صوت غادرنا مبكراً إلا إن الذاكرة السمعية تحتفظ بأنغامه
الزمان/بغداد – فائز جواد:كان العراق متخم باصوات المطربات اللواتي سجلن حضورا لافتا بالرغم من الامكانات الفقيرة والادوات التي لا تساعدهن على تسجيل وانتشار الاغنية والاهم ان مجتمعنا العراقي كان ومايزال لايشجع الاصوات النسائية باستثناء النخبة من عشاق الفن والثقافة وبالتالي حدت العوائل العراقية وخاصة البغدادية منها الاصوات النسائية الى جانب الظروف السياسية والاقتصادية انذاك ولكن رغم هذا برزت اصوات نسائية وقائمة من المطربات اللواتي نافسن المطربات العربيات وخاصة في مصر التي تتصدر اصواتها السيدة ام كلثوم .
وفي العراق برزت اصوات نسائية من بغداد والمحافظات رائعة بشهادة النقاد والملحنين والاهم الجمهور الذي شجع تلك الاصوات وبالتالي دخلت تلك الاصوات في دار الاذاعة والتلفزيون لتنافس الاصوات الذكورية وتسجل اغاني مازال الجمهور يعشقها ويحفظها وراحت التسجيلات الصوتية وخاصة الاسطونات والشركات المنتجة ومنها جقماقجي تتعاقد مع تلك الاصوات لتسجل لهن اسطوانات تحمل اغانيهن التي انتشرت وبشكل سريع في العراق والوطن العربي.
ومن الاصوات التي اخترنا ان نقلب سجلها الحافل بالابداعات الغنائية صوت الراحلة زهور حسين الذي حفر على خارطة الغناء العراقي، اثرا عميقا، كان له ان يتواصل شجنا والوانا في الاداء، لولا حادثة السيارة التي اودت بها الى مهاوي الصمت القاتل، وهي في الاربعين، ليخطف الموت اجمل اصوات العراق احساسا وطربا في مثل هذه الايام قبل 56 عاما ،تحديدا في صبيحة يوم 24/12/1964 قرب الحلة وهي في طريقها الى زيارة شقيقها السجين، لتنقل بعد الحادث الى مستشفى مرجان شمال الحلة وتبقى فاقدة الوعي لعشرة ايام قبل ان تودع الحياة لكن اغنياتها بقيت في قلوب جمهورها.
و الراحلة زهور حسين أو زهرة عبد الحسين، المولودة في كربلاء عام 1924 لم يتهيأ لها دراسة الموسيقى او بعض الطرائق الغنائية، انما الموهبة التي صقلتها بالمران والمعرفة المكتسبة من تجربتها في الغناء والحياة معا، كانت الراحلة بدأت مشوارها في اجواء الغناء الشعبي على هامش المناسبات الاجتماعية النسوية، بينما كانت لحظة الحقيقة الفنية بالنسبة لها، هي الممثلة بميول زوج والدتها، المحب للموسيقى والمقتني لاسطوانات قرّاء المقام العراقي: نجم الشيخلي، رشيد القندرجي، و حسن خيوكة، و اهل الطرب ومن اشهر اغنياتها غريبة من بعد عينج يايمة ،يم أعيون حراكه ، جيت لهل الهوى، هلة وكل الهله وسودة شلهاني. وتعاملت مع اشهر الملحنين والشعراء العراقيين امثال الراحلين عباس جميل ومحمد نوشي و سعيد العجلاوي و خضير الياس و كذلك الشعراء سبتي طاهر و جبوري النجار. والراحلة بدأت الغناء عام 1938, وبرعت في أداء أطوار غنائية مهمة مثل الدشت وكذلك اشتهرت في أداء مقام العنيسي والمحبوب والمستطيل. بدأت مهارتها الفنية عندما كانت تعمل كـملايه في الفواتح النسائية وكذلك في الشعائر الحسينية وبدأت تعمل كمغنية في ملاهي بغداد خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وكانت ماهرة في أداء غناء الريف والمدينة معاً وتحتفظ دار الإذاعة العراقية بمجموعة فقيرة من أغنياتها الكثيرة التي ذهبت أدراج الرياح عندما كان البث الإذاعي حيا وعلى الهواء مباشرة ومن الصعوبة الاحتفاظ بها مسجلة.
https://www.youtube.com/watch?v=5qvkFjBSN2I
852 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع