بقلم: اللواء الملاح الركن فيصل حمادي العمري
نظريات الحرب ومقومات القوة الوطنية
1. الدفاع عن الوطن ليس برنامجاً عسكرياً بحتاً، وإن نُفذ من خلال القوات المسلحة، بل هو برنامج وطني شامل يتناول عناصر الأمن الوطني بكافة أبعاده: السياسية، الاقتصادية، العسكرية، الاجتماعية، والإعلامية. ولا بد من دمج هذه الأبعاد في منظومة أمن متكاملة تأخذ في الحسبان ضغوط السياسة الدولية، وتأثيرات الجغرافيا السياسية، والتحديات البنيوية للاقتصاد الوطني. فالمصالح الوطنية لا تتحقق إلا من خلال انسجام وتكامل مؤسسات الدولة وصياغة القرار الوطني على أسس واضحة وحِيادية.
2. استراتيجية الأمن الوطني يجب أن تُبنى وفق متطلبات السياسة الدفاعية والأمن الداخلي، وأن تُراعى فيها إمكانية استخدام القوات المسلحة في أدوار دفاعية وهجومية، مما يستلزم وجود عقيدة عسكرية واضحة. كما أن هذه الاستراتيجية لا يمكن أن تكون معزولة عن التأثيرات الإقليمية والدولية، وهو ما يحتّم أن يكون بناء القوة مسؤولية وطنية بامتياز، ولا سيما في ظل الدور الحاسم الذي تلعبه القوة الجوية في حسم الصراعات.
3. تؤكد نظريات الحرب أن الدفاع هو الشكل الأقوى للحرب لأنه يتيح معالجة الأزمات بوسائل سياسية ويجنب التصعيد العسكري، لذلك على الدولة:
- أن تصمم استراتيجياتها وفق مصالحها الوطنية.
- أن تحترم الأيديولوجيا الوطنية والرأي العام.
- أن تحلل باستمرار عناصر القوة الوطنية.
- أن تطور قدراتها العسكرية بما يتناسب مع عقيدتها الأمنية.
- أن تمتلك فهماً عميقاً لنظريات الحرب واستخدام القوة دون الوقوع في صدام شامل.
4. تتطلب إدارة الحرب الحديثة فهماً فلسفياً وسياسياً لطبيعة الحرب، وإدراكاً لتشعباتها الدولية والإقليمية والمحلية. ويجب أن يكون لدى صناع القرار والمخططين الاستراتيجيين وعي شامل بمفاهيم الصراع والردع والوقاية، مع القدرة على إدارة الحروب والنزاعات دون التورط في حروب استنزاف.
5. إن نوع وحجم القوات المسلحة من أبرز مقومات القوة الوطنية، وتكمن استدامة هذه القوة في:
- وضوح العقيدة العسكرية.
- التنظيم والتسليح الحديث.
- الموارد المالية المستقرة.
- التدريب المتقدم.
- منظومة القيادة والسيطرة.
- إعداد قادة وهيئات ركن أكفاء.
- تطوير القدرات الجوية.
6. مهما تنوعت أدوات السياسة الوطنية، فإنها لن تثمر دون تكامل القدرات الوطنية، وعلى رأسها القدرة العسكرية. فاستراتيجية الأمن الوطني تظل المظلة الأساسية لبناء القوة، والقوة الجوية تبقى العنصر الحاسم في ترجيح كفة الدولة في الميدان العسكري.
7. كما قال المفكر العسكري الصيني صن تزو:
"لفن الحرب أهمية حيوية للدولة، فهو مسألة حياة أو موت، لا يمكن إهماله مطلقاً... والانتصار في الحرب هو في تجنبها."
الخلاصة:
إن الدولة التي لا تمتلك قوات مسلحة مقتدرة لن تكون قادرة على حماية سيادتها أو تحقيق أهدافها الوطنية، فالعلاقة بين الجيش والسياسة والاقتصاد والمجتمع علاقة متداخلة، ولا سبيل لحفظ الوطن إلا بوجود حكومة وطنية مقتدرة وقوة دفاعية رادعة.
651 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع