مقالة عن رئيس الوزراء الأسبق عبدالوهاب مرجان

    

  عبد الوهاب مرجان .......رئيس الوزراء المشاكس

                   بقلم/د.هادي حسن عليوي

         
دخل المعترك السياسي من أبوابه الواسعة، فكان احد مؤسسي الحزب الوطني الديمقراطي بقيادة كامل الجادرجي في 2 نيسان 1946 وبسبب عدم انتخابه في اللجنة الإدارية للحزب غضب وانضم الى مدرسة نوري السعيد،

          
وعندما أسس نوري السعيد حزبه الاتحاد الدستوري أواخر العام 1949، انتخب عبد الوهاب مرجان نائبا لرئيس الحزب، ومن يومها عين بأكثر من منصب رفيع، وفي 15 كانون الأول 1957 كلفه الامير عبد الإله بتشكيل الوزارة فهو صوت البلاط الملكي، لكن مرجان انقلب على البلاط ونوري السعيد في العديد من المواقف السياسية الساخنة، لذا لم تدم وزارته طويلا.


نبذة عن حياته
ولد عبد الوهاب العام 1907 في مدينة الحلة، وهو من عشيرة الدغادغه، احد فروع قبيلة ربيعة، ولقب بالمرجان نسبة الى الأرض التي يمتلكونها قرب ناحية السعدية، أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في الحلة، ثم انتقل الى بغداد وأكمل دراسته وحصل على شهادة الحقوق العام 1933، وفي العام 1948 عين قاضيا في مدينة الصويرة ثم استقال منها وتفرغ للمحاماة، اضافة الى إدارة أعماله التجارية، وكان ان انتخب العام 1942 رئيسا لغرفة تجارة الحلة، كما مارس العمل التجاري مع والده منذ وقت مبكر.
النائب والوزير  انتخب نائبا عن الحلة في آذار 1947، وجدد انتخابه في السنة الثانية ومن ثم في جميع الدورات الانتخابية التالية حتى سقوط النظام الملكي في 14 تموز 1958، وفي 26 حزيران 1948 استؤزر وزيرا للاقتصاد في وزارة مزاحم الباجه جي، ورئيسا لمجلس النواب في الأول من كانون الأول 1949، ووزيرا للمواصلات والأشغال ووكيلا لوزارة المالية في الأول من كانون الأول 1951 إلى أن حل المجلس النيابي في 27 تشرين الأول 1952،
 
 وفي وزارة جميل المدفعي السادسة تولى وزارة المواصلات والأشغال في 29 كانون الثاني 1953 واحتفظ بالمنصب في وزارة المدفعي السابعة حتى استقالته منها في 21 أيار 1953 ثم انتخب رئيسا لمجلس النواب إلى أن حل المجلس في 28 نيسان 1954، وفي 2 آب 1957 عين وزيرا للزراعة في وزارة نوري السعيد الثانية عشرة، وفي 20 حزيران 1957 عين وزيرا للمواصلات فرئيسا لمجلس النواب في الأول من كانون الأول 1957.  رئاسته للوزارة  بعد استقالة حكومة علي جودت الأيوبي في 16 تشرين الثاني 1957 بعد الموقف الذي وقفه وزير الخارجية الدكتور هاشم جواد في هيئة الأمم المتحدة، وتصويته على تقرير مصير جزيرة قبرص خلافا للتعليمات التي صدرت إليه من وزارة الخارجية أثارت تركيا فأراد الملك فيصل الثاني ان يرضيها فاصدر أمره بقبول استقالة الوزارة في 14 كانون الأول 1957، وكلف عبد الوهاب مرجان بتشكيل الوزارة، وقبل صدور مراسيم التكليف غادر الأمير عبد الإله ( الولي على العرش ) العراق والتقى نوري السعيد في لندن وابلغه باستقالة علي جودت الأيوبي،
 
وانه لم يبت فيها حتى مغادرته العراق، فعبد الإله كان يرغب باستقالة جودت فيما نوري السعيد يرغب ببقائه، المهم عاد نوري السعيد على الفور إلى بغداد،، وفي مطار بغداد ابلغه رئيس الديوان الملكي ان الاستقالة قبلت ووقع بالأمس تكليف مرجان، كل ذلك بحضور عبد الاله وتصويبه وباطلاع رئيس ديوانه، تأثر السعيد وأسرها في نفسه، وانصرف من البلاط، وهو المغيظ الحانق، وفي اليوم التالي قصد عبد الوهاب مرجان نوري السعيد في داره وطلب مساعدته،
 
ثم ذكر له انه سيختار خليل كنه رئيسا لمجلس النواب، لكن السعيد رد عليه : (الأفضل ان تختار ضياء جعفر لرئاسة المجلس) لكن مرجان ذهب الى كنه وعرض عليه رئاسة المجلس، الذي فرح فرحا كبيرا، ولم يكن مرجان حرا في اختيار وزرائه فقد اختارهم الأمير عبد الإله، وهي الطريقة التي اعتاد العراق عليها في معظم وزاراته في العهد الملكي، وكانت الوزارة على النحو الآتي:  1 ـ عبد الوهاب مرجان/ رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع وكالة.
2 ـ الدكتور نديم الباجه جي / وزيرا للمالية.

  3 ـ عبد الرسول ألخالصي / وزيرا للعدلية.

  4 ـ برهان الدين باشا اعيان / وزيرا للخارجية.

  5 ـ محمد مشحن الحردان / وزيرا للاقتصاد. 

6 ـ عبد الأمير علاوي / وزيرا للمواصلات.

  7 ـ عبد الحميد كاظم / وزيرا للمعارف.

  8 ـ أركان ألعبادي / وزيرا للشؤون الاجتماعية.

  9 ـ سامي فتاح / وزيرا للداخلية..

  10 ـ صالح صائب / وزيرا للاعمار..

  11 ـ جميل الاورفلي / وزيرا للزراعة.

  12 ـ محمود بابان / وزيرا للصحة..

  13 ـ علي الشرقي/ وزيرا بلا وزارة..

  14 ـ جواد الخطيب/ وزيرا بلا وزارة..

  15 ـ عز الدين الملا/ وزيرا بلا وزارة.  نشاط وزارته
لم يكد رئيس الوزراء يتسلم منصبه حتى صار يقصد المحافظات (الألوية) العراقية تباعا، فيتفقد أمورها ويسال عن حاجتها ويوصي الوزراء خيرا بها، وكان يقابل بالحفاوة في كل مكان يحمل به، وكانت مواقف رئيس الوزراء لا تنسجم مع سياسة العراق في تلك الفترة، فمثلا:
عندما قامت الوحدة بين مصر وسوريا في شباط 1958، باركها وأضاف كان من المتوقع أن يستطلع رأي العراق الذي يعمل لتحقيق الاتحاد بين الأقطار العربية في موضوع الوحدة غير إننا لم نتلق من الأشقاء شيئا رسميا، وأردف قائلا: (أن أمر هذه الوحدة يخص الشعبين الشقيقين المصري والسوري اللذين نتمنى لهما التوفيق..) لكن الأوساط الرسمية قابلت هذه الوحدة بوجوم واضطرب الأمير عبد الإله أيما اضطراب،
 
واضطر المرجان إلى الامتثال لأوامر عبد الإله فمنعت الحكومة إرسال برقيات التهنئة المرسلة من قبل العراقيين إلى دمشق والقاهرة ومنع تظاهرات الأفراح والاحتفالات واستدعت سفيري العراق في دمشق والقاهرة إلى بغداد تحاشيا عن تقديم أوراق اعتماد جديدة الى نظام لا يريده العراق ولا يود الاعتراف به.
يقول برهان الدين باشا أعيان وزير الخارجية حضرنا في يوم الجمعة نحن (عبد الوهاب مرجان وعبد الرسول الخالصي وزير العدلية وأنا) وحررنا برقية جوابية من العراق لرئيس الجمهورية العربية المتحدة متضمنة الاعتراف القانوني بها لكن الوصي اعتذر ورفض ارسالها..
وكان المجلس الوزاري لميثاق بغداد منعقدا في اسطنبول فاقترح وزير خارجية بريطانيا:

  1 ـ اقامة اتحاد بين العراق والاردن والسعودية ليكون أحسن رد على هذه الحركة وفعلا قام الاتحاد العربي بين العراق والأردن وتعزيز التعاون مع السعودية.
2 ـ تشجيع المقاومة السورية وبث الدعاية لهدم هذه الوحدة، بعمل عسكري، وهو ما جرى، لكن القوات العراقية التي تحركت للقيام بهذه العملية دخلت بغداد وأسقطت النظام الملكي في 14 تموز 1958 وللتاريخ إن نوري السعيد أصر على إرسال الجيش الى سوريا فيما عارض عبد الوهاب مرجان إرساله وبشدة.
عندما جرت المباحثات المكثفة لإقامة الاتحاديين العراق والأردن نأى عبد الوهاب مرجان عن المشاركة في المباحثات ولم يشارك فيها لا من قريب ولا من بعيد..
ويذكر عبد الرزاق الحسيني ان عبد الوهاب مرجان روى له هذه الحادثة (طلب مجلس ميثاق بغداد تحويل خط بغداد ـ حيدر باشا الحديدي بحيث لا يمر في الاراضي السورية، وكلف رئيس الوزراء ان يخول رئيس وفده نوري السعيد إقرار هذا الطلب، فجمع مرجان مجلس الدفاع الاعلى، واتخذ قرارا بعدم إمكانية تحويل هذا الخط، لاسيما وان العراق يسعى لتمتين علاقاته مع الشقيقة سوريا، واذا ببرقية تصل من اسطنبول وتقول : (ان نوري السعيد سيؤيد طلب مجلس الميثاق، وان عارضت الحكومة العراقية ذلك فسيضطر رئيس الوزراء مرجان إلى أن يجمع مجلس الدفاع الأعلى ثانية ويتخذ قرارا بتأييد قراره السابق ويبلغه إلى اسطنبول برقيا).
*ومن الإحداث الداخلية:  ـ شعور وزير الاقتصاد محمد مشحن الحردان ان مدير النفط العام إحسان رفعت يسيء التصرف بواجبات وظيفته فمنحه إجازة طويلة الأمد حتى يقرر مصيره، ولما كان وزير المالية الدكتور نديم الباجه جي يثق بالسيد إحسان رفعت وثوقا تاما، نصحه بعدم استعمال الإجازة، فآل الأمر الى سحب يده عن العمل، ثم انتقلت المهاترات بين الوزيرين المذكورين الى مجلس النواب، فاضطر وزير المالية إلى الاستقالة في 20 شباط من العام نفسه لتشكيل الوزارة..د
-شفع وزير الاقتصاد محمد مشحن الحردان لإحدى الراقصات الأجنبيات بان طالب بتمديد إقامتها في العراق، لكن مدير الإقامة والسفر رفض شفاعته فشكا الحردان عند زميله وزير الداخلية سامي فتاح فلم يعد الاخير شكواه،فنشا خلاف بين هذين الوزيرين (وزير الاقتصاد ووزير الداخلية) اوى الى المهاترات الشنيعة بصورة علنية.
استطاعت حكومة عبد الوهاب مرجان ان تحل الخلاف مع شركة كهرباء بغداد قبل تأميمها، حول أرباح الشركة عن التسعة اشهر التي سبقت التأميم، حيث تم الاتفاق ان تدفع الشركة الى الخزينة العامة مبلغا قدره ( 000، 459 ) دينار كتسوية نهائية..
-فاجعة شرق بغداد: تعرضت ناحية السعدية بمحافظة ديالى الى سيول الإمطار الغزيرة في الرابع من كانون الثاني 1958 فتهدمت جل مبانيها وغرقت جميع بساتينها، وأصبح معظم الساكنين فيها بلا مأوى، وما لبثت أن امتدت سيول الأمطار الى مدينة خانقين التي تبعد عن السعدية (33) كيلو مترا والى معسكر جلولاء، وكانت النتيجة جرف (270) دارا في جلولاء،
 
وخمسمائة دار في السعدية ومئتين في خانقين وسببت مقتل عشرة في المعسكر وتحركت حكومة عبد الوهاب مرجان بسرعة وبكثافة عالية فتحركت بأوامر سريعة ومشددة فرق الإنقاذ والخيام فنصبت الخيام وفتحت المدارس والمستوصفات وسائر البنايات الحكومية لسكنى المنكوبين وخصصت الحكومة عشرين ألف دينار (اكثر من 60 ألف دولار) لمساعدة المنكوبين،
 
 كما سمحت باجراء كتاب بخمسين الف دينار لهذا الغرض، واوفد على عجل الى المنطقة المنكوبة السادة وزراء (الصحة والداخلية والشؤون الاجتماعية) للإشراف على تأمين الاحتياجات وتسيير الامور وفي (15) من الشهر ذاته سافر الملك فيصل الثاني وولي عهده يرافقهما رئيس الوزراء عبد الوهاب مرجان الى المنطقة المنكوبة لتفقد احوال الأهلين والاطمئنان على راحتهم.

موقف مرجان من العدوان على سوريا
تجمعت أسباب استقالة الوزارة، وخاصة رئيسها عبد الوهاب مرجان، وما عجل بتلك الاستقالة موقفه القومي السليم الذي وقفه بوجه محاولة الولايات المتحدة الأميركية الاعتداء على استقلال سوريا بحجة تغلغل الخطر الشيوعي فيها، فلما تشكلت حكومة عبد الوهاب مرجان ظن الأمير عبد الإله وكذلك نوري السعيد ان الفرصة أصبحت مواتية لإقحام الجيش العراقي في الموضوع وحمله على القيام بانقلاب في سوريا لصالحهما تمهيدا لانضمامها إلى العراق، فلما فاتحا مرجان بذلك لم يجد اي استعداد لديه لقبول الفكرة وبهذا الصدد يقول عبد الوهاب مرجان:

(لما رجع نوري السعيد من اجتماع ميثاق بغداد الذي عقد في أنقرة،
 اجتمع بي وبولي العهد الأمير عبد الاله برئيس الديوان الملكي عبد الله بكر وقال " ان سوريا مقبلة على ثورات، وان الواجب على العراق إسناد سوريا، وان ادى الى تدخل الجيش العراقي" فأجبته: "إني لا أرى من مصلحة في زج جيش العراق في أحداث سوريا الداخلية، وان أية حكومة عراقية توعز الى جيشها بالذهاب الى سوريا سينقلب عليها". فاستغرب نوري السعيد بهذه المفاجأة وسألني قائلا : " من جاءك بهذا الخبر ؟ " فقلت له : " انه مدير الأمن العام بهجت العطية " فأنكر الباشا صحة ذلك، وكان المطلوب أصلا إرسال جيش عراقي إلى الأردن للوقوف على حدود سوريا والتدخل عند تأزم الساعة".
والحقيقة ان نوري السعيد الذي كان على تفاهم وثيق مع الرئيس اللبناني كميل شمعون في قراره الذي قدر له ان يكون ميتا، وهو الدخول الى سوريا بقوة عسكرية عن طريق الاردن، والقضاء على نظام الحكم القائم آنذاك وعلى الوحدة مع مصر والعمل على سحق الثورة في لبنان .. هذا الموضوع الخطير من عبد الوهاب مرجان جعل الامير عبد الاله لا يستطيع هضم عبد الوهاب غير انه تريث الى ان ينتهي من مشروع الاتحاد العراقي ـ الأردني.  مرجان والوحدة العربية  بعد مباحثات بين سورية ومصر حول الاتحاد بينهما تكللت تلك المباحثات بإعلان الوحدة بين القطرين في الرابع من شباط العام 1958 وإقامة الجمهورية العربية المتحدة من مصر وسوريا، وقد قابلت الأوساط العراقية الرسمية هذه الوحدة بالوجوم والاستنكار على أساس أن تقارب سوريا ومصر يقلق الحكم الهاشمي في العراق والأردن،
 
 في حين قابلت هذه الوحدة المحافل القومية والوطنية في العراق بسرور وابتهاج عظيمين، واضطرب الأمير عبد الإله (ولي العهد العراقي) من قيام هذه الوحدة، ويقول خليل كنه في مذكراته (العراق أمسه وغده، ص86): "إن احدى عيني الامير عبد الاله انفجرت لبالغ انفعاله وتأثره فمنعت الحكومة العراقية ارسال برقيات التهنئة المرسلة من الساسة العراقيين الى دمشق والقاهرة.. وكان المجلس الوزاري لحلف بغداد منعقدا في اسطنبول وقتئذ فاقترح وزير الخارجية البريطاني ( سلوين لويد) القيام بـ:
1 ـ اقامة اتحاد بين العراق والاردن والسعودية ليكون أحسن رد على وحدة مصر وسورية.

  2 ـ تشجيع المقاومة السورية وبث الدعاية لهدم هذه الوحدة، والقيام بعمل عسكري لهدمها ان اقتضى الأمر.
من جانب آخر سئل عبد الوهاب مرجان (رئيس الوزراء) عن رأي الحكومة العراقية بوحدة مصر وسورية ومما جاء في رده ".. ان امر هذه الوحدة يخص الشعبين الشقيقين (المصري والسوري) والذي نتمنى لها التوفيق، غير انه كان من الضروري ان يعرف العراق مدى طبيعة هذا المشروع ليستطيع تقدير نتائجه وتبعاته من جهة تحقيق الأهداف القومية ومصالح العراق كجزء من الوطن العربي الاكبر وعضو في الجامعة العربية".
من جانب آخر سارع العراق والاردن الى مجابهة هذا التحدي بتحد مماثل تحقيقا لاقتراح وزير الخارجية البريطانية وعقدت اجتماعات بين البلدين، لم يلبث المجتمعون الى ان توصلوا الى إعلان الاتحاد العربي بين العراق والاردن ليكون خير رد ضامن لتقوية العرشين الهاشميين في العراق والأردن وامتصاص نقمة شعبيهما.. ولا بد أن نشير الى أن الاردن كانت تشترط لإقامة الاتحاد وخروج العراق من حلف بغداد،
 
 لكن العراق رفض ذلك وأخيرا توصلوا الى حل وسط هو بقاء العراق في حلف بغداد وبقاء الأردن خارج هذا الحلف، كما اتفقا ايضا على استمرار التزام الأردن باتفاقية الهدنة مع إسرائيل، في حين بقي العراق غير ملتزم بها.. وهكذا أعلن عن قيام الاتحاد العربي بين العراق والأردن في 14 شباط 1958، وعلى الفور ابرق الرئيس جمال عبد الناصر برقية الى الملك فيصل الثاني يهنئه بإقامة هذا الاتحاد الذي يعتبر خطوة مباركة تتطلع إليها الأمة العربية، وهي قوة لكل العرب على كل أعداء العرب،
 
وهي تبشر بان فجر الوحدة بازغ من جديد للأمة العربية المناضلة حسب ما جاء بالبرقية.. وسبق هذه الخطوة قيام الوحدة بين مصر وسورية وان العراق لم يعترف بهذه الوحدة لا واقعيا ولاقانونيا، وكان من المنتظر ان يوعز الامير عبد الاله الوصي على عرش العراق الى الوزارة المرجانية ان تعترف بالجمهورية العربية المتحدة اعترافا متبادلا لكي الوصي عبد الاله اصر على ان يتناسى العرف الدولي والمجاملات الدبلوماسية فوجه من تلقاء نفسه رسالة جوابية الى الرئيس عبد الناصر لم يشر بها الى اي اعتراف بوحدة مصر وسورية..
 
 وبهذا الصدد يقول برهان الدين باشا اعيان وزير الخارجية انذاك في شهادته امام محكمة الشعب في 6 تشرين الاول 1958 (عندما علمت بذلك بادرت فورا الى الاتصال بعبد الوهاب مرجان رئيس الوزراء وأخبرته بان الواجب يقتضي منا الاعتراف بالجمهورية العربية المتحدة وحضر الرئيس مرجان حالا إلى مكتب وزارة الخارجية، كما حضر عبد الرسول الخالصي وزير المالية ووضعنا صيغة البرقية الجوابية واخذتها بنفسي الى قصر الرحاب حيث وجدت عبد الاله وعبد الله بكر (رئيس الديوان الملكي) لكن عبد الاله اعتذر عن ارسالها بحجة ان الملك خارج العراق وسوف يعرضها عليه عند عودته)، ويضيف باشا اعيان بالقول: بعد يومين ارسلت البرقية بصيغة اخرى لا تتضمن الاعتراف المتبادل..
ويؤكد اعيان: للتاريخ ان دول حلف بغداد لم تكن راضية عن الموقف الجاف الذي اتخذه البلاط الملكي العراقي من قيام الجمهورية العربية المتحدة اوائل شباط 1958 ولا عن الموقف الذي اتخذته الحكومة العراقية بعد قيام الاتحاد العربي بين العراق والاردن في الرابع عشر من نفس الشهر ووصول برقية التبريك والاعتراف من قبل الرئيس جمال عبد الناصر.
وهكذا لم يجد عبد الوهاب مرجان سوى تقديم استقالة وزارته التي قبلت فورا. وبهذا الصدد يذكر عبد الله بكر رئيس الديون الملكي امام المحكمة العسكرية العليا الخاصة محكمة الشعب في 5 تشرين الاول 1958 قائلا (اذكر على سبيل المثال)، ان نوري السعيد الذي كان خارج الحكم في وزارة عبد الوهاب مرجان، ان السعيد اصر على ارسال الجيش العراقي الى سورية وان عبد الوهاب مرجان عارض بشدة ذلك فعلى هذا الاساس اقيل عبد الوهاب من رئاسة الوزارة، بان تقدم بكتاب استقالته مكرها وذلك في الثالث من آذار 1958 ليشكل نوري السعيد وزارته الرابعة عشر..  نهاية المطاف

عانى عبد الوهاب مرجان من مرض عضال ليتوقف قلبه صباح يوم الاحد المصادف 15 اذار 1964 وشيع جثمانه في بغداد ثم نقل الى مدينة الحلة مسقط رأسه ومنها الى مثواه الأخير في النجف الاشرف، واقيم له حفل تأبيني في اربعينيته في حسينية الحاج حسان الحاج عبود مرجان في الحلة حضره كبار القوام والشخصيات المهمة وشعراء معرفون ارثوه بقصائد رائعة.
 
 د.هادي حسن عليوي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1151 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع