آرا دمبكجيان
القضية الكوُردية ... و كوُردستان الكبرى
تنويه
قبل الأسترسال في الموضوع، و من باب النزاهة و الأمانة، أَودُّ أن أُبيِّن أنَّ هذا التحقيق الموجز لا يفي هذه المسألة حقّها. فهي أعظم و أوسع لهذا الشعب الذي أصبحَ ألعوبة بيد القوى العظمى، تتلاعب في مصيرهِ حسب مصالحها و أستراتيجياتها، حالها حال الشعوب الصغيرة في المنطقة. و أمّا زعماء هذه الشعوب أضحت تصدِّق بالوعود المعطاة اليها لكونها الطرف الأضعف في المعادلة.
و هذا التحقيق في الأصل مقالة كتبْتُها و نشرتُها في جريدة "الأخبار" الورقية الصادرة في لوس أنجيليس في 2006. و بعد سبع سنوات من نشرها أرتأيتُ أن أُجري عليها بعض التعديلات حسب الوضع الراهن و أُعيد نشرها في "الگاردينيا" الغراء.
مقدَّمة
يعتبر الأكراد من الأقوام الآرية و يتكلمون اللغة الكوُردية المتفرِّعة من اللغات الهند-أوروربية. و حسب بعض المصادر، كان موطنهم الأصلي جنوب بحيرة أورمية في منطقة مارستان و مركزها أكبتانة. تعتبر دولة ميديا كيانهم السياسي الوحيد في القرن الثامن قبل الميلاد. و بعد الحروب التي خاضتها الدولة الأسلامية الفتية في بلاد فارس أنتقل الأكراد تدريجياً نحو الغرب، أي الى شمال بلاد ما بين النهرين و جنوب شرق الأناضول.
حافظ الأكراد على شخصيتهم و لغتهم الكورديتين حتى بعد أعتناقهم الأسلام و مساهماتهم في أحداث التاريخين العربي و الأسلامي. فهم لم يختلطوا مع المغول الذين غزوا بغداد و أسقطوا الدولة العباسية في القرن الثالث عشر الميلادي، و لكنهم حاربوا الى جانب الغزاة الجدد من الأتراك العثمانيين في الحروب التي خاضتها الدولة العثمانية مع إيران الصفوية، فمارسوا نوعاً من السيطرة المحدودة على المناطق الكوردية في ظل الدولة العثمانية و مدّوا جيوشها بالرجال مقابل عدم دفع الضرائب للدولة.
أعلنَ الأكراد نوعاً من الأستقلال العشائري بعد أندحار العثمانيين من قِبَل قوات محمد علي باشا المصرية، و لكن لم يدُم هذا الأستقلال المحدود طويلاً، فأُخمِدَتْ حركتهم عام 1836 ... و جَدّدَ الأكراد دعوتهم للإستقلال في عام 1877 بمساعدة روسيا القيصرية، و لكن الدولة العثمانية أخمَدَتْ حركتهم ثانية بعد أتفاقها مع روسيا.
و قامت ثورتهم الأخرى في 1880-1882 بقيادة الشيخ عبد الله النهري تدفعهم االروح و اليقظة القوميتين بعد أن قام العثمانيون بالقضاء على الإمارات المحلية العشائرية المتمتعة بالحكم الذاتي المحدود. و قبيل أندلاع الحرب العظمى (العالمية الأولى) 1914 نَمَت التطلّعات القومية بسبب نشؤ الحركات القومية لدى الأقليات الأخرى من أصحاب الأرض كالعرب و اليونان و البلغار و الأرمن و المنادية إمّا الى الحكم الذاتي أو الأستقلال. و ساهم المقاتلون الأكراد في الحرب الى جانب العثمانيين ضد روسيا القيصرية. لم يدُم هذا الولاء طويلاً ، و عندما بات مصير الدولة العثمانية الأسود مؤكَّداً في نهاية الحرب، أتَّصَلَ عددٌ من قيادات الأكراد بالبريطانيين لنيل مساعدة الحلفاء لإعلانِ قيامِ دولةٍ كوردية بعد أنتهاء الجرب و التوقيع على الهدنة.
في عام 1918، و بعد أنتهاء الحرب مباشرة، تأسَّست جمعية كوردية ذات توجُّهاتٍ قومية في كل من القاهرة و أسطنبول. في الوقتِ نفسهِ تأسَّست جمهورية أرمينيا في أيار 1918، فطالبَ الأكراد إقامة دولةٍ كوردية مستقِلّة على غرار قيامِ الدولة الأرمنية. و قَدَّمَ أعضاء فرعي الجمعية مذكَّرةً مشتركة الى مؤتمرِ السلام المنعقد في باريس في 1919 موضّحين فيها مَطالبَهم بالإستقلال.
قبل الخوض في قضية "كوردستان الكبرى" و بموجب التطورات السياسية على الجبهات العراقية و السورية و التركية و الإيرانية، يجب الأخذ بنظر الأعتبار مسألتين هامَّتين:
- أولاهما: التدخُّل الأسرائيلي في التطورات الأخيرة في القضية الكوردية، إمّا بصورة مباشرة، و هذا ما يُقلق الوطنيين و القوميين العرب في العراق و في الجوار، أو من خلف الكواليس. وجَدَت أسرائيل موطئ قدمٍ لها في هذه القضية كونها قوة أقليمية يُحْسَبُ لها ألف حساب، خاصة بعد السقوط المريع للنظام العراقي السابق و فتح الجدود أمامها. فهي كانت مأخوذة دائماً بقضية كوردستان، و لكن لصالح القضية الكوردية مرة، و لمصالحها هي مرات عديدة.
- ثانيتهما: و تتعلَقُ مباشرة بالأراضي الأرمنية في تركيا الشرقية و التي دخَلَتْ حاليا في "كوردستان الكبرى".
فيما يخصُّ النقطة الثانية، حادثة رواها لي أحدُ الأرمن في بغداد أنه بعد رجوع المرحوم الملا مصطفى البارزاني الى العراق من منفاه السوفييتي في تشرين الأول 1958، و في اليوم الذي كان يستعد فيه لزيارة الزعيم عبد الكريم قاسم لأول مرة، ذهب اليه هذا الشخص الى مكان إقامة الملا في فندق سميراميس (على ما أتذكَر)، و من ضمن سياق الحديث قال له الملا بما معناه "لن تكون هناك أرمينيا من دون كوردستان، و لن تكون هناك كوردستان من دون أرمينيا".
من الملاحظ أن حكوماتِ تركيا و إيران و العراق و سوريا دأبَت باستمرار على تغيير الطابع الإثني-العنصري للمناطق الكوردية على أراضيها. و من الأمثلة على هذا تهجير النظام العراقي السابق أكراد كركوك بالذات الى غرب العراق و جنوبه.
و قد تعرَّض الأرمن قبل و في أثناء و بعد الإبادة الجماعية التي أرتكبتها تركيا الى سياسة تتريكٍ منظَّمة في أرمينيا الغربية (تركيا الشرقية حالياً)، فقُتِلَ من قُتِل و هُجِّرَ من بقي على قيد الحياة الى الأراضي العربية في 1915، و كانت النتيجة إسكان الأتراك و الأكراد في القرى و المدن الأرمنية المهجورة. و بعملية حسابية بسيطة يمكننا أن نقَدِّر عددَ نفوسِهِم خلال المائة سنة الماضية لو لم تخسر تلك الأراضي ثلاثة ملايين أرمني بين قتيلٍ و مهَجَّر، أما الأكراد و الأتراك فقد بقوا في تلك المنطقة و سكنوا الديار الأرمنية و تكاثروا.
ماذا كان يقصد الملا مصطفى البارزاني بكلامه في الفقرة في أعلاه في 1958؟ التأويلات و التفسيرات كثيرة...
سيفر و لوزان
تعتبر مسألة "كوردستان الكبرى" مهمة جداً على ساحة الشرق الأوسط و ستفتح ملف معاهدة سيفر التي وافقت الدول العظمى في مضمونها على تخصيص منطقة حكم ذاتي للأكراد ضمن تركيا، و رسمَ الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون حدود أرمينيا المتحدة-الشرقية/الروسية و الغربية/التركية، و الى جانب الأكراد يطالب الأرمن بتطبيق بنود معاهدة سيفر أيضاً.
ففي 10 آب 1920 وقَع المنتصرون في الحرب العالمية الأولى على معاهدة سيفر و تقرر تحقيق مطالب الأقليات في الدولة العثمانية كالأكراد و الآشوريين و الأرمن فتم منح الأكراد حق إقامة كيان كوردي مستقل حسبما جاء في المواد 62 و 63 و 64 من بنود تلك المعاهدة. و تذكر المادة 62 على أن "تُشَكِّل لجنة يكون مقرها في أسطنبول و تتألف من ثلاثة أعضاء تُعَيِّنهم الحكومات البريطانية و الفرنسية و الإيطالية كل من جانبها، و على هذه اللجنة أن تضع في غضون ستة أشهر من التوقيع على هذه المعاهدة مشروعاً للحكم الذاتي المحلي للمناطق التي تسكنها أغلبية كوردية و الواقعة شرق نهر الفرات و جنوب الحدود التركية-السورية و منطقة ميسوبوتاميا (ما بين النهرين-العراق الحالي آ.د.)"، و أعطى لهم الحق في إعلان الإستقلال عن تركيا اذا شاؤوا ذلك، و إعلام عصبة الأمم خلال سنة من تطبيق بنود المعاهدة.
و نتيجة للتطورات الجيو-سياسية في المنطقة و تفاقم المد الشيوعي من الدولة السوفييتية الفتية في بداية العشرينات من القرن الماضي، و كذلك بروز مصطفى كمال أتاتورك على المسرح السياسي التركي، وُضِعَت النهاية لتطبيق بنود المعاهدة لمنح الأكراد الأستقلال المنشود و الموعود. فنَسَت الدول العظمى، أو تناست كما هي عادتها، تواقيعَها على معاهدة سيفر و وعودها للأقليات الأثنية، فأجتمعوا في 24 تموز 1923 في لوزان لتوثيق نسيانهم و التصديق على إنكارِهِم لوعودِهِم التي كانوا قد قطعوها لهم. و هكذا جاءت معاهدة لوزان الى الوجود لتهميشِ حقوق الصغار للحفاظِ على تركيا الكمالية من الإرتماء في أحضان لينين الذي كان يدعم الكماليين بالذهب و السلاح السوفييتين لعله ينجح في إدخال الشيوعية الى تركيا. فكانت بريطانيا و فرنسا و غيرهما له بالمرصاد...و لكن على حساب الصغار.
دعموا تركيا المهزومة في الحرب على حساب الأقليات الصغيرة، ليس حُبّاً بتركيا و لكن لإبعادِها عن السوفييت أولاً، و لقتل الحلم الروسي-السوفييتي في النزول الى المياه الدافئة للبحر الأبيض المتوسط و ذلك بالإستحواذِ على مضائق البوسفور و الدردنيل ثانياً، و لجعل تركيا منطقة عزل دولية بين الشرقين الأوسطِ و الأدنى و أوروبا (كل على حدة) من جهة و روسيا الشيوعية من الجهة ألأخرى.
و لدعمِ سيطرتهم على الشرق الأوسط كافة بعد أنتهاءِ الحرب العالمية الأولى، فُرِضَ الأنتداب البريطاني على بلاد ما بين النهرين (العراق الحالي) و الفرنسي على سوريا بقرار أصدَرَهُ مجلسُ الحلفاءِ الأعلى المنعقد في سان ريمو يوم 25 نيسان 1920...و في 23 آب 1921 نودي بفيصل بن الحسين ملكاً دستورياً على العراق، و يصادف هذا التاريخ يوم 18 ذي الحجة 1339 هجرية وهو يوم عيد الغدير، فقررت بريطانيا الأحتفال بالمناسبتين معاً....
ثورةُ الشيخ محمود الحفيد
في تلك الأثناء كان الشيخ محمود الحفيد قد تَزَعَّمَ الحركة القومية الكوردية و كان يحتفظ بنفوذٍ قوي في منطقته. و على الرغمِ من تصدِّي البريطانيين له فقد أضطرّوا على الأستنجاد به لوقفِ التحركاتِ العسكرية التركية في المنطقة بعد أنْ أثارت تركيا قضية ولاية الموصل مطالبة بها. فشكَّلَ الشيخ محمود الحفيد حكومةٍ كوردية في السليمانية في تشرين الأول 1922 و عَيَّنَ نفسه حاكماً (حاكمدار) لكوردستان، فتوجَّسَ البريطانيون شرّاً، فتصَدُّوهُ ثانية.
ثم جاء التصريحُ العراقي- البريطاني المشترك الصادر في 21 كانون الأول 1922 الذي أعترف بحق الشعب الكوردي في حكمٍ محلِّي ضمن المملكة العراقية و الذي ينص على: "تعترف حكومة صاحب الجلالة البريطانية و الحكومة العراقية معاً بحقوق الأكراد الذين يعيشون داخل حدود العراق في إقامةِ حكومةٍ كوردية ضمن هذه الحدود و تأمل الحكومتان أن العناصر الكوردية المختلفة ستتوصَّل بأسرع ما يمكن الى أتفاق فيما بينها حول الشكل الذي ترغب أن تتخذ تلك الحكومة، و على الحدزد التي يرغبون أن تمتد اليها، و أن يرسلوا مندوبين ذوي صلاحيات الى بغداد للمداولة في العلاقات الأقتصادية و السياسية مع حكومة صاحب الجلالة البريطانية و الحكومة العراقية."
غيَّرَت الحكومة البريطانية سياستها نحو سلبية أكثر تجاه الأكراد بعد فشلِ مؤتمر لوزان الأول في شباط 1923. ثم أرسلَت عصبةُ الأمم لجنةً دولية للتحقيق في التشكيل القومي لولاية الموصل وفقاً الى إحدى مواد معاهدة لوزان الموقَّعة في مؤتمر لوزان الثاني في تموز 1923. و جاء في تقرير اللجنة أن اللغة الكوردية و الهوية الكوردية تسودان الولاية بعد أن بقيت اللجنة في المنطقة ثلاثة أشهر من كانون الأول 1924 بغاية آذار 1925.
و رفعتِ اللجنة تقريرها الى عصبةِ الأمم في 16 تموز 1925 بعد أن قَدَّرَت عدد سكان ولاية الموصل 799 ألفاً، من بينهم 520 ألفاً من الأصول الكوردية و حوالي 279 ألفاً من القوميات الأخرى كالعرب و الآشوريين و الكلدان و الإيزيديين و الشبك و الأرمن و غيرهم.
ثورةُ البارزانيين
يلمع أسم الملا مصطفى البارزاني كنجمٍ لامع في سماءِ الحركة القومية الكوردية على مدى خمسين سنة الى حين توفّاه الله في آذار 1979. لم يكن قائداً قومياً فحسب بل وَرَثَ الطريقة النقشبندية الصوفية و زعامة عشيرة بارزان في الموصل عن أبيهِ محمد و جدِّهِ عبد السلام الأول.و كان أخوه الشيخ عبد السلام الثاني أقوى و أبرز زعيم كوردي أضطرَّت الحكومة العثمانية الى التصدِّي له و التعامل معه بعد الشيخ عبد الله النهري. كانت دعوتُهُ الى كوردستانٍ مستقلّة دعوة صميمية. و بعد نضالٍ طويل الأمد أُلقي القبض عليه جراء عملية غدر و سُلِّمَ الى السلطات العثمانية فحوكمَ أمام مجلسٍ عسكري و أُعْدِمَ شنقاً في سجن الموصل مع ثلاثة من أتباعه.
بعد الأنتفاضة البارزانية الأولى 1931- 1932 و أنقلاب موازين القوى بعد تدخُّل القوة الجوية البريطانية في التصدي للحركة البارزانية، ثم أنسحاب عدد من القبائل الموالية له و أنضمامها الى جانب الحكومة العراقية، وجدَ الملا مصطفى نفسه في إيران.
و بعد تأسيس جمهورية مهاباد في 22كانون الثاني 1946 في آذربيجان الإيرانية بمساعدة القوات السوفييتية، تولّى فيها منصب القائد العام لقوات الجمهورية التي –حسب أكراد العراق- منحتهُ لقب و رتبة المارشال. و بعد خروج الأتحاد السوفييتي من إيران و سقوط جمهورية مهاباد و أعدام مؤسسها القاضي محمد و أصحابهِ شنقاً، ألتجأَ الملا مصطقى الى الأتحاد السوفييتي و بقي فيه 12 عاماً لحين قيامِ الجمهورية العراقية في 1958، فعادَ الى العراق.
آمنَ الملا مصطفى إيماناً قوياً بعدالِة قضيةِ شعبهِ في الحصول على دولة مستقلة، أو حتى على حكمٍ ذاتي. لكن الواقع الجيو- سياسي للمنطقة بدَّدَ أحلامَه كما بدَّدَ أحلام الذين سبقوه في النضال. كان يعي أن الوضع في منطقة الأكراد الجغرافية وضع واقع الحال De Facto و من الصعب جداً تغييره، إنْ لم يكن من المستحيل. و قد أدركَ الملا مصطفى البارزاني هذه الحقيقة بنفسهِ لوعيهِ بالنزاعاتِ الدولية و الأقليمية، لهذا السبب لم يكن يتطلَّع الى الأستقلال بل الى الحكم الذاتي في إطارِ الدولة العراقية.
كوردستان الحمراء
طَبَّقَت الدولة ُ السوفييتيةُ السابقة سياسة فرِّقْ تسُد المعروفة بكل حذافيرِها...
أقامَ السوفييت "منطقة الحكم الذاتي لكوردستان الحمراء" في سنوات 1923-1929 في قرى كلباجار و لاجين و كوباتلو التي تقع حالياً ضمن جمهورية غاراباغ الجبلية (آرتساخ) لعزل الأخيرة عن جمهورية أرمينيا السوفييتية (السابقة)، فطَبَّقَ الشيوعيون الأرمن تعليمات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي (السابقة)، فأبتعدت المنطقتان الأرمنيتان عن بعضهما مسافة 7 كيلومترات. و مهَّدَت هذه العملية الطريق فألحقَ ستالين منطقة غاراباغ الجبلية بأذربيجان السوفييتية عام 1923 لحين سقوط النظام السوفييتي.
جمهورية أرمينيا كما جاءت في معاهدة سيفر مع توقيع الرئيس وودرو ويلسون
كان عدد نفوس "كوردستان الحمراء" 51200 نسمة حسب إحصاء 1926 السوفييتي، منهم 37470 كورديا ً(73.1%) و 13520 آذرياً (26.3%) و 256 أرمنياً (0.5%). أنحلَّت منطقة "كوردستان الحمراء" في 3 نيسان 1923 حسب قرار المؤتمر السادس لمجلس (سوفييت) عموم آذربيجان بموجب التعليمات الصادرة من الكريملين.... و في إحصاء 1979 للسكان لم يكن يوجد كوردياً واحداً في منطقة جنوب القفقاس.
في الواقع، إن أنحلال كوردستان الحمراء يُثبتُ أن المشروع لم يكن جدياً بل من المحاولات المؤقتة لخدمة مصالحَ مجموعاتٍ معيّنة. في الوقت نفسه يُظهر أن الأكراد لم يكونوا من اللاعبين الأساس في خلقها، و لو كانوا فاعلين في العملية لتشبّثوا في دولتهم ذات الحكم الذاتي و لم يتركوها تنحل بعد ست سنوات.
و المسألة الأخرى هي لماذا دُعيَت ب"كوردستان الحمراء" و ليست "السوفييتية".
و جواباً أقول لم يأتِ تأسيس "منطقة الحكم الذاتي لكوردستان الحمراء" أعتباطاً من السوفييت و لا حُبّاً بأكراد القفقاس بل لتفريق و إبعاد منطقة غاراباغ الجبلية عن جمهورية أرمينيا السوفييتية نهائياً ... فإلحاقها باذربيجان... لم يقبل الأكراد بأي حال التقوقع في لاجين و جوارها، فهي ليست مناطق سكناهم، لأنهم جادون بأمتدادهم الجغرافي في تركيا و سوريا و ايران.
لقد فعل المستعمرون السوفييت في أقليات و أثنيات و الدول الواقعة في دولتهم المترامية الأطراف خلال سبعين سنة ما لم يفعله أي مستعمرٍ أوروبي خلال قرون عديدة.
ما جاء في أعلاه موجز تاريخي عن القضية الكوردية، و لا أريد أن أسترسل في الموضوع لأن التطورات المعاصرة من حرب الخليج الأولى و الى الآن لا زالت ساخنة و تأخذ مسارات متعددة تتغيَّر يوماً بيوم.
المصادر
1- "كردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى"، د. كمال مظهر أحمد.
2- "كردستان و دوامة الحرب"، (محمد إحسان).
3- "وينونا التعليمي"، موقع ألكتروني، أحمد الأفندي.
4- جريدة "آسباريز" باللغة الأرمنية، كاليفورنيا، السبت 15 نيسان 2005.
5- "تأريخ الوزارات العراقية"، الجزء الأول، (عبد الرزاق الحسني).
1546 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع