أصدار جديد - الجودلية

للكاتب العراقي المقيم في الدنمرك الدكتور زهير ياسين شليبه.

أصدار جديد - الجودلية

هذا الكتاب مكرّس لمعاناة العراقيين في فترة الحصار الاقتصادي، يتميّز بالسرد غيرالتقليدي يتضمن عناصرَ الرواية "الرسائلية" والخواطر والحكايات الساخرة (فيليتون)، خلطة تشبه المفرش المرقّع الذي تمت خياطته من بقايا قطع أقمشة مختلفة الألوان، يسمّى في العراق "جودليّة".

يقول الكاتب زهير ياسين شليبه نفسه عن هذه "الجودليّة" العراقية:
إنها "رسائل من زمن الحصار لكاتب مجهول"، خلطة سردية بدأتُ بكتابتها في بداية التسعينات، أخذت مكانَها في موقع القصة العراقية، وبعدها في مجلةِ "سامسبيل" الدنمركية 1999-2000، لترتقي عالياً مخترقة الغيوم الإسكندنافية متجهةً نحو "الزمان" اللندنية فيطلُّ فصلُها الأول على القرّاء بعنوان: "يوميات اللاجئ العراقي واصل "منتظر الفرج، الهارب من عالم الهمج"، ومن ثمَّ طارتْ محلّقةً في سماء بغداد الساطعة فوق لمعة مياه دجلة الخير لتتصدّرَ صافيةً هانئةً صفحاتٍ من العراق!
لكني كنتُ أراجعها كلما أحنّ إلى أمّي في أوقاتِ النوستالجيا في أشهر الشتاءات القارسة البرد، نقّحتها، اختصرتها وزدتُ عليها هنا وهناك، حسب الأجواء والأمزجة والأهواء، والأنواء الجوية بعد كل مكالمة هاتفية معها، حيث كانت تلهمني وتعلمني كيف أخاطت جودليّاتنا من بقايا قطع قماش، وأحياناً ملابسنا القديمة لنجلس عليها أو لتغطّي أسرّتنا، سرتُ على نفس منوالها، عانيتُ كثيراً في جمعها واختيارها، لكنها صارت عندي جودَليّةً كبيرةً زاهيةَ الألوان، مؤطّرة زاخرة بقصص طفولتنا وصِبانا المتناثرة هنا وهناك! هذه هي سرديتي الهزلية أحياناً والجدية طوراً آخرَ، أقدّمها واضحةً سلسةً للقارئ كما هي بدون رتوش وجُملٍ مفتعلةٍ:
فيليتون ساخر، أو سلسلة رسائل وقصص وخواطر وتحقيقات وذكريات وفصول سردية روائية تقليدية مكرسة لأبطالي المختلفين المنتشرين في البقاع والأصقاع!
أنا إذن أمام تداعياتٍ كثيرةٍ ولا أريد حشرَ نفسي في "خانة" كتابة محددة.
سردية فحسب، لا التزام بالأبعاد الثلاثة، لا حبكة تقليدية، ومقدمة وذروة ونهاية، لا يهم كيف؟ ومتى وأين؟ ومَن قال ذلك؟ ومن نفى؟ ومن تزوج؟ ومن أحب حبيبتَه الأولى وعاش معها فترة عشق جميلة ثم طلّقها بعد مشاحناتٍ كثيرةٍ وخطيرةٍ كادت أن تودي بحياتهما كليهما؟
هذه تفاصيل استهلاكية أهملتُها، تركتُها للقارئ!
الفضل يعود أيضًا لصاحبي المحرر الجزار! نعم، لولاه لما حصلتُ على هذه السردية الهجينية!
أنا أريدها كذلك، عجينة طيّعة، أعيد خلقها متى وكيفما ما أشاء، وخلطها، منمقة، وأحياناً مرصّعة متنوعة مزركشة مثل جودليّة مرقعة بأنواع مختلفة من خِرَقٍ ملونةٍ!
فيها ذكرياتي وانطباعاتي وخواطري عن أمي وأبي وأخواتي وإخوتي وأقربائي وأصدقاء الطفولة والصبا والشباب، جميلة كامرأة تتمعّن إكسسواراتِها القديمة بفرح وحزنٍ لكن بسعادة الذكريات!
كأنها قلادة ذهب مرصّعة بماساتٍ قديمةٍ تلمعُ، ذات بريق أخّاذ، تُعلّقُ عليها الرسائل المليئة بالإحساسات والمشاعر!
الرسالة أنثى! هي أيضاً خلطة مزاجية، تعجّ بالأفكار والموضوعات حسب هورموناتها، مشغولة في البحث عن فارس أحلامها! تُصاب بنوبات الحب والغرام، والفراق والاكتئاب والإحباط وخيبة الآمال!
وكتبت الروائية المغربية زكية خيرهم عن "جودلية" الدكتور زهير ياسين شليبه:
كقارئة في أرض غريبة، لامَست هذه الروايات وجداني بعمق، فكل كلمة صادقة تردد صدى الشوق إلى الوطن وتعكر صفو الروح بذكريات لا تمحى.
ككاتبة، تلهمني القدرة الاستثنائية للكاتب على نقل تلك التجارب الشخصية والعميقة إلى سياق يتسع ليشمل العالم بأسره.
هذا العمق يستثير تفكيري حول القوة التي يمتلكها الأدب في التعبير عن قضايا الإنسانية، وكيف يمكن أن يسهم في رفع الوعي وتحدي المفاهيم القائمة.
كإنسانة، طرقت القصص باب قلبي بقوة لا توصف، ممزجة الألم بالأمل في نسيج معقد يتحدى الفصل بين الواقع والخيال. وكمغتربة، أجد نفسي مرتبطة عميقاً برحلات أولئك الذين يبحثون عن معنى ومكان في عالم قد لا يكون دائماً مرحّباً.
الحنين إلى الوطن يتردد في كل صفحة، مذكراً بأهمية الجذور والهوية. هذه القراءة أكثر من مجرد تمرير العين على النصوص؛ إنها رحلة عاطفية عبر الثقافات والجغرافيا، تعزز فهمي للتحديات التي يواجهها اللاجئون وتقدم الأدب كمرآة للروح الإنسانية، تعكس الجروح التي ربما لا يمكن للزمن وحده شفاؤها.
هذا، ومن الجدير بالذكر أن زهير ياسين شليبه أصدر عدةَ كتبٍ مثل أطروحته المكرسة للروائي العراقي الكبير الراحل "غائب طعمه فرمان" عن دار الكنوز الأدبية 1996، وعن "ميخائيل باختين" عن دار حوران 2001، ومجموعته القصصية الأولى "كوابيس المنفى" 2003 وروايته القصيرة، محاكاة ساخرة "الفطحل" 2005 و"أنطولوجيا الشعر الدنمركي الحديث" 2005 و"مختارات الشعر الدنمركي " 2000 عن دار مركز الحضارة العربية في القاهرة، وصدر له مؤخرا كتاب أكاديمي "في الأدب العربي. (دراسات وحوارات في التنويرية والاستشراق الروسي)" عن دار نشر الأنام اللبنانية (2025)
جودليّه: كلمة من اللهجة العراقية تعني "بساط" "مفرش" أو "مطرح" تمّ خياطته من بقايا قطع قماش صغيرة، عادةً ما تكون (مرقّعة) متعددة الألوان تشير إلى ذكريات كثيرة متنوعة مرتبطة بالبدلات الأصلية. إنها موزائيك وخلطة هجينة ومتنوّعة، وهو ما أراد الكاتب زهير ياسين شليبه أن يقوله لنا، كتبَ لنا حكاياتٍ سرديةً وروائية في أشكال غير تقليدية، مختلفة تدور حول العراقيين المغتربين.
وهناك من يرى أن أصل كلمة جودليّة يعود إلى اللغة السومرية (جدالا) التي تعني النسج والقماش، أو من اللغة العربية: جدايله، جديلة، من جدل القماش ونسجه، ومنها الفتل والمفتول والشدّة. ولا بد أن مؤلف الكتاب الدكتور زهير ياسين شليبه يعني ذلك حيث إنه أيضاً نسجَ عدة عناصر فنية وسردية في نتاج طويل يقترب من الرواية غير الاعتيادية كأنها جديلة مفتولة بإتقان" كما يقول في روايته هذه.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

824 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع