أول امرأة تحكم المسلمين في آسيا.. سيرة السلطانة "راضية"

    

أول امرأة تحكم المسلمين في آسيا.. سيرة السلطانة "راضية"

فريدة أحمد - الجزيرة نت:كان القدر يخبئ لها مصيرا مختلفا عن كل فتيات عصرها. ففي القرن 13، وقت أن كانت السلطة مقترنة بالرجال، توّجت "راضية" -رغم وجود أشقائها الذكور- سلطانة على المسلمين في قطعة من قارة آسيا.

كانت السلطانة راضية أول امرأة في سلطنة دلهي، تحدت كل الصعاب لاعتلاء العرش، ارتدت ملابس الرجال، وأطلقت على نفسها لقب "سلطان"، وصكت العملات المعدنية بألقابها وصورها، وحكمت بين الناس بالعدل والقوة.

من العبودية إلى السلطنة

في عام 1205، في قصر شمس الدين التتمش، الحاكم الثالث لسلطنة دلهي في الهند، ولدت راضية أو "رازيا" كما كان يطلق عليها.

كان أسلافها من الرقيق الأتراك، دخل والدها "شمس الدين" دلهي عبدا في عهد السلطان قطب الدين أيبك، وأثار إعجاب الحاكم بكفاءته فعينه حاكما إقليميا.

لم يكن صعود شمس الدين إداريا وعسكريا فقط، لكنه كان مفضلا لدى السلطان الذي أعتقه وزوجه ابنته "تيركين خاتون"، ليصبح من العائلة الحاكمة وينصب سلطان دلهي الثالث بعد وفاة "أيبك"، بحسب "إم في سليم" (Mvslim).

كتابة جديدة للتاريخ

كانت راضية الابنة الوحيدة لوالدها السلطان، وتدربت مثل أشقائها الذكور على القتال الاحترافي والفروسية، وتعلمت المهارات العسكرية، وحصّلت معرفة جيدة بكيفية عمل الدولة وإدارتها.

اهتم والدها بغرس هذه المهارات في بنته المفضلة، لمساعدتها على أن تكون زوجة صالحة وأمّا لسلالة من الأمراء، ولم يعرف هو ذاته أنها ستكون حاكمة قوية.

شعر السلطان شمس الدين التتمش بحيرة بالغة بعد 25 عاما من الحكم، وكان راقدا على فراش الموت الذي سبقه إليه ابنه البكر ووريثه ناصر الدين محمود الذي كان حاكم البنغال.

لم يعتبر السلطان المحتضر أيا من أبنائه الباقين على قيد الحياة أكفاء للحكم، وعلى فراش وفاته أعاد السلطان كتابة التاريخ -متحديا كل العادات والتقاليد- بترشيح ابنته وريثة له.

فضّل السلطان راضية لخلافته، ولكن بعد وفاته كان التنافس على انتقال السلطة لا هوادة فيه ولا رحمة، ولم تكن راضية مدعومة من قبل محكمة النبلاء التي رفضت أن تحكمها امرأة.

حدث كل هذا الصراع في أقل من عام بعد وفاة السلطان، واعتلى ابنه ركن الدين العرش لمدة 6 أشهر و28 يوما فقط، قبل أن تهزمه وتخلعه أخته راضية غير المتزوجة وهي في عمر 31 عاما، وأصبحت أول سلطانة في دلهي، بحسب موقع جامعة كامبريدج (Cambridge).

السلطان امرأة

تولت راضية الحكم وتميزت بالجرأة والإقدام، وكانت تقود جيشها في ساحات المعارك.

لم تجبر خلال طفولتها ومراهقتها على السلوك الخجول والمتحفظ للنساء في تلك الحقبة، ولم تتفاعل مع النساء في المكان المخصص "للحريم" في القصر.

وتعاملت بندية مع السلاطين الآخرين، وانتصرت في معارك الاستيلاء على مناطق مختلفة.

ولم يكن أبدا جنسها عذرا، ومن أجل محو أثره لدى الآخرين، ارتدت ملابس الرجال، ورفضت أن يطلق عليها "سلطانة" وفضلت لقب "جلال الدين السلطان راضية"، وصكت قطعا نقدية تحمل اسمها وألقابها كـ"ملكة العصور"، و"السلطان راضية"، و"ابنة شمس الدين التتمش" وفقا لـ"إنشنت أوريجينس" (Ancient-origins).

سنوات من الحب والعداوة

شهدت دلهي نهضة ثقافية وحضارية خلال حكم "راضية" الذي استمر 4 سنوات فقط، حيث أمرت ببناء طرق تربط القرى والمدن، حتى أنها ألغت الضريبة التي كان يتم تحصيلها من الهندوس، وضربت عملات معدنية باسمها، واهتمت بالتعليم والثقافة وأنشأت مدارس وأكاديميات ومكتبات عامة ومراكز بحثية.

تفوق راضية ونجاحها في إدارة البلاد أكسبها شعبية كبيرة، كما أكسبها أيضا مزيدا من الأعداء والمتآمرين.

كانت الغيرة قد وصلت أوجها بين العديد من النبلاء الذين شعروا أن وجود امرأة في منصب السلطان هو بمثابة إذلال للمحاربين والنبلاء الذكور.

أحد هؤلاء النبلاء كان "مالك أختار الدين ألتونيا"، حاكم مدينة "باثيندا" في الهند، وبحسب "ذا بيتر إنديا" (Thebetterindia)، فقد وضع خطة لمساعدة شقيقها "معز الدين بهرام شاه" على تولي العرش، وكان ذلك مفاجأة صادمة باعتبار أن ألتونيا كان من أقرب أصدقاء الطفولة لـ"راضية".

نهاية بائسة في الـ35

قاتلت راضية بضراوة مع جيشها ضده، لكنها تعرضت لهزيمة بائسة، وسجنت في قلعة "مبارك" في "باثيندا"، وفي تلك الأثناء، أعلن شقيقها نفسه سلطانا لدلهي.

ويعتقد أن السبب في انقلاب ألتونيا عليها هو شعوره بالغيرة، حين ادعى بعض النبلاء أن هناك علاقة عاطفية تجمع بين راضية وعبد لها يدعى "جمال الدين ياقوت"، وقد حرك ألتونيا الذي كان يكن لها حبا كبيرا منذ الصغر.

ولذلك، لم يدم حبس راضية طويلا، إذ تزوجت من ألتونيا وحثته على القتال معها لاسترداد العرش. وفي عام 1240، ساروا إلى دلهي في محاولة لاستعادة مملكتها المفقودة، ولكنها هزمت مرة أخرى، وأجبرت على الفرار.

وفي رحلة فرارها، قُتلت راضية وهي في عمر الـ35، وتزعم إحدى الحكايات أن أحد الهندوس أسر راضية وزوجها وقتلهما، في حين أن النظرية الأكثر شيوعا -وفقا لموقع "ذا بيتر إنديا"- هي أن شقيقها بهرام قد أعدمهما بعد القبض عليهما.

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

736 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع