عبّر الكاتب الدرامي العراقي الكبير صباح عطوان عن استيائه من التغييب القسري الذي تمارسه شبكة الإعلام العراقي ضده برفضها إنتاج أعماله. حيث أكد في حديثه لـ "ايلاف" أن القيمين على القناة قد وضعوه في القائمة السوداء، وأسف للأسلوب التي تعتمده القناة "العراقية" حالياً عبر تغييب الكفاءات الوطنية.
عبدالجبار العتابي/بغداد: عبّر الكاتب الدرامي العراقي الكبير صباح عطوان في حديثه لـ"إيلاف" عن استيائه من التغييب القسري الذي تمارسه "شبكة الإعلام العراقي" ضده برفضها إنتاج أعماله. فعلى الرغم من أنه لا يزال الأفضل والأكثر إنتاجاً بين أقرانه الكتاب العراقيين، إلا أن قناة "العراقية" ترفض بإصرار إنتاج أعماله. حيث أكد خلال الحوار أن القائمين على القناة قد وضعوه في القائمة السوداء بهدف تهميش حضوره كعلمٍ من أعلام العراق الثقافي. وأسف للمبدأ المتبع من قبل "العراقية" حالياً والمتمثل بتغييب الكفاءات الوطنية.
المزيد من الإيضاحات والمواقف الصريحة من "عطوان"، في الحوار التالي:
*لماذا تغيب أعمالك عن الشاشة الصغيرة؟ هل تركت كتابة المسلسلات أم هناك موانع ؟
- لست غائباً، إنما جرى تغييبي عن قصد من إدارة "شبكة الإعلام العراقي" التي هي المنتج الرئيسي بإعتباري "هرماً قديماً يتوجب أن يُهدَم"!، وهذا الموقف يعكِس صورةً واضحة لكيفية تغييب الكفاءات الوطنية في العراق بإسلوبٍ مبرمج كي لا تكون على صلة بجماهيرها الواسعة ولكي لا تُقدِّم خدمة إجتماعية وفكرية مُجدية تنتظرها هذه الجماهير، وإن كانت تحليلاتي خاطئة، فلتقدم هذه المؤسسة تبريراً مقنعاً للشعب العراقي لماذا هذا التهميش ولماذا يتم إبعادي عمداً عن العمل في مؤسسة عامة لي حصة فيها كمواطن عراقي وكعلم من أعلام العراق كما يسمونني هم ومن يعرفني من الشعب العراقي؟
* ما سر الجفاء بينك والعراقية اذن ؟
- لا أدري.لا جفاء من جانبي، إنما هو موقف وُجِدَ من أيام عبد الكريم السوداني ونُقِلَ إلى الشبوط (المدير العام الحالي). ولقد أبلغني كل المنتجين أن إسمي قد وُضِعَ في القائمة السوداء ولن يسمحوا لي بالعمل لأنني كتبت مسلسلات لبعض الفضائيات العراقية المشهورة كالبغدادية، حيث كنت قد كتبت "سنوات النار"، "أمطارالنار"، "سيدة الرجال" و"أيوب".. ولم تعجبهم! ولكن، هذه الأعمال في جميع الحالات هي أفضل مما أنتجوا وينتجون.
* ما حكاية الأعمال التي انتهيت منها، هل هي إجتماعية معاصرة أم تاريخية، أم غير ذلك؟
- انتهيت من كتابة العديد من المسلسلات أولها "أكباد الأرض" وهوعمل تربوي كبير يتناول المدارس وأوضاع الطلبة وضياع بعضهم في فوضى البلاد وانحرافه لكنه "يرعوي" في النهاية، ويتوجه إلى التطوع مع الحشد الشعبي لرد "داعش" وأمثالها ويبلي بلاءً حسنا هناك. ولقد حاربوا هذا المسلسل في إدارة "شبكة الإعلام العراقي" منذ أكثر من عام ورفضوا إنتاجه ومناقشة ميزانيته، وهو بتقديري تصرّف مقصود من قبلهم ومع سبق الإصرار معادٍ بكل حيثياته لمصالح الوطن العليا.
*هل السبب في الميزانيات الكبيرة أم في الأجور التي تطلبها؟
- الميزانية ليست سبباُ بالمطلق، فهي بسيطة وليست ضخمة على الإطلاق. لاسيما أن 30% من العمل يصوّر في لبنان والمتوسط وعمان وتركيا ويضم فنانين عرباً واتراكاً. وخدمات الإنتاج يمكن تقليصها بتقليص أحداث العمل. لكن المبدأ الذي يتبعونه هو أن "صباح عطوان" يجب منعه من العمل بكل السبل. فهذه سياسة الشبكة "قرة عين رئيس البرلمان ورئيس وزرائه.. انه الشرف الرفيع الذي أريقَ على جوانبه دمي.."! وذات مرة قال لي الشبوط حرفياً وهو يقف خلف مكتبه الخالد خلود رمسيس: "لقد رفعنا الغبن عنك قدم لنا ميزانية وعمل"! إلا أنه لم ينفذ وعده، وكلمته تؤكد أنهم يغبونني فعلاً وعن قصد، في غياب المبرر والسبب المقنع.
* ما الذي يحتاجه المواطن العراقي من دراما الأن، برأيك ؟
- المواطن يحتاج إلى دراما تعبوية تُجاهد من أجل "تثوير" الساحة الوطنية ضد العداء الخارجي وضد الفساد الداخلي وتوجيه الناس نحو مصالحها الوطنية العليا في البناء ومنح الكفاءات الوطنية فرصها العادلة للعمل. ويبدو أن اسلوب الشبكة هو "التطبيق المثالي لذلك..!"
* هناك الكثير من المسلسلات التي تضج بالقتل والتعذيب هل أنت مع هذا أم ضده، ولماذا ؟
- هذه معالجات فجّة ودموية وسخيفة. لقد كتبت لهم مسلسلين أحدهما أنتجه مجلس الوزراء السابق ولم يُعرض وهو بعنوان "القوت والياقوت"، وتدور أحداثهما في أروقة الأمن العامة، ولم تُرَق قطرة دمٍ واحدة في المسلسلين، ولم يُعذَّب أي شخص، لكني أوصلت الرُعب للمشاهد من خلال أساليب النظام السابق دون هذه الترهات التي نراها بإنتاجات الشبكة الراهنة.
* هل يعوّل الجمهور على صباح عطوان بإنجاز أعمال بغدادية مثل "باب الحارة"، ما رأيك؟
- باب الحارة مسلسل بسيط وحكواتي وظريف وميله درامي يشبه أفلام الأربعينات لأنور وجدي وبنت الحتة وأدهم الشرقاوي. أستطيع تقديم ماهو أفضل منه بعشرات المرات، وقد فعلت بأعمال شهيرة أمثال "ذئاب الليل"، "الأماني الضالة"، "عنفوان الأشياء"، "عالم الست وهيبة"، "سنوات النار" و"أمطار النار" وغيرها، لكن شبكة الإعلام واقفة لي كـ"سكين خاصرة"، وكأن الوطن يحتاج منهم أن يجهزوا عليه بمنعي ومنع أعمالي وتهزيم الكفاءات. إنهم مؤسسة طاردة للكفاءات الوطنية بإمتياز. فهم يتصرفون كما تفعل "داعش" من خلال محاربتهم للكفاءات الوطنية، وعلى ما يبدو أنهم أبطال بذلك، ولقد حققوا نصراً ظافراً حين أبعدوني و"نيال شعبنا فيهم"..!
*اي الأعمال العربية التي عُرِضَت مؤخراً قد نالت إعجابك، ولماذا ؟
- لاشيء. فأنا كنت منشغلاً بالكتابة، ولم يتسنَّ لي الوقت لمشاهدة الكثير منها.
* كيف للدراما العراقية أن تنهض بقوة وتنافس العربية ؟
- ها قد وضعت يدك على الجرح. فذلك قد يحدث عبر احترام الكفاءات العراقية المبدعة وإستيعابها وإستعادتها للوطن لا بإبعادها. أين الكُتّاب أمثال زهير الدجيلي، فلاح هاشم، علي زين العابدين، ثامرمهدي، فاروق محمد وعلي صبري..؟ لقد وضعوا حراساً على باب الشبكة ليمنعوا الكفاءات العراقية من ولوج الأبواب المشرعة للجهلة حصراً و"عينك شايفة"!
* إذاً، هل نشكو من أزمة كُتّاب أم أزمة مؤسسات فنية ؟
- إننا للأسف نشكو من أزمة أخلاق.
* ما الذي يدور في رأسك في هذه اللحظة ؟
- محنة الوطن الذي تكالبت عليه قوى الخارج والداخل. كيف سيخرج من محنته بقيادات مفرطة بكفاءاته. إنها تمنح أعداء الوطن معاولاً لتهديمه، وهذا ما تفعله "شبكة الإعلام العراقي" ضدي وضد أمثالي. شخصياً، أنا لا أقصد استفزاز أحد، ولكني أريد أن يكون الواقع منصفاً، فأنا لا أريد غير حقي. ولست أريد منازعتهم على سلطانهم، لكني "عراقي" وأريد خدمة وطني .
882 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع