الإتجار بالبشر عبودية القرن 21 تتنامى في العالم والعراق
أ. د. أكرم عبدالرزاق المشهداني
خبير امني وقانوني عراقي
تمثّل جريمة الاتجار بالبشر بكافة صورها وأبعادها، إنتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان التي نص عليها ديننا الإسلامي الحنيف، وكافة الشرائع السماوية، والدساتير الوضعية، والمواثيق الدولية، فقد تحولت جرائم الاتجار بالبشر إلى ظاهرة عالمية، أصبحت تفرض نفسها على الأجندة الدولية، وصارت موضوعاً لاجتهادات عديدة تسعى لدراسة أبعادها ومسبباتها وسبل التصدي لمخاطرها واحتواء تداعياتها.
ووطننا العربي، ومنه العراق، ليس بمعزل عن تطورات المنظومة الدولية، والتواصل العالمي، لذا صار هناك إدراك متزايد لحجم وأبعاد هذه الظاهرة في جميع دول العالم ، حيث بدأت الدول في التعامل مع هذه الظاهرة الإجرامية، بالعديد من الإجراءات على المستويين التشريعي والتنفيذي.
وقد أصدرت الأمم المتحدة برتوكول الأمم المتحدة الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال وهو البروتوكول المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000 (والذي وقعت عليه وصادقت عليه جمهورية العراق). وتكمن المشكلة في أن جرائم الاتجار بالبشر أصبحت أيضا تشكل جزءأً من الجريمة المنظمة عالميا وأصبحت قريبة الارتباط بالاتجار بالمخدرات والأسلحة وغيرها من السلع المهربة، بالإضافة إلى ذلك، إن عصابات الجريمة المنظمة التي تقف وراء ظاهرة الاتجار بالبشر غالبا ما تكون متعددة الجنسيات من حيث هوية أعضائها ونطاق عملياتها وبالتالي فإن المشكلة بالفعل مشكلة عالمية.
ومما يزيد من مشكلة دراسة هذا النوع من الجرائم أنه بالرغم من وضع وتحديد أنماط وصور هذه الجرائم إلا أن المعلومات الإحصائية المتوافرة عن هذه التجارة غير دقيقة وقد يعود ذلك إلى الطبيعة الخفية لهذه الجرائم.
ويعد الاتجار بالبشر جريمة ضد الإنسانية ويعتبر امتهانًا لكرامة الإنسان وآدميته وتدخل في إطار مفهوم الجريمة المنظمة، والتي يقوم عليها مجموعة من العصابات احترفت هذا المجال وجعلته محور نشاطها واهتمامها ويعد المصدر الأساسي لدخلها وسرعة تنامي ثروتها، وبغض النظر عن الأساليب المتبعة لذلك فهي تعد جريمة ذات طبيعة خاصة باعتبار موضوعها سلعة متحركة ومتجددة هي فئة خاصة من البشر لهم ظروفهم الخاصة المتمثلة في حالة الفقر الشديد الذي يعيشونه وصور البطالة التي يعانون منها وفقدهم للأمان الاجتماعي وتتمثل هذه الفئة في النساء والأطفال. فتعتبر هذه الفئة طريدة سهلة بالنسبة للمتاجرين للإيقاع بهم وذلك من خلال الوعود التي تعطى لهم بتوفير المأوى والغذاء والمال وتوفير العمل ولكن في المقابل يتم تجنيدهم ونقلهم وبيعهم للقيام بجميع أشكال الأعمال القسرية والعبودية، وفي حال توفر السلعة والوسيط الذي يروج لهذه السلعة لا بد من توفر السوق لعرض هذه السلعة والذي قد يتعدى الحدود الإقليمية للدول وتشترك بها عدة دول باعتبارها تجارة عبر الدول فهناك الدول المصدرة لهذه السلع والدول المستقبلة والعارضة لهذه السلع ودول المعبر التي تعد حلقة الوصل بين الدول المصدرة والمستقبلة، ويأتي الاتجار بالبشر في المرتبة الثالثة لأكبر عائدات الجريمة المنظمة في العالم وذلك بعد تجارة المخدرات والسلاح.
وتنص الماده (7) من الاتفاقية التكميليه لإلغاء الرق والاتجار بالرقيق والانظمه والممارسات المشابهه للرق (1956) وهذه الاتفاقيه هي إحدى اقدم الاتفاقيات الأساسيه في مجال حقوق الإنسان دخلت حيز النفاذ في 9\3\1927 طبقاً لاحكام الماده (12) تتكون اصلاً من (12) ماده ،ثم إقرار بروتوكول ملحق بالإتفاقية بتاريخ1\12\1953 وذلك دون تعديل أي من المواد الأصلية المتعلقة بالعبودية تنص على انه يقصد بالاتجار بالرقيق (كل فعل بالقبض على او اكتساب او التنازل عن شخص من اجل جعله رقيقاً، كل فعل اكتساب عبد لبيعه او لمبادلته ،كل تنازل بالبيع او التبادل الشخصي في حوزه الشخص من اجل بيعه او تبادله وكذلك بصفه عامه :كل عمل تجاره او نقل للعبيد)
أما الاتفاقيه الدوليه للقضاء على الرق الصادرة في 25 سبتمبر 1926 فقد عرفته على انه ((حالة أو وضع أي شخص تمارس عليه السلطات الناجمة عن حق الملكية، كلها او بعضها)).
أما تجارة الرقيق فتشمل ((جميع الافعال التي ينطوي عليها اسر شخص ما أو احتجازه، أو التخلي عنه للغير على قصد تحويله إلى رقيق، وجميع الافعال التي ينطوي عليها إحتياز رقيق ما بغيه بيعه أو مبادلته وجميع افعال التخلي، بيعاً أو مبادلة عن رقيق، ثم احتجازه على قصد بيعه أو مبادلته وكذلك عموماً، أي اتجار بالأرقاء أو نقلهم ))
أما الإتفاقيه الأوروبية المؤسسه للوكاله المركزية للشرطة الجنائية الأوروبية فتعرفه على أنه : ((إخضاع شخص للسيطره الفعلية وغير القانونية لأشخاص اخرين باستخدام العنف أو التهديد أو التعسف باستعمال السلطة، بغيه استغلال الشخص في الدعارة، والاستغلال والاعتداء الجنسي على القصر أو الاتجار بالاطفال المتخلي عنهم)).
أما منظمه الامن والتعاون الأوربي فقد عرفت الاتجار بالبشر على أنه ((جميع الاعمال المدرجه في التوظيف، والاختطاف، والنقل وبيع وإيواء أو استقبال أشخاص، عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو الخداع أو القسر لأغراض الاستغلال أو يجبرون على العمل لدائن، في مجتمع أخر غير الذي عاش فيه الشخص من قبل ))
أما المنظمه الدولية للهجرة فترى أن الاتجار بالبشر يتم في الحالات التالية:
• مهاجر يستخدم بصوره شرعية بالخطف ،البيع أو مجرد التوظيف أو النقل ، سواء داخل الحدود الوطنية او خارجها.
• استغلال المهاجرين اقتصادياً أو بشكل أخر ،بواسطة الخداع أو الإكراه عن طريق وسطاء (تجار) يجنون فائده .فحين ساهمت بعض المنظمات الدولية غير الحكومية ذات صله بالموضوع منها التحالف العالمي لمكافحه الاتجار بالنساء والمجموعه الدوليه لحقوق الانسان ،ومؤسسه مكافحه الاتجار بالنساء، في وضع أسس خبرتها الميدانية تعريف الاتجار بالبشر فاعتبرت (كل فعل أو انتهاك يرتب النقل داخل أو خارج الحدود الوطنية ،وتبادل وبيع ونقل وإيواء أو استلام أي شخص عن طريق الخداع والإكراه (بما في ذلك استخدام القوه أو التعسف في استعمال السلطه) أو من خلال تسخير شخص جنسياً أو بالاعمال الشاقة أو بممارسات المماثله للرق.
التعريف الدولي للإتجار بالبشر:
ومن هذا المنطلق جاء أول تعريف دولي للاتجار بالبشر الذي تبناه المجلس الخاص بالامم المتحده في 6\10\2000 المكلف بإعداد البروتوكول المكمل للاتفاقية الخاصه بالجريمة المنظمة المتعلقة بالاتجار بالبشر إذ تنص الماده (3) منه على :
أ. تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو إستقبالهم بواسطه التهديد بالقوه أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حاله استضعاف ،أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال ويشمل الاستغلال كحد أدنى ،استغلال دعاره الغير أو وسائل أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراًأو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستبعاد أو نزع الأعضاء .
ب. لاتكون موافقه ضحية الاتجار بالأشخاص على الاستغلال المقصود والمبين في فقره (أ) محل اعتبار في الحالات التي يكون قد استخدم فيها أي من الوسائل المبينة في الفقرة (أ).
ج. يعتبر تجنيد طفل أو نقله أو تنقيله أو إيواؤه أو إستقباله لغرض الاستغلال (اتجار الاشخاص) حتى لو لم ينطوي على استعمال أي من الوسائل المبينة في الفقرة (أ).ويقصد بتعبير (( طفل )) أي شخص دون الثامنه عشر من العمر.
إن الماده (3)من البروتوكول المكمل للاتفاقية الخاصة بالجريمة المنظمة المتعلق بالاتجار بالبشر المشار إليه ، تحدد الأركان المكونة لفعل الاتجار بالبشر في عناصر ثلاثه وهي كالتالي:
الأفعال: والمقصود بها تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيوائهم أو إستقبالهم.
الوسائل المستخدمة لارتكاب تلك الافعال /نعني الأدوات المستخدمة في تنفيذ الفعل وهي التهديد والقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو التعسف في استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية ومزايا للحصول على موافقة الشخص محل الاتجار .
أغراض الاستغلال: استخدامات الاتجار بالبشر :دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسراً أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستبعاد أو نزع الأعضاء. مع العلم أن الماده(3) من ذات البروتوكول تضيف مسألتين جديرتين بالوقوف عندها نظراً لأهميتها هي :
الأولى: لاتكون موافقه الضحية (الفقره أ ) محل اعتبار في الحالات التي يكون قد استخدم فيها أي من وسائل المذكور فيها (القسر أو الإختطاف ....) فلا يأخذ برضا الضحية .
الثانية : يعتبر تجنيد الطفل (الذي يقل سنه عن 18 عاماً) ـو نقله أو ترحيله أو إيواؤه أو استقباله لغرض الاستغلال ((اتجار بالاشخاص )) ،حتى إذا لم ينطوي على إستعمال أي من الوسائل المبينة في الفقره (أ) ،أي أن الاتجار بالطفل، وإن كان برضاءه، لن يُعْتَدَّ به نظراً لقلة إدراكه لمصالحه ونقص وعيه.
العوامل المساعدة على انتشار ظاهرة الاتجار بالبشر
1. تنامي الطلب على العمالة:
لقد تنامى الطلب في العقود الأخيرة على العمالة، وبخاصة العمالة الرخيصة، والمستضعفة وغير القانونية. وكذلك تنامى الطلب على خدم المنازل، وتعتبر دول شرقي آسيا الأكثر تصديراً لمثل هذه العمالة، إلى دول عديدة وبالأخص دول منطقة الخليج العربي وعموم الشرق الاوسط. ومع تنامي الطلب على هذه الأنواع مع العمالة، تنامى أيضاً الاستغلال بأنواعه لهذه العمالة وبخاصة العبودية القسرية. وتنشأ العبودية. وينشأ هذا النمط من العبوديه حين يهجر الافراد تجمعاتهم النامية لأسباب اقتصادية ويسافرون الى المراكز الحضرية القريبة أو الى البلدان ذات الوفرة الاقتصادية من أجل العمل، وعندها يصبحون عرضة للاوضاع العبودية القسريه خاصة حال عملهم في اعمال الخدمة المنزلية.
ويكشف عن تلكم العبودية تعرض هؤلاء العمال لأشكال من الأذى اللفظي والجسدي من قبل رب العمل، فضلاً عن خرق عقد العمل الذي يحكم العلاقة بين الطرفين من خلال تأخير دفع مستحقات الاجور، أو عدم منح عطلة للراحة من العمل، ويزداد هذا الأذى في الحالات التي تحتجز فيه وثائق الهوية الخاصه بهؤلاء العمال تحت يد صاحب العمل.
ويعد الاستغلال للعمالة من أخطر الممارسات السلوكية ضد الكرامة البشرية في الوقت الحاضر، في ظل تنوع ممارسيها ومنهم: رجال المال والاعمال، واعضاء شبكات اجرامية منظمة تعتمد اسلوب الارهيب والتهديد والعنف بجميع اشكاله، من اجل اجبار الضحايا على ممارسة الاعمال الشاقة او العمل في ظروف عمل صعبة وقاسية تتنافى مع القيم الانسانية.
2. تفشي الفقر والمصاعب الاقتصادية:
كما أن تفشي الفقر وتنامي الصعاب الاقتصادية في العديد من الدول أوجدت تفتتاَ للنسيج الأجتماعي، ساعد بدورة على تزايد حركه الاتجار بالبشر في تلك الدول. فـالأسر الفقيرة في الكثير من الدول في شرق آسيا وافريقيا غالباً ما تكون خيارات تدبر الامور المعيشية المتاحة أمامها قليلة او منعدمة، مما يدفع بتلك الأسر الى تسليم اأطفالها الى بعض التجار بحجة تشغليهم حيث تعتمد الكثير من العائلات الفقيرة في كل دول شرق آسيا، والهند، وبعض دول افريقيا على مداخيل أبنائها من الأعمال الوضيعة التي يقومون بها.
وفي بعض الآحيان يدفع الفقر بعض الاسر الى اعطاء اطفالها الى من يستطيع أن يؤمن لهم لقمة العيش مجاناً وبدون مقابل مالي، وقد كان المفاجأة، ليس فقط في ان الاهل ارادوا مقابل التنازل عن فلذات اكبادهم مبالغ ضئيلة والتي غالباً ماتتراوح بين (25-50) يورو فقط، وانما بعض الاهالي عرضوا عليهم الاطفال "مجاناً" كي يوفروا على أنفسهم مهمة إعاشتهم، كما ان بعض الاسر في البلدان الفقيرة تعطي اطفالها لبعض الاقارب او غير الاقارب الذين يعدونهم بالتعليم واتاحة الفرصه لهم، ولكنهم يبيعونهم كالعبيد مقابل الحصول على المال. وقد يلجأ بعض سماسرة تجارة الاطفال الى التنقل بين القرى الفقيرة البحث عن الاسر الاكثر احتياجاً ويقوم بعرض مساعدته بإعطاء تلك الأسر مبلغاَ صغيراَ من المال كسلفة لتحسين أوضاعهم مع وعود لهم بالحصول على مزيد من المال نتيجة ماسيجنيه طفلهم من المال بعد تدريبه وإعداده للعمل، الا انه في الواقع ان تلك الاسر تظل سنوات طويلة ترضح تحت وطأة استغلال ذلك السمسار نتيجه عجزها عن تسليم الدين في حين يظل الطفل يرضح للعبودية حتى يسدد دين الاسرة.
3. السياحة الجنسية:
لاحظت التقارير الدوليه أن الرغبة في رفع الحالة الاقتصادية للافراد قد ازدادت مع تفشي ظاهرة السياحة الجنسيه، وبخاصه ممارستها من قبل الاطفال، تلك التي اصبحت تجارة عالمية تستهلكها وسائل تكنولوجية بما في ذلك الانترنت التي توسع الخيارات المتاحة للمستهلكين، وتسمح بعقد صفقات مباشرة، بطريقه تكاد تكون قابله للكشف. ويزدهر هذا النمط من تجارة البشر بين السياح اليابانيين الذين يقصدون من بلادهم الى تايلند، بينما يسافر الامريكيون الى المكسيسك وامريكا الوسطى. وهناك البعض ممن لايقصدون السفر خصيصاً للممارسة مع الاطفال، وإنما يستغلون وجودهم في دولة معينة لفعل ذلك. فقد ثبت أنه عندما تتسامح المجتمعات والسلطات الحكومية مع البغاء، فإن جماعات الجريمة المنظمة تعمل بحرية أكبر للأتجار بالبشر. وحيثما جعلت مهنة البغاء قانونية، فإن قيمه الخدمات الجنسيه سوف تشتمل على إيجار الماخور، والفحص الطبي، ورسوم التسجيل. وبسبب هذة التكاليف إزدهر البقاء غير القانوني في المناطق المرخص لها، ذلك ان الزبون يبحث عن سلعة جنسية أرخص ثمناً. ويتراوح عدد النساء اللاتي لم يسجلن رسمياَ في الدول التي سمحت بالبغاء، بين ثلاثه الى عشرة اضعاف اللاتي سجلن رسمياً أسماءهن في سجلات الحكومة. لذلك فإن السماح الرسمي لمهنة الدعارة يمنح القائمين على الاتجار بالبشر أفضل غطاء، الامر الذي يخول لهم اضافة الصفة القانونية على تجارة العبودية الجنسية ويجعل من الصعب التعرف على ضحايا البشر.
ونتيجة لاستفحال ظاهرة سياحة الاطفال فإن المنظمات الحكومية وصناعه السياحة والحكومات، قد بدأت مواجه هذا الموضوع، وقد انعقد هذا المؤتمر العالمي الخاص في مكافحة الاستغلال التجاري في عام 1996 ، وفي يوكوهاما عام 2001، بهدف جلب النتباه الدولي لهذا الموضوع. وقد شكلت منظمة السياحة العالمية لجنه عمل لمكافحة الاستغلال التجاري . واعلنت عن نظام انظباط عالمي للسياحة عام 1999. وقد تبنت اثنتان وثلاثون دوله قوانين خارجه عن نطاق التشريع الوطني تسمح بملاحقة مواطنيها على جرائم ترتكب في الخارج ، لصرف النظر ان كان فعل الشخص يعد جريمة في الدولة التي حدث فيها.وقد اتخذت عدة دول خطوات جديره بالثناء لمكافحة سياحة الاطفال. فعلى سبيل المثال، وضعت وزارة التعليم الفرنسية مع ممثلين عن صناعة السياحة، توجيهات تخص سياحة الاطفال ليتم تعليمهم في مناهج ومدارس السياحة، كذلك خطوط الطيران الفرنسيه الرسمية قد خصصت جزءاً من مبيعات الألعاب تخص سياحة الأطفال.
4. سوء استخدام التأشيرات الفنية:
في العديد من الدول يتم الحصول على التأِشيرة فنية أو لممارسة أعمال ترفيهية، وذلك لتسهيل حركه الاتجار بالبشر واستغلال ضحاياها. ويتم منح آلاف النسوة هذه التأشيرة المؤقتة بهدف الحصول على عمل قانوني في المجالات الترفيهيه او الضيافه. وغالباً ماتلعب وكالات التوظيف المرخص لها بموجب قوانين الدولة الاصلية وتلك التي تتوجة اليها الضحية، دوراً رئيسياً في خدار هؤلاء النسوة، ولدى وصول الضحايا الى الدول التي يقصدونها، يتم تجريدهن من وثائق وجوازات سفرهن، ويتم اجبارهم على اوضاع يجري فيه استغلالهم جنسياً او اجبارهن على الاعمال الشاقة. واذا تجاوزت اقامة الضحية مدة التأشيرة او خلت بإحدى بنودها، يتم اجبارها على الطاعه من قبل الذين يستغلونها مع التهديد بالبلاغ عنها سلطات الهجرة.
وقد اقرت حكومات سويسرا وسلوفانيا وقرص واليابان صدور مثل هذة التأِشيرات بأعداد كبيرة لدخول اراضيها واستخدامها كآلية للأتجار بالبشر وقد ذكرت تقارير بان اليابان اصدرت في عام واحد نحو 55,000 تأشيره اعمال ترفيهيه للنساء من الفلبين يشتبه بأن العديد منهن اصبحن ضحايا الاتجار بهن.
المتاجرة الالكترونية بالبشر:
لاشك في اهمية هذه التجارة لعصابات المنظمات الاجراميه المنظمة وجماعات العصابات والاهميه هذة تكون مماثلة في ارباح هذة التجارة. وقد أصبحت هذه بفضل شبكة الانترنت دوليه تعبر حدود الدول في وقت قصير جدا بالمقارنة بالحال من ذي قبل فقد اصبح للانترنت دور خطير في حياة الانسان، حيث اصبح من الممكن ان تشاهد الافلام المجسمة بالصوت والصورة عن طريق الانترنت، كما انه من الممكن ان يشاهد الشخص الحجرة التي يريد ان يحجزها، وايضاً استخدام البريد الالكتروني وهو وسائل متعددة وواردة في جميع انحاء العالم والصادر اليها كميات كبيرة وسرعة فائقة، وكذلك عن طريق شبكة الانترنت يمكن التعرف على الاخبار عن اخبار الازياء والفنون والاداب العالمية في اسرع وقت وبأقل التكاليف الممكنة، وعلى ذلك فالاتجار بالبشر يمكن ان يمارس عبر الانترنت مثل اعلانات البيع او البريد الالكتروني للتراسل بين دول المصدر والاخرى المستوردة لهذة التجارة.
عناصر جريمة الاتجار في البشر :
من خلال التعريف السابق وفي ضوء الخصائص السابقة يتضح لنا ان جريمة الاتجار بالبشر لها ثلاثة عناصر: هي: السلعة، التاجر، السوق، نتناولهم على النحو التالي:
1- السلعة:
تشمل السلعة في جريمة الاتجار بالبشر في الشخص الذي يتم تجنيده او نقله او تنقله او ايواؤه او استقباله من بلد الى بلد من اجل استغلاله ويستوي في ذلك ان يكون استغلاله طواعية واختيار منه او قسرا وكرها عنه ، ويتمثل هذا الاكراه في استعمال القوة او التهديد بها او النصب او الاحتيال وغير ذلك مما يدخل في هذا الصدد.
ويتم استغلال هذه السلعة – الشخص – اما بطريق السخره بعد تقديم عمل قانوني ومشروع له ولكن دون الحصول عكلى مقابل عادل لهذا العمل واما في استغلاله في ممارسة البغاء والاستغلال الجنسي واما في مجال نزع اعضاءه الجسدية للتجارة فيها.
ومن الاهمية بمكان القول ان هذه السلعة تتركز بصورة دائمة في فئات المجتمع الاكثر ضعفا وهم غالبا من النساء والاطفال وتزداد هذه الجريمة بصفة اساسية عند وقوع الكوارث الانسانية او الصراعات المسلحة الداخلية حيث يكون اللاجئون والنازحون من بلادهم هم المستهدفين من الشبكات الاجرامية المنظمة العاملة في هذا المجال.
ويستوي في ذلك ان يتم استغلاله طواعية منه او كرها عنه فالخروج طواعيا يكون عن طريق تقديم الوعود الكاذبة بتوفير فرص عمل بمقابل مادي كبير يتم الاعلان عنها في الصحف او عبر شبكة الانترنت او عن طريق الاتصال المباشر بهم ويتم تزويدهم بتذاكر الانتقال ووثائق سفر مزورة للوصول الى الجهة او البلد المضيف وذلك مقابل حصول الوسطاء على سندات مديونية بهذه المبالغ مما يؤدي الى ارهاق هؤلاء الضحايا بتكاليف باهظة وديون تضمن ارتباطهم بهؤلاء الوسطاء .
اما الخروج جبرا وكرها فيتم عن طريق الاكراه وذلك باستعمال القوة والخطف والاحتيال والنصب وغيرها من الصور الاخرى.
2- التاجر :
يقصد به ذلك الشخص او الجماعات والعصابات الاجرامية المنظمة التي تباشر عملية نقل وتنقيل الاشخاص الضحايا من اوطانهم الى البلد المستورد لهم وتقوم بشؤون هذه التجارة مع الاخذ في الاعتبار ان برتوكول منع وقمع الاتجار بالبشر المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة اشار في مادته الرابعة الى انه : لاتسري احكام هذا البرتوكول الا على الاتجار عبر الوطني – الدولي في البشر الذي تقوم به جماعات اجرامية منظمة دون الحالات الفردية العارضة
ويعني ذلك انه يخرج الحالات الفردية والعارضة في الاتجار بالبشر من نطاق ما وصفه بجريمة الاتجار بالبشر.
ومن الجدير بالذكر ان الوسيط ليس مجرد شخص طبيعي بل هو مشروع منظم محترف مثل هذه التجارة فهو مشروع اقتصادي متكامل البنيان قريب الشبه من المشروعات الاقتصادية متعددة الجنسيات اذ ان الشبكة الاجرامية التي تقوم بهذه التجارة تتكون في الغالب الاعم من وسطاء بتخذون من الدول العارضة لهذه السلعة مركزا لهم حيث يقومون باختيار الضحايا محل التجارة ومن وسطاء مسهلين للمساعدة في عبور هذه السلعة من بلد المنشأ الى البلد المضيف الذي يوجد فيه وسطاء آخرون يقومون بمهمة استلام هذه السلع وتوزيعها على الانشطة المختلفة.
3- السوق:
تتعلق جريمة الاتجار بالبشر بانتقال الضحايا من موطنهم الاصلي الى بلد آخر او عدة بلاد اخرى وذلك من اجل استغلالهم وعلى هذا يكون النقل مباشرة بين الدولة العارضة والدولة المستوردة وقد يكون بين هؤلاء البلدين بلد عبور او تجمع.
التعاون العربي في مكافحة الاتجار بالبشر:
أقدمت جامعة الدول العربية على خطوة إيجابية فأطلقت مبادرة لمكافحة الإتّجار بالبشر في آذار (مارس) 2010 بالتعاون مع المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر ومكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، ولا بدّ من وضع سياسات عربية لكل بلد عربي، وبذلك يمكن أن تؤتي الجهود الرسمية بالتعاون مع المجتمع المدني ثمارها وتفلح في معالجة أسباب الظاهرة مثل الفقر والجهل وانعدام تكافؤ الفرص وشحّ الحريات والفجوة بين الشمال والجنوب وعدم الاستفادة من منجزات الثورة العلمية – التقنية. ولعل جريمة الإتّجار بالبشر اليوم تسير جنباً إلى جنب مع جرائم المخدّرات وغسيل الأموال والتزوير، وكلّها أصبحت جرائم دولية، عابرة للحدود الوطنية والقارات، وهي شكل مستحدث من أشكال المافيا الجديدة.
كما ان هناك اتفاقية عربية بين وزارات العدل والداخلية العربية تحت مظلة الجامعة العربية تتضمن اسس التعاون في مكافحة هذه الجرائم كما ان المجلسين (العدل والداخلية العرب) وضعا نصا قانونيا نموذجيا للاسترشاد به من قبل الدول العربية في تشريعات مكافحة الاتجار بالبشر.
القانون العراقي لمكافحة الاتجار بالبشر:
التحق العراق بالركب الدولي في مكافحة هذا النمط الخطير من الاجرام المستحدث، فقد انضم العراق الى اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والى بروتوكولها الملحق بها والخاص بقمع الاتجار بالبشر.
كما اصدر العراق قانونا خاصا بمكافحة الاتجار بالبشر وهو القانون رقم 28 لسنة 2012 الذي جرم بموجبه فعل الإتجار بالبشر وفقاً للتوصيف الدولي، وهذا بلا شك يعد خطوة هامة في طريق المساهمة في الجهود الدولية للوقوف بوجه هذه الظاهرة الخطيرة .
تشكيل لجنة مركزية لتنفيذ القانون برئاسة وزير الداخلية:
أصدر مجلس الوزراء العراقي قراراً بتشكيل لجنة مركزية لتنفيذ قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 للعام 2012 برئاسة وزير الداخلية وعضوية الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارات الخارجية وحقوق الإنسان والعدل والمالية والنقل والعمل والشؤون الإجتماعية والهجرة إضافة إلى مفوضية حقوق الإنسان وممثلية إقليم كردستان والمحافظات العراقية. كما أوعزت إلى المحافظات بتشكيل اللّجان الفرعية طبقا لما جاء في المادة (4 ) من القانون وبرئاسة المحافظ.
ملاحظات على القانون العراقي لمنع الاتجار بالبشر:
القانون العراقي لمكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012 تضمن العديد من مواضع الخلل وبخاصة في مجال تعريف الاتجار بالبشر، إذ عرفت المادة (1/ اولا ) من القانون (الاتجار بالبشر) بقولها:- (يقصد بالاتجار بالبشر لاغراض هذا القانون تجنيد اشخاص او نقلهم او ايوائهم او استقبالهم بوساطة التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال القسر او الاختطاف او الخداع او استغلال السلطة او باعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة او ولاية على شخص اخر بهدف بيعهم او استغلالهم في اعمال الدعارة او الاستغلال الجنسي او السخرة او العمل القسري او الاسترقاق او التسول او المتاجرة باعضائهم البشرية او لاغراض التجارب الطبية)، وهذا التعريف مأخوذ من التعريف الوارد في المادة ( 3 ) من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالاشخاص وبخاصة النساء والاطفال المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ( بروتوكول باليريمو – ايطاليا ) لسنة 2000 والسابق ذكره نصاً.
الا ان المشرع العراقي خالفه في ستة مواضع خطيرة هي :-
1- قام المشرع العراقي برفع لفظ (التنقيل) الوارد في التعريف الدولي من تعداد الافعال المكونة للجريمة، بالرغم من ان اللفظ المرفوع (التنقيل) له معنى غير (النقل) الواردين في النص العراقي والدولي، ويواجه انواعا من الافعال لا يستوعبها لفظ (النقل)، تتعلق بمسؤولية الناقلين او اصحاب وسائل النقل كالسفن والطائرات والحافلات وغيرها.
2- كما قام المشرع العراقي برفع حالة (استغلال حالة الاستضعاف) الواردة في النص الدولي، من تعداد طرق قهر او اجبار الضحايا، واكتفى ب (التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال القسر او الاختطاف او الاحتيال او الخداع او استغلال السلطة او باعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص اخر) على الرغم من ان العبارة المرفوعة تعالج حالة الاشخاص الذين يجدون انفسهم تحت السيطرة في الاعراف والممارسات المشابهة للرق، وهي حالة موجودة في العراق، ويعاني منها بعض النساء، من الضحايا لاعراف عشائرية تقليدية متخلفة.
3- كما قام المشرع العراقي برفع حالتين هامتين من حالات الاستغلال هما (الاستعباد) و (الممارسات الشبيهة بالرق) الواردة في التعريف الدولي، رغم انهما من حالات استغلال البشر الخطيرة والتي يعاني منها مجتمعنا العراقي كتقديم المرأة تعويضا الى قبيلة او عشيرة اخرى (الفصلية) و(زواج الشغار) الذي يعطي الرجل فيه ابنته او اخته الى اخر ليتزوجها في مقابل اخذه بنته او اخته ليتزوجها بلا مهر، وهو المعروف باسم (زواج كصة بكصة).
4- قام المشرع بابدال لفظ (نزع الاعضاء البشرية) المستخدم في النص الدولي بلفظي (المتاجرة باعضائهم البشرية او لاغراض التجارب الطبية)، وهو اتجاه منتقد لان اللفظ الدولي اوسع بكثير من النص العراقي، لان النص العراقي حصر الامر في هدفين الاول هو المتاجرة بالاعضاء، والثاني التجارب الطبية، فيخرج – بالتالي – اي شكل من اشكال نزع الاعضاء البشرية لاي غرض اخر غير المتاجرة او التجارب الطبية، مثل ان يقوم ثري بخطف شاب او مراهق لاخذ عضو منه لزرعه في جسد ابنه، فذلك يبدو انه لا يعد من اشكال المتاجرة بالبشر وفقاً لمنطوق النص العراقي، في حين ان النص الدولي يستوعب كل تلك الفروض.
5- يلاحظ ان الاتفاقية الدولية ذكرت احوال الاستغلال على سبيل المثال وليس التحديد، بينما المشرع العراقي حصر هدف الجناة في (الاستغلال) في ثمان اغراض فقط. ويعد ذلك اخطر تعديل اجراه القانون العراقي على التعريف الدولي، حينما اكتفى القانون العراقي بثمانية انواع من انواع الاستغلال هي :- 1- اعمال الدعارة 2- الاستغلال الجنسي 3- السخرة 4- العمل القسري 5- الاسترقاق 6-التسول 7- المتاجرة باعضائهم البشرية 8- لاغراض التجارب الطبية، في حين ان النص الدولي لم يحصر اصناف الاستغلال ، بل اطلقها تحت مسمى (الاستغلال) وضرب عليها امثلة فقط . معنى ذلك هو ان النص العراقي وقع بخطأ خطير حينما حصر (الاستغلال) في ثمانية صور فقط ، فأذا وقعت جريمة الاتجار بالبشر بكامل اركانها الا ان الجناة كانوا يريدون استغلال الضحية في غرض لا يدخل في الاغراض الثمانية التي ذكرها النص العراقي، فأن فعلهم لا يعد جريمة ( اتجار بالبشر )!!.
6- وجود خلل في التعريف فيما يتعلق بالاتجار بالاطفال:- اذ اوجب النص الدولي بموجب الفقرة ( ج ) من المادة ( 3) من برتوكول باليرمو لسنة 2000 ان يعتبر تجنيد طفل او نقله او تنقيله او ايواؤه او استقباله لاغرض الاستغلال اتجارا بالاشخاص حتى اذا لم ينطو على استعمال وسائل القسر والاكراه او الاحتيال ، في حين ان القانون العراقي اغفل ذكر ذلك ، وذلك يعني ان جريمة الاتجار بالاطفال لا تتحقق – طبقا للنص العراقي – الا اذا كان هناك تهديد بالقوة او استعمالها او اختطاف او احتيال او خداع …الخ . في حين يتوجب عدم اشتراط ذلك في الاتجار بالاطفال، خصوصا مع الاطفال الصغار والرضع، الذين يتصور وقوع جريمة الاتجار بهم دونما حاجة الى التهديد بالقوة او استعمالها او الاحتيال او الاختطاف … الخ كالاطفال الرضع الذين قد يجدهم الجناة في الشوارع او بين يدي من وجدهم مرميين تخلصا من العار او من تكليف التربية والاعالة. وهذا عيب آخر في القانون العراقي.
وعليه فان الاستاذ القاضي رحيم العكيلي يرى بان هذه التغييرات الخطيرة في تعريف الجريمة بالنص العراقي خلافا عن النص الدولي سيؤثر تأثيرا واضحا في النظرة الى استجابة العراق لالتزاماته الدولية بموجب اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبرتوكول باليريمو لسنة 2000 المكمل لها، كما انه سيؤثر في سلامة تطبيق النص على مجموع الافعال التي تشكلها جريمة الاتجار بالبشر فيخرج افعال خطيرة منها، وسيؤدي ذلك بالنتيجة الى اخراج بعض ضحايا الاتجار بالبشر من المشمولين بالرعاية التي نص عليها القانون لعدم عد ما يقع عليهم كـ(جريمة اتجار بالبشر) فيحرمون من الاستفادة مما جاء به القانون لضحايا الاتجار بالبشر كالعناية الصحية والمساعدة المالية والمشورة القانونية والمسكن وغيرها .
حالة الاتجار بالبشر في العالم من خلال تقرير الخارجية الامريكية:
تصدر وزارة الخارجية الأمريكية سنويا في شهر حزيران من كل عام، تقريرها السنوى حول الاتجار بالبشر، في مختلف دول العالم، كما يتضمن تحذيرا للدول المتورطة بافعال الاتجار بالبشر او تراخيها في مكافحة هذه الجرائم، من عقوبات قد تفرض على تلك الدول.
وقد تضمن تقرير هذه السنة اتهامات الى عدد من الدول العربية، منها اتهامات الى ان مصر هى مصدر ومعبر ومقصد للنساء والأطفال الذين يتعرضون لظروف العمل القسرى والاتجار بالجنس. وأضاف التقرير أن رجالا ونساء من مصر ومن جنوب وجنوب شرق آسيا ومن أفريقيا يتعرضون للعمل القسرى فى مصر. كما أن العاملين فى مجال الخدمة المنزلية فى مصر يتم احتجازهم فى ظروف العمل القسرى بما فى ذلك نساء أجانب من إندونيسيا والفلبين والسودان إريتريا وإثيوبيا وسريلانكا، غير أن الإندونسيين يمثلون النسبة الأكبر للعاملين فى الخدمة المنزلية ومن بينهم من يتم احتجازهم فى ظروف العمل القسرى.
وأوضح التقرير أن هذه الظروف تشمل عدم وجود وقت للراحة والاعتداء الجنسى والإيذاء العاطفى واحتجاز الأجور والوثائق الخاصة بهؤلاء العاملين وقيود على الحركة.
وذهب تقرير الخارجية الأمريكية إلى القول إنه خلال الفترة التى تم إعداد فيها التقرير، كان هناك زيادة فى عدد المهاجرين الأجانب خاصة من إريتريا والسودان وبشكل أقل من إثيوبيا الذين تم تهريبهم أو اختطافهم من قبل جماعات الجريمة المنظمة، وتم أسرهم فى العديد من الحالات لفترات ممتدة فى سيناء من قبل البدو والمهربين المصريين الآخرين، حيث كانوا يحاولون تهريبهم إلى إسرائيل. وعدد متزايد من هؤلاء المهاجرين يتم إجبارهم على العمل فى الجنس أو العمل القسرى خلال فترة أسرهم، وذلك بناء على شهادات موثقة لبعض الضحايا. وفى بعض الحالات كانت هناك مزاعم بتعذيب شديد.
وقدر التقرير عدد المهاجرين الذين يعبرون إلى الحدود الإسرائيلية من سيناء بألفى مهاجر شهريا من الرجال والنساء والأطفال، مشيرا إلى قيام قوات حرس الحدود بإطلاق النار عليهم عادة، وفى بعض الأحيان تقتل هؤلاء المهاجرين أثناء عبورهم للحدود، والذين ربما يكون بعضهم من ضحايا الإتجار بالبشر. من ناحية أخرى، قال تقرير الخارجية الأمريكية إن ما يقدر بحوالى من 200 ألف إلى مليون طفل من أطفال الشوارع، صبية وفتيات، يتعرضون للاتجار بالجنس والتسول القسرى. وتتورط بعض الجماعات الإجرامية غير الرسمية فى هذا الاستغلال فى بعض الأحيان. حيث يتم استغلال الأطفال المصريين للخدمة فى البيوت وللعمل فى الزراعة وبعض هؤلاء الأطفال يواجهون شروط تدل على العمل القسرى مثل القيود على الحركة وعدم دفع الأجور والتهديدات والإيذاء النفسى أو الجنسى.
وبالإضافة إلى ذلك، يضيف التقرير، فإن أثرياء الخليج وخاصة السعودية والإمارات والكويت مازالوا يسافرون إلى مصر لشراء زواج مؤقت أو زواج صيفى من مصريات، من بينهن فتيات تقل أعمارهن عن 18 عاما. وهذه الترتيبات تسهلها عادة عائلات الإناث وسماسرة الزواج الذين يستفيدون من تلك الصفقات. وان والفتيات اللاتى يتم توريطهن فى هذه الزيجات المؤفتة يعانين من الاستعباد الجنسى والعمل القسرى كخدم لأزواجهن.
وتحدث التقرير عن السياحة الجنسية مع الأطفال فى مصر، وقال إنها تحدث بشكل خاص فى القاهرة الإسكندرية والأقصر. كما أشار إلى أن مصر مقصد للنساء والفتيات اللاتى يتم إجبارهن على العمل فى الدعارة ومنهن لاجئات ومهاجرات من آسيا وصحراء أفريقيا وبشكل أقل من الشرق الأوسط. وكانت تقارير الأعوام السابقة قد أشارت إلى أن مصر تمثل معبر للنساء من دول شرق أوروبا الذين يتم الاتجار بهن إلى إسرائيل للاستغلال التجارى الجنسى، غير أنه لا توجد أدلة كثيرة تشير إلى أن هذا النوع من الاتجار موجود.
وانتقد التقرير موقف الحكومة المصرية من قضية الاتجار بالبشر، وقال إنها لا تمتثل بشكل تام للحد الأدنى من معايير القضاء على الاتجار بالبشر، وإن كان قد أشار إلى أنها تبذل جهودا حثيثة لفعل ذلك. وأوضح التقرير أن حالة الاضطراب السياسى المستمرة منذ فترة طويلة لم تمكن الحكومة من تتوفير بيانات تطبيق القانون والملاحقة القضائية فى جهودها الرامية إلى مكافخة الاتجار بالبشر فى الفترة التى تم فيها إعداد التقرير.
وبرغم ذلك، يقر التقرير بأن مصر فتحت مراكز إيواء وقدمت خدمات للضحايا وقدمت مساعدات للمنظمة الدولية للهجرة لفتح مراكز إيواء لضحايا الاتجار بالبشر فى القاهرة. ولا تزال مصر تطور استراتيجيات لتنفيذ خطة عمل شاملة لمعالجة كل جوانب الاتجار بالبشر، وانتهت الحكومة من وضع آلية تسهل تحديد هوية الضحايا وتوفير العلاج المناسب لهم بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة. إلا أن الحكومة لم تحدد بشكل استباقى ضحايا الاتجار بالبشر بين الفئات الضعيفة، ولا تزال قدرتها على فعل ذلك محدودة، كما أن الحكومة لم تبلغ عن أى جهود مهمة فى معالجة إجبار الأطفال على العمل فى الخدمة. واتهم تقرير الخارجية الأمريكية مصر بالفشل فى التحقيق وملاحقة مسؤولى الحكومة الذين تورطوا فى أعمال اتجار بالبشر، لاسيما إجبار العمال على الخدمة المنزلية فى سكنهم الخاص.
وأوصى التقرير مصر بتطبيق القانون المصري لمكافحة الاتجار بالبشر الصادر عام 2010، وقانون الإتجار بالأطفال لعام 2008 بزيادة التحقيقات والملاحقات القضائية لكل أشكال الاتجار، سواء فى الاستعباد فى العمل المنزلى أو أية أشكال أخرى من العمل القسرى، وكذلك الدعارة القسرية، كما طالب التقرير الحكومة بالتوقف عن إطلاق النار على المهاجرين الأجانب على حدود سيناء، وبذل الجهود لتعريف الضحايا ومساعدتهم.
27 مليون ضحية للعبودية في العالم اليوم:
وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية، قد قالت بمناسبة الاعلان عن صدور هذا التقرير، إن هناك ما يقدر بحوالى 27 مليون شخص حول العالم هم ضحايا للعبودية الحديثة. وأضافت كلينتون قائلة: "إن انتهاء حقبة العبودية فى الولايات المتحدة ودول أخرى لم يعن للأسف القضاء على العبودية فى كل مكان".
واوضح التقرير إن الحكومة الأمريكية أدرجت كلاً من سوريا والسعودية والجزائر وليبيا على قائمة الدول ذات أسوأ المعدلات فيما يتعلق بالامتثال للمعايير الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر. وذكر التقرير أن الحكومة السورية لا تمتثل بالشكل الكامل مع الحد الأدنى لمعايير القضاء على الاتجار بالبشر ولا تبذل جهوداً كافية لفعل ذلك. أدرج التقرير كلا من ليبيا والسودان والكويت ضمن قائمة أسوأ الدول فى مجال الاتجار بالبشر. وأدعى التقرير أن عمالا أميين وغير مؤهلين من بلدان مثل الهند «يتعرضون للعمل القسري، وإلى حد أقل يتعرضون إلى البغاء القسري» في منطقة الخليج وادعى التقرير أن بعضا من هؤلاء «يواجه ظروفا تنم عن عبودية قسرية، مثل عدم إعطائهم رواتبهم، والعمل لساعات طويلة دون راحة وحرمانهم من الأكل والإساءة لهم جسديا والتحرش بهم جنسيا وتقييد تحركاتهم بحجز جواز السفر وحبسهم في مكان العمل.
وذكر التقرير «أنه على الرغم من توقيع عديد من المهاجرين عقوداً توضح لهم حقوقهم، إلا أن بعض ظروف الأعمال تكون مخالفة للموصوفة في العقود. كما أن بعض العمال لا يوقعون عقودا أبدا مما يجعلهم عرضة للأعمال القسرية».
تزايد حالات الاتجار بالبشر في العراق:
مجموعة من السياسيين والقانونيين والاكاديمييين طالبوا بإدخال إصلاحات تشريعية لوضع حد لعمليات الاتجار بالبشر التي تكاثرت في العراق وإقليم كردستان، معبرين عن قلقهم من عدم جدية الدولة في الحد من الظاهرة، لافتين إلى أن مجرد إصدار قانون من قبل مجلس النواب بشان حظر الظاهرة غير كاف.
كما كشف مصدر أمني مسؤول عن ملاحقة خمس شركات تعمل على الاتجار بالنساء من خلال اغرائهن وابتزازهن، مبيناً أن تلك الشركات تنقل المغرربهنّ إلى دول الجوار وأخرى خليجية.
وقال المصدر في حديث لـ"شفق نيوز"، إن "القوات الامنية تلاحق خمس شركات متخصصة بالاتجار بالنساء في العاصمة بغداد"، موضحاً أن "تلك الشركات تعلن عن توفير فرص عمل لديها ومن يتمّ تعيينها تستخدم بحقها اساليب الترغيب والترهيب عبر الاموال أو الابتزاز".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع أن "من احدى اساليب الابتزاز ابرام عقود او اخذ وصولات امانة فيها شروط تعجيزية بعدم التراجع عن العمل مع اللواتي يقبلن بالعمل مع تلك الشركات"، مشيراً إلى أن "المغرربهن والمبتزات يتمّ نقلهنّ إلى عمان والامارات لغرض ممارسة الدعارة".
وكان مجلس النواب العراقي قد شرّع قانوناً لمكافحة الاتجار بالبشر تصل احدى عقوباته إلى حد الاعدام، بالاضافة الى استحداث لجنة في وزارة الداخلية تسمى (اللجنة المركزية لمكافحة الاتجار بالبشر).
حالات الاتجار بالبشر واستغلال العمالة ازدادت في العراق بعد الاحتلال الامريكي، حيث دخلت اعداد بالآلاف من عمال استقدموا لاغراض مشاريع قواعد ومنشئات قوات التحالف بما فيها منشأة السفارة الامريكية بالمنطقة الخضراء، تم استقدامهم من النيبال والهند وبنغلاديش وغيرها، وهؤلاء لم يغادروا العراق بعد انتهاء تلك المشاريع، بل قاموا بالانتشار في محافظات العراق يمارسون المهن المتدنية وباجور زهيدة واستغلال بشع. ولاتوجد احصائيات حكومية موثقة باعداد هؤلاء لان اغلبيتهم العظمى دخلوا عن طريق مشاريع قوات الاحتلال الامريكي وليس عن طريق الحكومة العراقية!!!!!
تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية:
وقد ذكر مراقبون دوليون مختصون بأن الأزمة الاقتصادية العالمية أسهمت في زيادة أعداد ضحايا عمليات الاتجار بالبشر، والتي أصبحت حسب تأكيدهم تجارة رائجة تقوم بها عصابات دولية وتعتمد على مهربين محترفين. وعادة ما يكون الضحايا من أبناء الدول الفقيرة، من خلال إجبارهم على ممارسة البغاء أو العمل لساعات طويلة بأجور زهيدة أو من دون أجورعلى الإطلاق، ومشكلة الإتجار بالبشر مازالت اليوم واسعة الانتشار أكثر من أي وقت مضى، حتى بات يطلق على القرن الجديد بأنه قرن العبودية بسبب توسع تجارة البشر وتوسع مداخيلها على حساب كرامة الإنسان.
493 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع