حظ أمحيسـن ! مـسلـسل تلفزيوني بين الحقيقة والخيال من الحياة الأجتماعية في العراق في الحقبة الواقعة في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي
الحلقة / الثامنة
يتوجه الفرسان الثلاثة أبو جميل والأستاذ سرحان والمنحوس أمحيسن الى الدار المسكونة التي قضى فيها أمحيسن ليلته يوم أمس لكشف الحقيقة وفق رواية أمحيسن, ويستمرأمحيسن بالكلام مع نفسه ويقول : هل للحقيقة وجهان أم وجه واحد!؟
تصل المجموعة الى المنطقة السكنية, ويدق أبوجميل الباب, فتهرع الحاجة ام جميل لفتحها, فترى زوجها ومعه الأستاذ سرحان وشاب لا تعرفه, فتستغرب من هذا الجمع,..ثم يطلب أبو جميل من ضيوفه الدخول,..فيقترح الأستاذ سرحان تجربة المفتاح الذي وجده أمحيسن في جيبه ,فيوافق أبو جميل, ويسـلم أمحيسن المفتاح بكل أحترام لأبي جميل وينزوي على جهة,..وما أن مسك الحاج المفتاح حتى كاد أن يغمى عليه من الدهشة!,..فالمفتاح يلمع كالذهب!, فجربه وكان طبق الأصل, وأنفتح الباب بسهولة,..ففرح أمحيسن ,..والتفت الى مرافقيه وقال: ألم أقل لكم أن ما حدث معي كان حقيقة وليس خيال!,ثم صمت الجميع, ..وطلب الحاج منهم الدخول الى الدارومشاهدة بيت الأحلام كما وصفها أمحيسن, كستائرالحريروألأثاث التي لم يصنع مثلها في البلاد, وزهورجنات عدن!, .. وما أن صاروا بوسط الدار,..حتى كاد أمحيسن أن يسقط أرضاً,.. حيث لم يلاحظ أي شيئ مما شاهده عندما كان برفقة جميله والمعلم جميل, فأين أختفى كل ذلك؟,..فهل كان ذلك حلماً؟,.. ولكن من وضع الرسالة في جيبه مع المفتاح الذي هو نسخة طبق الأصل من مفتاح دارأبو جميل ؟, ... لذا خلد أمحيسن للصمت, وصارينظربخوف الى أبو جميل, فما الذي سينقذه من هذا المطب؟!, وصمت لما سأله الحاج, ها يابه, ها يا أبني شنورايك؟.وينه جميلة؟!,
وين أبني جميل؟!,..ثم نظر له بقساوة قائلاً له: ويلك أحجي الصدك! وفي لمح البصرترنح أمحيسن, وسقط أرضاً, فنادى الحاج على قدح من الماء, ..وفي الحال جلبته الحاجة, وهي في ذعرشديد لما يدورمن حولها,.. فتلقف الحاج أبو جميل الماء منها وسكبه بقوة على وجه أمحيسن مع ضربة خفيفة على خده, والموسومة بـ (الراشدي)!
وبعد لحظات فاق , فهون عليه الحاج وقال له:لا تخف,..فأنت في ضيافتي,.. ولا أطلب منك غيرقول الحقيقة!, فأبتسم أمحيسن وقال :
يا عمي ليش آني أدري منو آني!, ياحقيقه,.. يا بطيخ!
خليني أهوس:اشلون أخش بالبريج وأطلع من البلبوله؟
أنزوى الأستاذ سرحان مع الحاج أبو جميل ,..وطلب منه التحول الى بيته لفسح المجال لأم جميل لأعداد الغداء, وانه سيتصل بمديرشوؤن الطلبة في المدرسة التي أكمل فيها أمحيسن الأعدادية ,.. ويسأله عن قواه العقلية, فكلام هذا الشاب لايتقبله العقل ولا المنطق, كما ان جميل علماني, فمن أين له هذه الكرامات؟!
يوافق الحاج أبوجميل, ويخبرزوجته بالمخطط,ويطلب من أمحيسن مصاحبتهما الى دار الأستاذ سرحان جيرانهم,..فيطاوع أمحيسن أمر الحاج ,..ويتوجه الجميع الى دارالأستاذ سـرحان .
يتصل الأستاذ سرحان التدريسي المتقاعد بزميله في مكتب شوؤن طلبة الأعدادية المركزية التي أنهى أمحيسن دراستة فيها,...وقبل أن يحين وقت الغداء, جاء الرد الحاسم بمدح أمحيسن,.. ولا يمكن الشك في قهواه العقلية مطلقاً, فشكرالأستاذ سرحان زميله,وفي الحال همس بأذن أبا جميل ما سمعه عن أمحيسن , فَـتعجب لما سـمعَ, ألا أنه ما زال حزيناً, لأن ما سرده أمحيسن مثيرويشيب له رأس الطفل!؟,
ثم يقول الأستاذ سرحان: لم يبقى أمامنا ألا عرضه على أخصائي في الأمراض العقلية ليحدد لنا وضعه الصحي,.. فربما ما سرده ناجم عن مرض يطلق عليه" شيزوفرينيه", يصيب الكثيرمن الناس, فينفعل أبو جميل ويقول لجاره:آمنا بالله, أن ما سرده ناتج عن مرض اوكابوس!, والمفتاح وشهادة عقد القران بتوقيع جميل بتاريخ وفاته,..فماذا تسـمي كل تلك الأمور,هل تسميها حلماً أوكابوساً اوشيزووووفرينيه !؟
يصمت الأستاذ سرحان فقد أقحمه أبوجميل بمنطقه الصحيح, وأستسلم للأمر الواقع, فما الذي يفعل لمعالجة هذا اللغزالذي صاربين الحقيقة والخيال,..وما من أحد له القدرة على فك شفرته البته!
دب اليأس عند الجميع,..وطلب أبوجميل التوجه لتناول طعام الغداء,
فوافق الأستاذ سرحان وهونَ على أمحيسن ,..فنهض الجميع للذهاب الى دار الحاج أبو جميل,وبعد أن أكملوا الأكل, أقترح الأستاذ سرحان أن يذهب وأمحيسن الى عيادة صديقه المختص بالصحة العقلية,.وفهم
أمحيسن الموضوع ولم يمانع,.. فقد بات تواقاً لمعرفة الحقيقة !, حيث
قرأ عما يشبه حالته في المجلات!
أتفق الأستاذ سرحان وأمحيسن على موعد للقاء في صباح اليوم التالي لمرافقته وعرضه على الأخصائي ,..فودع أمحيسن الحاج أبو جميل والأستاذ سرحان,..ثم شكر الحاجة أم جميل على الغداء متمنياً لها الصبروالسلوان على المصاب الذي هم فيه,..وتقبلوا منه الدعاء,ثم توجه مهموماً الى الفندق الذي تعود السكن فيه, .. وما أن دخل غرفته المخصصة حتى رمى نفسه على السرير من دون وعي وغط في نوم عميق لم يفق منه الا وجه الفجرعلى صوت الأذان, .. فنهظ وأستحم, ثم أدى صلاة الفجر, والدعاء لأنقاذه من هذه المصيبة التي أرتبطت خيوطها به, وهو على علم بعدم أقترافه أي ذنب,.. ولكن من يصدق لقاءه مع جميله والمعلم جميل والمفتاح الذي وجد في جيبه!,أنها فعلاً رواية ليس لها مثيل حتى بالأفلام الهندية او المسلسلات التركية!
شـعرأمحيسن بـتحسـن وضعه الصحي,..وشمرعن ساعده , وأرتدى ملابس جيده تليق بأبناء الشيوخ,وتوجه لمكان الموعد الذي أتفق عليه مع الأستاذ سرحان,.. وما أن وصل حتى تبادلا تحية الصباح, وتوجها نحو عيادة الدكتور المختص بالصحة العقلية, في منطقة الباب الشرقي فأستقبلتهم الممرضة, وقادتهم الى غرفة الدكتور,..فرحب بهم,..وبعد تبادل التحية, .. يطلب الدكتور من أمحيسن الأستلقاء على السرير في الغرفة المجاورة, فينهض أمحيسن ويدخل الغرفة, ويستأذن ا لدكتور من سـرحان , ويتوجه نحوغرفة الفحص, .. وتدورأسئلة وأجوبة بين الأخصائي وأمحيسن تستمرلمدة عشرة دقائق,. ينهظ بعدها الدكتور, ويطلب من أمحيسن أرتداء ملابسه والألتحاق به, وما أن يدخل على الأستاذ سرحان حتى يبتسم له, ويشيرلمحيسن بأخذ مقعده, ويقول:
مبروك ياجماعة ,..أمحيسن في أتم الصحة والعافية,.. ولم أواجه أي شخص بمستوى الذكاء الذي وهبه الله له,أنه عبقري,يجب أن نفتخربه
ولكن مع الأسف أننا نصف كل من يهبه الله درجة مميزة من الذكاء
بالجنون أو كما في اللهجة العامية (أطباكات)!, ونترك الخبثاء الذين
لا هَمَ لهم سوى أمتصاص حقوق الرعية والتشهير بتخلفهم الذي هم من ساهم في تطويره نحو الأسوء وصرنا أســــــــــــفـل خلق الله!
ضاقت الدنيا بوجه امحيسن, وفي احد الأيام, وبينما كان يتسكع بشارع الرشيد , التقى بأحد زملاء الدراسة, من الذين اطلعوا بما حل به من نكبات, ونصحه بالسفرالى خارج العراق للدراسه, حيث لديه معدل ممتاز عند تخرجه من المدرسه الثانوية, وطلب منه مراجعة ادارة البعثات الواقعة في باب المعظم, لتقديم الوثائق اللازمة لقبوله في بعثة هذه السنة للدراسة في أحدى الدول الأوربية أوفي أمريكا.
عاد امحيسن الى الفندق وبدأ بتحضيركل الوثائق,عدا شهادة عدم المحكومية, وحسن السلوك وشهادة الجنسية, حيث استخراجها يتطلب التواجد في قضاء الشطرة, مركزالوحدة الأدارية لمسقط رأسـه, ولذا قررالسفربالقطارالى(محطة أور) في أطراف مدينة الناصرية, وهنا تذكر أيام طفولتة حينما كان يصاحب والده الشيخ ساجت في سفراته الى الناصرية مركز اللواء (المحافظة),..وكيف كان يغني لهم أغنية (للناصرية) ,... فطفحت البسمة على محياه وراح يغني:
للناصرية
للناصـــــــــــرية للناصــــــــــــرية***بـــو جنــــــاغ اروح ويــــــــاك
للناصرية
بجفـــــوف اديــــــه بثنيـــن اديــــه****تــعطـــــش واشـــربـــك مـــاي
بجفوف ادية
يابــــو المــــروه يـابـــــو المـــروه***لالا عــــــــــــلا بختــــــــــك لا
يابو بالمروه
تــــذكــر الخـــوه تــذكـــر الخــــوه***لابــــــد يصــــــــادف يـــــــوم
تذكر الخوه
كصـري زبونــج كصــري زبـونـج***خلـــــــي الحجــــــل ينشــــاف
كصري زبونج
لـــو ينشـــدونــج لــو ينشــدونــج***كــــــــــــولي جليــــل الخــــــام
لو ينشدونج
لبجي وحدي مضيفة لبجي مضيفة***لـتعنـــــــه لابــــــو اعـبيـــــــد
لبجي مضيفه
يحسبهـا ضيــفه يحسبــها ضيفــه***يــــرجعـلي ســـود العيـــن
لبجي مضيفه
يتبع في الحلقة/ التاسعة مع محبتي
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابعة:
http://www.algardenia.com/maqalat/8672-2014-02-02-17-22-05.html
1425 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع