أحداث إنسانية في تأريخ الجيش العراقي الباسل راسخة في ذاكرتي

                                          

                       اللواء/ فوزي البرزنجي

            

أحداث إنسانية في تأريخ الجيش العراقي الباسل راسخة في ذاكرتي

المقدمة
بمناسبة الذكرى 93 لتأسيس الجيش العراقي الباسل نوثق هذه الأحداث لكي يطلع عليها أبناء الشعب العراقي قبل أن تغيب علينا شمس الحياة ونحن في بلدان المهجر.
أولا. خلال العمل في المنطقة الشمالية في ستينات القرن الماضي كنا نشاهد بعض الأحيان أعمدة كهرباء الضغط العالي الناقلة للطاقة الكهربائية تُخرب من قبل البيشمركه وتُقطع الطاقة الكهربائية عن مدن أربيل وعقرة ودهوك / لأول وهله يخطر في بالنا سؤال من المستفيد من هذا العمل التخريبي ؟.
ثانيا. كان الجيش العراقي الباسل لايتعرض إلى القرى ولا ينتهك حُرمة المدنيين بل يمسك قمم الجبال والمضائق والخوانق حفاظا على الأمن وهذه الحقيقة يعرفها البيشمركه وكل أبناء الشعب الكردي والعكس صحيح كانت معسكرات الجيش والربايا تُقصف بالهاونات الثقيلة وبالمدفعية الثقيلة الإيرانية سنة 1974 – 1975 .
ثالثا. بعد ظهور الأنترنيت وكشف المستور بالوثائق والصور تجلت حقيقة المعلومات التي كنا لا نُصدقها في حينه عن خلفية إرتباط حركات التمرد في المنطقة الشمالية بدول وأجهزة مخابرات أجنبية لاتُريد الخير للعراق.
رابعا. أثبت الخبراء الأمريكان المختصين بالأسلحة الكيمياوية من خلال تواجدهم في شمال العراق منذ سنة 1991 لغاية سنة 2010 بتحليل عينات من تربة أرض حلبجه في مختبرات الجيش الأمريكي وأعلن كبير رجال سي آي  أي بالصوت والصورة أن العامل الكيمياوي الذي اُستخدم في ضرب حلبجه  هو غاز السارين وهذا النوع لايمتلكه الجيش العراقي وإنما يمتلكه الجيش الإيراني الموجود في مخازن سلاح حلف الناتو في الأراضي الإيرانية الذي لم يتم إخلاؤه بعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979/ (،) سؤال في غاية الأهمية من هو الشخص الذي تآمر مع الإيرانيين على ضرب الشعب الكردي بهذا النوع من الغاز ولمصلحة من ؟ ومن هو الذي ألصق التهمة بالجيش العراقي الباسل ؟ وعُرفت الحقيقة بعد إحتلال العراق سنة 2003 .
خامسا. خلال تواجدي في ( كمبات ) اللجوء في هولندا سنة 2008 إلتقيتُ بشباب من الشعب الكردي أعمارهم بين ( 17 – 20 ) سنة  قلوبهم مُلأت حقداًَ على الجيش العراقي الباسل بسبب أحداث حلبجة سنة  1988  وهم بعد لم يولدوا من أرحام أُمهاتهم فمن علمهم هذا الحقد .


الحدث الأول سنة 1975 في قاطع رانيه

في 6 كانون الثاني 1975 ترفعتُ إلى رتبة نقيب في حينه كنت أشغل منصب آمر السرية الرابعة الفوج الأول لواء المشاة الرابع عشر الذي كان يمسك جبل كورش في منطقة رانيه كانت سياقات عمل اللواء أقدم ضابط رتبة في وجبة مجازي اللواء يكون آمراً لقافلة المجازين من مدينة رانيه الى مدينة كركوك .
وصايا عمل قافلة المجازين
أولا. يكون أقدم ضابط رتبة في المجازين آمراً للقافلة ويكون مسؤول عن حركة وأمن القافلة بالذهاب وبالعودة .
ثانيا. يتجمع مُجازي اللواء عند الضياء الأول قرب سيطرة مقر اللواء في مدينة رانيه.
ثالثا. تقوم سرية هندسة الميدان الملحقة باللواء بفحص الطريق حتى جوار قرنه وتتأكد من خلوه من الألغام ضد العجلات لتأمين سلامة المجازين .
رابعا. يقدم ضابط الهندسة المسؤول عن فحص الطريق تقرير خطي الى آمر القافلة بخلو الطريق من الألغام .
خامسا. بعد ذلك يوعز آمر القافلة بحركة عجلات المجازين حسب تسلسل الأفواج .
سادسا. تُرافق القافلة عجلة إسعاف وعجلة إنقاذ وعجلة جهاز مُخابرة رقم 104 لتأمين الإتصال بمقر اللواء عند الضرورة.
عمل إجرامي يزهق أرواح بريئة ويخطف بسمة المجازين وفرحتهم بلقاء ذويهم
سابعا. كنت واقف بجوار عجلتي قرب سيطرة مقر اللواء أنتظر إنتهاء فحص الطريق جائني سائق عجلة كاز 66 حديثة تعود لأحدى وحدات المدفعية يروم الذهاب الى كركوك في واجب لنقل أحتياجات وحدته من المعسكر الخلفي في كركوك / قال سيدي أين تكون عجلتي في القافلة / قلت له طالما عجلتك حديثة تكون في مقدمة القافلة.
ثامنا. في هذه الأثناء جائني ضابط صف من سلك الشرطة يروم الذهاب الى كركوك قلت له إركب بهذه العجلة بعده جاء عسكري محال الى التقاعد قلت له إركب بهذه العجلة بعده جاء رجل مدني يرتدي عباءة وكوفية ومعه إبنه توسط له للحصول على إجازة قلت له إركب بهذه العجلة مع ثلاثة أخرين على ما أعتقد الجميع ركبوا بنفس العجلة .
تاسعا. بعد إنتهاء فحص الطريق أوعزتُ بحركة القافلة إلا أن الغريب في الموضوع عجلة الكاز 66 سائقها لم يقود العجلة كما قلت له بل تحركت أخر عجلة قبل عجلتي / كان جالس الى جواري ضابط إس الفوج بينما أتحدث معه وبعد مسير مسافة لاتزيد على كيلومتر بدأ سائق عجلة الكاز 66 يجتاز العجلة التي أمام عجلته  ثم التي أمامها وبينما يحاول إجتياز العجلة الثالثة خرجت الأطارات اليسرى للعجلة عن الأسفلت عندها حدث إنفجار شديد للغم ضد العجلات قذف العجلة في الجو إلى إرتفاع يزيد على 5 متر ومسافة 20 متر وأحدث حفرة في الشارع بعمق يزيد على مترين .
عاشرا. أوعزتُ إلى سائق عجلتي بزيادة السرعة كانت خلف عجلتي عجلة الأسعاف عقبتني  مسرعة حال الوصول إلى مكان العجلة شاهدت منظر مروع جميع الذين ركبوا في العجلة تقطعت أجسادهم إلى أشلاء أوعزتُ بإخلاء من فيه نبض حياة كان إثنين من المجموع توفوا في الطريق قبل الوصول إلى وحدة الميدان الطبية في مدينة رانيه .
أحد عشر. إصيب الجنود المجازين بحالة من الهستيريا عند مشاهدتهم أشلاء زملائهم كان بجوار مكان الحادث راعي غنم يسرح بأغنامه ركضوا عليه أنهال عليه قسم من الجنود بالضرب في أعقاب بنادقهم صرخت عليهم بأعلى صوتي لم يستجيبوا لأمري سحبت أقسام بندقيتي وقلت لهم سوف أفتح النار عليكم إذا لم تتركوا الشخص عندها إنفضوا من حوله قمت بإركابه في عجلة وأرسلته الى مقر اللواء بصحبة أثنين من حراس القافلة لغرض التحقيق معه لكن كنت أعلم علم اليقين إنه برئ من هذا العمل الإجرامي .
اثنى عشر. من المسؤول عن إزهاق أرواح بريئه لم ترتكب أي عمل ضد أبناء شعبنا الكردي ولماذا ومن يقف وراء تحريض البيشمركة ضد الجيش العراقي الباسل.
الحدث الثاني سنة 1984 في قاطع نال باريز في بنجوين

أولا. كان لواء المشاة التاسع عشر الذي تشرفت بقيادته يشغل قاطع الجناح الأيسر للموضع الدفاعي للفرقة السابعة في منطقة نال باريز من سلسلة جبل هرزله حتى الراقم 1654 الذي يشرف على قرية الشيخ محمود الحفيد الكائنة في الوادي المجاور للراقم 1654 .
ثانيا. كان منتسبي فوج المغاويرالذي بأمرة اللواء والفوج الثالث ومقر اللواء يشترون يوميا مايحتاجون من مادة الحليب والجبن واللبن الرائب والبيض من أهالي القرية حيث كان تواجد القطعات في هذا المكان مصدر رزق لهم وكانوا فرحين بذلك.
ثالثا. في أحد الأيام أنفجر لغم ضد العجلات زُرع في الطريق الذي يربط الراقم 1654 بقرية الشيخ محمود الحفيد على إحدى عجلات فوج المغاوير التي تقوم بنقل الأرزاق إلى السرية المتواجدة في الراقم 1654 لم تحدث خسائر بشرية كثيرة حيث أُصيب السائق بجروح وكانت إصابتهُ متوسطة.
رابعا. كان الجيش العراقي الباسل في هذه الفترة الزمنية يُدافعُ عن حدود العراق  ضد الجيش الإيراني في قاطع مدينة السليمانية ويتجنب الإحتكاك بمواقع البيشمركه التابعة لحزب الإتحاد الوطني الكردستاني.
خامسا. بعد هذا الحادث بيومين أو أكثر في إحدى الليالي بعد منتصف الليل بساعة وردت رسالة من إس قيادة فرقة المشاة السابعة مضمونها / أعلمتنا مصادر موثوقة تواجد مجموعة من المخربين في مدلولات تربيع أحداثيات المنطقة ويجب معالجتها بنيران المدفعية .
سادسا. في حينها كانت هيئة ركن مقر اللواء يبقون يقضين طيلة الليل في غرفة حركات مقر اللواء لأن الموقف كان يتطلب ذلك قدم الرسالة لي مقدم اللواء وبعد تسقيط الإحداثيات على الخريطة تبين إنها إحداثيات قرية الشيخ محمود الحفيد .
سابعا. أنتابني شعور غريب تصورت والدي ووالدتي وإخواني وزوجتي وأطفالي موجودين في نفس القرية والمطلوب مني صب حمم بركانية من نيران المدفعية فوق رؤوسهم وهم نائمين لكن كنت هادئ وتملكتني شجاعة إضافية وسألت نفسي من المستفيد من تعبير هذه المعلومات إلى مقر الفرقة وفي ساعة متأخرة بعد منتصف الليل لكن كيف إنطلت هذه الكذبة على هيئة ركن مقر الفرقة وهم يعلمون أن القرية يتواجد فيها أهلها لأنها بعيدة نسبيا عن خط التماس مع قطعات العدو الإيراني/ بادلني نفس الشعور آمر كتيبة مدفعية الميدان / 80 المقدم صالح سرحان حسين لكن يجب تنفيذ الأمر لكي لا يؤول بصورة سيئة ضدنا قلت له إعطي معلومات إلى موقع قيادة الكتيبة زائداً خط تشميل بالمدى يمينا خط تشريق بالإتجاه / المربع الواحد على الخريطة واحد سنتيمتر وعلى الأرض يساوي واحد كيلومتر بهذه الطريقة نفذنا الأمر العسكري وأنقذنا أرواح الأبرياء من سكان القرية من أبناء الشعب الكردي ولم نرتكب حماقة تُغضبُ الله سبحانه تعالى.
ثامنا. كان قسم من الأكراد المتعاونين مع القيادات الميدانية في الجيش يحابون العاملين في منظومات إس لتحقيق مصالحهم الشخصية أولا ولغرض تأليب الرأي العام من أبناء الشعب الكردي ضد الجيش العراقي الباسل ثانيا.
الحدث الثالث سنة 1984 في منتصف المسافة بين عربت ونال باريز
أولا. بعد قيام الحرب العراقية الإيرانية سنة 1980 وتعرض قوافل القطعات العسكرية التي تسلك طريق (سيد صادق – بنجوين ) إلى القصف المدفعي الإيراني تم فتح طريق بين سراو وعربت بين السلاسل الجبلية غرب الطريق الرئيسي و يلتقي مع الطريق الرئيسي في منطقة نال باريز قبل المضيق .
ثانيا. في الثلث الأخير من الطريق من جهة الشمال يوجد وادي يُؤدي إلى حوض مدينة برزنجه .
ثالثا . منتصف سنة 1984 كلف مقر مدفعية فرقة المشاة السابعة زمرة تتألف من ثلاثة أشخاص مساحين من صنف المدفعية زائداً سائق عجلة كاز 66 لغرض القيام بمسح هذا الوادي وأجهل أسباب هذا الواجب .
رابعا. كانت المنطقة خالية من القطعات العسكرية منتصف النهار   إنقطع الإتصال اللاسلكي مع الزمرة ولم تعود إلى المعسكر الذي إنطلقت منه وكان هذا خطأ فادح إرتكبه مقرمدفعية فرقة المشاة السابعة.
خامسا. في مساء نفس اليوم أصدرت قيادة فرقة المشاة السابعة أمر تكليف إلى آمر لواء المشاة التاسع عشر شخصيا لغرض القيام بواجب التحري ومعرفة مصير الزمرة في صباح اليوم التالي.
سادسا. بعد أستلام أمرتكليف قيادة فرقة المشاة السابعة أصدر مقر لواء المشاة التاسع عشر أمر حركات تضمن القطعات التي ستقوم بتنفيذ الواجب والإسناد الناري والإسناد الهندسي والإسناد الطبي و وقت التنفيذ.
سابعا. في صباح اليوم التالي بعد شروق الشمس مباشرة إنطلقت القطعات راجلاً مع أتخاذ تدابير الحيطة والحذر التي كانت تتألف من سرية مغاوير اللواء وسرية هندسة الصولة للواء مع أحد آمري بطريات كتيبة الإسناد المباشر 80 وبعد مسير يقدر بواحد كيلومتر ونصف شاهدنا العجلة واقفة مقدمتها بإتجاه مسيرنا ويتصاعد منها دخان قليل وكلما أقتربنا منها بدأنا   نشم رائحة شواء اللحم  البشري وعند الوصول اليها شاهدت السائق زائدا النائب الضابط        المساح في مقعد قيادة العجلة والأثنين الأخرين في مؤخرة العجلة .
ثامنا. تم قتل المقاتلين الأربعة وهم في العجلة بكمين نُصب لهم في طريق عودتهم من قبل بيشمركه حزب الإتحاد الوطني الكردستاني وتم الإستيلاء على الأسلحة والمعدات التي بحوزتهم وتم حرق العجلة بعد قتلهم مما أدى الى إحتراق وتفحم الجثث تم إخلاء العجلة وجثث الشهداء بدون حادث وعودة القوة إلى مكانها.
تاسعا. أكتب هذه الأحداث كأني أعيشها الآن لكون صورة هذه الجرائم البشعة ضد أشخاص مسالمين لم يرتكبوا أي عمل عسكري ضد المدنيين لمجرد كونهم من منتسبي الجيش العراقي الباسل لم تستطيع ذاكرتي مسحها طيلة هذه الفترة من الزمن / المجد والخلود والرحمة لشهداء الجيش العراقي الباسل والخزي والعار لمن إرتكب هذه الجرائم البشعة.
اللواء فوزي البرزنجي
10  كانون الثاني 2014

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1010 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع