ذو الفقار
وزراء وسفراء الزمن الأغبر/١٩
حصريا لمجلة الكاردينيا
مقدمة
عندما تجد مجتمعا يؤمن بالخرافة والاساطير، فمن السهولة ان تجد فيه عبيدا يتبعونك. الشعوب التي تتمسك بظل السياسيين لن تحصل على شيء. يوجد دواء وعلاج لكل الامراض، ولكن لا يوجد دواء او علاج لمعالجة الحماقة او التخفيف من شدة وقعها.
كانت الفترة المظلمة لوزارة الخارجية في عهد الوزير الخبل إبراهيم الجعفري، ومن الصعب فهم كيف وافقت الولايات المتحدة وبريطانيا على رجل مريض نفسيا وفق تقارير طبية، وسبق له ان تلاعب مع الحكومة البريطانية عندما طلق زوجته شرعا وليس قانونا من خلال المحكمة، لكي يحصل كل منهما على شقة. ومع انه خريج كلية طب الموصل فهو لم يمارس شهادته في بريطانيا لأنه فشل في الاختبار، ولم توافق الحكومة البريطانية على معادلة شهادته، والاغرب منه انه على الرغم معيشته في بريطانيا ما يزيد عن ثلاثة قرون لكنه لا يتكلم اللغة الإنكليزية وكان يستعين بمترجم عند لقائه مع نظرائه الغربيين، والسبب في ذلك انه قضى وقته في بريطانيا في الحسينيات يلقي المواعظ القمقمية والماردية، عمل حملة دار من بريطانيا الى السعودية خلال موسم الحج. وسواء في بريطانيا او عودته الى العراق لم يغادر مارد القمقم والعفاريت عقله الصدأ. الحقيقة الوزارة عاجزة بل مشلولة، وليس لها دور في الكوارث التي يتعرض لها العراق في علاقاته الخارجية سيما مع ايران وتركيا وسوريا، ولو قارنت بين ممثلي العراق في الأمم المتحدة قبل وبعد عام 2003 لوجدت البون الشاسع بين الطرفين، فلا أثر للمثلي العراق في الأمم المتحدة بعد عام 2003، هم حبر على ورق لا قيمة ولا فعالية لهم، وهذا ما يقال عن وزراء الخارجية بلا استثناء.
هذا لا يعني وجود حالات من التخبط والفشل خلال الحكم الوطني السابق، لكن لا يمكن مقارنتها بحالات التخبط والفشل والفساد المالي والإداري، التي كانت محدودة جدا قبل عام 2003. ولذا نذكر المحاسن والمساوئ على حد سواء، مع الفارق الكبير.
فضيحة من العيار الثقيل في وزارة الخارجية العراقية
تتمثل الفضيحة في حصول خطباء المنبر الحسيني على جوازات سفر دبلوماسية! فقد اتخذ قرار بسحب الجواز الدبلوماسي من المعمم الشيعي الخطيب علي الطالقاني، بعد ثبوت استخدامه في سفرات ترفيهية خاصة لا علاقة لها بالمنبر الحسيني. فقد كان المعمم يقوم بسفرات الى اوربا وآخرها الى فرنسا. كان هذا الدجال من ألد أعداء ثوار تشرين وطالب بتصفيتهم جهارا، وهذا ما حصل من قبل حكومة الجزار رئيس الوزراء الأسبق المجرم عادل عبد المهدي. ومن الطرافة ان كبير الدجالين المنجمين الشيعة المدعو (أبو علي الشيباني) الذي هرب من سوريا بعد سقوط السفاح بشار الأسد اعترف بأنه يمتلك أيضا جواز سفر دبلوماسي!!!
سفارات يديرها موظف واحد وبكفاءة عالية
قال قريبي الدبلوماسي: بسبب الحصار الاقتصادي الجائر على العراق، تم غلق أو تقليص الموظفين في السفارات العراقية، وبعض السفارات اقتصرت على موظف واحد، وأخرى على موظفين أو ثلاثة، صدر امر نقلي الى أحد السفارات الاوربية خلال تلك الفترة، وكنت الشخص الثاني بعد السفير، وبسبب التنقلات بين السفراء توليت منصب القائم بالأعمال المؤقت لمدة تزيد عن سنة ونصف، وكان عملي باعتباري الدبلوماسي الوحيد في السفارة، ـ مع وجود (4) مستخدمين محليين، مترجمان وسائق ومستخدم محلي ـ هو التالي: قائم بالأعمال المؤقت، قنصل، مستشار ثقافي (وجود عدد من طلاب البعثات حوالي 30 طالب)، مستشار الاقتصادي، محاسب السفارة، مسؤول البريد السياسي، الموظف الإداري للبعثة. وجرت الأمور على أفضل ما يرام خلال تلك الفترة، وغالب الأيام أداوم مساءا لإكمال المعاملات، وأحيانا يتصل بي أبناء الجالية بعد الدوام الرسمي لإنجاز مهمة طارئة. مثلا كان والد احد أبناء الجالية في مدينة بعيدة عن المركز في حالة صحية حرجة، واراد ان يمدد جواز سفر والده لمرافقته الى الأردن لعرض العلاج، وان موعد الطائر يوم غد الساعة الرابعة صباحا، وسيصل الى السفارة الساعة الحادية عشر ليلة أي قبل (6) ساعات من السفر، انتظرته في السفارة وفي الساعة 2315 وصل الى السفارة مع والده الذي بقي في السفارة، فأكملت له المعاملة واطمأنت على والده عندما رافقته الى الخارج، وكان والده في حالة صعبة. وهناك حالات أخرى لا نود الإشارة لها لأنها تقع من صلب عمل الدبلوماسي وهي ليست منه على أحد.
استطرد قريبي بالقول: حصلت بعض المشاكل بين العراق والدول المعتمد فيها، وتم حلٌها بطريقة دبلوماسية، سأتحدث عنها لاحقا. وعندما نقلت الى المركز، وقع ما لا يقل عن (100) شخص من كبار أبناء الجالية على طلب لوزير الخارجية لغرض تمديد عملي، لكنه رفض الطلب.
قلت في نفسي: موظف دبلوماسي واحد يشغل كل المناصب في السفارة، والجالية تحبه بهذا الشكل، وتطالب بتمديد عمله في الوقت الذي بعد عام الغزو 2003 امتلت السفارات بالموظفين بعضها (50) موظفا واكثر، والجالية العراقية تشكو من معاملة موظفي السفارة السيئة والمتعجرفة، وتأخر المعاملات، لعن الله المحاصصة وما فعلته في العراق، فقد ملئت السفارات بأولاد المسؤولين ممن لا يستحق ان يعمل منظفا في مدرسة، مع جلٌ احترامي للمنظفين.
حالة أخرى
قال قريبي الدبلوماسي: في أحد الأيام خلال عملي كقنصل في لسفارة العراقية في أحد الدول الأوربية، وقبل نهاية الدوام الرسمي، جاء الى مكتبي ممثل المخابرات (حارس السفارة)، وأخبرني ان أحد الرجال. يصل الى باب السفارة أكثر من مرة ويرجع، وهو تصرف غريب، فقلت له: لا مشكله، سأتحدث معه. خرجت الى الباب الرئيس ووجدته يتمشى بالقرب من الباب، فسلمت عليه فرد السلام، فسألته ان كانت له حاجة في السفارة، فقال: نعم ولكني أخشى الدخول، ربما تعتقلوني. قلت له: نحن لسنا مركز شرطة، بل سفارة تعمل لخدمة أبناء الجالية، وبعد حديث قصير، اقتنع بالدخول، فأخذته الى مكتبي، وضيفته كالعادة وسألته عن طلبه، فقال: عندي وثائق اريد مصادقة الدائرة القنصلية عليها، وانا جئت من محافظة بعيدة ولا أستطيع البقاء في العاصمة، لا بد ان اعود مساء اليوم فقد حجزت في القطار، قلت له: لننظر افي لوثائق وندققها، قلت له الوثائق بلغة أجنبية، وهي تحتاج الى ختم وزارة الخارجية (المحلية)، ونحن نصادق على الختم فقط. فقال: هل يسعفني الوقت للذهاب؟ قلت له بالكاد، سأرسل سائق السفارة ليوصلك الى وزارة الخارجية، فلدينا بريد مهم ليجلبه، وسأنتظرك حتى بعد الدوام الرسمي، فلا تقلق. فعلا ذهب مع السائق وهو على عجب من المعاملة الجيدة، أخبرني حارس السفارة، بأن هذا الشخص محمد حسين الاعرجي من المعارضين للنظام العراقي، فقلت له: لا يهمني الأمر فهو مواطن عراقي، ولا يوجد اسمه في سجل القائمة السوداء، وعلينا ان نكسب المعارضين، ولا نزيد من كراهيتهم للسفارة او العراق. فعلا بعد نصف ساعة تقريبا من انتهاء الدوام الرسمي، جاء بسيارة تكسي (حيث رجع سائق السفارة مع البريد)، ووجدني الأعرجي في انتظاره، فأكملت المعاملات، ورجوته ان يكون ضيفي على الغداء، سيما ان زوجتي طبخت الدولمة العراقية، فاعتذر وشكرني بحرارة على ما قمت به، فقلت له: اخي العزيز هذا واجب انا مكلف به، ولست متفضلا عليك مطلقا، نحن في خدمة أبناء الجالية.
هذه ليست حالات فردية او نادرة فمعظم الدبلوماسيين والموظفين الإداريين على خلق وكفاءة ومهنية اللهم الا ما ندر، وهي حالات محدودة لا تقارن بالوضع الحالي.
حالة حرجة جدا مع القائم بالأعمال الاسرائيلي
خلال عمل قريبي وكان قائما بالأعمال المؤقت في إحدى الدول الاوربية، جاءته دعوة لحضور الاحتفال السنوي للجيش بمناسبة العيد الوطني في احدى الساحات الكبيرة في وسط المدينة، وقد خصصت مقاعد على مدرج كبير لرؤساء البعثات الدبلوماسية والملحقين العسكريين فقط، قال قريبي: جلست في مكان وكان يميني جالسا السفير الأفغاني وهو من محبي العراق بشكل لا يصدق، وقد عمل في العراق، وكان محبا للإمام الكيلاني وزار مرقده في بغداد عدة مرات، وعن يساري مكان فراغ، فأتت احدى السيدات وجلست بقربي، وكانت دميمة بشكل لا يصدق، سلمت عليٌ وقالت من أي بلد سعادتك؟ فقلت العراق، فقالت انا القائم بالأعمال لدولة إسرائيل، فابتسمت لها على مضض، وللتخلص من الموقف المحرج خشية من تصوير المشهد وتناوله في وسائل الأعلام، سيما ان الكاميرات الرسمية كانت تتحرك وتنقل المشاهد بما فيهم الحضور، فجأة نزلت الرحمة عليٌ عندما حضر القائم بالأعمال المغربي، فوقفت لأسلم عليه، وقلت له الحمد لله انقذني من هذه المشكلة، خذ مكاني، السيدة بجانبي من اسرائيل وقد توقعني في مشكله، وأنتم علاقتكم طبيعية مع إسرائيل، فضحك وجلس مكاني، وصرت بين السفيرين الأفغاني والمغربي، وحمدت الله كثيرا.
ذو الفقار
نيسان 2025
1089 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع