الخليفة العباسي الطائع وغلام الخلال

سمير عبد الحميد

الخليفة العباسي الطائع وغلام الخلال

اثر تحقيقه لكتاب الجامع المختصر لابن الساعي في الصفحة 203 في مادة باب الخاصة نقل الدكتور مصطفى جواد رحمه الله عن معجم البلدان لياقوت الحموي:(باب الخاصة كان احد ابواب دار الخلافة المعظمة ببغداد احدثه الطائع لله تجاه دار الفيل وباب كلواذا ،واتخذ عليه منظرة تشرف على دار الفيل وبراح واسع واتفق ان كان الطائع يوما في هذه المنظرة فجوزت عليه جنازة ابي بكر عبد العزيز بن جعفر الزاهد المعروف بغلام الخلال فرأى الطائع منها ما اعجبه، فتقدم بدفنه في ذلك البراح الذي تجاه المنظرة وجعل دار الفيل وقفا عليه).وقد نبه الاستاذ عبد الستار درويش رحمه الله في مقالته الموصوفة (دار الخلافة العباسية وجامع القصر ....مرة اخرى)المنشورة في مجلة المورد الصفحة 244 كون الخليفة هو المطيع وليس الطائع والتي فاتت عن الدكتور مصطفى قال:(قال الخطيب البغدادي في ترجمة غلام الخلال ،توفي يوم الجمعة لسبع بقين من شوال سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ودفن عند دار الفيل. وقد قلد الطائع الخلافة في ذي القعدة من تلك السنة فيكون صاحب المنظرة المطيع لا الطائع كما ذكر ذلك ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب اما ابن الساعي فقد ذكرها في كتابه المقابر والمشاهد بجانب مدينة السلام الصفحة 46 على الوجه الاتي:(فمنها مقبرة الفيل وتعرف بمقبرة الخلال.يحكى انه لما مات عبد العزيز غلام الخلال وكان من اعيان الحنابلة وزهادهم ،اختلف اهل باب الازج في موضع دفنه،فقال بعضهم:في مقابرالامام احمد.وقال اخرون :بل يدفن عندنا هنا ،وجردوا السيوف ،فثارت الفتنة.فأمر الامام المطيع لله ان يدفن في دار الفيل .وهو موضع مقابل لدار الخلافة في اول في اول شارع البصلية ولم يكن دفن هناك احد،فهو اول من دفن فيها وذلك في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة .وصار الموضع مقبرة سابلة يقصدها الناس بموتاهم طلبا لمجاورة غلام الخلال).والغريب ان الدكتور مصطفى لم يعقب او يصحح انه المطيع وليس الطائع وهو المحقق الثبت.؟ونلاحظ ان ابن الساعي قد ذكر في هذه الرواية ان دار الفيل هو موضع مقابل دار الخلافة في اول شارع البصلية.وايضا ذكر ذلك ابن جبير في رحلته الصفحة 196 طبعة صادر قال:(ثم شاهدنا صبيحة يوم السبت بعده مجلس الشيخ الفقيه الامام الاوحد جمال الدين ابي الفضائل بن علي الجوزي بازاء داره –يقصد مدرسته-على الشط بالجانب الشرقي وفي اخره على اتصال من قصور الخليفة وبمقربة من باب البصلية اخر ابواب الجانب الشرقي).وكذلك اشار صاحب كتاب مضمار الحقائق وسر الخلائق المنصور الايوبي في الصفحة81 عن داود مشرف ديوان الزمام ان استاذ الدار ابن الصاحب:(قد نقله الى دار في القرية المعروفة بقصر الخلافة).قال ياقوت:(القُرَيَّة بالضم ثم الفتح، تصغير القرية: محلتان ببغداد إحداهما حريم في دار الخلافة وهي كبيرة فيها محالّ وسوق كبير. والقريّة أيضا محلة كبيرة جدّا كالمدينة من الجانب الغربي من بغداد مقابل مشرعة سوق المدرسة النظامية. تبين هنا ان هناك دار خلافة تقع في باب الازج في القرية وعلى شاطيء دجلة ولها باب سمي بباب الخاصة كان قد احدثه المطيع لله تجاه دار الفيل وباب كلواذا واتخذ عليه منظرة تشرف على دار الفيل وبراح واسع .ولكن من الادلة القوية ان هناك دارا اخرى للخلافة تقع الى الشمال من هذا الموقع فقد ذكر ابن الجوزي في المنتظم في حوادث سنة383 هجرية انه (في يوم الاربعاء لاربع بقين من جمادى الاولى وقع الفراغ من الجسر الذي عمله بهاء الدولة في مشرعة القطانين بحضرة دار مؤنس واجتاز عليه من الغد ماشيا وقد زين بالمطارد )
دار مؤنس
يقول الدكتور مصطفى جواد في كتاب شرح خارطة بغداد في الصفحة128: وفي اوائل القرن الرابع الهجري اقام الامير مؤنس المظفردار فخمة عظيمة على دجلة في شمال قصور الخلفاء وفي قسم من هذه الدار انشئت فيما بعد المدرسة النظامية على عهد السلاطين السلاجقة. والامير مؤنس هذا كان قائد جيش الخليفة المقتدر وقد اعلن عصيانه وخلع الخليفة في سنة 320 ثم نصب الخليفة القاهر في مكان اخيه المخلوع غير ان القاهر لم يلبث ان امر بقتل مؤنس في السنة الثانية من توليه الحكم فقتل. يستفاد من هذا: ان الجهة الشرقية للجسر انشئت في دار مؤنس المظفر اي في المحاكم المدنية في شارع المتنبي الحالي كما ثبته الدكتور مصطفى في الكتاب اعلاه، وبما ان المدرسة النظامية قد انشئت في دار مؤنس فانها تقع في شارع المتنبي .في كتاب تاريخ بغداد للخطيب تحقيق الدكتور بشار عواد ص:36(وذكر ابن الجوزي انه-اي الخطيب البغدادي- قد استقر في حجرة بباب المراتب بدرب السلسلة جوار المدرسة النظامية ) اي كلها تقع في منطقة واحدة متقاربة وبما ان باب المراتب هو الباب الجنوبي لدار الخلافة يقع في شارع المتنبي لذا فان دار الخلافة يقع في ابنية وزارة الدفاع القديمة في الباب المعظم وتمتد ما بين جامع المرادية الى الشط شمالا والى بناية امانة العاصمة القديمة حيث باب المراتب جنوبا.
مما تقدم تبين وجود موقعين لدار الخلافة العباسية في رصافة بغداد الاول في القرية من باب الازج لها باب يسمى باب الخاصة وعليه منظرة تشرف على مقبرة غلام الخلال في منطقة السنك الحالية تمتدالى الشط وحدودها قبر ابن الجوزي المزعوم في موقف السيارات شمالا والى جنوب جسر السنك الحالي وقبل جسر الجمهورية جنوبا والاخرى بين الميدان والباب المعظم وتحديدا بين جامع المراديةالى جرف دجلة والى موقع امانة العاصمة القديمة امام باب القشلة الحالية.
اما الدكتور مصطفى جواد فقد حدد دار الخلافة بين شارع السمؤل شمالا والمربعة قرب جامع سيد سلطان علي جنوبا متخذا المدرسة المستنصرية ركيزة للتعيين ومعتمدا على ابيات شعرية قالها ابن ابي الحديد شارح نهح البلاغة وذلك في مجلة المجمع العلمي العراقي الصفحة 101 من مقال له بعنوان دار الخلافة العباسية ((تعيين موضعها واشهر مبانيها))قال ابن ابي الحديد:
مخيمة على نهر المعلى فدجلة لا المنيفة فالضمار
فالمستنصرية يقول الدكتور:مخيمة على نهر المعلى ودار الخلافة كانت على شاطيء دجلة تحت نهر المعلى فهي تحت المستنصرية بالتحقيق واصح الشوارع مطابقة لمبدأ سور دار الخلافة هو شارع السومءل الممتد من شارع الرشيد والمنتهي الى المشرعة عند قهوة الشط ...ويمتد السور شرقا على خط نصف دائرة حتى ينتهي في الجنوب عند شط دجلة ايضا ....فسور دار الخلافة من جهة الجنوب كان يصل الى محلة المربعة.
نقول اذا كانت دار الخلافة تحت المستنصرية وبالتحديد بين شارع السومءل والمربعة كما حدد الدكتور مصطفى فما معنى قول ابن الجوزي في المنتظم عن الحريق الذي شب في سنة 510هـ
قال ابن الجوزي:(فمن الحوادث :انه وقعت النار في حضائر الحطب ،ودكاكين الحطب التي على دجلة ،واكلت النار الاعواد الكبار وجذوع النخل،وتطاير النار الى دروب باب المراتب فأحرق كناسها، واحرقت الدور التي بدرب السلسلة،والدور الشارعة على نهر دجلة من جملتها دار نور الهدى ابي طالب الحسين بن محمد الزينبي،ورباط بهروز الذي بناه للصوفية،ودار الكتب التي بالنظامية الا ان الكتب سلمت،وحملها الفقهاء الى مكان يؤمن فيه من النار،وهذا الحريق كان بين العشائين.)
من هذا نرى ان المدرسة النظامية وباب المراتب الذي هو الباب الجنوبي لدار الخلافة ودرب السلسلة كلها تقع في مكان واحد،وبما ان المدرسة النظامية تقع قي شارع المتنبي وقريبة من باب المراتب فان دار الخلافة تقع في مكان وزارة الدفاع في الباب المعظم وتنتهي عند بابها الجنوبي(باب المراتب المقابل لباب القشلة الحالية قرب دجلة
السؤال هنا هل استعرض الدكتور مصطفى رواية ابن الجوزي هذه؟
الجواب نعم ففي مقالة له بعنوان المدرس النظامية المنشورة بمجلة سومر قال :(وعن ذكر الحظائر الواردة في خبر قتل الوزير كمال الملك السميرمي نقول ان الحظائر اي السكلات الحطبية كانت قريبة من المدرسة النظامية فكانت مصدرا لخطر الحريق ،ففي سنة 510هـ شبت النار في الحظائر المجاورة للمدرسة النظامية ببغداد كما جاء في الكامل فاحترقت الاخشاب التي بها واتصل الحريق الى درب السلسلة يعني سوق البزازين الحالي الملاصق لخان جغان المنتهي عند جامع القبلانية فاحترقت منه عدة دور واحترقت دار كتب النظامية،ولكن الكتب سلمت لان تلامذتها لما احسوا بالنار نقلوها الى مكان يؤمن فيه من النار .وزاد ابن الجوزي في المنتظم ان النار احرقت الدور الشارعة على دجلة،من جملتها دار نور الهدى ابي طالب الحسين العباسي الزينبي الحنفي النقيب الفقيه المدرس ورباط بهروز الذي بناه للصوفية وكان في موضع قهوة الشط والبنك البريطاني للشرق الاوسط على ماحققناه .)
مجلة سومر المجلد التاسع الجزء الثاني ص 317
لاحظ انه لم ينقل كلام ابن الجوزي حرفيا لان فيه ذكر باب المراتب وهو الباب الجنوبي لدار الخلافة حتى لاتسقط فرضيته القائلة ان باب المراتب يقع في محلة المربعة قرب جامع السيد سلطلن علي وبالتالي تنهار نظريته القائلة ان موقع دار الخلافة في شارع المستنصر بين شارع السومءل ومحلة المربعة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

663 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع