ثورة الشواف آذار 1959ـ الجزء الثاني
لقد كان الموقف العام في العراق غير ملائم وغير مستقر وهو يعاني من عزله تكاد تكون عامه من المحيط العربي والاقليمي والدولي اضافة الى ترقب رجال الدين في بغداد والنجف بحذر لما يجري..
وكان الوضع الداخلي مضطرب وتسوده الفوضى في كل شيء وسيطرت المليشيات على شوارع بغداد والمدن الاخرى وبالاخص الموصل وكركوك والحله والبصره والتلويح بالحبال والتهديدات والشعارات التي تستفز الاخرين ولم تكن هذه خاليه من نوازع طائفيه مريضه استغلها الشيوعيون لصالح اهدافهم بشعارات براقه تستهوي الفقراء والعمال والمزارعين ومن خلال كل ذلك بدأت حمله شرسه تلوح بوجود مؤامره والاستعداد لاجهاضها لانها تستهدف الثوره ومنجزاتها ..
شن الحزب الشيوعي حمله ضد الجمهوريه العربيه المتحده وضد العروبين وضد قادة الجيش بشكل عنيف وقوي تنفيذا لما تقرر في اجتماع (ديرماركوركيس) الذي سبق ذكره في الجزء الاول وبدأت الامور تلوح لحدث كبير سوف يحدث في العراق وكان الحزب الشيوعي العراقي يهدف من ذلك اقصاء جميع الحركات السياسيه والتربع على العراق ومن ثم يكون اقصاء قاسم سهلا في المرحله اللاحقه .ونتيجه لهذه الحمله قدم الوزراء القوميين استقالاتهم من الحكومه مما تسبب احراج لقاسم وكانت الاسباب لاستقالاتهم قد بينوها في بيان وجه الى رئيس الوزراء تضمن مطالب مهمه :
1 . فسح المجال لاحزاب الجبهه القوميه بممارسة نشاطهم واصدار صحيفه اسوة بالحزب الشيوعي الذي كان يصدر صحيفة اتحاد الشعب .
2 . يجب وضع سياسة خارجيه وداخليه واضحه خلال الفتره الانتقاليه .
3 . توضيح موقف الحكومه العراقيه تجاه الدول العربيه وخاصة الجمهوريه العربيه المتحده .
4 . يجب ان يكون لمجلس الوزراء الحق في مناقشة الوحده العربيه او الاتحاد الفدرالي .
وقد رفض عبد الكريم قاسم هذه المطالب مما ادى الى استقالة الوزراء بتاريخ 7 شباط 1959 .وقد حقق ذلك لقاسم مايلي :
1 . التخلص من القوميين في الحكومه .
2 . التخلص من القوميين عموما .
3 . ضمان عدم وجود جبهه للرفض في مجلس الوزراء .
4 . فتح المجال امام الشيوعيين لتنفيذ مطالبهم واهدافهم .
وقد بارك الشيوعيون هذه الاستقاله ونوهت جريدة اتحاد الشعب بوجود خيوط بين هؤلاء الوزراء والاستعمار والرجعيه ومطالبة قاسم بالضرب بيد من حديد على هؤلاء واعدامهم ( جريدة اتحاد الشعب العدد 14 في 9 . شباط . 1959 )
باشرت المليشيات الشيوعيه تنفيذ المخطط وبدأت في الموصل بمهاجمة احتفالية اهالي الموصل بعيد الوحده العربيه بين مصر وسوريا واعتدوا على الاهالي .
شنت المليشيات الشيوعيه اعتداء على السفاره المصريه اثناء احتفالها بعيد الوحده .في الوقت الذي كان قاسم يرسل برقية تهنئه الى عبد الناصر يهنئه بالعيد .
قامت المليشيات الشيوعيه في مدينة الموصل :
1 . تنفيذ الخطه 28 ، ن .
2 . استفزاز اهالي الموصل .
3 . التأثير النفسي على القوميين العرب .
وتجدر الاشاره الى ان الشيوعيين لايمتلكون اي رصيد يذكر في الموصل ولكون المدينه عروبيه ومسلمه .
عندما تقرر مؤتمر انصار السلام في الموصل قام عدد من وجهاء الموصل بمقابلة قائد الفرقه الثانيه ( العميد الركن ناظم الطبقجلي ) وشرحوا له ظروف المدينه والاحتمالات المفتوحه لما سوف يجري فيها وقد ادرك الطبقجلي من ان احداثا كبيره سوف تقع ولذلك ذهب لمقابلة قاسم واشار اليه بعدم السماح للمؤتمر بالاجتماع في الموصل منعا من كارثه قد تحصل ولكن قاسم اصر على انعقاده في الموصل
وزاد في تصرفات الشيوعيين استفزازا للجيش عندما قام المدعو ( كامل قزانجي ) بمراجعة مقر اللواء الخامس مدعيا بأن منشورات الحزب الشيوعي قد صودرت وانهم سوف يسلخون سوريا عن مصر قريبا وقد نقل هذا الكلام الى الشواف الذي ذهب لمقابله قاسم في اللقاء الاخير قبل الكارثه وقال له ( لماذا نترك الشيوعيون يصبغون البلاد باللون الاحمر ويعادون القوميه العربيه ونحن اتفقنا ان يكون العراق على الحياد الايجابي ؟؟ لماذا تتركهم يفعلون مايشاؤون دون ردع ؟؟ ) وهنا ذهب قاسم الى درج مكتبه واخرج علبة صغيره فيها ميداليه فلسطين وقال للشواف انظر فقال الشواف ماهذا ؟؟ قال قاسم انها ميدالية العوده الى فلسطين ؟؟؟؟ وقال قاسم ياعبد الوهاب اني انتظر ان يخرج الشيوعيون عن الخط لآكسر راسهم ,, واخرج صوره له حديثه واهداها للشواف .. الذي كان يردد وهو خارج من مكتب قاسم ( عرب وين وطنبوره وين؟؟؟؟ ) ..
كانت الاسلحه تتقاطر الى الموصل تحت حماية المقاومه الشعبيه طيلة شهر شباط وتخزن في اماكن مجهوله وبعد ذلك بدأ المندوبون بالوصول ومعهم ( 850 ) شخص لغرض تنفيذ العمليه المتفق عليها باجتماع دير مار كوركيس ..
في يوم 2 آذار 1959 وصلت تعليمات من اللجنه المركزيه للحزب الشيوعي في بغداد الى اللجنه المحليه في الموصل تتضمن التعليمات التاليه :
1 . سيصل يعض الموفدين من حزب توده وهم خبراء في مشكلات الخطه التي نحن بصددها .
2 . سيحضر على الاكثر رفيق من الشرق مع حزب توده واسمه ( فأجير الياهو ) .
3 . الرجاء تسليمه كافة الامورالتي تعتزمون القيام بها للاطلاع عليها وان قرار الرفيق فأجير قطعي .
4 . عينت المساحات في كل من باب الطوب ومحلة الساعه .
5 . نقطة التهيؤ هي ساعة وصول قطار السلام .
وفي محاوله اخيره اتصل الشواف بقاسم واخبره بضرورة منع المؤتمر في الموصل لان هناك الكثير من الاسلحه وسوف يكون حمام دم ولكن قاسم وعده خيرا ولم ينفذ شيء كما ذكرانا آنفا ، بل حمله مسؤولية امن الموصل .
قطار السلام
هيأت الدوله كافة المستلزمات للمؤتمرين من نقل مجاني في قطار خاص وطعام ولقد اقبلت اعداد كبيره من المحافظات وتحرك القطار يوم 5 . اذار . 1959 وقد سبق وصوله اعتداء قام به الشيوعيون على مقهى القوميه العربيه وعلى صاحبه الذي ذهب ليشتكي ذلك الا انه اودع التوقيف ,, وصل قطار السلام الى الموصل يوم الجمعه 6 . اذار . 1959 وباشرت المواكب من محطة القطار الى التجوال في شوارع الموصل مرددين الهتافات ومنها ( اهل الموصل ياكرام احنا انصار السلام ) و ( مدينة الموصل فدوه لابن قاسم ) وكانت هناك هتافات استفزازيه اخرى ولغة التهديد واضحه فيها ..
اعلن عريف الحفل الغاء الاحتفالات لرداءة الطقس .. علما ان اهالي الموصل قاطعت الاحتفال واغلقت الحوانيت والمحلات والمقاهي..
وبعد الغاء الاحتفال خرج المحتفلون من ملعب الاداره المحليه وهم يحملون العصي والسكاكين وهاجموا مقهى القوميه العربيه للمره الثانيه ومكتبة الرايه العربيه وحطموا كل مافيها من كتب واثاث وكسروا الزجاج ومن ثم انسحبوا وترك 48عضوا من المدربين على القتال وقد ادرك اهالي الموصل بان هناك خطة لجر اهالي الموصل الى القتال .
في اليوم التالي 7 آذار خرج اهالي الموصل بتظاهره صاخبه من محلة الساعه وهم يحملون صور عبد الناصر وشعارات قوميه وكانت المظاهره سلميه واستمرت حتى الساعه الثانيه بعد الظهر بدون حادث ..
في الساعه الثانيه والنصف خرج الشيوعيون الى مكتبة آل كشموله واحرقوها وكذلك فعلوا مع مكتبة العروبه وكانت هناك بقيه من متظاهري اهل الموصل وحصل اصطدام بين الطرفين وحصل اطلاق نار وتشابك بالعصي والسكاكين مما اضطر الشواف الى اعلان حضرا للتجول في مدينة الموصل اعتبارا من الساعه الرابعه عصرا ..
في الساعه الثانية عشرة ليلا قام الشواف باعتقال 48 عضوا للحزب الشيوعي الذين تم تركهم من المهرجان ومنهم ( كامل قزانجي ) بالاضافه الى اعضاء اللجنه المحليه واعضاء نقابة المعلمين والعمال وانصار السلام وتم وضعهم في مستودع للجيش في معسكر الغزلاني .
في خضم هذه الظروف الصعبه والدقيقه والاحداث الجسيمه واستنادا لما كان قد تهيء له من خطه للثوره فقد كانت الشراره واعلنت الثوره ..
والى الجزء الثالث والاخير
مع تحيات
صديق المجله / بغداد
للراغبين الإطلاع على الجزء الأول.. النقر على الرابط أدناه:
http://algardenia.com/maqalat/7360-1959.html
644 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع