ذكرى إسماعيل ياسين: نهاية حزينة لمشوارعظيم

   

العربي الجديد/القاهرة ـ محمد كريم:عاش الفنان الكوميدي إسماعيل ياسين حياة سينمائية غزيرة الإنتاج، ونجومية شباك جعلته يصنع أفلاماً تحمل اسمه، كأنه ماركة سينمائية، ثم انهياراً أودى به وحيداً مهمّشاً، زال عنه سلطان الفن والشهرة والمال والصحة، ومات في 24 مايو/ أيار 1972، أثناء تأدية دور صغير مع الممثل الصاعد نور الشريف.

بدأت حياة إسماعيل مضطربة بين اليسر والعسر. فقد ولد في السويس سنة 1912 لأب ميسور الحال يعمل صائغاً، لكن والدته توفيت وهو طفل، ثم تعثّرت تجارة والده، وتراكمت عليه الديون، وانتهى به الحال إلى السجن. فلم يكمل إسماعيل تعليمه الابتدائي، وهجر بيته خوفاً من بطش زوجة أبيه.

بدأ إسماعيل مبكراً في الاعتماد على نفسه، فاشتغل منادياً للسيارات بأحد مواقف السيارات بالسويس، ثم ذهب إلى القاهرة وعمره 17 سنة، وهناك عمل في أحد المقاهي، ثم عاملاً بفرقة لإحدى الراقصات في شارع محمد علي، ثم وكيلاً في مكتب أحد المحامين.

وفي تلك المرحلة المبكرة كان إسماعيل ياسين مهتماً بالغناء، ويظنّ أن مستقبله سيكون في هذا المجال. وإذ باءت محاولاته أن يكون مطرباً بالفشل، فإنه استطاع أن يتربع على عرش التمثيل المسرحي، والسينمائي ويصبح أيقونة كوميدية لا مثيل لها.

مع أبو السعود الإبياري

تعرف إسماعيل ياسين إلى الكاتب أبو السعود الإبياري، وتوثقت صداقتهما. وقدمه الإبياري إلى بديعة مصابني، فالتحق بفرقتها ليغني مونولوجاته الكوميدية ويتألق فيها بأدائه الكاريكاتيري المميز، حتى إن الإذاعة المصرية تعاقدت معه ليغني مقابل أربعة جنيهات للمونولوج الواحد، الذي كان يؤلفه أبو السعود الإبياري ويشاركه في أجره، واستمر الأمر على ذلك في الفترة من 1935 إلى 1945.


ظلت علاقة إسماعيل ياسين بالإبياري وطيدة، فقد كونا ثنائياً فنياً مميزاً، وأسسا معاً فرقة إسماعيل ياسين المسرحية سنة 1954، وقدما 61 مسرحية حتى سنة 1966. كانت العروض يومية، وجميعها من بطولة إسماعيل ياسين وتأليف أبو السعود الإبياري، بالاشتراك مع مجموعة من المخرجين المميزين مثل السيد بدير، ونور الدمرداش، وعبد المنعم مدبولي.

وامتدت العلاقة الوثيقة بين الرجلين إلى السينما أيضاً، حيث اشتركا في عدد كبير من الأفلام، وكان فطين عبد الوهاب من أكثر المخرجين الذين تعامل معهم إسماعيل ياسين سينمائياً.

ثروة سينمائية

ربما لا يوجد من ينافس إسماعيل ياسين في مجال الظهور السينمائي عربياً، إذ قدم نحو 166 فيلماً خلال مشواره الفني، بدأت سنة 1939 مع المخرج فؤاد الجزايرلي في فيلم "خلف الحبايب"، لكن أول بطولة مطلقة له كانت سنة 1949 في فيلم "الناصح" من إخراج أنور وجدي. ثم أصبح إسماعيل ياسين نجماً فوق العادة في السنوات من 1952 إلى 1954، حيث كان يقدم نحو 16 فيلماً في العام الواحد. كان آخرها فيلم "الرغبة والضياع" سنة 1972 مع نور الشريف، إذ أدى فيه دوراً صغيراً لم يتمّه، حيث وافته المنية أثناء العمل في الفيلم.


وقد حملت مجموعة من الأفلام اسم إسماعيل ياسين، ولا ينافسه في ذلك سوى الفنانة ليلى مراد، ومن هذه الأفلام: إسماعيل ياسين في الجيش، إسماعيل ياسين في البوليس، إسماعيل ياسين في الطيران، إسماعيل ياسين في البحرية، إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين، إسماعيل ياسين في متحف الشمع، إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة، إسماعيل ياسين في اليمن... إلخ.

الانهيار الكبير
في لحظة مفاجئة اكتشف إسماعيل ياسين تراكم الديون والضرائب عليه، فبدأ رحلة الإفلاس، فقد حجز البنك على ثروته، واضطر لبيع عمارته حتى يسدد ديونه، ثم قرر إغلاق فرقته المسرحية سنة 1966، وبدأت الأضواء تنحسر عنه شيئاً فشيئاً، فغادر إلى لبنان ليعمل في الملاهي الليلية، يؤدي فيها بعض المونولوجات بأجر زهيد، ثم عاد إلى مصر وعانى من الاكتئاب، والتجاهل حتى وفاته.

أما عن تراثه الفني فقد ضاع أغلبه، فكثير من أفلامه لا يزال مفقوداً لم يشاهده الجمهور بعد، إضافة إلى إتلاف تسجيلات جميع مسرحياته بسبب خطأ من أحد الموظفين، ولم يتبق إلا جزء من مسرحيته "كل الرجالة كده!".


تزوج إسماعيل ياسين ثلاث مرات، من سعاد حلمي، وثريا وجدي، ثم من فوزية والدة ابنه الوحيد المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

673 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع