اساطير الحضارة الاغريقية .. ناركيسوس

سالمين غريب دوحي (*)

مسارات - اساطير الحضارة الاغريقية .. ناركيسوس

يرجع الفضل في نشأة او ظهور الأساطير الإغريقية الى الشاعر الحزين (هوميروس) الذي عاش في فترة اختلف فيها المؤرخون كذلك تحديد السنة التي عاش فيها وأيضا في تحديد موطنه . وبالرغم من أن اسم (هوميروس) بات من أشهر الأسماء في تاريخ الأدب العالمي قاطبة فأن العالم لا يكاد يعرف عنه سوى انه رجل شحاذ ضرير كبير السن كان يتجول من بلد الى أحر منشدا أشعاره التي بلغت الآلاف. وتعد ملا حم (هوميروس) من أقدم وأجمل وأغرب ما في الأدب الإغريقي وأيضا يعتبر (هربرت) من اكبر منظري المدرسة الأنثروبولوجية اذ حاول ان يلقي مزيدا من الضوء على هذا الموضوع فقال ان الأساطير الطبيعية هي نوع من عبادة الأسلاف نشأت نتيجة لما نسميه ( سوء الفهم ) ، فمثلا هناك بعض القبائل تطلق على أفرادها اسماء مأخوذة من الطبيعة مثلا فجر. وشمس ونور المخ .لكن افراد القبيلة مع مرور الزمن سوف يخلطون بين الشخص الحقيقي والظاهرة الطبيعية وبذلك تكتسب الطبيعة روحا وتصبح شخصا كالقمر او الشمس. أما الأساطير التي تتناول الحيوانات فأن (هربرت) لا يعجز ايضا عن إرجاعها لأصلها متبعا نفس المنهج فهناك قبائل تسمي افرادها أسماء حيوانات مثل فهد اسد الخ وبمرور الزمن ينسى افراد القبيلة الحقيقية او يسيئون فهمها فيعتقد الأحفاد ان جدهم الأكبر كان فهدأ او نمرا. ..الخ .

نرجس
وهناك اربع نظريات في اصل الاسطورة الأولى دينية والثانية تاريخية والثالثة رمزية اما الرابعة فهي طبيعية ومع ذلك تعتبر حقيقة ان الأسطورة عادة هي ثمرة جهود الأنسان في فهم طبيعة الكون .
وبعد ان عرفنا اصل الأساطير اليونانية وأهميتها في التاريخ الإنساني وانتشارها في البلدان الأخرى نقدم نموذجا من اساطير اليونان الجميلة والتي أصبحت من الاساطير عالمية وهي اسطورة (ناركيسوس )
عاشق نفسه او ( نارسيسوس ) وما يعرف حاليا ب( نرجس ) :
قدم الى التلال ذات يوم شاب يافع يدعي (ناركيسوس ) فارع الطول معتدل القوام ابيض البشرة وسيم الخلقة يفوق الحوريات فتنة وحسنا ذا شعر اسود فاحم ينساب فوق جبينه . وكانت عيناه اللا معتان تشعان ضياء فتضيفان على وجهه اشراقة اخاذة وبينما كان (ناركيسوس ) يسير في التلال ، شعر بحاجه الى الماء فأخذ يبحث عن غدير يرتوي منه فلم يجد سوى مستنقع من الماء الصافي فأفترش الأرض منكفئا على وجهه وقبل ان يشرب منه أبصر وجهه في صفحة الماء فأعتقد انه امام حورية حسناء فاتنة تنظر اليه من داخل البحيرة .فأعجب بجمالها .اذ لم تقع عيناه على وجه ابهر من ذلك الوجه الماثل أمامه وسط الماء و هكذا وقع ( ناركيسوس ) المتعجرف في غرام نفسه وأخذ يخاطبها قائلا: " أيتها الحورية الجميلة ذات الطلعة الساحرة والعيون الأسرة متى تخرجين من البحيرة ؟ " فلم يحظ بأي رد على توسلاته غير تحريك شفتي الوجه المتطلع اليه من الماء بينما كان هو نفسه يحرك شفتيه دون أن يسمع أي صوت صادر من تلك الشفاه غير أنه ما كادت ذراعاه تلمسان الماء حتى اضطرب سطح المستنقع واختفى الوجه الجميل . وظن أنه أغضب الحورية وأنتظر حتى سكن سطح الماء ثانية وبان الوجه من جديد فاختبأ بالقرب من البحيرة وراح يبتسم لذلك الوجه وظن أن الحورية رضيت عنه فتحدث اليها يرجوها أن تخرج ولكن كما سبق لم تتكرم عليه وحركت شفتيها ليس غير. ومرت الأيام وتعاقبت الشهور والاعوام و (ناركيسوس ) مازال راقدا الى جوار البحيرة وقد حرم نفسة من الطعام والشراب اذ نسي كل شيء ما عدا حبه للحورية الفاتنة التي تسكن البحيرة ذارفا دموعه ألغزيرة التي تتساقط كاللؤلؤ الى الماء فلما اكتشف ان البكاء يحرمه من مشاهدة الحورية التي عذبت فؤاده كفّ عن البكاء ولكن سرعان ما شحب لونه وهزل جسمه كما كانت حورية البحيرة نفس الشيء وأصبح الفتى تعيسا شقيا معذبا .توفي صباح احد الأيام أشرقت الشمس على الصبي وقد ذبل جسمه وفارق الحياة وكان لونه ابيض ناصعا وجماله واضحا جليا وهو يرقد رقدته الأخيرة الى جوار المستنقع الصافي! لدرجة أن الآلهة نفسها بكته وبكت حبه الضائع اليائس ؛ وبجانب جسده أنبتت زهرة بيضاء كبياض ناركيسوس وجماله . وهكذا ظهرت (النرجس) الصغيرة التي تحب أن تنمو وتزهر بالقرب من غدران الماء ولاتزال هذه الزهرة تحتفظ بانحنائها لترى صورتها في الماء كما كان يفعل (نار كيسوس) تماما منذ سنين طويلة.
-----------------------
* طالبة بكلية آداب البصرة قسم التاريخ

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

608 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع