التأميمات التي قصمت ظهر الصناعة الوطنية الناشئة

فارس حامد عبد الكريم

التأميمات التي قصمت ظهر الصناعة الوطنية الناشئة

ان من قصم ظهر الصناعة الوطنية الناشئة الواعده لأكثر من خمسين سنة لاحقة هي تأميمات عبد السلام عارف سنة 1964 (الاشتراكية) التي عمره لم يؤمن بها، وانما كان يقلد فيها عبد الناصر في نوع مشوه من الاشتراكية وكلاهما كان يعتقد ان هذه هي الاشتراكية الحقة !!!! وهي اشتراكية جوفاء خلقوها تماشياً مع الرأي العام لكسب رضا الجماهير المتأثرة بالفكر اليساري بعد حمامات الدم التي اوقعها باليسار العراقي التي دمرت بذلك الفعل غير المدروس والدعائي صناعة ناشئة كانت من الممكن ان تخلق دولة صناعية كبرى تقوم على المبادرة الحرة فتحولت الى ادارة الروتين الحكومي بعد ان تم طرد اغلب موظفيها الإداريين من الشيعة والاكراد والمسيح بينما قام ملاكها بتهريب اموالهم .
ومن المعلوم ان الاشتراكية بشكل عام وبكل انواعها تكون في مواجهة النظام الرأسمالي للحد من طغيان المال واستعباد الطبقات الكادحة ....
وفي الواقع لم يكن وقتها لدينا في العراق رأسمالية حسب الوصف العلمي حتى مع التوسع بهذا المفهوم ولاصناعة وشركات عابرة للقارات ، وانما كانت لدينا صناعة ناشئة وكم تاجر (بالع ريكة) لم يصلوا بعد الى مرحلة البرجوازي.
وخشى الناس بعد ذلك استثمار اموالهم في قطاع الصناعة والعقارات لأمد طويل وبذلك تدهور الاقتصاد العراقي لاكثر من خمسين سنة قادمة فخسرنا فرصة نادرة للتحول الى دولة صناعية كبرى كما حصل في دول هي اكثر فقراً من العراق كما في العديد من الدول الاسيوية والاوربية وخاصة كوريا الحنوبية التي وصف تقرير التنمية الدولي وضعها الاقتصادي والتنموي سنة 1960 بأنه مطابق تماماً لوضع موزمبيق الاقتصادي بشكل مذهل.

أصل الحكاية:
في 14 تموز 1964 وقع عبد السلام عارف على القانونين (99، 100) اللذين بموجبهما تم تأميم جميع البنوك والمصارف غير الحكومية العاملة في العراق بما فيها فروع المصارف الأجنبية والشركات بالإضافة إلى الشركات المملوكة للقطاع الخاص وعلى ان تؤول ملكيتها إلى الدولة بما فيها الأموال المنقولة والأموال غير المنقولة المسجلة باسمها، وبموجب قوانين التأميم هذه آلت ملكية 30 شركة إلى الدولة وكان من بينها شركات الأسمنت والغزل والنسيج وصناعة الجلود وشركات الاستيراد والتصدير وغيرها من الصناعات والعديد من المصارف المحلية وفروع المصارف الاجنبية
وكان لهذين القانونيين آثار سلبية واسعة النطاق، اذ رغم تأييدها من قبل الكادحين الا انهم سرعان ما ندموا على ذلك اذ انخفض مستوى الانتاج ولم تتوسع الصناعة والتجارة لتستوعب اعداد من الايادي العاملة الناشئة كما ادت الى تهريب رؤوس الاموال من قبل الصناعيين والتجارة، وبقي وضع القطاع الخاص متدهوراً منذ ذلك الحين وحتى في ظل الانظمة اللاحقة حتى سقوط نظام صدام
حقيقة اسباب التأميمات
اتسم فكر عبد السلام عارف السياسي والعقائدي، بالإضطراب، فهو يعلن إيمانه بالقومية العربية، وبالإسلام، ثم يشتم عبد الناصر في جلساته الخاصة كما لا يجرؤ على اقتراح أي شكل من أشكال التعاون بين المسلمين؛ لئلاّ يُتهم بالرجعية والتخلف.
وكذلك كان في سياسته الداخلية؛ فهو ينادي بالاشتراكية، وتم في عهده تأميم البنوك، وشركات التأمين، و الشركات الصناعية الناشئة، ولكنه، في مجالسه الخاصة، يلعن الاشتراكية ويتبرَّأ منها. كما كان أسلوبه وتعامله مع الرؤساء وحتى الجماهير يفتقر الى الدبلوماسية والبروتوكولات والاحترام.
وعرف بطائفيته وعدائه للشيعة ونعتهم بالعجم ،ويذكر السيد هديب الحاج حمود، وزير الزراعة في حكومة عبد الكريم قاسم: ( إن عبد السلام عارف ذكر لأحد الضباط الأحرار الموجودين معه في الفوج ليلة 14 تموز 1958، بأنهم سينفذون الثورة وهناك ثلاث جماعات يجب استئصالها وهم: الأكراد، والمسيحيون والشيعة).
ولما هيمن عبد السلام عارف على السلطة، أصدر قرارات التأميم عام 1964، واستولت الحكومة على معظم التجارة ولاسيما الخارجية، وكانت القرارات هذه انتقاما من التجار الشيعة الذين تضرروا منها أكثر من غيرهم. وحتى المعامل والمؤسسات الاقتصادية مثل البنوك وغيرها التي تم تأميمها، تم طرد الإداريين الشيعة والمسيحيين، وعين مكانهم ضباط من الجيش. وألحقت تلك الإجراءات التعسفية أشد الأضرار بالاقتصاد العراقي.
اندلعت، في عهده، الثورة الكردية في شمالي العراق، يناير 1966، وعزم على مواجهتها بالقوة المسلحة، وقرر بدء الضربة العسكرية في 15 أبريل 1966، ولكنه مات قبل ذلك بيومين؛ ففي مساء 13 أبريل 1966، كان في حفل في منطقة الأهوار، وتأخرَّ هناك إلى المساء، ثم حلقت به طائرة عمودية إلى البصرة، وانفجرت في الجو، واحترقت بكل من فيها.
ويروى انه ذلك اليوم في 13 نيسان عام 1966 نزل بطائرته في باحة مسجد الكوفة ما سبب في استفزاز لأبناء مدينتي الكوفة والنجف الذين توجه الآلاف منهم نحو المسجد ليشهدوا انتهاك الرئيس بطائرته لقدسية بيت من بيوت الله بإنزال طائرته المروحية فيه وقيامه بتهديد المرجع الأعلى آنذاك السيد محسن الحكيم (قدس سره )إما أن يؤيد سياساته أو يقوم بترحيله خارج العراق، وأكمل رحلته نحو بلدة النشوة الواقعة في أطراف البصرة والعمارة ،وبعد تأخره حتى ساعة الغروب بسبب كثرة الشيوخ الذين توافدوا للترحيب به ظهر أن الطيار غير مدرب على قيادة الطائرة عند المساء ،وحصل ما حصل وخرج الناس يرددون هذا الهتاف (صعد لحم نزل فحم)!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1142 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع