د. مناف نوري
المتغيرات الإقليمية وأثرها على مستقبل العراق
يشهد الشرق الأوسط متغيرات سياسية، اقتصادية وأمنية متسارعة نتيجة عوامل داخلية وخارجية هذه المتغيرات تؤثر بشكل كبير على مستقبل العراق بالنظر إلى موقعه الجغرافي ,تنوعه العرقي والمذهبي وموارده الطبيعية.
نتناول أبرز هذه المتغيرات وأثرها على العراق في النقاط التالية.
1. ميزان القوى في المنطقة.
التنافس بين الولايات المتحدة والصين قد يغير أولويات القوى الكبرى في العراق كما تسعى قوى إقليمية مثل إيران وتركيا إلى تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال سياسات التوسع والتدخل في الشؤون الداخلية للدول بالأضافة ألى ماتسعى اليه بعض الدول العربية ألى التطبيع مع أسرائيل مما يعرض العراق ألى ضغوطات دولية وعربية لتغيير موقفه الرافض للتطبيع بعد ما تغيرت معادلات الصراع في المنطقة الذي قد يحول العراق الى ساحة للحرب بالوكالة بين القوى الأقليمية والدولية.
2. التحولات الأقتصادية في المنطقة والأمن المائي ومخاطر التغييرات المناخية.
دول الخليج تتجه نحو تنويع اقتصاداتها وتقليل الاعتماد على النفط، بينما لا يزال العراق يعتمد بشكل رئيسي على النفط كمصدر دخل أساسي و هذا يعرض الاقتصاد العراقي لمخاطر كبيرة في حال استمرار انخفاض أسعار النفط كماهناك تهديد للأمن المائي نتيجة مشاريع دول الجوار (إيران وتركيا) التي أدت تناقص الموارد المائية والأخطر من هذا كله هو التغير المناخي والتصحر الذي سوف يتسبب بهجرة أكثر من ثلث سكان الجنوب الى الشمال وهذا الأمر لم تنتبه له الاحزاب الخاسرة في الأنتخابات التي شكلت الحكومة الحالية لأنشغالها بصراع الخصوم على المصالح,الفساد السياسي والأداري المستشري ,المحاصصة ونشر الصراعات الطائفية وتغذيتها.
3. لتفادي ماتقدم يجب على العراق أن يتبنى سياسة توازن واستقلالية لحماية مصالحه خاصة فيما يتعلق بالتدخلات الإيرانية والتركية في شؤونه الداخلية مع تعزيز سيادته الوطنية عن طريق منع التدخلات الخارجية وبناء استراتيجيات اقتصادية طويلة الأمد للتكيف مع هذه التحولات وأهمها .
أ. تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط ومحاربة الفساد.
ب. إعادة بناء القوات المسلحة لاستعادة ثقة الشعب وضمان الأمن الداخلي وأن تلتزم الحكومة بتطبيق المادة 9 من الدستور.
ج . الاستثمار في الحلول البيئية لمواجهة التصحر وشح المياه والأنتباه لحاجات الأنسان وتحسين الخدمات.
د. يجب أن ترفع الأحزاب يدها عن الهيئات المستقلة .
مستقبل العراق يعتمد بشكل كبير على كيفية تعامله مع هذه المتغيرات وتوظيفها لمصلحته الوطنية وأذا فشل وهو الأكثر أحتمالا فسيكون التغيير قادم لا محال وألياته قد تكون .
أما التغيير من الداخل (أصلاح النظام) عن طريق الحراك الشعبي و الشعب العراقي أثبت قدرته على التحرك من خلال احتجاجات واسعة مثل انتفاضة تشرين استمرار الضغط الشعبي قد يدفع القوى السياسية لإجراء إصلاحات جدية وقد يكون أصلاحات تدريجية لتتجنب القوى السياسية الأنهيار وقد تظهر قيادات جديدة من داخل النظام أو المعارضة السياسية تحمل رؤية أكثر توافقاً مع طموحات الشعب .
أوالتغييرعن طريق الخارج (التدخل الأقليمي أو الدولي) والأحتمالات هنا سوف تكون .
التغيير الناعم
بعد أنحسار نفوذ أيران نتيجة العقوبات , التوترات الإقليمية , سقوط النظام السوري ونهاية محور المقاومة سوف يتراجع نفوذها في العراق يترافق معه ضغوط أمريكا (صاحبة القلم) قد يتيح فرصة لإعادة التوازن السياسي و توجيه العراق نحو نظام أكثر استقراراً خصوصاً فيما يتعلق بميليشيات الحشد الشعبي وعلاقتها بإيران.
التغيير الخشن
إذا استمرت الانقسامات الطائفية والفساد قد ينهار النظام الحالي بطريقة شبيهة بسوريا مما يفتح المجال لحرب أهلية أو تدخل دولي وندرج أهم السيناريوهات المحتملة.
1. تكرار سيناريو سوريا.
2. نمو التيارات المتطرفة حيث أي فراغ سياسي أو انهيار في الدولة قد يسمح بعودة تنظيمات مثل داعش أو بروز قوى جديدة
3. التغيير الثوري أو الفوضوي نتيجة تدميرألأقتصاد .
4. العودة إلى البند السابع ليست احتمالية قريبة في الظروف الحالية لكنها تعتمد على تطورات الأوضاع الداخلية والإقليمية.
5. تشكيل حكومة إنقاذ وطني في العراق يعد خيارًا ممكنًا أذا تعتمد على شخصيات مستقلة أو تكنوقراط وتهدف إلى تحقيق إصلاحات جذرية خلال فترة زمنية محددة والأسباب التي تدعمها هي.
الأزمات المتراكمة , الوضع الأمني غير المستقر، ضعف الخدمات الأساسية، والفساد الإداري والمالي ما يستدعي تدخلاً استثنائياً.
فقدان الثقة بالنظام السياسي الحالي الشارع العراقي يعاني من فقدان الثقة بالنخب السياسية التقليدية، كما ظهر في احتجاجات تشرين الأول.
الرغبة الشعبية والأقليمية والدولية في الأستقرار, المجتمع الدولي قد يدعم تشكيل حكومة إنقاذ وطني إذا ضمنت الاستقرار وحماية المصالح.
التغيير في العراق قد يكون مزيجاً من هذه السيناريوهات حيث تتفاعل العوامل الداخلية والخارجية لتشكيل مسار جديد ما سيحدد طبيعة التغيير هو قدرة العراقيين على تجاوز الانقسامات الداخلية والتأثير الخارجي ورسم مستقبلهم بعيداً عن الفوضى علما أن الشباب العراقي هو القوة المحركة لأي تغيير قادم وهم يطالبون بدولة مدنية خالية من الطائفية بعيدة عن الأجندات الخارجية.
31/12/2024
667 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع