رعد العنبكي
غرور اليهود بافضليتهم على البشر:
في التعاليم اليهودية نجد الزعم القائل : ان بني اسرائيل هم ( الشعب المختار )هذه الفكرة مع ما تحمل من مس لكرامة الشعوب الاخرى فانها تشجع معتنقيها على العدوان واستغلال الغير والاستهانة بالمعاصي والاثام اتكالا على هذا التفضيل
ان المطلع على القران الكريم يلمح فيه اشارة الى هذا التفضيل ولكن على خلاف ما يفهمه بنو اسرائيل يشير القران الكريم الى ذلك ليصحح مفهومة
لديهم يقول تعالى : ( يابني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها
شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون) البقرة :47-48 العالمين: المقصود به عالم زمانهم
ان تفضيل بني اسرائيل الذي قصده القران ما كان تفضيلهم على المؤمنين العاملين بشريعة الله بل كان تفضيلهم على شر طاغية في الوجود الا وهو
فرعون وحاشيته وما فضلهم رب العالمين عليه الا لانهم كانوا مظلومين وكان هو الظالم كما ذكر القران في كلامه عن بني اسرائيل ( ونريد ان نمن على
الذين استضعفوا في الارض ) وقوله تعالى ( وتمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا )
وما كان تفضيل القران تفضيلا شخصيا لذواتهم او لجنسهم وانما يفضل الله قوما على قوم حسب اعمالهم ولذا بعد ان ياتي التفضيل في صدر الاية
يعود الشطر الثاني من الاية فيحذرهم ان يغيروا بهذا التفضيل لان كل نفس ستجزى بعملها قال تعالى ( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل
منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون )
والمعنى : احذروا يابني اسرائيل يوم القيامة الذي سيقع فيه الحساب يوم لا تقضي فيه نفس شيئا كتكفير ذنبها ولا يقبل منها ان تاتي بشفيع يشفع لها
ولا يؤخذ منها فداء او بدل عن سيئاتها ولا يستطيع احد ان يدفع العذاب عن مستحقيه
فلو كان بنو اسرائيل مفضلين على البشر كما يعتقدون لما وجه الله اليهم هذا الخطاب الصريح من ان الله سيجازيهم على اعمالهم ولا ينفعهم شفيع
ولا تؤخذ منهم فدية للخلاص من عقاب الله اذا كانوا مذنبين
وقد علل بعض العلماء هذا التفضيل بكثرة انبيائهم ولكن كثرة انبيائهم دليل اتهام على سوء عنصرهم فكانوا كلما حسنت احوالهم على يد نبي ثم مات
ارتدوا الى بغيهم وعصيانهم فيرسل الله نبيا اخر لاصلاحهم وهذا التفضيل الذي يدعونه من انهم وحدهم ابناء الله واحباؤه انكره الله ايضا بقوله : ( وقالت اليهود والنصارى نحن ابناء الله واحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل انتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) المائدة :18
انظر الى هذا البرهان المفحم على نفي تفضيلهم فالقران يقول لهم بصراحة : اذا كنتم ايها اليهود مفضلين على البشر كما تزعمون فلم هذه العقوبات
التي عاقبكم الله بها عبر العصور بسبب عصيانكم فشردكم واصبحتم مثلا سيئا للبشرية بسبب سوء اعمالكم وفي قوله تعالى في الاية :
(بل انتم بشر ممن خلق ) رد قاطع على فكرة التمييز العنصري وعلى فكرة ( شعب الله المختار )
فالشعوب في - نظر القران- تتساوى عند الله ولا فضل لشخص على اخر ولا لابيض على اسود الا بعمله وتقواه وخير الشعوب هي التي تؤمن بالله
وتدعوا الى الخير وتنهى عن الشر وتقوم بواجبات العدالة وقد وصف القران امة محمد صلوات الله عليه وسلم بخير الامم قال تعالى : (كنتم خير امة
اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) ال عمران :110
فالخير والامتياز هنا مقرونان بالصفات التي ذكرتها الاية القرانية من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والايمان بالله
اماني اليهود بمغفرة الله :
رسخ في وهم اليهود ان الخلاص والنجاة جماعي لا فردي وان مجرد الانتساب الى ذرية ابراهيم يضمن لصاحبه الخلاص
هذه العقيدة ظلت تلازمهم وتنظم سيرتهم في مختلف اطوار التاريخ وجعلتهم اشد الشعوب استغراقا في الانحرافات الخلقية وانغماسا في المنكرات فكان ذلك
داعيا الى اضطهادهم من جميع الشعوب التي جاوروها
هذه الفكرة الضالة تعرض لها القران الكريم ورد عليها بقوله تعالى في شان اليهود: ( وقطعناهم في الارض امما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب ياخذون عرض هذا الادنى ويقولون سيغفر لنا وان ياتهم عرض مثله ياخذوه الم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ان لا يقولوا على الله الا الحق ودرسوا ما فيه والدار الاخرة خير للذين يتقون افلا تعقلون ) الاعراف :168-169
والمعنى : فرقنا اليهود في الارض جماعات : منهم الصالحون ومنهم غير الصالحين وقد اختبرناهم بالنعم والنقم رجاء ان يعود المذنبون منهم عن ذنوبهم ثم خلف من بعد هؤلاء قوم ورثوا التوراة ولكنهم لم يعملوا بها بل اخذوا متاع الدنيا بوسائل غير مشروعة وقالوا : سيغفر الله لنا ما فعلنا مع ان مغفرة الله تحتم عليهم التوبة لكنهم لا يفعلون بل يصرون في الحصول على المال من الطرق غير المشروعة ثم وبخهم الله على طلبهم المغفرة مع اصرارهم على ما هم عليه فقال : انا اخذنا عليهم العهد في التوراة – وقد درسوا مافيها - ان يقولوا الحق وان الدار الاخرة للذين يتقون المعاصي افلا يعقلون بان نعيم الاخرة خير من متاع الدنيا
وقد اكد القران الكريم هذا المعنى ايضا فقد روي اهل الاخبار ان المسلمين واهل الكتاب تفاخروا فيما بينهم وادعى كل واحد منهم ان نعيم الاخرة خاص به فانزل الله هاتين الايتين :
( ليس بامانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ) النساء : 122-123
والمعنى : ليس الجزاء والنجاة في الاخرة بما تتمنون ايها المسلمون ولا بما يتمناه اهل الكتاب من اليهود والنصارى بل من يعمل عملا سيئا يجز به ولا يجد له من دون الله من يعينه او ينصره ومن يعمل الاعمال الصالحة وهو مؤمن بالله فهؤلاء هم الناجون الذين يدخلون جنة النعيم لا فرق بين ذكر وانثى ولا يظلمون اي مقدار صغير على اعمالهم فليس المقصود بالاديان التفاخر بها ولا تحصيل الفائدة منها بمجرد الانتماء اليها والاعتزاز بها بل غاية الاديان وروحها هو الايمان بالله والعمل الصالح
وقد سرى كثير من الغرور الى بعض اهل الاديان فجعلهم يتكلون على الشفاعات ويظنون انهم بواسطتها ينجون في الاخرة غير عابثين باعمالهم السيئة وهذا مما يتعارض مع روح الاديان
جبن اليهود :
وصف القران الكريم اليهود بالجبن والجبن من صفاته الغدر والخيانة ليعوض بذلك عما ينقصه من الشجاعة وما تنعدم الشجاعة في قوم الا ويسيطر عليهم الجبن وذلك بسبب حبهم المفرط للدنيا والتمتع بمشتهياتها لان الشجاعة وليدة المخاطرة ووليدة العقيدة الراسخة التي يستهين صاحبها بالموت في سبيل تحقيق ما تدعوا اليه
فجبن اليهود سبب تعلقهم الشديد بهذه الحياة ولو كانت حقيرة ذليلة يقول برنار لازار في كتابه الحرب على الساميين : ( ان الثواب الوحيد الذي كان البررة الصلاح من ال اسرائيل يرجونه هو ان يجود الله عليهم بحياة طويلة باسمة الافراح واسعة العيش وكان اليهودي يرى نهاية الوجود بنهاية الحياة ويرى ان لا سعادة للانسان الا بطيبات الارض )
ملاحظة : نقلا عن كتاب ( اليهود في التاريخ ) للقس بولس عبود
فاليهود عرفوا بالجبن والفرار من المعارك الحامية الوطيس ولكنهم مهرة في تدبير المؤامرات والاعتداءات المصحوبة بالغدر والخديعة
هذا الخلق ظل مسيطرا عليهم منذ الماضي البعيد فكرهتهم الشعوب التي ساكنوها وطمعت فيهم لجبنهم وغدرهم فغزتهم مرات كثيرة تارة من ( مصر- وطورا من سوريا – وشرق الاردن- وحينا من العراق – حتى انهم غزوا من اوروبا )
وقد وصفهم القران الكريم بالجبن والاعتداء على انبياء الله بقوله تعالى :
( ضربت عليهم الذلة اين ما ثقفوا الا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بانهم كانوا يكفرون بايات الله ويقتلون الانبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) ال عمران : 112
والمعنى : ان الله اوجب عليهم الهوان اينما وجدوا الا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس وانهم استوجبوا غضب الله كما اوجب عليهم الاستكانة والخضوع لغيرهم وذلك بسبب كفرهم بايات الله وقتلهم الانبياء الذي لايمكن ان يكون بحق بل هو عصيان منهم واعتداء ولكن يتبادر الى ذهن القارئ خاطر مؤداه : كيف وصف القران الكريم اليهود بالذلة والمسكنة وهم اليوم ينعمون بالسيادة في فلسطين وكلمتهم مسموعة في بعض الدول الكبرى ؟ التوفيق سهل بين الواقع والنص القراني فقد وصفهم الله بالذلة ولكن اشار الى انه قد يكون لهم سلطان بقوله ( الابحبل من الله وحبل من الناس )
فما نال اليهود سلطانا في الارض الا بحبل من الناس ( معونة الدول الغربية ) في الحاضر وحبل من الله الذي ارادت حكمته ان ينتصروا في فلسطين لترى الشعوب العربية من خلال تلك الهزيمة واقعها المظلم وقد انتشر فيه الفساد والرشوة والخيانة وما اصدق ما قيل في ذلك (ان الاغتصاب اليهودي لارضنا لا يمكن فهمه وتقديره الا على انه نتيجة عمل طويل واعداد متواصل من قبل اليهودية العالمية التي تلاقت اهدافهامع مصالح الاستعمار في وطننا من جهة ومع الفساد السياسي الاجتماعي الشامل الذي كنا نعيش فيه من جهة ثانية )
ولقد كانت ماساة فلسطين سببا لوثبة العرب نحو تطهير مجتمعهم من الفساد ولا يزال امام الشعوب العربية وقت وفرصة لتعبئة قواهم واصلاح مجتمعهم وجمع كلمتهم التي هي المدخل لتحرير فلسطين
غدرهم واجرامهم :
لم ينسى العرب تلك الاهانة والطعنة التي اصيبوا بها في حرب فلسطين فعلى يد جماعة باغية مجرمة من اليهود الصهيونيين تعرضوا لكل انواع الاعتداء والغدر والقتل الجماعي في سبيل اجلائهم عن اوطانهم وممتلكاتهم ولا تزال دماء ضحايا مذبحتي دير ياسين وبيت دراس التي اخضلت بها ارض الوطن السليب اكبر شاهد على فداحة بغي الصهيونيين واجرامهم وما اقترفوا فيهما من قتل الرجال والولدان والنساء العرب والتمثيل بهم بصورة تقشعر لهولها الابدان
ملاحظة :( فقد جمع الصهيونيين في قرية دير ياسين خمسا وعشرين امراءة حاملا ووضعوهن في صف طويل ثم اطلقوا عليهن النار وبقروا بطونهن بالمدى والحراب واخرجوا الاجنة منها نصف اخراج كما قطعوا الاطفال اربا اربا امام اعين ابائهم الذين مازالوا على قيد الحياة هذا بالاضافة الى قتل الرجال العزل من السلاح والتمثيل بهم وفي قرية الزيتون جمع الصهيونيين اهل القرية كلهم في المسجد ثم نسفوا المسجد بالديناميت على رؤوس من فيه ( نقلا عن كتاب فلسطين والغزو التتري الجديد )اصدرته وزارة الثقافة والارشاد ببغداد ليس ذلك الخلق الاجرامي جديدا فيهم بل هو متوارث عن ابائهم واجدادهم يقول الفيلسوف والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون :
( لم يكن تاريخ اليهود الكئيب غير قصة لضروب المنكرات فمن حديث الاسارى الذين كانوا ينشرون بالمنشار احياء او الذين كانوا يشوون في الافران فالى حديث الملكات اللائي كن يطرحن لتاكلهن الكلاب فالى حديث سكان يذبحون من غير تفريق بين الرجال والنساء والشيب والولدان )
ملاحظة : اليهود في تاريخ الحضارات الاولى ترجمة الاستاذ عادل زعيتر
ومن يقراء كتبهم المقدسة يثير انتباهه الفظائع التي ارتكبوها في المدن التي اغاروا عليها واعتماد اكثرهم على الغدر تامل ما فعله سلفهم في اريحا :
( وابلسوا جميع ما في المدينة من رجل وامراءة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف )
ملاحظة : ابلسوا : اسلموا للهلاك
سفر يشوع فصل 6 اية 21
والقران الكريم يصمهم بالاجرام حتى انهم قتلوا رسل الله : ( لقد اخذنا ميثاق بني اسرائيل وارسلنا اليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى انفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ) المائدة: 70
وهم قتلوا ايضا الذين يامرون بالعدل بين الناس ( ان الذين يكفرون بايات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يامرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب اليم ) ال عمران :21كما ان القران يصمهم بالغدر ايضا بقوله : ( اوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل اكثرهم لا يؤمنون ) البقرة :100
هذه شهادة القران الكريم وهذه شهادة التاريخ فيهم فالتقيا على وصمهم بالغدر والاجرام
يفسدون في الارض :
مما لا يختلف عليه اثنان ان رباط الامة الوثيق الذي يجعلها في ماءمن من التدهور والانحطاط هو : الاخلاق التي هي اثر من اثار الهداية الالهية والتي سعت الاديان الى اشاعتها فكلما سارت الامة في مضمار هذه الهداية شوطا ازدهرت حياتها وشمل السلام ربوعها ولذا كان تدهور الاخلاق في امة ما نذيرا بالخراب
ومن الاهداف المرسومة عند بعض اليهود الصهيونيين تقويض الاخلاق عند الغير لاضعافه والسيطرة عليه هذا ما صرحت به سياستهم في كتاب ( بروتوكول حكماء صهيون )
ملاحظة :
جاء في بروتوكول حكماء صهيون الذي وضعوا فيه مخططاتهم السرية ( ان الشباب قد انتابه العته لانغماسه في الفسق المبكر الذي دفعه اليه اعواننا من المدرسين والخدم والمربيات اللاتي يعملن في بيوت الاثرياء والموظفين والنساء اللواتي يعملن في اماكن اللهو ونساء المجتمع المزعومات اللواتي يقلدنهن في الفسق والترف )
ومن الرائع ان القران الكريم سبق ان قرر هذه الحقيقة منذ اربعة عشر قرنا بما جاء في قوله تعالى عن اليهود : ( ويسعون في الارض فسادا والله لا يحب المفسدين ) المائدة :64
وقال الله في اليهود ايضا : (وترى كثيرا منهم يسارعون في الاثم والعدوان واكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون لولا ينهاهم الربانيون والاحبار عن قولهم الاثم واكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون ) المائدة :62-63
والمعنى : وترى ايها الرسول كثيرا من هؤلاء اليهود يسارعون في المعاصي والاعتداء على غيرهم وفي اكل المال الحرام كالرشوة والربا ولبئس ما يفعلونه من هذه القبائح اما كان ينبغي ان ينهاهم علمائهم وائمتهم عن قول الاثم كالكذب وكل منكر قبيح كالغيبة والنميمة والطعن في الغير واكل المال الحرام كالرشوة والربا فبئس ما كان يصنع علمائهم من الرضى بهذه المعاصي وترك نصحهم وعدم امرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر
فما ذكره القران الكريم ينطبق على الصهيونيين اليهود اليوم اشد الانطباق فهم لايتورعون عن الاثام وافساد الغير بشتى الطرق للسيطرة عليهم وهم معتدون سلكوا جميع وسائل المكر والخداع في سبيل اخراج الفلسطينيين العرب من ديارهم وهم يصلون الى ماربهم بالرشوة فهم يرشون الدول الكبرى والحكام ووكالات الانباء والصحف لمساعدتهم في تحقيق اهدافهم واطماعهم
على ضوء هذه الحقائق نجد ونحن ننظر في اخلاق الشعب العربي وما يعانيه من ميوعة وخيانة وانحلال في الاخلاق وهو المشهور بالمروءة والنخوة والشرف فنلمس النتيجة المؤلمه وهي : ان ما يعانيه الشعب العربي اليوم هو ثمرة مخططات الصهيونيين لاضعافهم والسيطرة عليهم فليكن زعماؤهم ومصلحوهم على بينة من هذا الخطر قبل ان يستفحل ولتحذر الشعوب العربية هذا الوباء الخفي الذي بداء يتسرب الى مجتمعاتهم ويهددهم بالانحلال والخسران
ملاحظة: الاحبار: جمع حبر وهو العالم والرجل الصالح وهو يطلق على من درس الشريعة اليهودية وتقدم فيها واتقن الاحكام وقضى بين الناس
اشعالهم الحروب وبث التفرقة :
هذه الانقلابات المتوالية على بعض حكومات البلاد العربية وهذا الصراع الذي يثار من ان لاخر بين ابناء الشعب العربي الواحد وبين حكوماتهم يحتاج الى تفسير وتعليل مقبول هل الشعوب العربية لم تصل بعد الى حد النضوج السياس في تكوين وحدتهم او ان ذلك يرجع الى تحريض من جهات غربية تسعى للايقاع بهم لاضعافهم والاضرار بهم من الناحية المادية والسياسية؟
كلتا الحالتين لها حظ من الواقع في تكييف ا لامة العربية فالفرقة التي ثعصف بالشعوب العربية يرجع سببها الى الصهيونيين الذين يريدون من اثارة الخلاف بين ابناء الشعوب العربية وحكوماتهم لاضعافهم وصرفهم عن المطالبة في استرداد فلسطين
وان اساليب الصهيونيين معروفة في كل زمن اما اعتراف ادلوف هتلر بانهم ( اشعلوا نيران الحرب العالمية وبذروا في داخل الريخ بذور الثورة الحمراء واستغلوا الكارثة في الوقت المناسب استغلالا بارعا ) كفاحي ص :341
ملاحظة : نحن اذا اكثرنا من الاستشهاد باقوال هتلر فما ذلك الا لتصوير واقع اليهود الصهيونيين بما ينطبق على ما وصفهم القران الكريم لا اعجابا باضطهاد اليهود وقتل عشرات الالاف منهم بلا تمييز بين البريئ والمسئ فان العدالة الالهية وشريعة القران الكريم تستنكر ذلك لان للنفس الانسانية حرمتها مهما كان لونها ومذهبها ولان البريئ لا يؤخذ بجريرة الظالم اما اعترف ايضا بان الصراع الذي احتدم في المانيا بين الكاثوليك والبرتستنت هو من فعلهم: (ولكن اليهودي اشتم رائحة الخطر وبادر الى تنظيم الدفاع عن نفسه معتمداعلى تكتيكه التقليدي فقد اثار احدى القضايا المذهبية في ثلاث صحف ماجورة ووقف يتفرج على الجدل الديني العقيم بين الكاثوليك والبرو تستنت وعلى ما يترتب على هذا الجدل من انقسام)
ويقول : ( ولاجل تحويل غضب السواد عنه عمل على بذر بذور الشقاق بين ابناء الوطن الواحد فحرض بافاريا على بروسيا وهذه على تلك ووقعت كلتاهما في الشرك )
ويقول ايضا ( لقد راينا اليهود يدخلون انوفهم في قضايا العالم الكبرى وكان لهم يد كل ثورة ذات طابع انقلابي )
ومن المدهش ان القران الكريم قرر هذه الحقيقة منذ اربعة عشر قرنا في قوله تعالى : ( كلما اوقدوا نارا للحرب اطفاءها الله ويسعون في الارض فسادا ) المائدة :64
فمن صفاتهم التي ذكرها القران الكريم اثارة الحروب والفتن بين الجماعات وليس من صفة اقبح ولا اشنع من تلك فهي تدل على نفوس متغلغلة في الشر وسخط عام على البشرية للانتقام منها باشعال الحروب بينها واثارة الانقلابات لمنفعة ذاتية يصلون اليها من وراء ذلك فالقران الكريم يقرر انهم كلما اشعلوا نارا للحرب خذلهم الله في مسعاهم وارتد كيدهم على انفسهم فغلبوا وقهروا ولم يقم لهم نصر من الله على احد قط وهم في الماضي في محاولاتهم لحرب الرسول محمد صلوات الله عليه وسلم وتاليب المشركين عليه لم ينالوا خيرا بل هزموا ونصر الله رسوله عليهم وخذلهم في كيدهم
يزاولون السحر :
هل السحر من اختصاص اليهود وهل يؤدي الى الكفر ؟ نعم هذا ما تحدث عنه القران الكريم وهذا ما برز عندهم في القرون الوسطى مما يسجل للقران فتحا علميا واقعيا كسائر فتوحاته في اي شاءن من شؤون الحياة الحاضرة والمستقبلة ( ففي خاتمةالقرون الوسطى اجتاحت المجتمعات الاوربية دعوة منظمة وثورة واسعة النطاق على الكنيسة وتعاليم النصرانية تقوم هذه الدعوة على عبادة الشيطان ومزاولة السحر وتقويض النظم الاجتماعية من اساسها
وقد ذهب بعض الباحثين مثل (ديشمبس ) الى ان هذه الدعوة ترجع الى تعاليم الكابالا السرية في التعليم العبرية في امور الخفاء ومدارك الغيب فقد اسس علامة اليهود اسحق لوريا المدرسة الكابالية الحديثة في ايطاليا في منتصف القرن السادس عشر وصيغت تعاليمه بقالب عملي للاتصال بعالم الغيب وكتابة الطلاسم وشعوذة الارقام والحروف
يقول فولتير الكاتب الفرنسي : ( كان اليهود هم الذين يلتجاء اليهم عادة في تادية الشؤون السحرية وهذا الوهم القديم يرجع الى اسرار الكابالا التي يزعم اليهود انهم وحدهم يملكون اسرارها )
وفكرة التوسل الى الشياطين فكرة يهودية في الاصل بل هي من تقاليد اليهود ومعتقداتهم وقد ورد في التلمود : ( اذا استطاعت العين ان تبصر الشياطين التي تعمر الكون كله ضربا من المستحيل ذلك لان الشياطين اكثر منا عددا وهم يحيطون بنا من كل صوب ولكل منا على يساره الف شيطان وعلى يمينه عشرة الاف )
ويعدد التلمود فوق ذلك الطرق التي يستطيع بها الانسان ان يبصر الشياطين وغيرها من ضروب الوهم)
ملاحظة : تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة للاستاذ عبد الله عنان
( والسحر هو عمل في الاكثر للتاثير في الارواح كي تقوم باداء ما يطلب منها ويصحب هذا العمل كلام مفهوم او غير مفهوم واشارات يدعي الساحر انه انما يقوم به وباشارات لتسخير الارواح )
وقد صنف (ابن خلدون) السحر اصنافا ثلاثة : السحر بالمعنى المفهوم عند الفلاسفة وهو التاثير بالهمة من غير الة ولا معين والطلسمات وهي التاثير بمعين من مزاج الافلاك والعناصر او خواص الاعداد والشعبذة او الشعوذة وتكون بالتاثرفي القوى المتخيلة والتصرف فيها بقوة نفس الساحر المؤثرة حتى يرى الرائي شيئا في الخارج ولي هناك شئ) مقدمة ابن خلدون 126-3
وقد كان اكثر السحرة من اليهود وكانوا يسندون علمهم المزعوم الى بابل وقد جاء في القران الكريم عن اليهود والسحر قوله تعالى : ( واتبعوا ماتتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من احد حتى يقولا : انما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من احد الا باذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الاخرة من خلاق ولبئس ما شروا به انفسهم لوكانوا يعلمون ) البقرة :102
فاليهود اتبعوا (ماتتلو ) اي ما تقص وقيل : تختلق ( الشياطين ) المراد بها شياطين الانس وهم العصاة والاشرار من الناس(على ملك سليمان وما كفر سليمان ) هذا رد ونفي لتلك الاقاصيص المختلفة وا لتي تزعم انه ما نال الملك سليمان الا بسبب معرفته السحر وانه جمع كتب السحر من الناس ودفنها تحت كرسيه ثم استخرجها الناس وتناقلوها وانه ارتد في اخر عمره وعبد الاصنام وبنى لها المعابد فرد عليهم القران الكريم بانه لم يكفر كما يدعون ( ولكن الشياطين كفروا ) اي هؤلاء الفجرة الذين يعلمون الناس السحر هم الذين كفروا لانهم ( يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) فهم يعلمون الناس السحر من عندهم من اثار ما جاء عن الملكين هاروت وماروت وقد كانا رجلين متظاهرين بالصلاح والتقوى في مدينة بابل في العراق يعلمان الناس السحر وبلغ حسن اعتقاد الناس بهما ان ظنوا انهما ملكان من السماء فنفي الله جل جلاله عنهما الانزال من عنده بقوله ( وما انزل ) ومعنى ( ومايعلمان من احد حتى يقولا له انما نحن فتنة فلا تكفر ) اي نحن اولو فتنة نبلوك ونختبرك وننصح لك ان لا تكفر بتعاطيك السحر فالمفهوم القراني هو ان السحر يؤدي الى الكفر ويؤيد هذا ما جاء في القران الكريم من قبل ( ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر )
فالسحر يؤدي الى الكفر لانه يصرف عن عبادة الله وحده وعلى السير بمقتضى شريعته والاسباب الطبيعية التي سنها الله بينما السحر يجعلهم يلتجئون الى غير الله من شياطين وغيرها ويسلكون الطرق الشريرة او المشوبة بالخداع للوصول الى غرضهم
ثم ذكر القران الكريم بعد ذلك بعض نتائج السحر( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وماهم بضارين به من احد الا باذن الله) اي وما هم بضارين بسحرهم هذا من احد واذا اتفق ان اصيب احد بضرر من اعمالهم فانما ذلك باذن الله تعالى ( ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ) ارشاد الى ان ليس في تعلم السحر الا المضرة والتوصل به المفاسد والشرور ( ولقدعلموالمن اشتراه ماله في الاخرة من خلاق ) اي انهم يعلمون ان من اختار السحر واستبدله بما اتاه الله من اصول الدين الحق واحكام الشريعة فليس له نصيب في نعيم الاخرة (ولبئس ماشروا به انفسهم لوكانوا يعلمون ) اي ولبئس ما اختاروه لانفسهم لو كانوا يعلمون عاقبة الاشتغال بالسحر وتركهم تعاليم الله جل جلاله
ملاحظة :( وما انزل ) : الواو استثنائية وليست عاطفة كما يتوهم و (ما) هي نافية وبهذا اكتفي ياسادتي على امل اللقاء بكم في الحلقة القادمة انشاء الله تعالى
اخوكم المخلص
الدكتور
رعد العنبكي
1437 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع