المصالح الاقتصادية البريطانية في العراق عشية الاستقلال في عام 1932
لم يهتم الكثير من الباحثين والمؤرخين في التركيز على طبيعة المصالح الاقتصادية البريطانية التي قد ضمنها البريطانيون لأنفسهم في العراق عشية توقيعهم لاتفاقية عام 1930 التي ضمنت للعراق استقلاله وعضويته في عصبة الامم بقدر التركيز على الابعاد العسكرية والسياسية المتصلة بهذه الاتفاقية.
في تقرير كتب عام 1934 ارسلته السفارة البريطانية في بغداد جاء فيه انه وقبل الحرب العظمى الاولى كانت بريطانيا العظمى تحتل مركزا متقدما في العراق، ولقد بلغت نسبة حجم الواردات التجارية للعراق من بريطانيا ما يعادل نسبته 45 الى 50 % وايضا 25% من الهند وفي المقابل كانت حصة بريطانيا من الصادرات العراقية 35%.
الاعمال التجارية في العراق كانت بيد الصناعات والمؤسسات البريطانية التي كان لها حضور قديم في العراق مثل شركة الاخوان لينج وGray ومكينزي وشركة Frank and co. . وقبيل الحرب الحرب حاولت ثلاثة شركات المانية ان تكون لها فرصتها في البصرة وبغداد وابدوا ملامح تنافسية مع الشركات البريطانية.
وعلى اية حال استمرت الهيمنة البريطانية على الخدمات البحرية في ميناء البصرة اذ كانت السفن البريطانية تحمل علم بلادها وايضا هي تمخر نهري دجلة والفرات مقدمة خدمات المواصلات السريعة والاكثر اقتصادية بين بغداد والبصرة وهو عمل اختصت به شركة الملاحة البخارية في نهري دجلة والفرات، هذا وكان الافراد من التجار البريطانيين لهم حضورهم ونفوذهم التجاري الذي لا ينافسهم فيه احد.
اجتاز العراق الازمة المالية التي شهدها العالم بعد الحرب الاولى ومن بعد عام 1929 باتت الامور الاقتصادية تتحسن وفي السنة المالية 1932-1933 بلغ حجم التجارة العراقية دون ان يشمل ذلك تجارة الترانزيت 8500000 مليون باوند استرليني وكان حجم التجارة يميل لصالح بريطانيا بمبلغ 850000.
ولقد بلغت الواردات في ذلك العام من بريطانيا ما يعادل 2179000 باوند ولقد كانت هكذا ارقام مقنعة بالنسبة للسفارة في بغداد كونها تؤكد ما تحققه بريطانيا في العراق. مع استمرار بريطانيا بإدارة ميناء البصرة وادارة السكك الحديد العراقية فان المصالح البريطانية في العراق كانت هي الاكبر في منطقة المشرق من بعد حجم مصالحها في مصر. مثل هكذا حضور اقتصادي لم يكن يشمل حجم الاستثمارات البريطانية في مجال النفط.
لقد كانت الاستثمارات الخاصة بشركة نفط العراق قد بلغت 6500000 مليون باوند وما وضفته شركة انابيب نفط البحر الابيض المحدودة 9178000 مليون وهي مملوكة بنسبة 23.75% من قبل شركة الانكلوا- فارسية وايضا بنسبة اخرى هي 23.75% من طرف شركة انكلو- ساكسون النفطية (مجموعة شل- رويال الهولندية) بينما فرنسا والولايات المتحدة تمتلكان 47% من الاسهم ولا بد من التذكير ان تسجيل الامتياز النفطي هذا هو مسجل باسم الشركة البريطانية وان رئيسها دوما يجب ان يكون من الجنسية البريطانية وان معظم العاملين من الموظفين والفنيين هم من البريطانيين وان كل الاحتياجات من الاجهزة والمعدات هي من انتاج الشركات البريطانية. ولقد بلغ حجم احتياجات مد الخطوط النفطية ما يقارب 200000 الف طن وهي مواد بريطانية الصنع يتم استيرادها للعراق وهنالك امكانية لمدة خط اخر او اكثر وهو امر قد بوشر بدراسته.
شركة نفط خانقين وشركة نفط الرافدين وهي من توابع شركة The Anglo –Persian فقد كانت تنتج من حقول النفط خانة حوالي 60000 الف طن من الوقود و 15000 طن من الكيروسين و12000 طن من النفط وهي كميات يتم استهلاكها جميعها في العراق وان العراقيين من يدفع ثمنها.
هذه الارقام قابلة للزيادة وكافة مقاليد الشركتين هي بيد الموظفين البريطانيين.
في العراق هنالك ثلاثة بنوك قائمة فقط وهي البنك الشرقي والبنك الامبراطوري الفارسي والبنك العثماني.
المصرفين الاول والثاني هما بنوك بريطانية تماما بينما البنك العثماني هو بنك بريطاني – فرنسي وان ادارات هذه البنوك الثلاثة يقوم بها مواطنين بريطانيين وهم من يحتل المناصب الادارية العليا فيها وان البنك الشرقي لديه فروع في بغداد والبصرة والموصل والمصرف الامبراطوري الفارسي لديه فروع في بغداد والبصرة.
اما شركة بلاد النهرين- فارس المحدودة التي تأسست من بعد الحرب العظمى فهي تهيمن على نظام النقل النهري في نهر دجلة ما بين البصرة وبغداد وفي اوقات الفيضان فان سفنها تصل الى الموصل وهي شركة وكيلة عن شركة الفرات ودجلة للملاحة البخارية، وهذه الاخيرة هي الشركة المالكة للسفن التي تمخر فعليا في الانهر وهي تؤمن احتياجاتها من المواد الاحتياطية من المملكة المتحدة.
شركة نيرن للنقل البري فهي المختصة بالنقل عبر الصحراء بين بغداد ودمشق. الشركة مسجلة في دمشق ومقرها فيها ولكنها وفرت عمل لمواطنين بريطانيين في بغداد. شركة دوير Dwyer and Co. التي في بغداد فهي الاخرى معنية باعمال السفر عبر الصحراء ومن المتوقع ان توسع اعمالها في المستقبل
في ميدان اعمال التامين وفي جميع فروع التامين في العراق هي بيد الشركات البريطانية وتمثل الشركات البريطانية وفيما يلي اسماء الشركات البريطانية التي تم تاسيسها في العراق ممن تتعامل باعمال التامين كافة وهي
Lumsden and Greene, Fowler and Co., Mesopotamia – Persia Corporation , African and Eastern (Near East) (Limited), Dwyer and Co., Andrew Weir and Co., Fran C. Strick and Co.
وفي مجال النقل البري فان شركات الطيران الثلاثة التي تخدم في العراق وهي امبريال للطيران و كي ال ام الهولندية وطيران الشرق (فرنسية) هي جميعها تعمل في العراق وتمثلها في بغداد والبصرة شركات بريطانية.
طبعا كانت هنالك شركات بريطانية معنية بقطاع الزراعة في العراق وفي مجال اصلاح الاراضي الزراعية منها كانت معنية بمشروع اللطيفية ذي 60000 ايكرز وايضا كانت هنالك شركات بريطانية معنية بزراعة القطن وقد انهت اعمالها بسبب تراجع الانتاجية الزراعية لهذا المحصول في العراق نتيجة تراجع الاسعار المعروضة.
شركات مثل Imperial Chemical Industries )Levant) and )Limited هي شركات بريطانية تورد احتياجات العراق من المواد الكيمياوية ومواد التنقية ووكلائهم في العراق Humber and Hilman مصانه مثل Messrs, Murdoch والتي لديها فروعها في مصر حصلت مؤخرا على عقود لتامين الطابوق الى القاعدة الجوية الملكية في منطقة الذبان الجديدة وهنالك اعمال كثيرة تنظرها في مجالات عديدة في العراق. ايضا شركة كهرباء بغداد وتامين الطاقةThe Baghdad Light and Power Company هي الاخرى شركة بريطانية وتمتلك حق الامتياز لتامين الكهرباء لمدينة بغداد ومدير هذه الشركة هو بريطاني الجنسية. وتعد شركة Messrs Whinney, Murray and Co. هي شركات المحاسبة وتدقيق الحسابات الوحيدة في العراق.
لا وجود منافس للشركات البريطانية المهتمة بموضوعات التصدير والاستيراد للعراق ومن اهم الشركات البريطانية العاملة في العراق هي
Messrs, Mosopotamia Corporation, with brances at Baghdad , Basrah, Mosul and several centers in Southern Iraq as well as in Perisa
African and Eastern (Near East) (Limited) وهي اكبر مصدر للتمور من البصرة
Frank C Strick and Co.
David Sasson and Co. (building material)
Bich, Marr and Co. (agricultural machinery)
Andrew Weir and Co.
Fowler and Co.
وفي مجال الطباعة فان شركة تايمز للطباعة والنشر هي من تمتلك صحيفة العراق تايمز وهي الصحيفة الوحيدة الاجنبية التي تطبع في البلاد. وايضا هي من تطبع وتنشر مكانزي ومكانزي الذين يمتلكون محل لبيع الكتب التي اخر ما يصدر منها في السوق وكتب الادب الانكليزي. وتمتلك شركة انكليزية شركة سباق الخيل في العاصمة بغداد وهي تعني ايضا بتحسين سلالات الخيول والموظفين فيها ايضا مواطنين بريطانيين واشخاص بريطانيين هم من يبيع كل ما له واحتياجات السينمات والتصوير السينمائي وايضا احتياجات السيارات من العدد والادوات.
لم تكن هنالك اي منافسة من شركات اجنبية بوسعها ان تهدد الحضور البريطاني المسيطر في العراق ويشمل ذلك المحاولات الايطالية واليابانية وفارس وبلجيكا والولايات المتحدة واي من هذه الدول لم تحصل على حتى ما يعادل 4% من حجم التجارة العراقية عدا ايران التي تصدر السجاد للعراق.
ولا بد من الاشارة ان حجم المصروفات البريطانية لتعزيز وجودها في العراق من بعد نهاية الحرب كانت قد بلغت 23 مليون باوند في الاعوام 1921-1922 ولتكون 6 مليون باوند للأعوام 1923-1924 والسبب في تراجع الرقم هو ان سلاح الجو الملكي البريطاني من ان يتولى المسؤولية بدلا من الجيش وذلك بناء على ما قرره اجتماع القاهرة لعام 1921 وهنالك تراجع كبير في حجم الانفاق والذي يلتزم بما قررته وزارة الخزانة البريطانية وهو 350000 باوند وقد تم تحقيقه في السنة الاخيرة. ولقد تحملت الحكومة العراقية دفع مبلغ قدره 350000 باوند كلف المنشأة البريطانية في الذبان والموصل من بعد تخلي البريطانيين عنها للعراق استنادا لاتفاقية 1930 بينما استمرت الحكومة البريطانية هي المالكة للسكك الحديد في العراق وفيها استثمار يزيد عن 2 مليون باوند. واستنادا لاتفاقية 1930 كان هنالك 242 موظفا بريطانيا يعملون في دوائر الحكومة العراقية بينهم 61 في السكك و 59 في ميناء البصرة وهؤلاء يستلمون مرتبات قيمتها السنوية 60 الف باوند. طبعا لا تشمل هذه الارقام مشتريات الجيش العراقي من الاسلحة والمعدات العسكرية ولكن هنالك مبلغ قدره 30000 باوند تدفعه الحكومة مرتبات اعضاء البعثة العسكرية البريطانية الملحقة بوزارة الدفاع سنويا.
موارد العراق النفطية كانت في حدود عام 1934 تصل الى 400000 الف باوند معادلة بالذهب وكان من المتوقع ان يزداد هذا الرقم الى 600000 الف باوند ذهبي في عام 1935 وهي اموال غالبيتها ستقدم للشركات النفطية عما استثمرته ولكن واعتبارا من الاعوام 1937-1938 سوف يحصل العراق على مبلغ لن يقل عن مليون باوند استرليني. سدة الكوت وسدة الحبانية من المتوقع ان تمنح عملية تنفيذها لشركات بريطانية وبكلفة حوالي 11100000 مليون باوند
لقد تصاعد حجم استيرادات العراق من بريطانيا من 5355000 مليون في عام 1930-1931 الى 6240000 مليون باوند في العام 1932-1933 . وهي ارقام كبيرة ان تمت مقارنة حجم الصادرات البريطانية مع تركيا وايران اذ بلغت مع العرافي 2179000 للسنوات 1932-1933 مقارنة ومبلغ قدره 1484000 مع تركيا ومبلغ قدره 827000 مع تركيا.
نخلص من هذا ان العراق قد حصل على استقلاله عام 1932 ولكن من بعد ان امنت بريطانيا كامل مصالحها العسكرية والسياسية والاقتصادية في العراق. سكان العراق البالغ عددهم حوالي 3 مليون كانوا قد استوردوا سلعا بريطانية في العام 1932-1933 بمبلغ 1221000 مليون باوند.
628 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع