الوشم فن من فنون الرسم على الجسد على شكل نقوش تغرز بالأبر في الجلد ومن ثم توضع الأصباغ السوداء او الملونة مكان تلك الغرز،ويعتبر الوشم نوع من الزخرفة الجمالية على الجلد..
والوشم له تأريخ قديم ويقال ان تأريخه يعود الى عام 3400 قبل الميلاد حيث تم العثور على هـيكل عمود فقري موشوم وعثر أيضاً على مومياءات تحمل الوشم أواخر الألف الثاني قبل الميلاد ..
وكانت القبائل قبل المسيحية (قبائل شمال ووسط أوروپا) تشتهر بالتوشيم ، وفي القرن الثامن عشر اصبح الوشم سمة بارزة لدى البحارة الاورپيون وبعدهـا انتشر في عموم المجتمعات الغربية، وقد ميزت الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية عدة أنواع من الوشم :
١- الوشم الطبيعي (الوشم الجرحي) وهـو الوشم الذي ينتج عن الإصابة في حوادث الطرق أو نتيجة جرح بقلم الرصاص واكثرالذين يصابون بهذا النوع من الوشم هـم عمال المناجم فعندما يصاب احدهـم بجرح يدخل الغبار الى داخل الجرح ويترك أثرا واضحا يشبه الوشم ، او عندما يسقط شخص ما على الأسفلت ويحتك جزء من جسده بالاسفلت يترك أثرا يشبه الوشم ومن
الصعب إزالة هـذا النوع من الوشم.
٢- الوشم الاحترافي ويسمى أيضاً وشم الهـواة وهـذا النوع إما يرسمه الشخص لنفسه او احد من أصدقائه ، اما الوشم الاحترافي فيتم عن طريق أشخاص محترفين في الرسم والنقوش بأنواعها بواسطة آلات خاصة حديثة تسمى Tattoo Gun ويستخدم ألوان من الصبغات منها الأزرق، الأحمر، الأصفر،الأخضر أضافة الى الأسود الذي هـو سيد الألوان في هـذا النوع
من الوشم ...
ويختلف الوشم حسب الطقوس الحياتية والدينية كالموت ، الحياة ، الزواج ، الشجاعة ، الحب ، العقاب ، الحسد، الإثارة الجنسية ، التعويذات والتمائم ، والوشم يختلف بأختلاف الزمان والمكان والثقافة او القرب والبعد عن أشخاص يحبونهم ..
او ان يضع الشخص الوشم لأسباب عاطفية او تجميلية او ذكرى او الانتماء للقبيلة او عصابات الجريمة المنظمة والمافيا، ويعتبرالوشم أيضاً دلالة على مجموعات ثقافية خاصة او عرقية او دينية لطرد الأرواح الشريرة والحماية من الشر والحسد وزيادة الحظ .
كان الوشم شائعا في معسكرات الاعتقال أبان الحكم النازي في ألمانيا لتحديد هـوية المعتقل ..
وفي عهد الامبراطورية الرومانية كان الوشم إجباريا للجنود ليتعرفوا عليهم في حالة الهروب او الانشقاق او الحروب وكان إجباريا بالنسبة للمصارعين والعبيد لمنعهم من الهروب ، وفي عام 787 م منع الإمبراطور قسطنطين الوشم واعتبر ممارسة وثنية لانها تعني باللاتينية Stigma
أي وصمة عار .....
وقد خضع البحارة لعدة قرون للتوشيم وذلك للتعرف عليهم في حالات الغرق وقد كان راسمي الوشم يفترشون الموانئ لاصطياد الزبائن.
اما الوشم بالنسبة للحيوانات كان ولا يزال بوضع رقم تسلسلي على الأذن او الرقبة او أعلى الفخذ ليتعرف أصحابها عليها عندما تختلط بقطيع آخر .
٣- الوشم الزخرفي وهـو منتشر في أوساط الأشخاص اللذين يؤدون عروض غريبة ومخيفة في السيرك.
٤- الوشم التجميلي وهـذا النوع يعتبر شكل من أشكال مواد التجميل الدائم لتغطية العيوب وتغيير لون الجلد وتحديد الحواجب والشفاه والعيون وهـذا النوع منتشر في الأوساط الفنية والرياضية وميسوري الحال .
٥- الوشم الطبي ويتم هـذا النوع من الوشم لتحديد الموضع في حالة العلاج الإشعاعي او تحديد المعلومات الطبية مثل زمرة الدم او تلوين الجلد في حالات الأمراض الجلدية كالبهاق والاگزما الجلدية .
في السنوات القليلة الماضية انتشر الوشم بشكل غير طبيعي في الغرب والشرق الأقصى واصبح العديد من الأشخاص لديهم الخبرة والتقنية الحديثة في الفنون التشكيلية لان الوشم في الأساس يعتمد على الفن التشكيلي ، وبرز الاهـتمام بالوشم في تسعينيات القرن الماضي والقرن الحالي وأقيمت معارض عديدة لفناني الوشم ففي عام 2009 أقيم في شيكاغو معرض( Freak&Flash )
والوشم في يومنا هـذا موضة وهـواية خاصة في الأوساط الفنية والرياضية امثال أنجلينا جولي وريانا جيسيكا ألبا وكولن فاريل وديڤيد بيكهام وابراهـيموڤتش وهيفاء وهبي وغيرهـم .
عام 2006 جرت دراسة للأشخاص الموشومين ونظرة المجتمع لهم ونشرتها مجلة الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية ، تبين ان ٣٦٪ منهم اعمارهـم بين ( ١٨ الى ٢٩ ) و٢٤٪ اعمارهـم بين ( ٣٠ الى ٤٠ ) و ١٥٪ اعمارهـم بين ( ٤١ الى ٥١ ) وكانت نسبة الرجال أكثر من النساء .
في الولايات المتحدة الأمريكية يطول الحديث عن الوشم،فالمعتقلين في السجون وخاصة السجناء المنخرطين في عصابات الجريمة المنظمة يستخدمون الوشم للإشارة الى سلوكهم الإجرامي ومدد سجنهم وانتمائهم التنظيمي ،
والقوات المسلحة الامريكية لها أيضاً تأريخ مع الوشم للدلالة الى وحداتها العسكرية والمعارك وعمليات القتل وغيرهـا ، والقوات المسلحة البريطانية
لها نصيب جيد من الوشم ، وبالرغم من الانتشار السريع الوشم في كل أنحاء العالم إلا انه لايزال مرتبط بصفة الأجرام ولا تزال فئة معينة اجتماعيا تنظر اليه بشكل سلبي ويعتبرونه وصمة عار على المجتمع ، ولايفوتني ان اذكر ان الوشم مرتبط بشكل وثيق بثقافة المافيا الروسية..
وفي اليابان ارتبط الوشم بالعصابات ومنظمات الجريمة المنظمة ويعرفون باسم ( ياكوزا ) وهـؤلاء يغطون اجسادهـم بشكل كامل بالرسوم والألوان وعلى الطريقة اليابانية المعروفة ب (Tebori) وقد منع أفراد تلك العصابات من دخول الصالات الرياضية والحمامات العامة التي تسمى ( Sentö ) ، وفي القرن التاسع عشر منعت حكومة مايجي اليابانية الوشم بصورة مطلقة حتى عام 1948 .
كيف تتم عملية رسم الوشم ؟
قديما كانت عملية الوشم تتم بواسطة قطع جزء من الجلد وفرك مكان الجرح بالرماد او الحبر وتطور قليلا بعد ذلك باستعمال الإبر المصنوعة من عظام الحيوانات او الخيزران المشحذ او الفولاذ المشحذ وكان يسمى التنقير اليدوي وكانت عملية التوشيم تتم وسط صلوات وشعائر مقدسة خاصة في جزيرة هـاواي وكان الواشم هـو الذي يختار الرسوم بدلا عن الموشوم .
يوما بعد يوم تتطور عملية التوشيم وهـي اليوم كما يلي :
آلة الوشم الكهربائية عبارة عن قضيب متصل بوحدة تذبذب هـذه الوحدة
تقود الإبرة داخل الجلد وخارجه بسرعة كبيرة تقدر بحوالي من 80 الى150 مرة في الثانية وخلال التنقير يسيل الصبغ داخل الجلد وهـي الطريقة الصحية للوشم لان الواشم يعقم يديه ويلبس قفازات وينظف الجلد بعد ذلك ويعقمه ويعطى الموشوم كريم خاص ليضعه على الجرح ليندمل بسرعة ، اما الأسعار فتختلف باختلاف الرسوم وأحجامها ومهارة وشهرة الواشم ، اما محلات
وصالات الوشم أصبحت اليوم اشهر من نار على علم من حيث الديكور والتجهيز والأدوات الحديثة والأصباغ الغير محدودة الألوان والمنشأ .
اما ظاهـرة الوشم في الوطن العربي والعراق خصوصا فهي بين القبول والرفض . فالوشم في الدين الإسلامي محرم وخاصة عند المذهـب السني ، اما في المذهـب الشيعي فقد كان هـناك نقاش حول جوازه او تحريمه ولكن بعضهم يشير ان المرجع الديني السيد علي السيستاني حلله ، اما بالنسبة للمسيحين فليس لهم مشكلة مع الوشم ماعدا أقلية مسيحية تدعو الى التمسك بوجهة النظر اليهودية بتحريم الوشم استنادا الى ( سفر اللاويين ) .
استخدم الوشم في العراق كتعويذة ضد السحر والحسد والموت وبعض الأحيان للزينة والتجميل او للإشارة الى القبيلة كالقوة والشجاعة والكرم والإقدام والنبل وغيرهـا ..
وقد استخدم الوشم في مناطق الجنوب والشمال والبادية وكانت ترسم على الجبهة واليد والأنف والحنك على شكل نونة او هـلال والنساء المختصات يطلق عليهن (الدگاگات ) .
بعد سقوط النظام في العراق شهد الوشم إقبالا منقطع النظير ولاقى رواجا كبيرا لدى الشباب والشابات ، والغريب أنهم باتوا منشغلين به أكثر من أي شيئ آخر، وغزا الوشم المجلات والمواقع الإلكترونية وبأشكال منوعة وألوان مختلفة فالشباب يفضل الرسوم الغريبة والمعقدة من أفاعي وعقارب وجماجم وصور أبطال وفتيات ،اما الشابات يفضلن نقوش الازهـار والفراشات الملونة ورموز الحب والذكريات والأسماء.
جامعة روشسيسترفي نيويورك أجرت دراسة حديثة تقول ان الشباب الذين يوشمون أجسادهـم هـم أكثر عرضة لخطر التدخين وتعاطي المخدرات والكحول والعلاقات الجنسية الغير طبيعية والانخراط في صفوف العصابات الخطرة كالمافيا وعصابات الجريمة المنظمة والدخول في معارك شرسة .
اما من الناحية الصحية فالمخاطر التي يتعرض لها الموشوم كثيرة مثل التهاب الكبد ومرض فقدان المناعة المكتسبة وأمراض جلدية معدية ...
وفي الآونة الأخيرة قررت وزارة الصحة العراقية إغلاق جميع مراكز التوشيم لأسباب صحية أدت في اغلب الحالات للإصابة بمرض الكبد الوبائي ...
والملاحظ في الصور المرسومة على أجساد الشباب العراقي أنها تتميز بالعنف
المصادر والمراجع:
Tattoo and Body Piercing in United States Surf to London accessed 2011
Academy of Dermatology Ny Times.com
1406 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع