هادي جلو مرعي
شاع التعبير عن التجسس بوصفه علما يدرس ويتخذ سبيلا لقهر أمم وقوى منافسة ،
وكان في الغالب يستخدم فيه أشخاص أفرادا ومجموعات ليستطلعوا الأخبار ويبثوها بوسائل مختلفة الى من كلفهم بالعمل على جمعها ،وقد يكون الجاسوس من صنف من يعمل ضدهم، أو من صنف من يعمل لهم فيتخفى بإسم وعنوان ،وأشتهرت شخصيات حول العالم بأنها كانت تمارس فعل التجسس لدول ولجماعات عرف منهم الكثير فيما بعد ،وكان منهم وزراء ونواب برلمانيون ومغنون ومغنيات ،وموظفون كبا وصغار وتوصيفات لاتعد ولاتحصى ، وظل الفهم السائد لفعل التجسس مقتصرا على إستخدام الأشخاص لجمع المعلومات وإرسالها لكن الأمور تطورت فيما بعد لتصل الى حدود عجيبة وتتخطاها الى وسائل وتقنيات لم تكن معروفة قبلا وغير مفهومة ويصعب التكهن بها ومعرفة كيف يمكن أن تدار وبأي طريقة .
مع التطور التقني صار الجاسوس كمبيوترا يتجسس على الغير بل إن وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية إعترفت أنها وصلت الى حسابات مئات ملايين البشر من مستخدمي الشبكة العنكبوتية عبر غوغل وعلى حسابات في ياهو والفيس بوك وتويتر ،وإخترقت أجهزة حاسوب لوزارات دفاع أجنبية وملفات لمسؤولين كبار حول العالم ،ووصل الأمر الى التجسس على المسؤولين الأوربيين من خلال هواتفهم النقالة ،ولم تعد الحاجة ماسة لإرسال جواسيس جسمانيين بعد هذا التطور والتقدم التكنلوجي المبهر مع أن الحاجة ستظل على مستوى معين للأفراد لإعتبارات تقنية ومادية وسياسية وأمنية مع عدم الجزم بإنتفاء الحاجة لهولاء الأفراد ليقوموا بالمهمة.
العميل الأمريكي (سنودن) اللاجئ في العاصمة الروسية موسكو كشف لمواقع خاصة عن قائمة أساليب إتبعتها الإدارة الأمريكية ووكالات التجسس الخاصة بها في التنصت على هواتف مسؤولين غربيين ومن دول أخرى خلال السنوات الماضية وبوفرة لافتة حيث عد الأوربيون ذلك غير مقبول من قبل دولة حليفة كأمريكا ويجب تقديم توضيحات، بينما وصف وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري الأمر بقوله ( لقد ذهبنا بعيدا في هذا) كناية عن الضجة التي أثيرت وإعترافا بحجم وفداحة فعل بلاده الخارق لكل السلوكيات الطبيعية في التعامل بين الدول .. الرئيس الروسي ميديفيديف قال لوسائل إعلام ،أن لاضمانات على أن لاتعود واشنطن لفعلها مرة أخرى .
في طهران يقوم بنيان شامخ في شمال العاصمة المناوئة لأمريكا منذ قيام ثورتها الإسلامية محاط برقابة أمنية ،لكنه يحتفظ بجمال وروعة الفن المعمار وهندسة الحدائق التي تكتنفها الأشجار الجبلية الباسقة والمنظمة في إتساقها ،والدخول الى هذا المبنى الذي يمثل السفارة الأمريكية في إيران ليس سهلا ولكنه متاح نتيجة تحويله الى مايشبه المتحف تعرض فيه آلات تنصت وتجسس خاصة ويضم مكاتب كان يجتمع فيها المسؤولون في السفارة حيث يجلسون خلف أبواب محصنة وعليها أقفال لاتفك إلا بتقنية عالية، بل وفيها غرفا تحتوي آلات لفرم الأوراق التي تضم معلومات التجسس ، في إشارة لرفض الإيرانيين لسلوك نظرائهم الأمريكيين ، فيسمون سفارة واشنطن في طهران ،وكر التجسس الأمريكي وهم يحتفلون هذه الأيام بذكرى إقتحامها . يذكرني ذلك بمقالات كتبها صحفيون يتهمونني بالتجسس لدول أخرى ..جميل ذلك ومبهر للغاية..
1470 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع