.أنور أبوبكر كريم الجاف
"كرامة الإنسان"من عيد النصر" (١٩٤٥-٢٠٢٥)
في ذكرى “عيد النصر” العالمي (1945–2025)، يكتب الباحث الكردي أنور أبو بكر كريم الجاف قصيدةً تسائل الضمير الإنساني قبل أن تحتفي برايات المنتصرين.
وإنّها ليست نشيدًا للمدافع فحسب ، بل تأملٌ عميقٌ في معنى النصر حين يُنتزع من الكرامة وصرخة شعرية في وجه الزيف المتوارث بين الأيديولوجيات يقدّم فيها الناظمُ الإنسان لا بوصفه تابعًا للتاريخ، بل بوصفه غايته الأولى والأخيرة. فيردفُ قائلاً:
أتعبتَ وجهَ الأرضِ يا إنسانُ
وتنازعتكَ الهِمَّةُ الأزمانُ
صرتَ الخبرْ، والظلَّ في أفقِ الرؤى
وغدوتَ في سجلاتِهم عنوانُ
من أنت؟ هل نسجوا دُماكَ روايةً
أم قدركَ التقسيمُ والطغيانُ؟
يُقْتَلْ أخوكَ باسمِ دينٍ زائفٍ
وباسمِ ماضٍ شاخَهُ النسيانُ
الحبُّ ضاعَ، وسادتِ الأحقادُ، لا
عدلٌ يُرى، والحقُّ مستهَانُ
الطفلُ صارَ فريسةً لمؤتمرٍ
والأمُّ تُبكيها لنا الشاشاتُ
ما بينَ نازيةٍ تغذّت عِرْقَها
وصهيونيةٍ بها الخذلانُ
وشيوعيةٍ أرادت عدلَها
فسَقى جياعَ قُراها الحرمانُ
ولبراليةٍ تبشّرُ حُرَّةً
فإذا القيودُ لها بها عنوانُ
يا سادةَ الأوطانِ، يا أربابَها
هل تسمعونَ؟ أم انتهى الآذانُ؟
باسمِ السلامِ تصوغُ حربَكُمُ،
وباسمِ حُرّيَّاتِكم طغيانُ
والفكرُ لا يُستوردنَّ، فإنّه
نورٌ، ومن نورِ الضميرِ يُدانُ
ندعو الفلاسفةَ الكرامَ حكمةً
والساسةَ الأمواتَ أن يُحيانُ
-والمؤمنَ الإنسانَ- من أيِّ الدُّنا
أن لا يُبايعَ رايةً منهانُ
نُريدُ ميثاقًا يُحرّرُ كائنًا
لا أنْ يُعدَّ بعينهِ الإنسانُ
أمٌّ تُقَتَّلُ؟ لا لشيءٍ واضحٍ
طفلٌ يُجاعُ؟ بأيِّ ذنبٍ كانُ؟
شعبٌ يُساقُ إلى الهلاكِ لأنّه
قد كانَ يحملُ اسمَهُ، ويعانُ
فلْتُكتبِ الألواحُ لا بالأحرفِ
بل بالضحايا حيثُ لا نسيانُ
وليُوقّعِ التّاريخُ لا السّلطاتُ، بل
شجرُ البلادِ وصخرُها الظمآنُ
قفْ في خنادقِهم، وسائلْ صمتَهم
ماذا تبقّى؟ أيُّنا الخسرانُ؟
إنْ لم نكنْ من قبلِ نعرفُ عارَنا
فلْنستعدْ وجوهَنا، ونُدانُ
اخرجْ من الأطيافِ، لا تتبعْ هوى
واخلعْ قناعَك إنّه الخذلانُ
واخترْ طريقَ العدلِ، كنْ إنسانَها
فالحقُّ إن ضاعَ، لا ميزانُ
أنا لا أبيعُ الشعرَ في سوقِ المدى
لكنني أُهدي الذي يُزدانُ
بالحرفِ قد نادى الضميرُ بعبرةٍ
وبِبيتِ شعرٍ عانقتهُ جِنانُ
إنْ كنتَ تبغي أن تكونَ مؤمَّنا
فاجعلْ ضميرَك للورى ميزانُ
أنور أبو بكر كريم الجاف
كوردستان – العراق
734 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع