العبطان شيخ الخزاعل وعجا الدلي الذي تاريخه الماضي معروف بوصفه من الشخصيات الجيدة. هؤلاء الثلاثة هم الان اصبحوا نوابا عن الديوانية نتيجة دعمهم موضوع التجنيد الاجباري.

لدي شكوك حول امال الملك لان يرى قانون الخدمة الالزامي والذي سيقدم للبرلمان خلال الفصل التشريعي القادم وان هنالك خطر هو ان اعتقاد الملك ان دعم هؤلاء الشيوخ يعني ان وضعهم في منطقة الفرات قد يحول والمعارضة.
لا اعرف بعد تماما شكل مسودة قانون الخدمة الالزامية التي ستقدم ولكنني اخشى ان الحكومة لا تمارس الحذر الكبير في عرض القانون على العشائر خصوصا الى اولئك الذين على نهر الفرات والمناطق الكردية وان الاحدث في المستقبل من المتوقع ستثبت بان جلالة الملك هو على خطاء في اعتقاده من ان الجذور العميقة لأبناء العشائر هي كارهة للخدمة العسكرية يمكن التغلب عليها من خلال كسب بعض الشيوخ. هذا ومن المتوقع ان يلتقي البرلمان في شهر اذار وان يستمر لمدة ثلاثة اشهر. ولن اتردد في ان انصح الملك بأهمية ان يتناول جلالته موضوع قانون الخدمة وبشكل بطيء جدا وان يتجنب المواجهة مع العشائر حول هذا الموضوع المهم.

للراغبين الأطلاع على الحلقة الأولى:

https://algardenia.com/2014-04-04-19-52-20/fereboaliraq/35900-2018-06-14-13-56-52.html

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

935 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع